أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 1062

جلسة 25 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزه مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(165)
الطعنان رقما 312 لسنة 34 و97 لسنة 35 القضائية

( أ ) عمل. "الدعوى العمالية". استئناف. "ميعاد الاستئناف".
ميعاد الاستئناف المنصوص عليه في المادة 75 من القانون 91 لسنة 1959 - وهو عشر أيام - مقصود به الأحكام التي تصدر في دعاوى التعويض التي ترفع بالتزام الأوضاع المنصوص عليها في هذه المادة. ما عداها. ميعاد استئنافه ستون يوماً.
(ب) دعوى. "الخصوم في الدعوى". شركات. "ممثل الشركة".
لا تتأثر الخصوم بما يطرأ على شخصية ممثل الشركة من تغيير.
(ج) إعلان. "تسليم الصورة لجهة الإدارة".
تسليم صورة ورقة الإعلان لجهة الإدارة في ذات اليوم الذي يتوجه فيه المحضر إلى موطن المعلن إليه. غير لازم.
(د) دعوى. "إجراءات رفع الدعوى".
مجرد تكليف المعلن إليه بالحضور أمام "محكمة الاستئناف العالي بالإسكندرية" فيه البيان الكافي للمحكمة.
(هـ) استئناف. "رفع الاستئناف". "قيد الاستئناف".
عدم قيد الاستئناف في نفس اليوم الذي قدمت فيه صحيفته إلى قلم الكتاب لتقدير الرسم. لا أثر له.
(و) عمل. "عقد العمل". "عناصر عقد العمل".
عقد العمل. لا يتحقق إلا بتوافر أمرين. تبعية العامل لرب العمل. وتقاضيه أجراً على عمله.
1 - مؤدى نص المادة 75 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن ميعاد الاستئناف المنصوص عليه فيها - وهو عشر أيام - إنما قصد به خصوص الأحكام التي تصدر في دعاوى التعويض التي ترفع بالتزام الأوضاع المنصوص عليها في هذه المادة وما عداها باقٍ على حالة وتلتزم في الأحكام الصادرة فيه القواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات. [(1)]
2 - الشركة ذات شخصية مستقلة عن شخصية مديرها باعتبارها الأصيلة في الدعوى المقصودة بذاتها بالخصومة دون ممثلها فلا تتأثر بما يطرأ على شخصية هذا الممثل من تغيير.
3 - المادة 12 من قانون المرافعات - الملغى - لا تستلزم تسليم صورة ورقة الإعلان لجهة الإدارة في ذات اليوم الذي يتوجه فيه المحضر إلى موطن الشخص المطلوب إعلانه.
4 - مجرد تكليف المعلن إليه بالحضور أمام محكمة الاستئناف العالي بالإسكندرية فيه البيان الكافي للمحكمة المطلوب حضوره أمامها.
5 - مؤدى نصوص المواد 405/ 1 و71 و75/ 2 من قانون المرافعات الملغى - المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - أن المشرعة لم يربط بين واقعة أداء رسم الاستئناف كاملاً وبين تقديم صحيفته إلى قلم الكتاب لقيده في السجل الخاص وإنما يعول في ذلك على تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب لقيدها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يرتب على عدم قيد الاستئناف في نفس اليوم الذي قدمت فيه صحيفته إلى قلم لكتاب لتقدير الرسم عليها أي أثر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
6 - عقد العمل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يتحقق إلا بتوافر أمرين هما تبعية العامل لرب العمل وتقاضيه أجراً على عمله [(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الأوراق - تتحصل في أن الأستاذ شلبي أحمد شلبي المحامي تقدم بشكوى إلى مكتب العمل المختص ضد كل من الشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة والمؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة وقال فيها إنه بموجب عقد عمل غير مكتوب وغير محدد المدة تاريخه 1/ 1/ 1959 عين مستشاراً قانونياً لشركة برج ناتليان وشركاه "إحدى الشركات التي تكونت منها الشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة والتابعة للمؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة" تكون مهمته إبداء الفتاوى والآراء القانونية وصياغة العقود وبيان وجه الرأي فيها ومراقبة تطبيق القانون وذلك لقاء أجر سنوي مقداره 500 ج بخلاف أتعابه عن القضايا الخاصة بالشركة والتي يتم الاتفاق عليها استقلالاً، وكان يباشر عمله في مقر الشركة أحياناً وفي مكتبه الخاص أحياناً أخرى، ولكنه بتاريخ 24/ 1/ 1962 تلقى من الشركة خطاباً بالاستغناء عن عمله بلا مبرر، وطلب لذلك وقف تنفيذ قرار الفصل ولم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع ودياً وأحال الأوراق إلى محكمة شئون العمال وقيدت بجدولها برقم 392 سنة 1962 إسكندرية. وبتاريخ 3/ 6/ 1952 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الفصل وأحالت القضية على محكمة شئون العمال الجزئية، ولديها طلب المدعي الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 32000 ج منه 500 ج أجره عن سنة 1962، 500 ج أجر سنة بدل إنذار و1000 ج مكافأة نهاية الخدمة، 30000 ج تعويضاً عن الفصل التعسفي مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، ولعدم الاختصاص أحالت المحكمة الدعوى إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 1278 لسنة 1962. وطلب المدعى عليهما الحكم برفض الدعوى لأن العلاقة التي كانت تربط المدعي بالشركة إنما هي علاقة وكالة لا علاقة عمل وقد استلم كافة أتعابه نظير استشاراته حتى سنة 1961. وبتاريخ 27/ 11/ 62 حكمت المحكمة حضورياً بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تدفع للمدعي مبلغ 1575 ج والمصاريف المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة وأعفت المدعي من باقي المصروفات وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنفت الشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 775 سنة 18 ق كما استأنفه الأستاذ شلبي أحمد شلبي طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته وقيد استئنافه برقم 792 سنة 18 ق، ودفع الأستاذ شلبي الاستئناف رقم 775 سنة 18 ق ببطلانه وبسقوط الحق فيه كما دفعت الشركة المتحدة الاستئناف رقم 792 سنة 18 ق بسقوط الحق فيه، وضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 12/ 3/ 1964 حكمت حضورياً (أولاً) في الاستئناف رقم 775 سنة 18 ق برفض الدفوع وبقبول الاستئناف شكلاً (ثانياً) وفي الاستئناف رقم 792 سنة 18 ق بقبول الدفع وبسقوط حق المستأنف في استئناف طلب التعويض وقبول استئنافه بالنسبة لطلباته الأخرى شكلاً (ثالثاً) بتحديد جلسة 12/ 5/ 1964 لنظر موضوع الاستئنافين. فاستدرك الأستاذ شلبي أحمد شلبي وأقام استئنافاً فرعياً ترتيباً على استئناف الشركة رقم 775 سنة 18 ق وطلب فيه كذلك تعديل الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته. وبتاريخ 27/ 12/ 1964 عادت المحكمة فحكمت (أولاً) في موضوع الاستئناف الأصلي رقم 775 سنة 18 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه مع إلزامه مصروفات الدرجتين (ثانياً) في موضوع الاستئناف الفرعي في القضية رقم 775 سنة 18 ق والاستئناف الأصلي رقم 792 سنة 18 ق برفضهما وبإعفاء المستأنف من مصروفاتهما (ثالثاً) بالمقاصة في أتعاب المحاماة. طعن الطاعن في الحكم الصادر بجلسة 12/ 3/ 1964 بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وقيد هذا الطعن برقم 312 سنة 34 ق، ثم عاد وطعن في هذا الحكم الأخير وفي الحكم الصادر بجلسة 17/ 12/ 1964 بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وقيد هذا الطعن برقم 97 سنة 35 ق، وعرض الطعنان على هذه الدائرة حيث قررت ضمهما وأصر الطاعن على طلب نقض الحكمين المطعون فيهما. وطلب المطعون عليهما رفض الطعنين. وقدمت النيابة العامة مذكرتين وطلبت في الطعن رقم 312 سنة 34 ق (أولاً) في حالة الحكم برفض الطعن رقم 97 سنة 35 ق بعدم قبول الطعن رقم 312 سنة 34 ق لانعدام مصلحة الطاعن فيه (ثانياً) وفي حالة قبول الطعن رقم 97 سنة 35 ق برفض الطعن رقم 312 سنة 34 ق كما طلبت في الطعن رقم 97 سنة 35 ق الحكم برفضه.
"عن الطعن رقم 312 سنة 34 ق":
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط حق الطاعن في الاستئناف رقم 792 سنة 18 ق بالنسبة لطلب التعويض مستنداً في ذلك إلى أن الحكم الابتدائي صدر بتاريخ 27/ 11/ 1962 ولم يستأنفه الطاعن إلا بتاريخ 25/ 12/ 1962 مع أن ميعاد الاستئناف بالنسبة لطلب التعويض هو عشرة أيام طبقاً للمادة 75 من القانون رقم 91 لسنة 1959، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وقصور في التسبيب من وجوه "أولها" أن الأصل في الدعاوى العمالية التي ترفع بالتطبيق لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 أنها تنظر على وجه السرعة طبقاً لحكم المادة السابعة من القانون المذكور، وبصدور القانون رقم 100 لسنة 1962 زالت التفرقة في ميعاد الاستئناف بين الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة وتلك التي تنظر على الوجه المعتاد وأصبح ميعاد استئناف الأحكام الصادرة فيهما واحداً هو ستون يوماً من تاريخ النطق بالحكم، لا يغير من ذلك ما جرت به المادة 402 مرافعات - معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - من أن ميعاد الاستئناف ستون يوماً ما لم ينص القانون على غير ذلك، ولأن المراد بالاستثناء الوارد بعجز هذه المادة إنما هي الحالات التي أفرد لها المشرع مواعيد خاصة، في حين أن الميعاد المحدد بالمادة 75 من القانون رقم 91 لسنة 1959 ليس ميعاداً خاصاً وإنما هو مجرد ترديد للقاعدة العامة التي توجب الفصل في دعاوى العمل على وجه السرعة و"ثانيها" أن طلبات الطاعن جميعاً مؤسسة على سبب واحد هو عقد العمل فهي بذلك وحدة غير قابلة للانقسام يصدر فيها حكم واحد ويرفع عنها استئناف واحد لا يتأتى أن تختلف المواعيد فيه باختلاف الطلبات وإذ كان من بين طلبات الطاعن ما يخرج عن نطاق التعويض وقضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف بالنسبة لها لرفعه في الميعاد، فإن مقتضى ذلك هو قبول الاستئناف بالنسبة لطلب التعويض أيضاً حتى لا يكون للاستئناف الواحد ميعادان مختلفان و"ثالثها" أن الطاعن كان قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون عليها الأولى وهو ممثلها القانوني كان قد توفى بتاريخ 7/ 12/ 1962 وأن وفاته تعتبر قوة قاهرة تمنع الطاعن من رفع الاستئناف عليها قبل أن يعين من يخلفه فيقف بذلك ميعاد الاستئناف طبقاً للمادتين 294، 382 من قانون المرافعات، ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري وهو ما يشوبه بالقصور و"رابعها" أن الحكم المطعون فيه اعتبر دعوى الطاعن بالتعويض مؤسسة على المادة 75 من القانون رقم 91 لسنة 1959 في حين أن العلاقة التي تربط الطاعن بالشركة التي كان يعمل مستشاراً لها لم تكن علاقة وظيفية بالمعنى المعتاد، وإنما كانت علاقة من نوع خاص تحكمها قواعد القانون المدني وهي قواعد تستقل بتنظيم العلاقة القانونية للطوائف الخارجة عن نطاق نصوص قانون العمل، كما أن دعوى الطاعن وقد رفعت إلى المحكمة الابتدائية بعريضة مستقلة فإنها تعتبر منبتة الصلة بإجراءات طلب وقف تنفيذ قرار الفصل وبذلك يكون ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها هو ستون يوماً لا عشرة أيام.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجهين "الأول والثاني" منه بأن النص في المادة 75 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 على أن "للعامل الذي فصل من العمل بلا مبرر أن يطلب وقف تنفيذ قرار الفصل ويقدم الطلب إلى الجهة الإدارية المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل خلال مدة لا تجاوز أسبوعاً من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بذلك بكتاب مسجل، وتتخذ الجهة الإدارية الإجراءات اللازمة لتسوية النزاع ودياً، فإذا لم تتم التسوية تعين عليها أن تحيل الطلب خلال مدة لا تجاوز أسبوعاً من تاريخ تقديمه إلى قاضي الأمور المستعجلة في الجهة التي أنشئت أو تنشأ بها هذه المحاكم.... وعلى قلم كتاب المحكمة أن يقوم في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ إحالة الطلب إلى المحكمة بتحديد جلسة لنظر طلب وقف التنفيذ في ميعاد لا يتجاوز أسبوعين من تاريخ تلك الإحالة ويخطر بها العامل وصاحب العمل والجهة الإدارية المختصة... وعلى القاضي أن يفصل في طلب وقف التنفيذ في مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ أول جلسة ويكون حكمه نهائياً، فإذا أمر بوقف التنفيذ ألزم صاحب العمل في الوقت ذاته أن يؤدي إلى العامل مبلغاً يعادل أجره من تاريخ فصله، وعلى القاضي أن يحيل القضية إلى المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل أو المحكمة المختصة بنظر شئون العمال في المدن التي توجد بها هذه المحاكم وعلى هذه المحكمة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إن كان له محل وذلك على وجه السرعة خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ أول جلسة... وتطبق القواعد الخاصة باستئناف الأحكام المنصوص عليها في القوانين المعمول بها على الأحكام الصادرة في الموضوع، ويكون ميعاد الاستئناف عشرة أيام وعلى المحكمة أن تفصل فيه خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ أول جلسة" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن ميعاد الاستئناف المنصوص عليه فيها إنما قصد به خصوص الأحكام التي تصدر في دعاوى التعويض التي ترفع بالتزام هذه الأوضاع وما عداها باقٍ على حاله وتلتزم في الأحكام الصادرة فيه القواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات. وإذ كان ذلك وكانت دعوى الطاعن قد رفعت بالتزام الأوضاع المبينة بالمادة 75 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وجرى الحكم المطعون فيه على أن ميعاد استئناف الحكم الصادر في طلب التعويض هو عشرة أيام ثم رتب على ذلك سقوط الحق في الاستئناف بالنسبة لهذا الطلب لرفعه بعد الميعاد فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. ولا وجه للقول بأن دعوى الطاعن وقد أعلنت بعريضة مستقلة تعتبر منبتة الصلة بإجراءات طلب وقف التنفيذ، ذلك أن إعلان الطلبات الموضوعية إنما هو استمرار للسير في الدعوى التي بدأت أمام قاضي الأمور المستعجلة وأحالها بعد نظر الطلب المستعجل إلى المحكمة المختصة للفصل في الموضوع طبقاً لنص المادة 75 من القانون رقم 91 لسنة 1959 المشار إليه. ومردود في الوجه "الثالث" بأن الثابت من الأوراق أن الاستئناف رقم 775 سنة 18 ق مرفوع من "الشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة" وهي بهذا الوصف ذات شخصية مستقلة عن شخصية مديرها باعتبارها الأصيلة في الدعوى المقصودة بذاتها بالخصومة دون ممثلها فلا تتأثر بما يطرأ على شخصية هذا الممثل من تغيير. ومردود في الوجه "الرابع" بما سبق الرد به على الوجهين الأولين وبأن أحكام عقد العمل الفردي الواردة بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تسري على كل عقد يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب عمل أو إشرافه مقابل أجر، ولم يستثن المشرع من هذه الأحكام - وعلى ما نصت عليه المواد 4 و5 و88 من القانون المذكور - سوى عمال الحكومة والمؤسسات العامة والوحدات الإدارية ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة إلا فيما يصدر به قرار من رئيس الجمهورية وخدم المنازل ومن في حكمهم إلا فيما يرد به نص خاص والعمال العرضيون وأفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم وعمال السفن البحرية ممن يسري عليهم قانون التجارة البحري، وليس الطاعن من هؤلاء.
"عن الطعن رقم 97 سنة 35 ق":
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الأول من سببي هذا الطعن أن الطاعن كان قد دفع ببطلان صحيفة الاستئناف رقم 775 سنة 18 ق لأن الاستئناف المذكور رفع من السيد/ حسن محمد علي بصفته رئيساً لمجلس إدارة الشركة المتحدة لتجارة المنسوجات وقيد بتاريخ 8/ 12/ 1962 في حين أنه كان قد توفى قبل ذلك بتاريخ 7/ 12/ 1962، ولكن الحكم الصادر بجلسة 12/ 3/ 1964 قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على أن الثابت في الدعوى أن عريضة الاستئناف قدمت لقلم الكتاب يوم 6/ 12/ 1962 وقبل وفاة الممثل القانوني للشركة، فتكون بذلك قد قدمت منه وهو يمارس حقوقه وأنه وقد واصلت الإدارة القانونية للمؤسسة التي تتبعها الشركة الإجراءات بعد وفاته فهي في ذلك تعتبر وكيلة عنه، ونص المادة 717 من القانون المدني يوجب على الوكيل أن يصل بالدعوى التي بدأها إلى حالة لا تتعرض معها للتلف على أي وجه كان إنهاء الوكالة، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن الإدارة القانونية للمؤسسة ليست وكيلة عن المرحوم محمد علي حسن بصفته كما أن الاستئناف لم يرفع من الشركة مباشرة، وإنما رفع باسم رئيس مجلس إدارتها وقد توفى قبل قيد الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على الوجه الثالث من سبب الطعن رقم الطعن رقم 312 سنة 34 ق، من أن الاستئناف مرفوع من الشركة وأنه بهذا الوصف لا يتأثر بما يطرأ على شخصية مديرها من تغيير.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني أن الطاعن كان قد دفع ببطلان الاستئناف رقم 775 سنة 18 ق لأن الثابت من صحيفته التي سلمت لجهة الإدارية بتاريخ 12/ 12/ 1962 أنها تحمل تاريخين لهذا التسليم أحدهما مكتوب بالكربون هو "12/ 12/ 1962" وثانيهما مكتوب بالقلم الكوبيا وظاهر منه أنه كان في البداية "11/ 12/ 1962 ثم صحح بعد ذلك إلى 12/ 12/ 1962". ولأن المحضر قد أثبت في الصحيفة المذكورة أنه انتقل إلى مكتب الطاعن يوم 11/ 12/ 1962 لإعلانه فيه فلما وجده مغلقاً سلم صورة الإعلان لجهة الإدارة في يوم 12/ 12/ 1962، وفي ذلك ما يدل على أن المحضر لم يسلم الإعلان لجهة الإدارة في نفس اليوم الذي انتقل فيه إلى مكتبه ووجده مغلقاً وهو يوم 11/ 12/ 1962 وأنه كذلك لم يثبت الخطوات التي سبقت تسليم صورة الإعلان لجهة الإدارة في نفس اليوم الذي تم فيه هذا التسليم وهو يوم 12/ 12/ 1962. كما أن تلك الصحيفة قد خلت من بيان كاف للمحكمة المكلف بالحضور أمامها إذ اقتصر الأمر فيها على مجرد تكليفه بالحضور أمام محكمة استئناف الإسكندرية. ولكن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على هذه الأسباب جميعاً بأن الدفوع الخاصة ببطلان عريضة الاستئناف لعيب في إعلانها سواء من حيث تاريخ أو ساعة الإعلان أو عدم ذكر الخطوات التي سبقت الإعلان لجهة الإدارة أو عدم بيان المحكمة تزول كلها بحضور المعلن إليه. وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن الحضور الذي يزيل البطلان طبقاً للمادة 140 من قانون المرافعات هو الحضور الذي يتم بناء على الإعلان الباطل في حين أن الطاعن لم يحضر في الاستئناف المذكور استجابة لهذا الإعلان وإنما حضر استجابة لصحيفة أخرى أعلنت إليه بتاريخ 12/ 5/ 1963.
وحيث إنه بالرجوع إلى صورة صحيفة الاستئناف رقم 775 سنة 18 ق - والمقدمة من الطاعن - يبين أن المحضر قد أثبت فيها أنه انتقل إلى مكتب الطاعن بتاريخ 11/ 12/ 1962 لإعلانه فيه فوجده مغلقاً، وأنه انتقل إلى قسم بوليس المنشية بتاريخ 12/ 12/ 1962 وسلم الصورة لمأمور القسم، وأن تلك الصورة قد انطوت على تكليف الطاعن بالحضور أمام محكمة الاستئناف العالي بالإسكندرية. وإذ كان ذلك وكان الطاعن وهو يدعي أن تاريخ تسليم تلك الصورة لجهة الإدارة كان في الأصل 11/ 12/ 1962 ثم صحح إلى 12/ 12/ 1962 لم يسلك في إثبات زعمه أمام محكمة الموضوع سبيل الادعاء بالتزوير، وكانت المادة 12 من قانون المرافعات الملغى لا تستلزم تسليم صورة ورقة الإعلان لجهة الإدارة في ذات اليوم الذي يتوجه فيه المحضر إلى موطن الشخص المطعون إعلانه، وكان تكليف المعلن إليه بالحضور أمام محكمة الاستئناف العالي بالإسكندرية فيه البيان الكافي للمحكمة المطلوب حضوره أمامها. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بهذا الإعلان ورتب عليه أثره الصحيح فإن النعي عليه بالخطأ في الأسباب القانونية التي أقام عليها قضاءه في هذا الخصوص يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث أن الطاعن كان قد دفع بسقوط الحق في الاستئناف رقم 775 سنة 18 ق لأن الحكم الابتدائي صدر بجلسة 27/ 11/ 1962 ولم تستأنفه الشركة المحكوم عليها إلا بإعلان الذي سلم له بتاريخ 13/ 5/ 1963، ولكن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع مستنداً في ذلك إلى أن صحيفة الاستئناف قدمت لقلم المحضرين في 8/ 12/ 1962 وقبل مضي عشرة أيام على تاريخ صدور الحكم الابتدائي في 27/ 11/ 1962 مع مراعاة اليوم الأخير وهو يوم 7/ 12/ 1962 كان يوم جمعة. وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن صحيفة الاستئناف التي قدمت لقلم المحضرين بتاريخ 8/ 12/ 1962 كانت في ذاتها باطلة لرفع الاستئناف من الممثل القانوني للشركة المستأنفة بعد وفاته.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على الوجه الأول من هذا السبب من أن الاستئناف مرفوع من الشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة.
وحيث إن حاصل الوجه الرابع أن الطاعن كان قد دفع ببطلان الاستئناف رقم 775 سنة 18 ق لأن صحيفته قدمت لقلم الكتاب لتقدير الرسم عليها بتاريخ 6/ 12/ 1962 ولكنه لم يقيد في نفس اليوم وإنما قيد بعد ذلك بتاريخ 8/ 12/ 1962، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع استناداً إلى أن النص في قانون المرافعات على قيد الاستئناف في يوم تقديم صحيفته إنما هو توجيه وتنظيم من المشرع لقلم الكتاب ولا يترتب عليه البطلان فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، لأن المواد 71، 75، 405 من قانون المرافعات - معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - ترتب بطلان الاستئناف على عدم قيد صحيفته في السجل الخاص في نفس يوم تقديم صحيفته لقلم الكتاب لتقدير الرسم عليها.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 405 من قانون المرافعات الملغى - معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - على أن "يرفع الاستئناف بتكليف بالحضور تراعى فيه الأوضاع المقررة لصحيفة افتتاح الدعوى ويجب أن تشتمل صحيفته على بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف وإلا كانت باطلة" وفي المادة 71 منه على أنه "يجب أن يبين المدعي في صحيفة الدعوى وقائعها وأدلتها وطلباته وأسانيدها والموطن المختار الذي اتخذه في البلدة التي بها مقر المحكمة إذا لم يكن له موطن فيها وعليه أن يرفق بها جميع المستندات التي تؤيدها وعليه كذلك أداء الرسم كاملاً عند تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم الكتاب" وفي الفقرة الثانية من المادة 75 على أن "يقيد قلم الكتاب الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك بعد أن يثبت تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها ثم يعيدها إلى المدعي ليتولى تسليمها إلى قلم المحضرين لإعلانها" يدل على أن المشرع لم يربط بين واقعة أداء رسم الاستئناف كاملاً وبين تقديم صحيفته إلى قلم الكتاب لقيده في السجل الخاص وإنما يعول في ذلك على تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب لقيدها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يرتب على عدم قيد الاستئناف في نفس اليوم الذي قدمت فيه صحيفته إلى قلم الكتاب لتقدير الرسم عليها أي أثر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن موضوعاً على ما استخلصه من وقائع الدعوى من أن العلاقة بينه وبين شركة "برج تاتليان وشركاه" لم تكن علاقة عامل برب عمل وإنما كانت وكيل بموكله. وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن الثابت من محضر مفتش مكتب العمل المؤرخ 12/ 3/ 1962 ومن المستندات التي اطلع عليها أن العلاقة بين الطرفين إنما هي علاقة عمل، كما أن محكمة الأمور المستعجلة قد انتهت في الدعوى رقم 1362 سنة 1962 إلى نفس النتيجة، يؤيد ذلك أن عقد العمل لا يخضع لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 وحدها بل يحكمه في الأصل القانون المدني الذي لا تشترط المادة 674 منه لانعقاد عقد العمل إلا أن يعمل أحد المتعاقدين تحت إدارة وإشراف المتعاقد الآخر في مقابل أجر، إشرافاً يكفي لتحققه أن يرد على العمل وإن لم يتجاوز ذلك إلى الإشراف على العامل نفسه، وهو إشراف متحقق للشركة على ما يقوم به الطاعن لصالحها من أعمال إدارية وقانونية من استشارات وتحقيقات وتحرير عقود وتنفيذ أعمالها ورعاية مصالحها لدى الجهات الإدارية ملتزماً في ذلك إرادتها، ولا يغير من طبيعة العقد احتفاظ الطاعن بمكتبه الخاص أو قيامه بعمل مماثل لدى أصحاب عمل آخرين أو عدم توافر المظاهر التي نص عليها القانون رقم 91 لسنة 1959 لأن أحكام هذا القانون قاصرة على طوائف معينة من العمال وما عداها خاضع لأحكام القانون المدني وإن كان خضوعها لأحكامه لا يمنع من تمتعها بالميزات المقررة للعمال في قانون العمل؛ وذلك فضلاً عن أن المحامي قد يجمع في علاقته برب العمل الواحد بين كل من عقد العمل وعقد الوكالة فيخضع كل عقد منهما للأحكام الخاصة به.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن عقد العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يتحقق إلا بتوافر أمرين هما تبعية العامل لرب العمل وتقاضيه أجراً على عمله. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ينفي تبعية الطاعن للمطعون عليهما وانعدام علاقة العمل بينهم على ما قرره من أن "المستأنف عليه - على ما هو مسلم به بين طرفي الخصومة - كان يصدر للشركة المستأنفة الفتاوى القانونية في كل ما يطرأ لها من مشاكل ويضع الصياغة القانونية للعقود التي ترى إبرامها مع الغير ويدافع عن وجهة نظرها لدى الجهات الرسمية توصلاً لإقرارها بما يجنبها الالتجاء للقضاء في سبيلها أو تحميلها المسئولية قبلها، وذلك كله لقاء أتعاب مقررة تؤدى إليه سنوياً، مما يدخل في دائرة نشاطه العام في مكتبه الذي يزاول فيه مهنته - يؤديه سواء بالنسبة للشركة المستأنفة أو لغيرها من موكليه - في ظل عقد الوكالة بالأجر وأنه إذا أصدر الفتوى للشركة لا يخضع لسلطتها أو إشرافها بل إنه - على النقيض من هذا - يرشدها ويوجهها إلى اتباع السبيل القويم الذي يقره القانون وأنه إذا التزم القواعد التي يتفق عليها العاقدان كلما صاغ العقد الذي يبرمانه أو تمشى ووجهة نظرها التي يدافع عنها لدى الجهات الرسمية لا يعتبر في ذلك خاضعاً لسلطانها منفذاً لأوامرها بل ملتزماً الحدود المرسومة للوكالة؛ وأنه بمنأى عن الخضوع للوائح العمل لدى الشركة موكلته بحيث لا تملك أن توقع عليه جزاءً إدارياً لو أنه خالفها أو قصر في أداء العمل المفوض به وليس من حقها أن تنقله لمنطقة أخرى يمتد إليها نشاطها" وهي تقريرات موضوعية سائغة وكافية لحمل قضائه في هذا الخصوص، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


[(1)] نقض 12/ 6/ 1968 الطعن رقم 34 ق السنة 19 ص 1160.
نقض 5/ 6/ 1968 الطعن رقم 293 لسنة 34 ق السنة 19 ص 1116.
[(2)] نقض 8/ 11/ 1967 الطعن رقم 283 لسنة 33 ق السنة 18 ص 1634.