أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 1084

جلسة 26 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(167)
الطعن رقم 332 سنة 35 القضائية

( أ ) قسمة. "قسمة المهايأة". شيوع. "حيازة الشريك لجزء مفرز من المال الشائع" حيازة. ملكية.
قسمة المهايأة المكانية التي تدوم خمس عشرة سنة. صيرورتها قسمة نهائية ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك. القرينة الواردة في المادة 846/ 2 مدني.
(ب) قسمة. "تسجيل القسمة العقارية". ملكية. تسجيل.
ضرورة تسجيل القسمة العقارية النهائية التي تحولت إليها قسمة المهايأة حتى يمكن الاحتجاج بالملكية على الغير. حصول القسمة في هذه الحالة بحكم القانون. لا يغني عن التسجيل. م 10/ 2 من القانون رقم 114 لسنة 1946.
(ج) بيع. "المفاضلة عند تزاحم المشترين". تسجيل "الأسبقية في التسجيل" دعوى "الدعوى البوليصية".
الطعن بعدم نفاذ التصرف الصادر من البائع إلى مشترٍ آخر سجل عقد شرائه. غير منتج في التخلص من آثار هذا العقد المسجل. الطعن بالدعوى البوليصية على العقد. عدم جدواه.
1 - وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 846 من القانون المدني تنقلب قسمة المهايأة المكانية التي تدوم خمس عشرة سنة إلى قسمة نهائية ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك، كما اعتبر المشرع في الشق الأخير من تلك الفقرة حيازة الشريك على الشيوع لجزء مفرز من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة قرينة قانونية على أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهايأة مما مؤداه أنه إذا لم يثبت عكس هذه القرينة فإن حيازة الشريك على الشيوع لجزء مفرز من المال الشائع تؤدي إلى ملكيته لهذا الجزء إعمالاً لهذه القرينة وللحكم الوارد في صدر الفقرة الثانية من المادة 846 المشار إليها.
2 - إذا كان ما حازه الشريك وآلت إليه ملكيته عقاراً فإنه لا يمكن الاحتجاج بهذه الملكية على الغير إلا بتسجيل القسمة النهائية التي تحولت إليها قسمة المهايأة. ولا يقدح في ذلك أن القسمة تحصل في هذه الحالة بحكم القانون إذ الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 توجب تسجيل كل قسمة عقارية حتى تكون حجة على الغير دون أن تفرق في ذلك بين القسمة العقارية التي تتم بالاتفاق أو بحكم القاضي أو بحكم القانون، هذا إلى أن الأعمال التحضيرية للمادة 846 من القانون المدني صريحة في وجوب اتخاذ إجراءات الشهر العقاري بالنسبة للقسمة التي تتحول إليها قسمة المهايأة حيث ورد في قرار لجنة القانون المدني في محضر الجلسة السابعة والثلاثين أن النتائج العملية لحكم الفقرة الثانية تتحقق بالاتفاق أو عند النزاع بحكم ويتبع في أيهما إجراءات الشهر العقاري.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن كان يستهدف بطعنه بعدم نفاذ التصرف الصادر إلى المطعون ضده الثاني إلى إجراء المفاضلة بين عقده غير المسجل وعقد المطعون ضده المذكور المسجل فإن ذلك الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون غير منتج في التخلص من آثار هذا العقد المسجل والمطعون فيه بالدعوى البوليصية حتى ولو كان المطعون ضده الثاني بوصفه متصرفاً له والمتصرف سيئ النية متواطئين كل التواطؤ على حرمان الطاعن من الصفقة [(1)]. ومن ثم يكون ما يعيبه الطاعن على الحكم من إغفال تحقيق طعنه على عقد المطعون ضده الثاني بالدعوى البوليصية لا جدوى منه خصوص هذه الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 29 سنة 1955 كلي أسوان طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/ 5/ 1950 والمتضمن بيعه له أطياناً مفرزة مساحتها 1 ف و3 ط مبينة الحدود والمعالم بالعقد والعريضة نظير ثمن مقبوض قدره 305 ج مع التسليم. وفي أثناء نظر الدعوى طلب المطعون ضده الثاني قبول تدخله فيها استناداً إلى أنه اشترى جزءاً من الأرض موضوع الدعوى بمقتضى عقد رسمي مسجل في 3/ 3/ 1955 برقم 87 شهر أسوان يتضمن بيع المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن شقيقه علي مصطفى محمد علام أطياناً زراعية مساحتها 1 ف و8 ط شائعة في القطع المبينة الحدود والمعالم بالعقد بثمن قدره 384 جنيهاً أقر البائع باستلامه، ويخص المطعون ضده الأول في هذه الأطيان 15 ط و8 س فقضى بقبول تدخله. وفي 9/ 10/ 1955 قضت المحكمة بندب أحد الخبراء الزراعيين للانتقال إلى الأطيان موضوع النزاع وتطبيق المستندات عليها وبيان مدى انطباقها على الحدود وما يخص البائع من الميراث عن والده وما إذا كان نصيبه في هذا الميراث يتسع للقدر المباع لكل من الطاعن والخصم المتدخل، فباشر الخبير هذه المأمورية وقدم تقريراً خلص فيه إلى أن الحدود الواردة بعقد الطاعن تنطبق على الطبيعة بينما عقد الخصم الثالث شائع في كل قطعة كما خلص إلى أن القدر الذي يرثه البائع لا يتسع لما باعه لكل من الطاعن والخصم المتدخل. وإذ أعيدت المأمورية للخبير لفحص الاعتراضات التي أبداها الخصم المتدخل، وقدم الخبير تقريراً لاحقاً أثبت فيه أن البائع تصرف في أكثر من نصيبه بمقدار 12 ط و10 س إذ يخصه بالميراث عن والده وشقيقته زين الدار 2 ف و7 ط و22 س بينما تصرف بالبيع في مساحة قدرها 2 ف 20 ط و8 س، كما أثبت الخبير أن ثمة قسمة مهايأة حصلت بين الورثة اختص بموجبها كل منهم بنصيبه ووضع يده عليه مفرزاً منذ وفاة مورثهم في سنة 1930. وإذ جحد الخصم المتدخل حصول هذه القسمة، قضت المحكمة في 29/ 3/ 1962 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الخصم الثالث (المطعون ضده الثاني) أنه لم تحصل قسمة مهايأة بين ورثة المرحوم مصطفى محمد علام ولم يختص كل وارث بنصيبه - ولم ينفذ هذا الحكم لعدم قيام الخصم المذكور بإحضار شهوده - وفي 15/ 11/ 1962 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي موضوع الدعوى بالنسبة لمساحة قدرها 11 ط و16 س وتسليمها للمدعي (الطاعن). فاستأنف الطاعن قضاءها لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 34 سنة 37 ق طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقده بالنسبة لباقي القدر المبيع وهو 15 ط و8 س. وفي 17/ 3/ 1965 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى مساحة قدرها 14 ط و14 س الموضحة الحدود والمعالم بالعقد وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 15/ 5/ 1965 وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه استند في طلب صحة ونفاذ عقده المؤرخ 10/ 5/ 1950 إلى ما أثبته الخبير من حصول قسمة مهايأة بين الورثة بما فيهم المطعون ضده الأول البائع له منذ تاريخ وفاة المورث في 30/ 10/ 1930، وأن كلاً منهم قد اختص بنصيبه وحازه مفرزاً منذ ذلك التاريخ وأن هذه القسمة أصبحت نهائية طبقاً لنص المادة 846/ 2 من القانون المدني بدوامها أكثر من خمس عشرة سنة، إلا أن الحكم المطعون فيه أهدر هذا الدفاع استناداً إلى عدم تسجيل القسمة التي تمت بين الورثة وقيام الخصم المتدخل "المطعون ضده الثاني" بتسجيل عقد شرائه في 3/ 3/ 1955، في حين أن تسجيل هذا العقد لا شأن له بحصول القسمة أو عدم حصولها لأنه متى كان الثابت أن المطعون ضده الأول قد حاز نصيبه مفرزاً أكثر من خمس عشرة سنة قبل صدور القانون المدني وكانت حدود القدر الذي اشتراه منه الطاعن مفرزاً هي التي تنطبق على الطبيعة بخلاف المساحات الواردة بعقد المطعون ضده الثاني فهي شائعة في كل قطعة، فإنه كان يتعين القضاء للطاعن بصحة ونفاذ عقده عن جميع القدر المبيع الوارد به وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة ونفاذ العقد بالنسبة لبعض القدر المبيع فقط، فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه وإن كان وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 846 من القانون المدني تنقلب قسمة المهايأة المكانية التي تدوم خمس عشرة سنة إلى قسمة نهائية ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك، كما اعتبر المشرع في الشق الأخير من تلك الفقرة حيازة الشريك على الشيوع لجزء مفرز من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة قرينة قانونية على أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهايأة، مما مؤداه أنه إذا لم يثبت عكس هذه القرينة فإن حيازة الشريك على الشيوع لجزء مفرز من المال الشائع تؤدي إلى ملكيته لهذا الجزء إعمالاً لهذه القرينة وللحكم الوارد في صدر الفقرة الثانية من المادة 846 المشار إليها. إلا أنه إذا كان ما حازه الشريك وآلت إليه ملكيته عقاراً فإنه لا يمكن الاحتجاج بهذه الملكية على الغير إلا بتسجيل القسمة النهائية التي تحولت إليها قسمة المهايأة، ولا يقدح في ذلك أن القسمة تحصل في هذه الحالة بحكم القانون إذ أن الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 توجب تسجيل كل قسمة عقارية حتى تكون حجة على الغير دون أن تفرق في ذلك بين القسمة العقارية التي تتم بالإنفاق أو بحكم القاضي أو بحكم القانون، هذا إلى أن الأعمال التحضيرية للمادة 846 من القانون المدني صريحة في وجوب اتخاذ إجراءات الشهر العقاري بالنسبة للقسمة التي تتحول إليها قسمة المهايأة حيث ورد في قرار لجنة القانون المدني في محضر الجلسة السابعة والثلاثين أن النتائج العملية لحكم الفقرة الثانية تتحقق بالاتفاق أو عند النزاع بحكم، ويتبع في أيهما إجراءات الشهر العقاري. لما كان ذلك فإنه فرض صحة ما ذهب إليه الطاعن من أن المطعون ضده الأول البائع له قد حاز نصيبه مفرزاً أكثر من خمس عشرة سنة وأن حيازته كانت تستند إلى قسمة مهايأة انقلبت بحكم القانون إلى قسمة نهائية، فإن هذه القسمة لا تكون حجة على المطعون ضده الثاني الذي اشترى نصيب المطعون ضده الأول ونصيب أخيه شائعين بعقد مسجل في 3 مارس سنة 1955 ما دامت هذه القسمة لم تسجل، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه في هذا السبب بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك لدى محكمة الموضوع بعدم نفاذ التصرف الصادر من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضده الثاني في مواجهته طبقاً لنص المادة 238 من القانون المدني مستنداً في ذلك إلى القرائن التي ساقها في المذكرات المقدمة منه، وطلب على سبيل الاحتياط إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت بكافة طرق الإثبات أن التصرف المذكور تم بقصد الإضرار به، وقد رفض الحكم المطعون فيه إجابة هذا الطلب اكتفاءً بما قرره من أن القرائن التي تقدم بها الطاعن لا توصل إلى القول بثبوت علم الخصم الثالث (المطعون ضده الثاني) بأن تصرف البائع له ينطوي على غش وأنه لم يثبت علم المتصرف له بأن المدين معسر، هذا في حين أن واقعة علم الخصم الثالث بالغش مما يجوز إثبات بالبينة وكان يتعين لذلك على المحكمة أن تجيب الطاعن إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تلك الواقعة، كما أن للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بالتحقيق في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت أن في ذلك فائدة للحقيقة عملاً بنص المادة 190 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن كان يستهدف بطعنه بعدم نفاذ التصرف الصادر إلى المطعون ضده الثاني، إلى إجراء المفاضلة بين عقده غير المسجل وعقد المطعون ضده المذكور المسجل، فإن ذلك الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون غير منتج في التخلص من آثار هذا العقد المسجل والمطعون فيه بالدعوى البوليصية حتى ولو كان المطعون ضده الثاني بوصفه متصرفاً له والمتصرف سيئ النية متواطئين كل التواطؤ على حرمان الطاعن من الصفقة، ومن ثم يكون ما يعيبه الطاعن على الحكم من إغفال تحقيق طعنه على عقد المطعون ضده الثاني بالدعوى البوليصية لا جدوى منه في خصوص هذه الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض في 15/ 2/ 1966 وفي 1/ 11/ 1966 مجموعة المكتب الفني س 17 ص 295 وص 1605.