مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الثاني (الفترة من أول إبريل حتى نهاية سبتمبر سنة 2007 م) - صـ 195

(5)
جلسة 7 من إبريل سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق وأحمد عبد الحميد حسن عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 9496 لسنة 46 القضائية عليا

سلعة استراتيجية - القطن المصري - تنظيم تجارة القطن بالداخل - حظر الاحتفاظ بالأقطان المحلوجة - تحديد سعر الأقطان بموجب عقد بيع موحد - حكمه.
المادة 18 من القانون رقم 210 لسنة 1994 بشأن تنظيم تجارة القطن في الداخل.
القرار رقم 457 لسنة 1995 الصادر من وزير الاقتصاد بحظر احتفاظ الشركات بالأقطان المحلوجة لمدة تزيد على ثلاثين يوماً قد صدر من المختص بإصداره، وبناء على اقتراح اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن في الداخل والتي ناط بها المشرع تقديم الاقتراحات والتوصيات بشأن تنظيم تداول سلعة القطن في السوق المحلي، وكانت هناك ضرورة ملحة دعت إلى تدخل جهة الإدارة، تمثلت في نقص حجم المحصول المتوقع في موسم القطن لعام 95/ 1996، إذ لو ترك الأمر لتجار القطن لاحتفظ كل منهم بمخزون القطن دون بيعه لحين فتح باب التصدير وتحقيق مكاسب شخصية ببيع هذه الكميات بأسعار مرتفعة، غير عابئين بحدوث اختناقات في السوق المحلي، ودون النظر للآثار السلبية لترك هذه السلعة للمضاربات بين التجار والمتعاملين فيها بالداخل، وما ينتج عن ذلك من تقليل حجم المعروض في السوق المحلي وانخفاض المخزون من الأقطان الخام لدى شركات الغزل وتعرضها للتوقف، مما يهدر صناعة الغزل والنسيج وهي صناعة كثيفة العمالة وتعتبر شركاتها من القلاع الصناعية التي تشكل عصب الاقتصاد القومي وكما أن هذا القرار استهدف تنظيم تداول سلعة استراتيجية تقوم عليها الصناعة الوطنية ولا يشكل أي قيد على حرية التجارة في السوق المحلي، بدليل أن الحظر الوارد فيه لم يمس كميات الأقطان التي تم الارتباط على بيعها للخارج أو للمغازل المحلية، فحرية التجارة ليست مطلقة وإنما يجب أن تمارس طبقاً للضوابط المنصوص عليه في القانون - لا وجه للاعتراض على الأسعار المحددة لشراء شركات قطاع الأعمال لأقطان الشعر بعقد البيع الموحد بعد تعديله، لأن تحديد تلك الأسعار تم بناء على نص قانوني جعل بيع الأقطان لتلك الشركات بالأسعار والشروط التي تحددها الدولة، كما أن هذا التعاقد ليس إجبارياً وإنما هو رضائي لشركات تجارة الأقطان الخاصة الراغبة في بيع الأقطان لشركات قطاع الأعمال العاملة في مجال صناعة الغزل والنسيج - تحديد الأسعار على هذا النحو يدخل في اختصاص الجهة الإدارية ويخضع لتقديرها في ضوء التنسيق بين ظروف التسويق واحتياجات شركات المغازل المحلية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 26 من يوليه سنة 2000 أودع الأستاذ/ فايز نعيم رضوان المحامي نائباً عن الأستاذ الدكتور/ أبو زيد رضوان المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد برقم 9496 لسنة 46 قضائية عليا - في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع والسابع، وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدهم متضامنين بدفع مبلغ 3055525 جنيهاً "ثلاثة ملايين وخمسة وخمسون ألفاً وخمسمائة وخمسة وعشرون جنيهاً" والمصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الثالثة "فحص طعون" جلسة 17/ 4/ 2002 ثم جلسة 21/ 8/ 2002، وبهذه الأخيرة قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى "فحص طعون" بوصفه منازعة أفراد وليس منازعة إدارية، وتدوول الطعن أمام تلك الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/ 2/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى - موضوع لنظره بجلسة 3/ 6/ 2006.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 24/ 2/ 2007 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 7/ 8/ 1998 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 8794 لسنة 51 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة مختصماً المطعون ضدهم، وطالباً الحكم بإلزامهم - عدا الأخير - متضامنين بأن يؤدوا إليه مبلغ 3055525 جنيه والمصروفات، تعويضاً له عن الخسائر المادية الجسيمة التي لحقت بالشركة م جراء تكدس كميات القطن التي اشترتها من الفلاحين لديها بسبب تصرفات الجهة الإدارية، فضلاً عما فاتها من كسب، وذلك للأسباب المبين تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 28/ 5/ 2000 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه برفض الدعوى، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الشركة المدعية - وهي إحدى الشركات الخاصة العاملة في مجال تجارة القطن وحلجه - أرجعت الأضرار التي أصابتها إلى القرارات والإجراءات الصادرة عن الجهة الإدارية، والمتمثلة في قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 457 لسنة 1995 الذي حظر على تجار القطن الاحتفاظ بالأقطان المحلوجة غير المتعاقد عليها لمدة تزيد على ثلاثين يوماً من تاريخ حلجها، وفي قيام لجنة تدبير احتياجات المغازل المحلية من الأقطان بتعديل البند الرابع من نموذج عقد بيع الأقطان للمغازل المحلية، وكذلك حظر تصدير الأقطان من صنف جيزة 75 في موسم القطن لعام 95/ 1996، وامتناع المغازل المحلية عن شراء كميات كبيرة من هذا الصنف الموجودة لدى الشركة بناء على تعليمات لجنة تدبير الاحتياجات، إلا أن هذه القرارات والإجراءات صحيحة ولا ترتب الخطأ في جانب الجهة الإدارية، لأن قرار وزير الاقتصاد رقم 457 لسنة 1995 المشار إليه صدر من سلطة مختصة بناء على طلب اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن المشكلة طبقاً لأحكام قانون تنظيم تجارة القطن بالداخل وللأسباب التي تقدمت بها هذه اللجنة المنوط بها الإشراف على تجارة القطن بالداخل، وأن التعديل الذي أدخلته اللجنة المشكلة بقرار وزير قطاع الأعمال العام رقم 338 لسنة 1995 على البند الرابع من نموذج عقد شراء الأقطان وافقت عليه شركات القطاع العام وبعض شركات القطاع الخاص التي ارتبطت بذلك النموذج، ولا التزام على البائع بنموذج العقد سواء قبل التعديل أو بعده إلا في حالة الارتضاء به، وأن المدعي ليس ملزماً بالتعامل مع تلك الشركات وله كامل الحرية في تحديد سعره وفقاً لآليات السوق، كما أن التعليمات الصادرة من كل من وزير الزراعة ووزير قطاع الأعمال العام بحظر تصدير الأقطان من صنف جيزة 75 طوال موسم 95/ 1996، لا تخرج عن كونها توجيهات للجهات العاملة في مجال إنتاج وتوزيع القطن التابعة لرئاسة كل منهما بعدم الارتباط على التصدير حتى يتبين الموقف كاملاً من محصول القطن لعام 95/ 1996 إذ ليس من اختصاص أي منهما حظر التصدير، بل إن ذلك من اختصاص وزير التجارة، وبالتالي فإن هذه التعليمات غير ملزمة للمدعي لأنه غير مخاطب بها، كذلك فإن اللجنة المشكلة لتوفير احتياجات شركات القطاع العام من القطن لا يوجد عليها إلزام بالشراء من الشركة المدعية لرفضها التوقيع على نموذج العقد المعدل، ولقيام شركات القطاع العام باستيفاء احتياجاتها من القطن.
بيد أن الحكم المذكور لم يصادف قبولاً من المدعي فأقام طعنه الماثل ينعى فيه على الحكم مخالفته للقانون الفساد في الاستدلال فضلاً عن القصور في التسبيب، وذلك على سند من القول بأن الحكم المطعون فيه اعتبر قرار وزير التجارة رقم 457 لسنة 1995 مشروعاً لمجرد صدوره من جهة الاختصاص، كما استند الحكم إلى أن سبب إصدار القرار هو ما جاء بمذكرة اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن في الداخل من ضرورة حظر الاحتفاظ بالأقطان المحلوجة منعاً للمضاربة من قبل التجار وحدوث اختناقات واحتكارات كما حدث في الموسم السابق 94/ 1995 مما يحدث آثاراً سلبية على الاقتصاد القومي وهذا السبب ينطوي على مخالفة أحكام القانون، لأن شركات القطاع الخاص التي دخلت معترك تجارة القطن، قامت بشراء الأقطان من المزارعين وحلجها كي تحصل على أرباح معقولة من وراء هذه التجارة، وبشرائها لهذه الأقطان تصبح المالكة الوحيدة لها، وتكون لها الحرية الكاملة في تحديد وقت ومكان التعامل عليها دون أن تقيد أية قرارات وزارية حق ملكيتها، كما أن التوصيات التي أرسلتها لجنة تنظيم تجارة القطن في 15/ 7/ 1995 حدثت قبل بدء الموسم بشهر ونصف، ولم يكن معروفاً حجم الإنتاج، وكان الهدف منها حماية مصانع الغزل لعدم مقدرتها على تطبيق السياسة الجديدة التي تبناها القانون رقم 210 لسنة 1994 وهي تحرير تجارة القطن، وليس مصلحة الاقتصاد القومي كما جاء بالحكم الطعين، فتم الضغط على شركات تجارة القطن وإرهابها لكي تسرع في تسليم أقطانها إلى المغازل في أول الموسم وبالسعر الذي حددته مغازل القطاع العام المشتري الوحيد المتاح في ذلك الوقت.
وأضاف الطاعن أن القوانين المنظمة لتجارة القطن لم تضع أية قيود على تصدير الأقطان ولم تحدد إجراءات معينة لذلك، وإنما أخضعت القطن كسلعة لما تخضع له سائر السلع الأخرى من قواعد وأحكام منصوص عليها في قانون الاستيراد والتصدير، ولم تعط تلك القوانين للحكومة أية سلطة في حظر أو تقييد تصدير الأقطان إذا ما اقتضت حاجة السوق المحلي ذلك، إلا باستخدام الوسيلة المشروعة لذلك، وهي استصدار قرار من وزير التجارة بهذا الحظر، وهو ما لم يحدث في الحالة الماثلة، الأمر الذي يفيد أن ما صدر من وزير الزراعة ووزير قطاع الأعمال من قرارات أو توجيهات في هذا الشأن ينطوي على عدم المشروعية.
واستطرد الطاعن أن لجنة تدبير احتياجات شركات الغزل والنسيج من الأقطان المصرية امتنعت عن تحديد مغزل لشراء أقطان الشركة الطاعنة رغم المكاتبات التي تنبئ عن قبول الشركة للعقد النموذجي وتعديله، كما عرضت الشركة على اللجنة مرات عديدة قبولها السعر القطعي - رغم أنه يحقق لها خسارة مؤكدة - إلا أن اللجنة لم تدبر لها مغزلاً يشتري منها، بل وأصدرت تعليمات إلى شركات الغزل في يوليو 1996 بضرورة استيفاء احتياجاتها من الأقطان من شركات القطاع العام فقط دون باقي الشركات بالمخالفة لأحكام المادة 40 من الدستور، وقد ترتب على هذه الإجراءات والقرارات المخالفة للقانون إلحاق أضرار بليغة بالشركة الطاعنة نتيجة تحملها بالفرق بين السعر الفعلي الذي قامت بشراء القطن الزهر به من المنتجين، والأسعار التي تعاقدت بها على بيع الكميات التي تكدست لديها بسبب تنفيذ هذه القرارات.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة (الدائرة الثالثة) أن انتهت بحكمها الصادر في الطعن رقم 6594 لسنة 47 قضائية عليا بجلسة 18 يوليه 2006 بشأن حالة مماثلة، إلى أن القرار رقم 457 لسنة 1995 الصادر من وزير الاقتصاد بحظر احتفاظ الشركات بالأقطان المحلوجة لمدة تزيد على ثلاثين يوماً - والذي يتضرر منه الطاعن - قد صدر صحيحاً ولم يشبه أي عيب، لكون مصدره هو المختص بإصدار القرارات التنفيذية للقانون رقم 210 لسنة 1994 بأن تنظيم تجارة القطن في الداخل، وبناء على اقتراح اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن في الداخل والتي ناط بها المشرع تقديم الاقتراحات والتوصيات بشأن تنظيم تداول سلعة القطن في السوق المحلي طبقاً لأحكام المادة 18 من القانون المذكور، وكانت هناك ضرورة ملحة دعت إلى تدخل جهة الإدارة، تمثلت في نقص حجم المحصول المتوقع في موسم القطن لعام 95/ 1996، إذ لو ترك الأمر لتجار القطن لاحتفظ كل منهم بمخزون القطن دون بيعه لحين فتح باب التصدير وتحقيق مكاسب شخصية ببيع هذه الكميات بأسعار مرتفعة، غير عابئين بحدوث اختناقات في السوق المحلي، ودون النظر للآثار السلبية لترك هذه السلعة للمضاربات بين التجار والمتعاملين فيها بالداخل، وما ينتج عن ذلك من تقليل حجم المعروض في السوق المحلي وانخفاض المخزون من الأقطان الخام لدى شركات الغزل وتعرضها للتوقف، مما يهدر صناعة الغزل والنسيج وهي صناعة كثيفة العمالة وتعتبر شركاتها من القلاع الصناعية التي تشكل عصب الاقتصاد القومي، وكما أن هذا القرار استهدف تنظيم تداول سلعة استراتيجية تقوم عليها الصناعة الوطنية ولا يشكل أي قيد على حرية التجارة في السوق المحلي، بدليل أن الحظر الوارد فيه لم يمس كميات الأقطان التي تم الارتباط على بيعها للخارج أو للمغازل المحلية، ومن ثم فإن حرية التجارة ليست مطلقة وإنما يجب أن تمارس طبقاً للضوابط المنصوص عليها في القانون رقم 210 لسنة 1994 سالف الذكر ولائحته.
كما انتهت المحكمة بحكمها المشار إليه إلى أنه لا وجه لاعتراض الشركة الطاعنة على الأسعار المحددة لشراء شركات قطاع الأعمال لأقطان الشعر بعقد البيع الموحد بعد تعديله، لأن تحديد تلك الأسعار تم بناء على نص قانوني جعل بيع الأقطان لتلك الشركات بالأسعار والشروط التي تحددها الدولة، كما أن هذا التعاقد ليس إجبارياً وإنما هو رضائي لشركات تجارة الأقطان الخاصة الراغبة في بيع الأقطان لشركات قطاع الأعمال العاملة في مجال صناعة الغزل والنسيج، ومن ثم فإن تحديد الأسعار على هذا النحو مما يدخل في اختصاص الجهة الإدارية ويخضع لتقديرها في ضوء التنسيق بين ظروف التسويق واحتياجات شركات المغازل المحلية، فضلاً عن أن الشركة الطاعنة وافقت على نموذج العقد الموحد بعد تعديل البند الرابع منه، مما يجعل النعي على هذا التعديل بعدم المشروعية لا يقوم على أساس من القانون ويتعين الالتفات عنه.
كذلك انتهت المحكمة إلى أن التعليمات الصادرة من وزيري الزراعة وقطاع الأعمال العام بتأجيل الارتباط على تصدير الأقطان المصرية حتى تتضح الرؤية الكاملة لحجم محصول القطن في موسم 95/ 1996 وإن كانت صادرة من غير مختص، إذ كان يجب إصدارها من وزير التموين والتجارة، إلا أنه من المقرر أن عدم مشروعية القرار الإداري لعيب شكلي أو بسبب عدم الاختصاص لا يتوافر معها الخطأ الموجب لمسئولية الجهة الإدارية، لأن هذه الجهة تملك إعادة إصدار القرار من جديد بعد تصحيح عيب الشكل أو الاختصاص، وقد صدر قرار وزير التجارة رقم 34 لسنة 1996 بتنظيم تصدير الأقطان، وليس ثمة ما يمنع أن يتضمن هذا القرار إجازة تصدير بعض أنواع الأقطان دون البعض الآخر، على أساس أن الأقطان في مجال التصدير والاستيراد شأنها شأن أي سلعة أخرى تخضع لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير ولائحته التنفيذية، كما أن التعليمات الصادرة من لجنة تدبير احتياجات المغازل لشركات الغزل المحلية، باستيفاء احتياجاتها من الأقطان من شركات قطاع الأعمال فقط دون باقي شركات تجارة القطن، لا توجب مسئولية جهة الإدارة، لأن اللجنة المذكورة ليست مسئولة عن تنظيم تداول الأقطان في السوق الداخلي ولا يقع عليها ثمة التزام بشراء الأقطان التي تحتاجها شركات الدولة من تلك الشركات أو مساعدتها في تصريف مخزون الأقطان لديها.
ومن حيث إنه لما كانت وقائع النزاع الماثل تطابق وقائع النزاع الصادر بشأنه الحكم سالف الذكر، وإن الطاعن لم يقدم أية أسانيد أو مبررات من شأنها أن تغير وجه النظر في موضوع النزاع، ومن ثم فإن الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة عن التعويض الذي يطالب به الطاعن يضحى غير متوافر، الأمر الذي تفقد معه الدعوى المطعون على حكمها سندها القانوني، مما يستوجب الحكم برفض تلك الدعوى.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ولا مطعن عليه، وهو ما يجعل الطعن الماثل غير قائم على أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.