أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 1118

جلسة 3 من يوليه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(172)
الطعن رقم 366 لسنة 35 القضائية

( أ ) عقد. "فسخ العقد". "الشرط الفاسخ الضمني".
قضاء المحكمة بالفسخ إعمالاً للمادة 157 مدني. منشئ للفسخ لا مقرر له.
(ب) حكم. "حجية الحكم. الأسباب المرتبطة بالمنطوق".
عدم النص في منطوق الحكم على الفسخ. النص عليه في الأسباب بصيغة صريحة. لا عيب.
(ج) التزام. "تنفيذ الالتزام". "الدفع بعدم التنفيذ". عقد.
الدفع بعدم التنفيذ. شرطه. أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء. المادة 161 مدني.
(د) محكمة الموضوع "سلطتها في مد أجل الحكم". دعوى. حكم.
طلب مد أجل الحكم في الدعوى لتقديم مذكرة. إجابته من إطلاقات محكمة الموضوع.
1 - إذا كان قضاء المحكمة بالفسخ قد صدر إعمالاً لحكم المادة 157 من القانون المدني لا استناداً إلى وجود شرط فاسخ صريح في العقد فإن هذا القضاء يكون منشئاً للفسخ لا مقرر له.
2 - لا يعيب الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه عدم نصه في منطوقه على الفسخ ما دام قد نص عليه في أسبابه بصيغة صريحة.
3 - يشترط لاستعمال الدفع بعدم التنفيذ تطبيقاً لنص المادة 161 من القانون المدني أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً فإذا كان العقد يوجب على أحد العاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع.
4 - لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب الطلب المقدم إليها بمد أجل الحكم، إذ متى كانت المرافعة قد انتهت بفوات الميعاد المحدد لتقديم المذكرات فإن إجابة مثل هذا الطلب (منحه أجلاً لإعلان مذكرته للخصم بعد رفضه قبولها لتقديمها بعد الموعد المحدد) يصبح من الإطلاقات التي لا يعاب على المحكمة عدم الاستجابة إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 848 لسنة 1961 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد أصحاب مصنع المواسير المعدنية (وهم الطاعن بصفته الشخصية والسيد/ زكي النازح والسيدة إنجيل زكي سمعان) كما اختصم مدير مصنع فرج موسى شماس طالباً الحكم بفسخ العقد المؤرخ 16 نوفمبر سنة 1959، وإلزامهم بأن يؤدوا له 5500 ج متضامنين. وأسس دعواه على أن لديه مصنعاً لعمل السراير وأنه تعاقد في 16 نوفمبر سنة 1959 مع مصنع المواسير المعدنية على أن يمده هذا المصنع بكل ما ينتجه في خلال سنتين من الأدوات اللازمة لصنع السراير وهي العواميد والجريد والباستون وذلك في حدود 120 طناً من هذه الأصناف على أن تكون من النحاس الأصفر بنسبة 4 إلى 15 إلى 117 على التوالي، كما تضمن العقد أوصاف كل نوع منها وان يكون التوريد طبقاً لعينة معتمدة منه وأن يكون توريد الأصناف المتفق عليها على دفعات بشرط أن يتم التوريد بأكمله في خلال سنتين من تاريخ توريد أول دفعة التي تعهد المصنع بتوريدها بعد ثمانية أسابيع من تاريخ تسلمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وقد تبين له أن المصنع تعمد عدم تقديم العينة حتى يستبيح لنفسه مخالفة المواصفات المتفق عليها فيما يورده، وأنه رغم تنفيذ التزامه بأداء ثلاثة آلاف جنيه فإن المصنع اقتصر منذ حلول موعد توريد الدفعة الأولى في يناير سنة 1960 على توريد كمية ضئيلة ومن نوع رديء كثير العيوب من العواميد وحدها دون الصنفين الآخرين مع أنهما من مستلزمات تكوين السراير التي ينتجها مصنع المطعون ضده، فقام بلفت نظر المصنع البائع إلى ذلك أكثر من مرة كما اعترض لديه على طريقة تنفيذ العقد من حيث الصنف ونسب التوريد وكميتها دون جدوى، ولكن حرصاً منه على ما دفعه للمصنع وأملاً في تنفيذ المصنع لالتزاماته اضطر إلى قبول أعذاره، وإذ لم يف المصنع بعد ذلك بهذه الالتزامات فقد سجل عليه ذلك في خطاب موصى عليه أرسله إليه في 7 مارس سنة 1960، إلا أن المصنع البائع تابع خطته الأولى فأرسل إليه خلال الأسبوع الأول من مايو سنة 1960، ثلاث دفعات من نوع رديء من العواميد فقط، فلما كرر اعتراضه وأراد المصنع البائع - الطاعن - أن يغطي موقفه أرسل إليه المصنع إنذاراً مؤرخاً 27 يونيه سنة 1960 ضمنه ادعاءات غير صحيحة أجاب عليها بإنذاره المؤرخ 7 يوليه سنة 1960 سجل فيه إخلال المصنع البائع بشروط العقد إخلالاً يبرر فسخه ومطالبة المصنع برد ما قبضه منه مع قيمة الشرط الجزائي المتفق عليه و2000 ج تعويضاً له عن الضرر الذي لحق به. وبجلسة 8 يناير سنة 1964 أقام الطاعن بصفته حارساً على مصنع المواسير المعدنية دعوى فرعية مطالباً المطعون ضده بأن يدفع له عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض لفسخه العقد. وبتاريخ 20 مايو سنة 1964 قضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 3600 ج عبارة عن 3000 ج المبلغ المدفوع و600 ج تعويضاً عن الضرر الذي لحق به، كما قضت في الدعوى الفرعية برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 493 سنة 81 قضائية. وبتاريخ 30 مارس سنة 1965 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم الابتدائي فيما قضى به في الدعوى الأصلية إلى إلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 2712 ج و163 م. كما حكمت بتأييد الحكم في الدعوى الفرعية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 29 مايو سنة 1965 وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن العقد المبرم بين الطرفين قد نص على أن يقوم الطاعن بتوريد أول دفعة من البضاعة المتفق عليها بعد ثمانية أسابيع من وفاء المطعون ضده بالجزء الأول من العربون وقدره ثلاثة آلاف جنيه ولم يتم الوفاء بكامل هذا المبلغ إلا في 7 يناير سنة 1960 وبذلك لا يلتزم الطاعن بتوريد أول كمية إلا ابتداء من 4 مارس سنة 1960 ولكنه فوجئ بخطاب من المطعون ضده تاريخه 7 مارس سنة 1960 يعلن فيه فسخ عقد بحجة أن المصنع الذي يمثله الطاعن لم يقم بالتوريد حتى ذلك التاريخ، وإذ كان لا يجوز للمطعون ضده أن يستقل بفسخ العقد وكان لا بد للفسخ في حالة خلو العقد من شرط فاسخ صريح من إعذار ومن رفع الدعوى بطلب الفسخ والحصول على حكم قضائي به طبقاً للقانون، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر العقد مفسوخاً منذ فسخه المطعون ضده بإرادته المنفردة قد أخطأ في القانون، هذا إلى أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لم يقض بالفسخ في منطوقه، رغم أنه كان أول طلبات المطعون ضده في عريضة دعواه، كما أن ذلك الحكم قد خالف الثابت في الأوراق فيما قرره في أسبابه من أن الطاعن قد أخل بالتزامه رغم إعذاره إذ لا يوجد في الأوراق ما يدل على حصول هذا الإعذار ولا يمكن اعتبار خطاب 7 مارس سنة 1960 إعذاراً كافياً لفسخ العقد، ويضيف الطاعن أنه وقد حدد المطعون ضده في هذا الخطاب الأسباب التي جعلته يفسخ العقد وحصرها في عدم توريد الدفعة الأولى من البضاعة، فإنه لا يكون له بعد ذلك أن يذكر في إنذاره المؤرخ 7 يوليه سنة 1960 مبررات أخرى للفسخ، كادعائه بأن المصنع لم يقم إلا بتوريد كميات يسيرة من العواميد دون الصنفين الآخرين المتفق عليهما، وأن ما تم توريده من الأعمدة كان من صنف رديء، وإذ كان ما ذكره في خطابه الأول كمبرر لفسخه العقد وهو عدم قيام الطاعن بتوريد الدفعة الأولى في ميعادها قد ثبت عدم صحته من المستندات التي قدمها الطاعن لمحكمة الموضوع والتي تدل على توريده للمطعون ضده عدة دفعات في الفترة من 22 نوفمبر سنة 1959 حتى 13 فبراير سنة 1960، فإن الحكم المطعون فيه إذ قبل المبررات الأخرى التي ذكرها المطعون ضده في إنذاره المؤرخ 7 يوليه سنة 1960 واعتمد عليها في اعتبار الطاعن مخلاً بالتزامه وبالتالي مقصراً ومسئولاً دون المطعون ضده، بأن الحكم يكون مخطئاً أيضاً في القانون، هذا إلى أنه كان من حق الطاعن طبقاً للمادة 161 من القانون المدني أن يمتنع عن توريد البضاعة من أي نوع ما دام أن المطعون ضده لم يسدد له قيمة ما ورده إليه منها حسبما هو متفق عليه في العقد إذ أن البند الثامن من هذا العقد يلزمه بأن يسدد 9/ 10 من قيمة ما يتسلمه من البضاعة أولاً بأول، ومن ثم فإن الطاعن لم يكن مخطئاً في عدم توريده شيئاً من البضاعة بعد 4 مارس سنة 1960، ويضيف الطاعن في الوجه الأخير من هذا السبب بأن الحكم المطعون فيه قضى بمسئوليته عن عدم تقديم عينة يجري التوريد وفقاً لها مع أن الالتزام بتقديم العينة طبقاً لما هو منصوص عليه في البند الثالث من العقد يقع على عاتق الطرفين معاً ولا يوجد في الأوراق ما يدل على أن المطعون ضده حاول تنفيذ هذا الالتزام.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه الذي أحال إلى أسبابه لم يعتدا بخطاب المطعون ضده المؤرخ 7 مارس سنة 1960 في قضائها بفسخ العقد بل إن الحكم المطعون فيه قال عن هذا الخطاب ما نصه "ولا يمكن القول بأن للمستأنف عليه كتب للمصنع خطابه المؤرخ 7/ 3/ 1960 بفسخ العقد بعد بدء الميعاد المحدد للتوريد بقليل لأنه رغماً عن هذا الخطاب فقد أرسل له المصنع المستأنف (الطاعن) بعد ذلك أعمدة وقبلها المستأنف عليه مما تستقرئ منه المحكمة أنه حتى ذلك الوقت لم يمكن متمسكاً بطلب الفسخ ومؤملاً أن يتمكن المصنع من تنفيذ التزاماته بالجودة التي يتطلبها العقد وبالنسب المشترط عليها إلا أنه إزاء عدم تمكن المصنع من تنفيذ هذه الالتزامات رغماً عن خطاب المستأنف المؤرخ 7/ 3/ 1960 والذي كان يجب أن يكون حافزاً على تنفيذ المصنع لالتزاماته فإن المستأنف عليه تمسك بإنذاره المعلن للمستأنف في 7/ 7/ 1960 بضرورة فسخ العقد". ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن المطعون ضده قد عدل عما أورده بخطابه المؤرخ 7 مارس 1960 بشأن فسخ العقد وذلك بقبوله بعد هذا التاريخ الأعمدة التي أرسلها إليه المصنع، واعتبر الحكم أن إعذار الطاعن قد تم بالإنذار المعلن إليه في 7 يوليه سنة 1960 وليس بالخطاب المؤرخ 7 مارس سنة 1960، وهذا الإنذار يتحقق به الإعذار وفقاً للمادة 219 من القانون المدني، وإذ كان ذلك وكان المطعون ضده لم يكتف بما ذكره في إنذاره المشار إليه من اعتبار العقد مفسوخاً بل لجأ إلى المحكمة طالباً منها القضاء بفسخ العقد وحصل على حكم بذلك، وكان قضاء المحكمة بالفسخ قد صدر إعمالاً لحكم المادة 157 من القانون المدني لا استناداً إلى وجود شرط فاسخ صريح في العقد وبذلك يكون هذا القضاء منشئاً للفسخ لا مقرراً له، وكان لا يعيب الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه عدم نصه في منطوقه على الفسخ ما دام قد نص عليه في أسبابه بصيغة صريحة، وكانت محكمة الموضوع وقد انتهت إلى اعتبار إعذار الطاعن حاصلاً بالإنذار المعلن في 7 من يوليه سنة 1960 فإن لها أن تبني قضاءها بالفسخ على إخلال الطاعن بتنفيذ التزاماته التي سجل المطعون ضده على الطاعن عدم وفائه بها في ذلك الإعذار، وكان لا حق للطاعن في أن يحتج بعدم قيام المطعون ضده بالوفاء بثمن الأعمدة التي تسلمها لتبرير عدم وفائه بالتزامه الخاص بتوريد الأصناف الأخرى المتفق عليها وهي الجرايد والباستون التي بدونها لا يمكن استكمال صنع السراير التي يقوم المطعون ضده بصنعها، ذلك لأن العقد - كما قال الحكم المطعون فيه بحق - يلزم المصنع الطاعن بأن يبدأ بتنفيذ التزامه بتوريد الأصناف الثلاثة بالنسب المتفق عليها وبتقديم عينة مختومة من هذه الأصناف حتى يمكن التحقق من مطابقة البضاعة الموردة لها، فلا يحق له والحال كذلك أن يحتج بالدفع بعدم التنفيذ، ذلك أنه يشترط لاستعمال هذا الدفع تطبيقاً لنص المادة 61 من القانون المدني أنه يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً، فإذا كان العقد يوجب على أحد العاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع. ومقتضى ذلك أن المطعون ضده لا الطاعن هو الذي كان له أن يمتنع عن تنفيذ التزامه بدفع ثمن ما تسلمه من أعمدة حتى يوفي الطاعن بالتزامه بتوريد باقي الأصناف المتفق عليها. لما كان ما تقدم وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن عدم وفائه بالتزامه الخاص بتقديم العينة يرجع إلى عدول المطعون ضده عن تنفيذ هذا الالتزام مما لا يجوز معه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن ذلك الحكم خالف الثابت في الأوراق فيما ذهب إليه من أن المطعون ضده لم يتمسك في خطابه المؤرخ 7 مارس سنة 1960 بطلب فسخ العقد، إذ أن عبارات هذا الخطاب صريحة في تمسكه بهذا الفسخ ولا يجوز اعتبار قبول الطاعن لبعض الأعمدة بعد إرساله هذا الخطاب عدولاً منه عن التمسك بالفسخ لأن الفسخ كان قد وقع فعلاً بمقتضى ذلك الخطاب، كما قصر الحكم في التسبيب عندما اعتبر الطاعن لم يقم بتنفيذ التزاماته بالجودة التي يتطلبها العقد إذ ليس في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يشير إلى مثل ذلك، كما خالف الحكم الثابت في الأوراق فيما قرره من أنه لا يمكن القول بأن المطعون ضده كتب للمصنع خطابه المؤرخ 7 مارس سنة 1960 بفسخ العقد بعد بدء الميعاد المحدد للتوريد بقليل ذلك أن الثابت في الأوراق أن هذا الخطاب أرسل بعد الموعد المحدد للتوريد بثلاثة أيام فقط، ومن ثم فلا يمكن أن يسند إلى الطاعن تأخير في التوريد يقتضي فسخ العقد.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الحكم المطعون فيه لم يقرر أن خطاب 7 مارس سنة 1960 لم يتضمن تمسكاً من المطعون ضده بفسخ العقد وإنما ذهب الحكم إلى أن المطعون ضده قد عدل عن هذا التمسك بقبوله الأعمدة التي أرسلها إليه الطاعن بعد وصول هذا الخطاب إليه وأن المطعون ضده كان يأمل بعد ذلك أن يتمكن المصنع الذي يمثله الطاعن من تنفيذ التزاماته بالجودة التي يتطلبها العقد وبالنسب المشروطة فيه، فلما لم يوف المصنع بهذه الالتزامات لم يجد المطعون ضده بداً من إعذاره بتاريخ 7 يوليه سنة 1960 بفسخ العقد، وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم هو استخلاص سائغ لا عيب فيه وكان من جهة أخرى لا جدوى من تعييب الحكم في أي قول له عن خطاب 7 مارس سنة 1960 ما دام أن الحكم لم يعتد كلية في قضائه بما ورد في هذا الخطاب، وأقام قضاءه بفسخ العقد وبالتعويض بصفة أساسية على عدم وفاء الطاعن بالتزامه الخاص بتوريد الصنفين اللذين لم يورد منهما شيئاً إطلاقاً وهما "الجرايد والباستون". وكان عدم الوفاء بهذا الالتزام يكفي وحده لتسويغ قضاء الحكم بفسخ العقد وما يترتب على ذلك من تعويض فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه السبب الثالث البطلان وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف إذ حجزت الدعوى للحكم وصرحت بتقديم مذكرات ورفضت قبول مذكرته رغم تأجيل النطق بالحكم من جلسة 16 مارس سنة 1965 إلى جلسة 30 مارس سنة 1965 فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 9 فبراير سنة 1965 تأجيل النطق بالحكم في الدعوى لجلسة 16 مارس سنة 1965 وصرحت بتقديم مذكرات إلى ما قبل الجلسة بأسبوعين على أن تكون المدة مناصفة يبدأ بها المستأنف (الطاعن)، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة 30 مارس سنة 1965 لإتمام المداولة، ولما كان الطاعن قد تقدم في 28 فبراير سنة 1965 بمذكرته مصحوبة بطلب منه يتضمن تجاوزه الموعد المحدد له التقديم مذكرته والذي ينتهي في 20 فبراير سنة 1965 طالباً منحه أجلاً لإعلان مذكرته للمطعون ضده بعد رفضه قبولها، فلا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب الطلب المقدم إليها بمد أجل الحكم، إذ متى كانت المرافعة قد انتهت بفوات الميعاد المحدد لتقديم المذكرات فإن إجابة مثل هذا الطلب يصبح من الإطلاقات التي لا يعاب على المحكمة عدم الاستجابة إليها.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.