مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الثاني (الفترة من أول إبريل حتى نهاية سبتمبر سنة 2007 م) - صـ 233

(13)
جلسة 14 من إبريل سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفي وأحمد عبد الحميد حسن عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 15819 لسنة 49 القضائية عليا

اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - المنازعات الناشئة عن عقود استثمار أراضي محافظة البحر الأحمر.
العقود المبرمة بين محافظة البحر الأحمر والغير بشأن استثمار الأراضي المملوكة لها ملكية خاصة والكائنة بالمركز السياحي الجديد بمدينة الغردقة تعتبر عقوداً إدارية - بثبوت هذه الصفة لتلك العقود يختص مجلس الدولة دون غيره بأصل المنازعات الناشئة عن هذه العقود وما يتفرع عنها باعتبار أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع بما في ذلك المنازعات الناشئة عن القرارات الصادرة من محافظ البحر الأحمر بسحب الأراضي المخصصة للمشروع من المستثمر لعدم إقامته إياه خلال المدة المحددة - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 22/ 9/ 2003 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي بالنقض والإدارية العليا نائباً عن الأستاذ/ أنور عبد الفتاح المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بقنا في الدعوى رقم 210 لسنة 9 ق بجلسة 24/ 7/ 2003 والقاضي في منطوقه "برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بطلبات الطاعن الموضحة بصحيفة الدعوى مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 4/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) وحددت لنظره جلسة 20/ 5/ 2006. وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/ 3/ 2007، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، حيث صدر هذا الحكم في الطعن الماثل وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة أحاط بها الحكم المطعون فيه على النحو الذي تحيل إليه هذه المحكمة منعاً من التكرار، وهي تخلص بالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم الماثل على الأسباب في إنه بتاريخ 25/ 11/ 2000 أقام الطاعن الدعوى رقم 210/ 9 ق أمام محكمة القضاء الإداري بقنا طالباً الحكم له بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ البحر الأحمر رقم 153 لسنة 2000 بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 25/ 11/ 1993 بخصوص بيع الوحدة المحلية لمدينة الغردقة مساحة 20000 متر مربع له بمنطقة شمال الأحياء بغرض إقامة فيلات وشاليهات سياحية عليها وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه: إنه بتاريخ 25/ 11/ 1993 تعاقد مع الوحدة المحلية لمدينة الغردقة على شراء قطعة أرض مساحتها 20000 متر مربع بمركز الغردقة السياحي بمدينة الغردقة وذلك بغرض إقامة فيلات وشاليهات سياحية، وقام بسداد قيمة الأرض، بتاريخ 25/ 2/ 1997 استخرج "ترخيص مباني" للمشروع برقم 164/ 1997 ورغم ذلك لم يتمكن من البناء لعدم استلام الأرض على الطبيعة وتحديدها وتحديد حدودها وخط البناء وخط التنظيم بمعرفة الوحدة المحلية بالغردقة، فضلاً عن أن الجهة الإدارية لم تقم بتوصيل المرافق إلى الأرض، ورغم تقدمه أكثر من مرة إلى الجهة الإدارية لتسليمه الأرض إلا أنها رفضت بل وأصدر محافظ البحر الأحمر القرار المطعون فيه رقم 153/ 2000 بفسخ عقد البيع.
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه بطلانه لعدم قيام الجهة الإدارية بإنذاره بفسخ العقد وسحب الأرض منه قبل صدوره، ولعدم قيام الوحدة المحلية بتسليمه الأرض المبيعة له وفقاً لبنود العقد. وخلص المدعي إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 24/ 7/ 2003 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه برفض الدعوى، وأقامت حكمها على أنه ولئن كان البند الثالث من عقد البيع موضوع النزاع قد نص على التزام المدعي ببناء مشروعه السياحي المخصصة له الأرض محل التعاقد خلال سنتين من تاريخ التعاقد الحاصل في 25/ 11/ 1993، ونَصَّ على جزاء سحب الأرض في حالة الإخلال بهذا الالتزام، كما رتب البند الثالث عشر من العقد على مخالفة هذا الالتزام فسخ العقد وإنهاءه إلا أن الجهة الإدارية لم تسلم المدعي الأرض في تاريخ العقد، كما لم تخطره باستلامها إعمالاً لصريح نص البند ثالثاً من العقد، ومن ثم فإن مدة السنتين التي يلتزم المدعي خلالهما ببناء المشروع المخصصة له الأرض لا تسري في حقه إلا من التاريخ الذي يثبت فيه استلام الأرض خالية من الموانع، فإذا ثبت على أي وجه استلامه الأرض بدأت المدة المحددة لتنفيذ المشروع خلالها في السريان. واستبان للمحكمة أن المدعي استخرج ترخيص البناء رقم 164/ 1997 لبناء عشرة شاليهات دور أرضي وأول على قطعة الأرض المنوه عنها، وقد صدر له ذلك الترخيص في 13/ 7/ 1997، ومن ثم فإنه اعتباراً من هذا التاريخ يكون قد تحقق بيقين استلام المدعي لأرض النزاع، وآية ذلك أنه لم يكن من الممكن استخراج هذا الترخيص إلا بعد أن تكون الأرض التي سيرخص بالبناء عليها تحت يده وفي حيازته ومحددة الأبعاد والمعالم ومحدد عليها خط التنظيم أو حد الطريق، وهي الأمور التي تستوثق منها الجهة الإدارية مانحة الترخيص قبل إصداره، ومن ثم لا يقبل من المدعي القول بأنه لم يتسلم الأرض المتعاقد عليها من الوحدة المحلية لمدينة الغردقة خاصة وأن تلك الجهة قد أكدت في مذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 25/ 7/ 2001 على استلام المدعي لتلك الأرض، وبذلك فقد قام التزام عقدي في جانب المدعي بتنفيذ أعمال بناء مشروعه السياحي على الأرض المخصصة له خلال عامين من تاريخ استلامه ترخيص البناء باعتباره التاريخ المتيقن فيه استلام المدعي الأرض، ومتى كان ذلك، وكان الثابت أن المدعي لم يشرع في تنفيذ مشروعه السياحي على الأرض المخصصة له بعد أن تسلم الأرض واستلم ترخيص البناء عليها في 13/ 7/ 1997 وظل على هذا الأمر لمدة ثلاث سنوات إلى أن صدر القرار المطعون فيه بفسخ عقد البيع واسترداد الأرض المبيعة منه، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر على سند صحيح من القانون. وأضافت المحكمة رداً على ما أثاره المدعي من أن جهة الإدارة لم تنذره قبل فسخ العقد، بأن البند الثالث عشر من العقد خول لجهة الإدارة الحق في فسخ العقد في حالة إخلال المتعاقد معها بالتزاماته الناشئة عن العقد بمجرد وقوع المخالفة وذلك دون إنذار أو إعذار. وبينت المحكمة أنه لا سند للمدعي فيما أثاره من أن الجهة الإدارية لم تقم بتوصيل المرافق إلى الأرض التي قام بشرائها، ذلك أنه وفقاً للبند الحادي عشر من العقد فإن المدعي هو الذي يلتزم بإنشاء شبكة الصرف الصحي وتوصيلات المياه والكهرباء داخل الأرض المبيعة له من المصدر الرئيسي لها والموجود عند بداية أرض المركز السياحي التي تقع أرض النزاع ضمنها، وأن التزام الجهة الإدارية ينحصر في توصيل الكهرباء والمياه حتى المصدر الرئيسي المذكور، والثابت أن المدعي لم يقم بتنفيذ أي جزء من الالتزامات الملقاة على عاتقه بموجب العقد المشار إليه أي أنه لم يكن جاداً في تنفيذ تلك الالتزامات حتى تقوم الجهة الإدارية بتوصيل المرافق إلى المصدر الرئيسي لها بفرض أنها لم تقم بتوصيلها.
وخلصت المحكمة بناء على ما تقدم إلى القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن الطاعن لم يرتض الحكم المطعون فيه فأقام طعنه الماثل على سند من مخالفة الحكم للقانون لأسباب حاصلها أن العقد موضوع الدعوى ليس عقداً إدارياً ولا ينعقد الاختصاص بنظره لمجلس الدولة بل للقضاء المدني. ومن ناحية أخرى فإن صدور ترخيص البناء واستلام الطاعن له لا يقطع بذاته على استلام الطاعن للأرض المبيعة، وإن الترخيص صدر مجهلاً وبناء على أوراق عرفية قدمها الطاعن، وأن استلام الأرض يجب أن يكون بمحضر رسمي. وخلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة المبدى من الطاعن فإن الثابت من الأوراق أنه بموجب عقد البيع المحرر بتاريخ 25/ 11/ 1993 والمبرم بين الوحدة المحلية لمدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر والطاعن، قامت الجهة الإدارية ببيع الطاعن قطعة أرض تقع ضمن مشروع مركز الغردقة السياحي الجديد والذي اعتبره قرار محافظ البحر الأحمر رقم 33/ 1982 مشروعاً خاصاً من مشروعات المحافظة تتولى الإشراف على تنفيذه بهدف إنشاء مركز سياحي متكامل جديد يسهم في رفع مستوى الخدمات السياحية على ساحل البحر الأحمر بحيث تكون الغردقة من خلاله منطقة جذب للسياحة وهواة الصيد والغطس والسياحة العلاجية والدينية والثقافية والعلمية.
ومن حيث إن دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا قد انتهت في الطعن رقم 154/ 34 ق بجلسة 2/ 1/ 1997 إلى أن العقود المبرمة بين محافظة البحر الأحمر والغير بشأن استثمار الأراضي المملوكة لها ملكية خاصة والكائنة بالمركز السياحي الجديد بمدينة الغردقة تعتبر عقوداً إدارية، وبثبوت هذه الصفة لتلك العقود يختص مجلس الدولة دون غيره بأصل المنازعات الناشئة عن هذه العقود وما يتفرع عنها باعتبار أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع وهذا الاختصاص ينعقد لمجلس الدولة تطبيقاً لنص المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بما في ذلك المنازعات الناشئة عن القرارات الصادرة من محافظ البحر الأحمر بسحب الأراضي المخصصة للمشروع من المستثمر لعدم إقامته إياه خلال المدة المحددة. وهدياً على هذا القضاء يكون العقد المبرم مع الطاعن محل المنازعة الراهنة عقداً إدارياً يختص مجلس الدولة دون غيره بأصل المنازعات الناشئة عنه بما في ذلك المنازعة بشأن القرار المطعون فيه بسحب الأرض المخصصة لمشروع الطاعن لعدم إقامته إياه خلال المدة المحددة، ومتى كان الحال كذلك يكون الدفع بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة المبدى من الطاعن غير قائم على سند صحيح من القانون مما يتعين الالتفات عنه ورفضه.
ومن حيث إنه استبان للمحكمة أن الحكم المطعون فيه قد خلص بناء على أسباب سائغة وتتفق وصحيح حكم القانون إلى رفض دعوى الطاعن وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بأسباب الحكم الطعين والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها جزءاً من قضائها، وتضيف إليها أنه مما يؤكد سلامة قضاء محكمة الدرجة الأولى في استدلاله على استلام الطاعن للأرض محل التداعي من استصداره ترخيص البناء رقم 164/ 1997 أن ذلك الترخيص قد أشير فيه إلى أنه صدر طبقاً للرسوم والمواصفات المقدمة من الطاعن، كما تضمن الترخيص تحديداً لخطوط التنظيم وحد الطريق على النحو الوارد بالترخيص، وهو أمر لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت قطعة الأرض محل التداعي في حيازة الطاعن ومتاح له استغلالها دون عوائق. ومن ناحية أخرى فإن ما ذكره الطاعن من أنه قام بإنذار الجهة الإدارية على يد محضر لعمل وتوصيل المرافق ليتمكن من مواصلة مشروعه جاء قولاً مرسلاً دون دليل يؤيده، إذ لم يقم الطاعن بإيداع المستند الدال على صحة دفاعه في هذا الشأن، مما تلتفت عنه المحكمة وتطرحه جانباً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون، فمن ثم فإنه يكون جديراً بالتأييد.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.