أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1138

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وحسين زاكي.

(176)
الطعن رقم 235 لسنة 35 القضائية

( أ ) تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم". أمر أداء. "التكليف بالوفاء".
التكليف بالوفاء السابق على أمر الأداء ليس تنبيها يقطع التقادم.
(ب) تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم". أمر أداء. "المعارضة في أمر الأداء".
رفع المدين معارضة في أمر الأداء لا يقطع بالتقادم. إجراء صادر من المدين لا من الدائن ولا يفيد الإقرار بالدين.
(جـ، د) أمر أداء. "بطلان الأمر". تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم".
بطلان أمر الأداء لعدم توافر شروط الدين. عدم امتداده إلى طلب الأمر. بقاء أثره في قطع التقادم. زوال ما كان للأمر من أثر في قطع التقادم.
(هـ) دعوى. "ترك الخصومة". تقادم. "تقادم مسقط". أمر أداء. إثبات.
سقوط الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات في حالة الحكم بسقوط الخصومة. انطباق هذا المبدأ في حالة ترك الخصومة. ترك الدائن دعواه في المعارضة في أمر الأداء الصادر لصالحه يترتب عليه إلغاء طلب الأمر وزوال أثره في قطع التقادم وسقوط الحكم بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين.
1 - التكليف بالوفاء السابق على طلب أمر الأداء لا يعتبر تنبيهاً قاطعاً للتقادم وإنما هو مجرد إنذار بالدفع لا يكفي لترتيب هذا الأثر، إذ المقصود بالتنبيه الذي يقطع التقادم - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو التنبيه المنصوص عليه في المادة 460 من قانون المرافعات السابق الذي يوجب المشرع اشتماله على إعلان المدين بالسند التنفيذي مع تكليفه بالوفاء بالدين.
2 - رفع المدين معارضة في أمر الأداء لا يقطع التقادم لأن المعارضة إجراء صادر من المدين وليس من الدائن، وطبقاً لنص المادة 384 من القانون المدني لا ينقطع التقادم بإجراء صادر من المدين إلا إذا كان ما صدر منه يعتبر إقراراً صريحاً أو ضمنياً بحق الدائن وهو الأمر الذي لا يصدق على المعارضة المرفوعة من المدين في أمر الأداء إذ هي تتضمن إنكاراً لحق الدائن لا إقراراً به.
3 - إذا كان بطلان أمر الأداء - الذي قضت به محكمة المعارضة - يرجع إلى عدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون في الدين المطالب بإصدار الأمر بأدائه، فإن هذا البطلان لا يمتد لطلب أمر الأداء الذي هو بديل ورقة التكليف بالحضور ويبقى لتقديم هذا الطلب أثره في قطع التقادم.
4 - يترتب على الحكم ببطلان أمر الأداء وإلغائه وزوال ما كان لهذا الأمر من أثر في قطع التقادم واعتبار انقطاع التقادم المبني عليه كأن لم يكن.
5 - لما كانت المادة 310 من قانون المرافعات السابق تنص على أنه يترتب على ترك الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك صحيفة الدعوى. وكان ما تقضي به المادة 304 من قانون المرافعات السابق من أن الحكم بسقوط الخصومة يترتب عليه سقوط الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات، ينطبق أيضاً في حالة الحكم بترك الخصومة، باعتبار أن هذه الأحكام ليس لها كيان مستقل بذواتها ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات في الخصومة تقوم ما دامت الخصومة قائمة وتزول بزوالها، فإن مقتضى ذلك هو أنه وقد قضى في المعارضة في أمر الأداء باعتبار الطاعن (الدائن) تاركاً دعواه فإن هذا الحكم يترتب عليه إلغاء طلب أمر الأداء المعارض فيه وزوال أثره في قطع التقادم، كما يترتب عليه سقوط الحكم بندب خبير لتصفية الحساب بين الفريقين على أساس أنه من الأحكام الصادر في الخصومة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته حارساً على وقف المرحوم أحمد طلعت أقام الدعوى رقم 104 سنة 1960 كلي المنيا ضد المطعون عليه بصحيفة معلنة في 18/ 1/ 1960 طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1373 ج و985 م واحتياطياً مبلغ 1352 ج و68 م. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب ثلاثة عقود مؤرخة 1/ 11/ 1948 و1/ 11/ 1949 و1/ 11/ 1950 استأجر المطعون عليه أطياناً للوقف المشار إليه لمدة سنة، واستصدر الطاعن في 6/ 5/ 1954 أمراً بإلزام المطعون عليه بأن يؤدي إليه مبلغ 2194 ج و778 م قيمة الأجرة المتأخرة في ذمته عن عقود الإيجار الثلاثة، وعارض المطعون عليه في هذا الأمر وقيدت معارضته برقم 372 سنة 1954 كلي المنيا، وأثناء نظرها ادعى بتزوير عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1950، وفي 29/ 5/ 1955 قضت محكمة المعارضة برفض الادعاء بالتزوير وصحة عقد الإيجار المطعون فيه ثم قضت في 21/ 4/ 1956 بإلغاء أمر الأداء بالنسبة لمبلغ 821 ج و93 م قيمة الإيجار المطلوب عن العقدين المؤرخين 1/ 11/ 1948 و1/ 11/ 1949 وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بالنسبة له ببطلان أمر الأداء بالنسبة لباقي المبلغ المطلوب عن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1950 وبإلغاء الأمر تبعاً لذلك وبندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين عن هذا العقد، واستندت المحكمة في قضائها بالبطلان إلى أن الأجرة المتفق عليها في العقد الأخير بعضها عيني مما لا يجوز معه استصدار أمر أداء بها. وفي 17/ 2/ 1959 حكمت تلك المحكمة بوقف الدعوى لمدة ستة أشهر باتفاق الطرفين، وبعد أن عجل الطاعن الدعوى حكمت المحكمة في 22/ 12/ 1959 بناء على طلب المطعون عليه باعتبار الطاعن تاركاً دعواه. وأضاف الطاعن أنه إذ كان الحكم الأخير لا يمس الحق المرفوعة به الدعوى، وكانت الأجرة المتأخرة في ذمة المطعون عليه عن العقد المؤرخ 1/ 11/ 1950 هي مبلغ 1373 ج و685 م وأثبت الخبير المنتدب في تقريره أن هذه الأجرة هي مبلغ 1325 ج و68 م فقد أقام دعواه الحالية بالطلبات سالفة البيان. دفع المطعون عليه بسقوط الحق في المبلغ موضوع الدعوى بالتقادم لأنه دين أجرة مستحق عن سنة 1951 الزراعية ومضي أكثر من خمس سنوات على تاريخ استحقاقه. وبتاريخ 7/ 4/ 1962 حكمت محكمة أول درجة برفض الدفع ثم قضت في 17/ 11/ 1962 بإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعن مبلغ 1352 ج و68 م. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 421 سنة 1 ق بني سويف. وبتاريخ 10/ 2/ 1965 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع بسقوط الحق موضوع الدعوى بالتقادم وبرفضها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بقبول الدفع بتقادم الحق موضوع الدعوى تأسيساً على أنه دين أجرة يطالب به الطاعن عن سنة 1951 الزراعية بمقتضى عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1950 ومضى على استحقاقه أكثر من خمس سنوات إذ لم يرفع به الطاعن دعواه إلا في 18/ 1/ 1960، وعلى أن الإجراءات التي اتخذت باستصدار أمر أداء بهذا الدين في 6/ 5/ 1954 وكذلك المعارضة التي رفعت عنه بالدعوى رقم 372 سنة 1954 كلي المنيا لا تقطع التقادم، واستند الحكم إلى أن المحكمة قضت في تلك المعارضة بتاريخ 21/ 4/ 1956 ببطلان هذا الأمر كما أنها قضت بعد ذلك بتاريخ 22/ 12/ 1959 باعتبار الطاعن تاركاً دعواه لعدم تجديدها في الميعاد القانون بعد القضاء بوقفها باتفاق الطرفين، وأن هذين الحكمين ببطلان أمر الأداء وبترك الخصومة يترتب عليهما زوال أثر المطالبة في قطع التقادم. وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون وذلك أن الحكم باعتبار الطاعن تاركاً دعواه ينسحب أثره في زوال قطع التقادم إلى الوقت الذي أصبح فيه الطاعن مدعياً وذلك من بعد صدور الحكم في 21/ 4/ 1956 بإلغاء أمر الأداء وبندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين، أما الإجراءات والأحكام التي سبقت هذا التاريخ فتبقى قائمة وقاطعة للتقادم، وهي التكليف بالوفاء السابق على استصدار أمر الأداء، وأمر الأداء ذاته الصادر في 6/ 5/ 1954 وهو بمثابة حكم غيابي ثم صحيفة المعارضة في الأمر التي رفعها المطعون عليه والأحكام التي صدرت في تلك المعارضة ومنها الحكم الصادر في 26/ 12/ 1954 بقبول شواهد التزوير والحكم الصادر في 29/ 5/ 1955 برفض الادعاء بالتزوير وصحة عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1950 والحكم الصادر في 21/ 4/ 1956 بإلغاء أمر الأداء وبطلانه وبندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين، وإذ لم تكتمل مدة التقادم منذ اتخاذ هذه الإجراءات وصدور تلك الأحكام حتى رفع الدعوى الحالية في 18/ 1/ 1960 فإن حق الطاعن في الدين موضوع هذه الدعوى لا يكون قد سقط ويكون الحكم إذ قضى بقبول الدفع قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان التقادم وفقاً لنص المادة 383 من القانون المدني لا ينقطع إلا بالمطالبة القضائية أو بالتنبيه أو بالحجز، وكان التكليف بالوفاء السابق على طلب أمر الأداء لا يعتبر تنبيهاً قاطعاً للتقادم وإنما هو مجرد إنذار بالدفع لا يكفي لترتيب هذا الأثر، إذ المقصود بالتنبيه الذي يقطع التقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو التنبيه المنصوص عليه في المادة 460 من قانون المرافعات السابق الذي يوجب المشرع اشتماله على إعلان المدين بالسند التنفيذي مع تكليفه بالوفاء بالدين، وكان رفع المعارضة من المطعون عليه في أمر الأداء لا يقطع التقادم لأنها إجراء صادر من المدين وليس من الدائن، وطبقاً لنص المادة 384 من القانون المدني لا ينقطع التقادم بإجراء صادر من المدين إلا إذا كان ما صدر منه يعتبر إقراراً صريحاً أو ضمنياً بحق الدائن، وهو الأمر الذي لا يصدق علي المعارضة المرفوعة من المطعون عليه في أمر الأداء إذ هي تتضمن إنكاراً لحق الدائن لا إقراراً به، وكان يترتب على الحكم الصادر في 21/ 4/ 1956 ببطلان أمر الأداء المشار إليه وإلغائه زوال ما كان لهذا الأمر من أثر في قطع التقادم واعتبار انقطاع التقادم المبنى عليه كأن لم يكن، وكان الحكم الصادر في 26/ 12/ 1954 بقبول شواهد التزوير والحكم الصادر في 29/ 5/ 1955 برفض الادعاء بالتزوير وصحة عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1950 قد صدرا في شأن ادعاء المطعون عليه - المدين - بتزوير هذا العقد تحقيقاً لصحته وهو إجراء اتخذه المدين ولا ينطوي على إقرار منه بالدين فلا يترتب على هذين الحكمين قطع التقادم، ولئن كان بطلان أمر الأداء الذي قضت به محكمة المعارضة في حكمها السابق الإشارة إليه والصادر بتاريخ 21/ 4/ 1956 يرجع إلى عدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون في الدين المطالب بإصدار الأمر بأدائه فلا يمتد البطلان لطلب أمر الأداء الذي هو بديل ورقة التكليف بالحضور ويبقى لتقديم هذا الطلب أثره في قطع التقادم وقد مضت المحكمة بناء على ذلك في نظر موضوع الدعوى ثم قضت في ذات الحكم بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين عن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1950، إلا أنه لما كانت المادة 310 من قانون المرافعات السابق تنص على أنه يترتب على ترك الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك صحيفة الدعوى، وكان ما تقضي به المادة 304 من قانون المرافعات السابق من أن الحكم بسقوط الخصومة يترتب عليه سقوط الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات، ينطبق أيضاً في حالة الحكم بترك الخصومة، باعتبار أن هذه الأحكام ليس لها كيان مستقل بذواتها ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات في الخصوم تقوم ما دامت الخصومة قائمة وتزول بزوالها، فإن مقتضى ذلك هو أنه وقد حكمت المحكمة في 22/ 12/ 1959 باعتبار الطاعن تاركاً دعواه فإن هذا الحكم يترتب عليه إلغاء طلب أمر الأداء وزوال أثره في قطع التقادم كما يترتب عليه سقوط الحكم بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين على أساس أنه من الأحكام الصادر في الخصومة بإجراءات الإثبات. لما كان ذلك فإن الإجراءات والأحكام التي يتحدى بها الطاعن على النحو السالف بيانه لم تكن ذات أثر في قطع التقادم. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة وقضى بقبول الدفع بتقادم الحق موضوع الدعوى وبرفضها، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، ذلك أنه احتسب مدة التقادم من تاريخ عقد الإيجار في 1/ 11/ 1950، في حين أنه يتعين قانوناً احتسابها من تاريخ استحقاق الأجرة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قرر "قد انقضى خمس سنوات على استحقاق الدين المرفوع بشأنه الدعوى دون أن ينقطع التقادم الساري لمصلحة المستأنف - المطعون عليه -"، وإذ انتهى الحكم إلى أن مدة التقادم قد انقضت حتى تاريخ رفع الدعوى في 18/ 1/ 1960، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون واحتسب مدة التقادم من تاريخ استحقاق دين الأجرة، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.