أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1151

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

(178)
الطلب رقم 82 لسنة 35 القضائية

( أ ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. خبرة.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بالنتيجة التي اطمأنت إليها من تقرير الخبير. ما يثيره الطاعن من خلاف بين التقرير ومحاضر الأعمال جدل موضوعي في تقدير الدليل لا شأن لمحكمة النقض به.
(ب) دعوى. "ترك الخصومة في الدعوى الفرعية". حكم. "بيانات الحكم".
تنازل المدعي في دعوى فرعية عن دعواه يفقد دعوى الضمان المؤسسة عليها - والموجهة من المدعى عليه في الدعوى الفرعية إلى خصم آخر - سبب وجودها ويصبح هذا الأخير غير مختصم في النزاع ولا يترتب على إغفال ذكر اسمه في الحكم البطلان.
(جـ) نقض. "أسباب الطعن". إيجار. "فسخ عقد الإيجار".
التمسك بأن تنفيذ عقد الإيجار صار مرهقاً بسبب منع السلطات المصرية العمال من دخول المعسكرات. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو ببعض ما جاء به وتطرح بعضه لأنها غير مقيدة بآراء أهل الخبرة، إذ هي لا تقضى إلا على ما تطمئن إليه منه دون أن يشوب حكمها في ذلك أي تناقض. وإذ كان الحكم قد أخذ بالنتيجة التي اطمأن إليها من تقرير الخبير فإن ما يثيره الطاعن بشأن الخلاف بين ما أثبته الخبير في تقريره وما أورده في محضر أعماله وملحق التقرير لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض به.
2 - إذ كان من شأن تنازل المدعي في الدعوى الفرعية عن دعواه أن تفقد دعوى الضمان المؤسسة عليها - والموجهة من المدعى عليه في الدعوى الفرعية إلى خصم آخر - سبب وجودها ويصبح هذا الأخير غير مختصم في النزاع، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض بطلان الحكم الابتدائي بعدم ذكر اسم المطعون ضده الثاني (المدعى عليه في دعوى الضمان) على أساس أنه أصبح غير مختصم في الدعوى بعد أن تنازل المطعون ضده الأول (المدعي في الدعوى الفرعية) عن دعواه الفرعية ضد الطاعن (المدعي في دعوى الضمان).
3 - إذ خلت أوراق الدعوى مما يدل على أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بنص المادة 608 من القانون المدني على أساس أن تنفيذ عقد الإيجار كان مرهقاً له بسبب منع السلطات المصرية للعمال من دخول المعسكرات البريطانية، فإنه لا يجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 163 سنة 1956 مدني كلي الجيزة بصحيفة معلنة في 12 مارس سنة 1956 ضد المطعون عليه الأول وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 385 و520 م. وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 30 ديسمبر سنة 1955 استأجر من المطعون عليه الأول "خلاط أسفلت" لمدة 31 يوماً كي يستخدمه في رصف طريق بمعسكر للجيش البريطاني في جهة "أبو سلطان" بأجرة يومية قدرها أربعة جنيهات ودفع له مقدماً - عند استلام ذلك الخلاط وبعد معاينته وتجربته فارغاً - أجرة تلك المدة ومقدارها 124 جنيه ولما نقله من مخازن المطعون ضده الأول في القاهرة إلى موقع العمل وبدأ تشغيله يوم 2 يناير سنة 1956 بعد تعبئته بالزلط والأسفلت تحطم قميص "السلندر" به نتيجة لعيب خفي فيه هو تركيب ذلك القميص بطريقة غير صحيحة، وإذ تولى إصلاح ذلك الخلاط بعد أن أخطر المطعون عليه الأول بالعطب الذي لحق به وأنفق في سبيل هذا الإصلاح مبلغ 35 ج و20 م وكان الضرر الذي أصابه من جراء تعطل الخلاط عن العمل إلى أن تم إصلاحه واستأنف تشغيله في 4 فبراير سنة 1956 يقدر بمبلغ 320 جنيه بواقع عشرة جنيهات يومياً فقد أقام دعواه بطلباته المتقدمة. وأثناء نظر الدعوى انتهى الطاعن إلى تعديل طلب التعويض إلى مبلغ 5000 ج وطلب بالإضافة إليه الحكم بفسخ عقد إيجار الخلاط المتقدم الذكر وبتقرير حقه في حبسه حتى يستوفي مصاريف إصلاحه وما يستحقه من تعويض، ثم تنازل عن طلب الحبس، وإذ استدل الطاعن على صحة دعواه بما جاء في تقرير الخبير في الدعوى رقم 418 سنة 1956 مدني مستعجل الإسماعيلية والتي كان قد أقامها ضد المطعون عليه الأول في 29 من إبريل سنة 1956 بطلب إثبات حالة الخلاط سالف الذكر فقد أمرت المحكمة بضمها. دفع المطعون عليه الأول الدعوى بعدم وجود عيب خفي في الخلاط موضوع النزاع واتبع ذلك بأن أقام على الطاعن دعوى فرعية طلب فيها الحكم بإلزامه بتسليمه ذلك الخلاط. فأدخل الطاعن وزير الدفاع (المطعون عليه الثاني) في الدعوى وطلب الحكم عليه بما عساه أن يحكم به ضده. وبتاريخ 29 نوفمبر سنة 1961 وبعد أن تنازل المطعون عليه الأول عن دعواه الفرعية قضت محكمة أول درجة برفض دعوى الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 149/ 79 ق، وبتاريخ 26 ديسمبر سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن في السبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في فهم الواقع في الدعوى، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في نفي وجوب العيب الخفي في الخلاط إلى أن الطاعن أقر في مذكرته المقدمة بجلسة 23 نوفمبر سنة 1960 لمحكمة أول درجة بأنه أنجز من الأعمال بواسطة هذا الخلاط ما قيمته 12458 ج من أن هذه الأعمال قد أنجزت بأدوات أخرى وإنما أشار الطاعن إلى قيمتها في مذكرته المشار إليها في معرض الرد على موقف المناوءة الذي اتخذه منه المطعون عليه الأول حين حجز على المبلغ الذي يستحقه الطاعن تحت يد الشركة التي كان يؤدي لها تلك الأعمال. كما استند الحكم للقول بأن الخلاط كان صالحاً للاستعمال عند تسليمه إلى أن المدير الفني لأعمال الطاعن قد وقع على محضر التسليم، مع أن هذا الشخص إنما وقع على المحضر باعتباره شاهداً لأنه كان الوسيط في إتمام التعاقد، الأمر الذي يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد ساير الحكم الابتدائي فيما أورده من أن تقرير الخبير في دعوى إثبات الحالة رقم 418/ 1956 مدني مستعجل الإسماعيلية قد نفى وجود عيب خفي في الخلاط، مع أن هذا الخبير قد أثبت عكس ذلك في ملحق تقريره وفي محاضر أعماله مما يدل على أن الحكم المطعون فيه لم يتبين رأي ذلك الخبير على وجهه الصحيح وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في فهم الواقع في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه بنى قضاءه بنفي وجود العيب الخفي في الخلاط على ما حصله من عقد إيجار ذلك الخلاط من أن المؤجر وهو المطعون عليه الأول قد اشترط عدم مسئوليته عند تشغيله بطريقة غير صحيحة وأنه ليس للمستأجر وهو الطاعن أن يرجع عليه بشيء في حالة تعطل العمل الذي يتولاه أثناء مدة الإيجار، وعلى ما حصله من محضر تسليم ذلك الخلاط من أن الطاعن قد أقر فيه بأنه قد عاين الخلاط وقام بتجربته وتثبت من أن جميع أجزائه سليمة وأنه صالح للاستعمال، وعلى ما ورد في تقرير الخبير المعين في دعوى إثبات الحالة رقم 418/ 56 مدني مستعجل الإسماعيلية من أن وكيل الطاعن قد أقر بأن هذا الأخير قد عهد بتشغيل الخلاط إلى شخص تعوزه الدراية الفنية بإدارته مما نتج عنه العطب الذي أصابه وأن هذا العطب لم يتسبب في تعطيل العمل سوى مدة قصيرة. ولما كان هذا الذي أورده الحكم وبنى عليه قضاءه بنفي وجود العيب في الخلاط له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، فلا عليه إن هو أضاف أن الطاعن استعمل الخلاط في أعمال تبلغ قيمتها 12458 جنيه محيلاً في ذلك إلى ما ورد بمذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة أول درجة في 23 نوفمبر سنة 1960 والمعلاة برقم 21 من الملف الابتدائي ما دام أن الطاعن لم يدع أنه قدم لمحكمة الموضوع ما يخالف ذلك، كما لا يعيب الحكم ما ساقه في سبيل نفي وجود العيب في الخلاط من أن المدير الفني لأعمال الطاعن قد وقع على محضر استلامه، ذلك أنه أياً كانت صفة هذا الشخص في التوقيع وإن صح أنه لم يوقع على المحضر إلا باعتباره شاهداً على استلام الخلاط فإن الحكم - على ما سلف البيان - قد أقيم على ما يحمله في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو ببعض ما جاء به و تطرح بعضه لأنها غير مقيدة بآراء أهل الخبرة إذ هي لا تقضي إلا على ما تطمئن إليه منه دون أن يشوب حكمها في ذلك أي تناقض، وكان الحكم قد أخذ بالنتيجة التي اطمأن إليها من تقرير الخبير، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الخلاف بين ما أثبته خبير دعوى إثبات الحالة في 418/ 1956 مدني مستعجل الإسماعيلية في تقريره وما أورده ذلك الخبير في محاضر أعماله التالية وفي ملحق تقريره لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض به. ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب بالفساد في الاستدلال أو الخطأ في فهم الواقع في الدعوى غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجهين، يقول في بيان الوجه الأول أنه أدخل المطعون عليه الثاني بصفته - وزارة الدفاع - في الدعوى باعتباره حائزاً للخلاط موضوع النزاع ليصدر الحكم في مواجهته وذلك على أساس أنه لا يستطيع يدونه - إذا ما استجابت المحكمة بطلب فسخ العقد - تسليم الخلاط وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل التعاقد، وعلى الرغم من تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم الابتدائي قد أغفل ذكر اسم وزير الدفاع وهو ما يخالف ما تقضي به المادة 349 من قانون المرافعات من وجوب أن يذكر أسماء جميع الخصوم في الحكم وإلا كان باطلاً، فإن الحكم المطعون فيه لم يرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص إلا بما أورده من أن إدخال المطعون عليه في الخصومة كان بمناسبة الدعوى الفرعية التي أقامها المطعون عليه الأول على الطاعن والتي تنازل عنها دون موافقة الطاعن في هذا التنازل، وهو ما لا يحمل الرد على دفاع الطاعن مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي أن المطعون ضده الأول قد تنازل في جلسة 8 نوفمبر سنة 1961 وقبل صدور ذلك الحكم عن دعواه الفرعية ضد الطاعن والتي طلب الحكم عليه فيها برد الخلاط موضوع النزاع، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن إنما أدخل المطعون ضده الثاني بعريضة معلنة في 9 يناير سنة 1961 وبعد أن وجه إليه المطعون ضده الأول دعواه الفرعية في 11 ديسمبر سنة 1956 واقتصر على طلب الحكم على المطعون ضده الثاني بما عساه أن يحكم به عليه في الطلب الموجه إليه من المطعون ضده الأول برد الخلاط ولم يطلب الحكم على المطعون ضده الثاني بصفته باعتباره حائزاً للخلاط وبالاستناد إلى أن ذلك هو مقتضى طلب الحكم بالفسخ الذي وجهه هو إلى المطعون ضده الأول، وكان من شأن تنازل المطعون ضده الأول عن دعواه الفرعية - والحال كذلك - أن تفقد دعوى الضمان المؤسسة عليها والموجهة من الطاعن إلى المطعون عليه الثاني سبب وجودها ويصبح هذا الأخير غير مختصم في النزاع. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض بطلان الحكم الابتدائي لعدم ذكر اسم المطعون ضده الثاني على أساس أن هذا الأخير غير مختصم في الدعوى بعد أن تنازل المطعون ضده الأول عن دعواه الفرعية ضد الطاعن، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن يقول في بيان الوجه الثاني من السبب الأول أنه طلب إلى محكمة الموضوع الحكم بفسخ إيجار الخلاط موضوع النزاع واستند في هذا الطلب إلى ما يلي 1 - أن المطعون ضده ارتضى ذلك الفسخ بأن أقام عليه الدعوى رقم 556/ 56 مدني كلي الإسماعيلية بطلب رد الخلاط لتحقق الشرط الفاسخ بأن وجه إليه خطاباً مسجلاً بتاريخ 6 مايو سنة 1956 تمسك فيه بذلك الشرط 2 - أن من حق الطاعن وقد نكل المطعون ضده الأول عن تنفيذ التزامه بإصلاح ما لحق بالخلاط من عطب رغم التنبيه عليه بإصلاحه وذلك بالإنذار الذي وجهه إليه في أول إبريل سنة 1956، أن يحبس ذلك الخلاط 3 - أن تنفيذ العقد أصبح مستحيلاً بسبب استيلاء السلطات المصرية على الخلاط موضوع ذلك العقد ضمن ما استولت عليه في القاعدة البريطانية بعد وقوع العدوان الثلاثي وهو ما يعد معه ذلك الخلاط وقد هلك هلاكاً كلياً الأمر الذي يوجب فسخ العقد طبقاً للمادتين 159، 569 من القانون المدني 4 - أن عذراً نشأ للطاعن في الفسخ طبقاً للمادة 608 من القانون المدني بعد أن أصبح تنفيذ التزامه مرهقاً نتيجة لصدور أوامر من السلطات المصرية بمنع العمال المصريين من دخول معسكرات الجيش البريطاني إلا بتصريح مما ترتب عليه نقص هؤلاء العمال في موقع العمل وارتفاع أجورهم بما أدى إلى إعاقته عن تنفيذ المقاولة التي استأجر الخلاط من أجلها. وإذ لم يشر الحكم المطعون فيه إلى طلب الطاعن فسخ العقد ولم يرد على أسانيده المشار إليها فإن الحكم يكون قد خالف المادة 349 من قانون المرافعات التي تقضي بوجوب أن يدون الحكم طلبات الخصوم وما يعتمدون عليه فيها من أسانيد وإلا كان الحكم باطلاً وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن خلص إلى نفي وجود العيب الخفي في الخلاط موضوع النزاع على النحو الذي سلف بيانه في الرد على السبب الثاني ومهد بذلك لبحث طلب الطاعن فسخ عقد الإيجار وانتهى الحكم بعد ذلك إلى رفض هذا الطلب تأسيساً على ما قرره من أن المطعون ضده الأول لم يطلب فسخ ذلك العقد إلا على سبيل التهديد واستناداً إلى أنه قد نص في ذلك العقد على أن الطاعن هو الملزم بأن يتولى على نفقته إصلاح كل خلل يصيب الخلاط أثناء مدة الإيجار وإلى أن هذه المدة كانت قد انتهت وأصبح العقد يتجدد يوماً بعد يوم بما كان يستطيع معه الطاعن أن يرد ذلك الخلاط للمطعون ضده الأول إلا أنه لم يفعل وامتنع عن سداد الأجرة التي استحقت عليه بعد هذه المدة بل طلب في جلسة 15 مايو سنة 1956 حبس الخلاط المذكور ولم يتنازل عن هذا الطلب إلا في 26 من إبريل سنة 1961، ولما كان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه يحمل الرد على ما أثاره الطاعن من أن المطعون ضده الأول كان قد ارتضى فسخ ذلك العقد وما أثاره كذلك من أن له أن يحبس الخلاط استعمالاً لحقه في الدفع بعدم التنفيذ، وكان المستفاد من هذا الذي أورده الحكم هو رفض طلب الفسخ الذي استند فيه الطاعن إلى استحالة تنفيذ العقد بسبب استيلاء السلطات المصرية على الخلاط ضمن ما استولت عليه في القاعدة البريطانية عقب العدوان الثلاثي الذي وقع في 29 أكتوبر سنة 1956 وذلك على تقدير من الحكم، وقد قرر أن عقد الإيجار كانت قد انتهت مدته بعد آخر يناير سنة 1956 وأصبح يتجدد يوماً بعد يوم، إنه كان في مقدور الطاعن أن يرد الخلاط للمطعون ضده الأول وينهي العلاقة التعاقدية التي نشأت بينهما قبل العدوان غير أنه سلك مسلكاً يتعارض مع طلب الفسخ بأن تمسك بحبس الخلاط ولم يتنازل عنه إلا في 26 من إبريل سنة 1961، وهو ما يحمل الرد على طلب الفسخ الموجه إلى المطعون ضده الأول بدعوى استيلاء السلطات المصرية على الخلاط عقب العدوان. لما كان ذلك وكانت أوراق الدعوى مما يدل على أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بنص المادة 608 من القانون المدني على أساس أن تنفيذ عقد الإيجار كان مرهقاً له بسبب منع السلطات المصرية للعمال من دخول المعسكرات البريطانية مما لا يجوز معه إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة، فإن النعي على الحكم في هذا السبب بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.