مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الثاني (الفترة من أول إبريل حتى نهاية سبتمبر سنة 2007 م) - صـ 297

(26)
جلسة 26 من مايو سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق وأحمد عبد الحميد حسن عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 880 لسنة 50 القضائية عليا

( أ ) دعوى - الطعن في الأحكام - الطعن في الحكم الصادر على خلاف حكم سابق حائز قوة الشيء المحكوم فيه - مناطه.
المادة 23 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
حكم هذه الفقرة الأخيرة من المادة 23 المشار إليها لا يجوز أن يقف عند حد إباحة الطعن في الحكم الثاني الذي صدر على خلاف حكم سابق له ولو بعد فوات ميعاد الطعن فيه احتراماً لحجية الحكم الأول، بل يجب أن يكون الطعن في الحكم الأخير من شأنه أن يحرك الطعن في الحكم الأول للارتباط الوثيق بينهما، فإنه متى كانت الخصومة والطلبات في الدعويين واحدة فإنه يتعين من أجل ذلك تسليط رقابة هذه المحكمة على الحكمين لبيان وجه الحق فيهما ووضعاً للأمور في نصابها - تطبيق.
(ب) توجيه وتنظيم أعمال البناء - البناء في الأفنية ومناطق الردود - طبيعته - وجوب الترخيص به.
المادة 41 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء الصادرة بالقرار الوزاري رقم 267 لسنة 1996.
خط التنظيم هو الخط المعتمد الذي يحدد الطريق ويفصل بين الأملاك الخاصة والمنفعة العامة - البناء في الردود الخاص بالعقار لا يتعلق بتجاوز أو التعدي على خط التنظيم - القانون حظر كقاعدة عامة تنفيذ أية أعمال بالأفنية ومناطق الردود المخصصة للتهوية وإنارة غرف ومرافق البناء إلا بناء على ترخيص يصدر من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم لضمان سلامة التنفيذ والالتزام بالاشتراطات الفنية في هذا الخصوص ومن بينها ألا يكون من شأن تنفيذها تقليل كمية الضوء أو التهوية في الأفنية أو إنقاص أبعادها أو مساحتها عن الحدود الدنيا - أثر ذلك - أن أي أعمال يتم تنفيذها في مناطق المناور والردود يجب أن يصدر بها مسبقاً ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ويكون للمحافظ المختص أو من يفوضه سلطة إصدار قرار بإزالة الأعمال التي تتم في تلك المناطق دون ترخيص - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 27/ 10/ 2003 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة بني سويف والفيوم" في الدعوى رقم 5092 لسنة 48 ق بجلسة 31/ 8/ 2003 والقاضي في منطوقه "برفض الدعوى وألزمت المدعين المصروفات".
وطلب الطاعنون - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 555 لسنة 49 ق مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الخامسة) وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 23/ 5/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/ موضوع) وحددت لنظره جلسة 18/ 6/ 2005. وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/ 10/ 2006 قررت الدائرة الخامسة/ موضوع إحالة الطعن لهذه الدائرة للاختصاص حيث نظرته بجلسة 6/ 1/ 2007 وبجلسة 24/ 3/ 2007، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 28/ 4/ 2007، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر هذا الحكم في الطعن الماثل وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة قد أحاط بها الحكم المطعون فيه على النحو الذي تحيل إليه هذه المحكمة منعاً من التكرار وهي تخلص بالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم الماثل على الأسباب في أنه بتاريخ 19/ 4/ 1994 أقام الطاعنون وآخرون الدعوى رقم 5092 لسنة 48 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة بني سويف والفيوم" طالبين الحكم بهم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 67/ 1992 فيما تضمنه من إزالة الأعمال المخالفة للترخيص بالعقار رقم 4 أ شارع السباق بمصر الجديدة وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وذكر المدعون شرحاً لدعواهم أنهم فوجئوا بتاريخ 10/ 4/ 1994 بأعمال إزالة العقار محل التداعي لمحلين تجاريين وغرفة للبواب بردود العقار على سند من صدور القرار رقم 67/ 1992 بإزالة هذه المباني ونعى المدعون على قرار الإزالة المطعون فيه صدوره بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106/ 1976 وتعديلاته وإن كان هناك ثمة مخالفة فإنها تكون قد سقطت بالتقادم لأن المباني موضوع المخالفة أقيمت منذ أكثر من ثلاثين عاماً ومن شأن تنفيذ إزالتها أن يلحق ضررا جسيماً بالمبنى وخلص المدعون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم سالفة البيان.
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 31/ 8/ 2003 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه برفض الدعوى، وأقامت حكمها على أن الثابت من الأوراق أن مالك عقار التداعي قام بدون ترخيص بالبناء في الردود الأيمن والأيسر لهذا العقار، وحررت ضده الجهة الإدارية المختصة محضراً بالمخالفة برقم 152/ 1992، كما أصدرت قرار الإيقاف رقم 81/ 1992، ثم أصدر نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية القرار المطعون فيه رقم 67/ 1992 بإزالة الأعمال المخالفة المشار إليها، وذلك استناداً إلى التفويض الصادر له في هذا من محافظ القاهرة وبعد أخذ رأي اللجنة المشكلة وفقاً لحكم المادة 16 من القانون رقم 106/ 1976 ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن يملك سلطة إصداره وقائماً على سببه المبرر له، ومتفقاً وصحيح حكم القانون ويضحى طلب إلغائه غير مستند إلى أساس من الواقع أو القانون جديراً برفضه. وأضافت المحكمة أنه لا ينال مما تقدم ما أثاره المدعون بعريضة الدعوى من أن المباني موضوع المخالفة مقامة منذ أكثر من ثلاثين عاماً لأن ذلك ورد قولاً مرسلاً دون دليل عليه، ولا تؤيده صورتا عقدي الإيجار المرفقتان بحافظة مستندات المدعين إذ إنهما محرران في عامي 1981 و1985 وهما تاريخان لاحقان للعمل بأحكام القانون رقم 106/ 1976. وخلصت المحكمة بناءً على ما تقدم إلى القضاء بحكمها المطعون فيه سالف البيان.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه صدر مشوباً بعيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه صدر حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 555 لسنة 49 ق بجلسة 22/ 6/ 2003 قاضياً بإلغاء قرار الإزالة رقم 67/ 1992 وقد صار هذا الحكم نهائياً بعدم الطعن عليه. ولما كان موضوع الدعوى رقم 5092/ 48 ق هو وقف تنفيذ وإلغاء قرار الإزالة المشار إليه، وكان المدعون والمدعى عليهم في الدعويين المشار إليهما متحدين، لذا فإن الحكم الصادر في الدعوى رقم 5092/ 48 ق (المطعون فيه) في تاريخ لاحق على الحكم الصادر في الدعوى رقم 555/ 49 ق ومناقض له يكون قد خالف حكماً سابقاً حائزاً لقوة الأمر المقضى به. وخلص الطاعنون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم الواردة في ختام صحيفة الطعن.
من حيث إن المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 1972 تنص على أنه "يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية وذلك في الأحوال الآتية:
(1)......... (2)......... (3) إذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع".
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن حكم هذه الفقرة الأخيرة لا يجوز أن يقف عند حد إباحة الطعن في الحكم الثاني الذي صدر على خلاف حكم سابق له ولو بعد فوات ميعاد الطعن فيه احتراماً لحجية الحكم الأول، بل يجب أن يكون الطعن في الحكم الأخير من شأنه أن يحرك الطعن في الحكم الأول للارتباط الوثيق بينهما، فإنه متى كانت الخصومة والطلبات في الدعويين واحدة فإنه يتعين من أجل ذلك تسليط رقابة هذه المحكمة على الحكمين ببيان وجه الحق فيهما ووضعاً للأمور في نصابها.
ومن حيث إنه لما كان الثابت أن الخصومة في الدعوى رقم 5092 لسنة 48 ق هي ذاتها في الدعوى رقم 555 لسنة 49 ق إذ إن موضوعهما الطعن على قرار نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية رقم 67 لسنة 1992 بإزالة الأعمال المخالفة بالعقار الكائن 4 أ شارع السباق بمصر الجديدة - القاهرة، وإذ صدر أولاً بتاريخ 22/ 6/ 2003 حكم محكمة القضاء الإداري القاضي بإلغاء القرار رقم 67/ 1992 المشار إليه، ثم صدر لاحقاً بتاريخ 31/ 8/ 2003 حكم محكمة القضاء الإداري القاضي برفض الدعوى، فإن الطعن الماثل على الحكم الصادر في الدعوى رقم 5092 لسنة 48 ق من شأنه أن يحرك الطعن في الحكم الأول الصادر في الدعوى رقم 555 لسنة 49 ق وتسلط هذه المحكمة رقابتها عليهما لإنزال صحيح حكم القانون في المنازعة ووضعاً للأمور في نصابها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مالك العقار محل التداعي قام بدون ترخيص بالبناء في الردود الأيمن والأيسر لذلك العقار، وحررت ضده الجهة الإدارية المختصة محضر المخالفة رقم 152/ 1992 كما أصدرت قرار الإيقاف رقم 81/ 1992، ثم أصدر نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية القرار المطعون فيه رقم 67/ 1992 بإزالة الأعمال المخالفة المشار إليها وذلك استناداً إلى التفويض الصادر له من محافظ القاهرة وبعد أخذ رأي اللجنة المشكلة وفقاً لحكم المادة (16) من القانون رقم 106/ 1976، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن يملك سلطة إصداره وقائماً على سببه المبرر له. ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الحكم الصادر في الدعوى رقم 555/ 49 ق من أن المخالفة المنسوبة لمالك العقار تتعلق بخطوط التنظيم والتي يتعين أن يصدر قرار الإزالة بشأنها من المحافظ المختص نفسه دون أن يكون له تفويض غيره، وذلك على اعتبار أن خط التنظيم كما عرفته اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106/ 1976 في المادة (2) منها "هو الخط المعتمد الذي يحدد الطريق ويفصل بين الأملاك الخاصة والمنفعة العامة" والثابت من مطالعة قرار الإزالة المطعون فيه ومحضر المخالفة وقرار إيقاف الأعمال أن الجهة الإدارية لم تنسب لمالك العقار في أي منها التعدي على خط التنظيم الذي يفصل بين الأملاك الخاصة والمنفعة العامة، بل إن البين من مطالعة الرسم الكروكي للمخالفة الموضح بقرار الإزالة المطعون فيه أن المخالفة في عقار التداعي تقتصر على البناء في الردود الأيمن والأيسر للعقار، وهو ما يجعلها لا تتعلق بتجاوز أو التعدي على خط التنظيم. ومتى كان الأمر كذلك وكان القانون رقم 106/ 1976 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 268/ 1996 قد حظرا كقاعدة عامة تنفيذ أية أعمال بالأفنية ومناطق الردود المخصصة للتهوية وإنارة غرف ومرافق البناء إلا بناء على ترخيص يصدر من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم لضمان سلامة التنفيذ، والالتزام بالاشتراطات الفنية التي أوردتها اللائحة التنفيذية في هذا الخصوص ومن بينها ألا يكون من شأن تنفيذها تقليل كمية الضوء أو التهوية في الأفنية أو إنقاص أبعادها أو مساحتها عن الحدود الدنيا المنصوص عليها في المادة (41) من اللائحة التنفيذية، وعلى ذلك فإن أي أعمال يتم تنفيذها في مناطق المناور والردود يجب أن يصدر بها مسبقاً ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ويكون للمحافظ المختص أو من يفوضه سلطة إصدار قرار بإزالة الأعمال التي تتم في تلك المناطق دون ترخيص.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 555 لسنة 49 ق قد جاء مخالفاً لصحيح حكم القانون، مما يجعله جديراً بالإلغاء. ويكون الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى رقم 5092/ 48 ق قد صادف صحيح حكم القانون، مما يجعله جديراً بالتأييد.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 555 لسنة 49 ق وبرفض الدعوى، وبرفض الطعن على حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 5092/ 48 ق وألزمت الطاعنين المصروفات.