أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1170

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين حنفي.

(181)
الطعن رقم 379 لسنة 35 القضائية

( أ ) أمر أداء. "طلب الأمر". "التكليف بالوفاء".
العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء. ماهيتها. بديل ورقة التكليف بالحضور. شرط التكليف بالوفاء. عدم تعلقه بالعريضة ذاتها. هو شرط لصدور الأمر.
(ب) تزوير. "الاطلاع على السند". إثبات. محكمة الموضوع.
المظروف المحتوي على السند المطعون فيه بالتزوير. للمحكمة أن تطلع عليه في غيبة الخصوم. عدم اعتبار ذلك إجراء من إجراءات التحقيق يتحتم حصوله في حضورهم.
(ج) تزوير "دعوى التزوير". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". خبرة.
عدم تقيد محكمة الموضوع برأي الخبير المنتدب في دعوى التزوير. حقها في إطراحه والأخذ بتقرير الخبير الاستشاري وفي إجراء المضاهاة بنفسها.
1 - العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بديل ورقة التكليف بالحضور وبها تتصل الدعوى بالقضاء وإذ لا يتعلق شرط التكليف بالوفاء بالعريضة ذاتها إنما هو شرط لصدور الأمر، وكانت الطاعنة لم تنع بأي عيب على هذه العريضة وانصب نعيها على إجراء سابق عليها وهو التكليف بالوفاء، وكانت محكمة الاستئناف قد فصلت في موضوع النزاع المطروح عليها بإلزام الطاعنة بالدين لما ثبت لها من صحة السند، فإنه على فرض أنها لم تخطر بالتكليف بالوفاء إخطاراً صحيحاً وأن الأمر قد صدر رغم ذلك وأيده الحكم المطعون فيه فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون يكون غير منتج.
2 - المظروف المحتوي على السند المطعون فيه بالتزوير لا يعدو أن يكون ورقة من أوراق الدعوى وللمحكمة أن تطلع عليه في غيبة الخصوم، ولا يعد ذلك إجراء من إجراءات التحقيق يتحتم حصوله في حضورهم ومن ثم يكون النعي على الحكم بالبطلان على غير أساس.
3 - لقاضي الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يبني قضاءه على ما يشاهده هو بنفسه في الأوراق المطعون فيها بالتزوير المطعون فيها بالتزوير سعياً لجلاء وجه الحق سواء أكان السبيل إلى ذلك ميسراً أم كان عسيراً، فلا تثريب على المحكمة إذا هي قامت بإجراء المضاهاة في دعوى التزوير بنفسها. ولا يحد من هذا أن تكون المحكمة قد ندبت خبيراً في الدعوى أجرى المضاهاة إذ هي لا تتقيد برأي الخبير المنتدب لأن رأيه استشاري في جميع الأحوال ولا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها فلها السلطان المطلق في إطراحه والأخذ بتقرير الخبير الاستشاري متى وجدت في أوراق الدعوى وفي المضاهاة التي أجرتها بنفسها ما يقنعها بصحة السند.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 11/ 7/ 1961 استصدرت ماتيلده أسعد أمر أداء قيد برقم 91 سنة 61 من محكمة إسكندرية الكلية بإلزام لينده فهيم جرجس وزوجها كامل جرجس بأن يدفعا لها مبلغ 4300 جنيه وفوائده القانونية بواقع 7% من يوم المطالبة الحاصلة في 5/ 7/ 1961 وعارضت لينده فهيم في هذا الأمر بالدعوى رقم 1308 سنة 1961 مدني كلي الإسكندرية طالبة إلغاءه لأن السند الذي صدر بمقتضاه مزور عليها ولم يصدر منها وقررت بالطعن فيه بالتزوير كما دفعت ببطلان الأمر لعدم إعلانها بالتكليف بالوفاء إعلاناً صحيحاً. وبتاريخ 28/ 11/ 1961 حكمت المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لاستكتاب المعارضة بمعرفته ومضاهاة استكتابها بالتوقيع المنسوب صدوره منها على السند المطعون فيه بالتزوير لبيان ما إذا كان التوقيع لها أم لا، وصرحت للخبير بالاطلاع على ما تقدمه له الخصوم من توقيعات للمعارضة ومضاهاتها بعد عرضها على المعارضة واعترافها بها. وبعد أن قدم الخبير تقريره وقدمت المعارض ضدها تقريراً استشارياً عادت وبتاريخ 28/ 12/ 1963 فحكمت حضورياً برفض الدفع ببطلان أمر الأداء محل المعارضة وبصحته وبرفض الطعن بالتزوير وبصحة التوقيع المسند إلى المعارضة على سند الدعوى وبتغريم المعارضة مبلغ 25 جنيه للخزانة العامة وفي موضوع المعارضة برفضها وتأييد أمر الأداء رقم 91 لسنة 1961 المعارض فيه. استأنفت لينده فهيم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه وإلغاء أمر الأداء وقيد هذا الاستئناف برقم 157 سنة 20 ق وبتاريخ 16/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفضه وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب تنعى الطاعنة في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت ببطلان أمر الأداء لعدم استلامها للتكليف بالوفاء إذ أن خطاب التكليف المصحوب بعلم الوصول أرسل إلى محل تجارة زوجها وهو لا يعد محل إقامة لها وقد تسلمه عامل في المحل لا علاقة له بها، ولكن الحكم قضى برفض هذا الدفع دون أن يحقق هذه الواقعة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بديل ورقة التكليف بالحضور وبها تتصل الدعوى بالقضاء وإذ لا يتعلق شرط التكليف بالوفاء بالعريضة ذاتها إنما هو شرط لصدور الأمر، وكانت الطاعنة لم تنع بأي عيب على هذه العريضة وانصب نعيها على إجراء سابق عليها وهو التكليف بالوفاء، وكانت محكمة الاستئناف قد فصلت في موضوع النزاع المطروح عليها بإلزام الطاعنة بالدين لما ثبت لها من صحة السند فإنه على فرض أنها لم تخطر بالتكليف بالوفاء إخطاراً صحيحاً وأن الأمر قد صدر رغم ذلك وأيده الحكم المطعون فيه فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثاني هو بطلان الحكم المطعون فيه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن المحكمة قامت بفض المظروف المحتوي على السند المطعون فيه بالتزوير في غيبة الخصوم حسبما يبين من أسباب الحكم، ولما كان فض المظروف هو إجراء من إجراءات التحقيق في الدعوى فكان الأجدى أن يكون في حضور الخصوم جميعاً والقيام بهذا العمل في غيبتهم مبطل للحكم.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المظروف المحتوي على السند المطعون فيه لا يعدو أن يكون ورقة من أوراق الدعوى وللمحكمة أن تطلع عليه في غيبة الخصوم، ولا يعد ذلك إجراء من إجراءات التحقيق يتحتم حصوله في حضورهم ومن ثم يكون النعي على الحكم بالبطلان على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في تأييد رأيه بصحة إمضاء الطاعنة على اطلاع المحكمة على السند وأوراق المضاهاة، حال أن ذلك من المسائل الفنية التي لا يستطيع القاضي أن يقضي فيها برأي مستقل بل يجب عليه الاستعانة فيها برأي أهل الخبرة، وبالإضافة إلى ذلك فإن المحكمة بعد أن ندبت قسم أبحاث التزييف والتزوير لإجراء المضاهاة أطرحت تقريره مع أنه مقدم من جهة محايدة وأخذت برأي الخبير الاستشاري الذي تقاضى أجراً عن عمله، هذا إلى أن الأدلة التي استند إليها الحكم لاستبعاد تقرير الخبير المنتدب لا تعدو مجرد قرائن سطحية يستحيل معها عقلاً إهدار هذا التقرير وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن لقاضي الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يبني قضاءه على ما يشاهده هو بنفسه في الأوراق المطعون فيها بالتزوير سعياً لجلاء وجه الحق سواء أكان السبيل إلى ذلك ميسراً أم كان عسيراً، فلا تثريب على المحكمة إذا هي قامت بإجراء المضاهاة في دعوى التزوير بنفسها، ولا يحد من هذا أن تكون المحكمة قد ندبت خبيراً في الدعوى أجرى المضاهاة إذ هي لا تتقيد برأي الخبير المنتدب لأن رأيه استشاري في جميع الأحوال ولا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها فلها السلطان المطلق في إطراحه والأخذ بتقرير الخبير الاستشاري متى وجدت في أوراق الدعوى وفي المضاهاة التي أجرتها بنفسها ما يقنعها بصحة السند. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الادعاء بالتزوير على ما قرره من أن "الخبير الاستشاري قد أورد في تقريره الأسباب المقنعة على صحة الإمضاء المطعون عليها وقد رجحت محكمة أول درجة في قضائها المستأنف تقريره باعتبارها الخبير الأعلى، وتؤيدها هذه المحكمة في انتهت إليه في هذا الخصوص بعد مقارنة الإمضاء المطعون عليه على سند المديونية بعد فض مظروفه والاطلاع عليه وعلى توقيع المستأنفة على صورة إمضائها على عقد البيع الرسمي المسجل برقم 2140 سنة 1950 إسكندرية وعلى سند التوكيل رقم 38 سنة 54 كفر الدوار، ومن هذه المقارنة استبانت هذه المحكمة اتفاق الإمضاء المطعون عليها مع توقيعات المستأنفة الصحيحة على الورقتين سالفتي الذكر من حيث الدرجة الخطية والخواص والمميزات الخطية الأمر الذي ترجح معه هذه المحكمة ما انتهى إليه الخبير الاستشاري في تقريره على تقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي خصوصاً بعد ما ثبت لدى هذه المحكمة من أنه تهاون في أداء المأمورية الموكولة إليه إلى الدرجة التي سمحت له بعدم التنويه إلى ما بالإمضاء المطعون عليها من تشويه لا سبيل إلى حدوثه إلا قبل الطعن بالتزوير لتحرير الكمبيالة المطعون عليها فور الطعن عليها واستحالة الاطلاع عليها إلا في حضرة المحكمة وبعد إذنها مما يستحيل معه العبث بها بعد الطعن عليها هذا فضلاً عن عدم قيامه باستكتاب المستأنفة ثانية استكتاباً فنياً بإملائها كلمات أخرى تتضمن حروف إمضائها ويسمح لها بأن توقع بهذه الإمضاءات العابثة التي وقعت بها على ورقة الاستكتاب الأمر الذي يتضح جلياً ولأول وهلة من مجرد مقارنة توقيعاتها على ورقة الاستكتاب بإمضاءاتها على الورقتين الرسميتين سالفتي الذكر، كما يقوم ترجيح هذه المحكمة للتقرير الاستشاري على تقرير خبير أبحاث التزوير فيما انتهى إليه من نتيجة على ما لحق بالإمضاء المطعون عليها من عبث لا يمكن أن يكون قد جرى إلا لصالح المستأنفة وحدها دون المستأنف عليها، وإلا لما قدمت الصورة الفوتوغرافية للسند المطعون عليه والتي أخذتها قبل تقديمها السند الأصلي للمحكمة لاستصدار أمر الأداء به والتي يستبين منها ما طرأ على السند من عبث، وليست المستأنف عليها هي التي يمكن أن ينسب إليها إلقاء ظل من الشبهات حول إمضاء المستأنفة على السند الذي تطالب بقيمته بهذا التغيير سواء كان بسيطاً أو مشوهاً للإمضاء فليس من المعقول أن يعبث دائن بسند دينه وليس من المقبول عقلاً أن يعمد الدائن إلى محاولة إلقاء أي ظل من الشبهات حول سند دينه، وأخيراً فإن هذه المحكمة تستخلص من عدم طعن المدين الأصلي وهو زوج الطاعنة على السند رغم إعلانه أمر الأداء الصادر به سواء بالمعارضة أو الاستئناف قرينة مقنعة على صحة سند المديونية وسلامته من كل طعن بالإضافة إلى القرائن الأخرى التي ساقتها هذه المحكمة" وهي تقريرات موضوعية سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه ولا مخالفة فيها للقانون ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.