مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الثاني (الفترة من أول إبريل حتى نهاية سبتمبر سنة 2007 م) - صـ 319

(30)
جلسة 9 من يونيو سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفي وأحمد عبد الحميد حسن عبود ود. محمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 13365 لسنة 48 القضائية عليا

استيراد - الموافقات الاستيرادية - المركز القانوني لصاحب الموافقة.
استيراد السلع الأجنبية عبارة عن عملية مركبة من مراحل متتابعة مترابطة الحلقات، يلتزم خلالها المستورد باستيفاء إجراءات عديدة ومتنوعة - تبدأ هذه العملية بالحصول على الموافقات الاستيرادية من الجهات الإدارية المعنية ثم يلي ذلك مرحلة تعاقد المستورد مع المورد الأجنبي على شراء السلعة محل الموافقات الاستيرادية وسداد قيمتها عن طريق فتح الاعتماد المستندي وتختم هذه العملية بالحصول على تصريح بالإفراج عن الرسالة المستوردة وتسليمها لمالكها بعد معاينتها وفحصها بمعرفة الجهات المختصة - الموافقات الاستيرادية وفتح الاعتمادات المالية الخاصة بالسلع المستوردة لا ترتب بذاتها لصاحبها مركزاً قانونياً نهائياً ونافذاً في استيراد السلع الصادرة عنها - يجوز للجهة المختصة إذا ما طرأ بعد صدور الموافقة وقبل التعاقد وفتح الاعتماد تغيير في خطة الدولة للاستيراد أو في أوضاع الميزانية النقدية من شأنه تغيير أسس نظام الاستيراد وقواعده أن تتخذ ما تراه في شأن الموافقات الاستيرادية السابقة غير المنفذة في ضوء المتغيرات الجديدة دون أن يكون لأصحاب هذه الموافقات التحدي بفكرة الحق المكتسب أو المركز القانوني المستقر - هذا الأمر يختلف إذا تم تنفيذ الموافقات الاستيرادية وإتمام التعاقد مع المورد الأجنبي وفتح الاعتمادات المستندية اللازمة إذ ينشأ بذلك لصاحب الموافقة الاستيرادية مركز قانوني ذاتي لا يجوز إهداره أو المساس به - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 1/ 9/ 2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 13365 لسنة 48 القضائية عليا وذلك طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4844 لسنة 42 القضائية بجلسة 4/ 7/ 2002 القاضي في منطوقه "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات".
وطلب الطاعنون - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - قبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ومن باب الاحتياط انتهاء الخصومة في الدعوى ومن باب الاحتياط الكلي رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/ 9/ 2006 حيث نظر بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها حتى تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 10/ 3/ 2007 حيث نظر بالجلسة المحددة وفيها تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة 12/ 5/ 2007 ثم أرجئ النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4844 لسنة 42 القضائية طالباً فيها بصفة مستعجلة بالإفراج الفوري عن باقي الواردات التي ترد تباعاً على قوة الموافقات الاستيرادية المبينة تفصيلاً بالصحيفة والتخصيم عليها مع مراعاة شرط العمر وهو خمس سنوات طبقاً للقرار الوزاري رقم 15 لسنة 1980.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه في ظل سريان القرار الوزاري رقم 15 لسنة 1980 أصدرت له الموافقات الاستيرادية أرقام 20659 بتاريخ 26/ 5/ 1983، 30564 بتاريخ 4/ 8/ 1983، 40055 بتاريخ 2/ 10/ 1983، 41896 بتاريخ 12/ 10/ 1983 لاستيراد سيارات وقد وردت على قوة هذه الموافقات الاستيرادية بعض السيارات إلا أنه تبقى بعضها في انتظار ورودها، وقد فوجئ - كغيره من المستوردين - بصدور القرار الوزاري رقم 6 لسنة 1985 في 3/ 1/ 1985 الذي عدل من بعض قواعد الاستيراد وجنحت مصلحة الجمارك إلى تطبيق الأحكام الواردة بهذا القرار على الموافقات الاستيرادية التي صدرت قبل العمل به وامتنعت عن الإفراج عن السيارات التي ترد تباعاً على قوة تلك الموافقات الاستيرادية بحجة مخالفتها لأحكام القرار الوزاري رقم 6 لسنة 1985 الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه طعناً على هذا القرار. وبجلسة 4/ 7/ 2002 قضت محكمة القضاء الإداري بعد أن أضفت على طلبات المدعي تكييفها القانوني الصحيح وهو الحكم بإلغاء قرار مصلحة الجمارك بالإسكندرية بالامتناع عن الإفراج عن الواردات التي ترد إليها تباعاً على قوة الموافقات الاستيرادية التي حصل عليها والوارد بيانها بصحيفة الدعوى - بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أن تطبيق مصلحة الجمارك أحكام القرار الوزاري رقم 6 لسنة 1985 على الموافقات الاستيرادية التي صدرت قبل العمل به وامتناعها عن الإفراج عن السيارات التي ترد تباعاً على قوة تلك الموافقات الاستيرادية بحجة مخالفتها لأحكام القرار الوزاري رقم 6 لسنة 1985 يخالف صحيح أحكام القانون بحسبانه تطبيقاً للقرار بأثر رجعي وهو أمر لا يجوز قانوناً.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ قضى الحكم بقبول الدعوى شكلاً في حين أنها أقيمت بعد مضي أكثر من ستين يوماً على نشر القرار رقم 6 لسنة 1985 الذي عمل به اعتباراً من 5/ 1/ 1985 كما أن الثابت من المستندات المقدمة من الجهة الإدارية أنه لم يرد للمطعون ضده أية سيارات محل الموافقات الاستيرادية خلال فترة صلاحية الموافقات الاستيرادية بل لم يرد له أية سيارات حتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المطعون ضده لم يوجه طعنه إلى أحكام القرار الوزاري رقم 6 لسنة 1985 بحيث تحسب مواعيد الطعن عليه ابتداء من تاريخ نشره وإنما يطعن على قرار تطبيق أحكام هذا القرار على الموافقات الاستيرادية التي صدرت له قبل العمل بأحكامه وامتناع مصلحة الجمارك عن الإفراج عن السيارات التي ترد تباعاً على قوة هذه الموافقات وكان هذا القرار السلبي لا يتقيد الطعن عليه بميعاد معين ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أعمل صحيح حكم القانون حين قضى بقبول الدعوى شكلاً ويضحى هذا السبب من أسباب الطعن خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن استيراد السلع الأجنبية عبارة عن عملية مركبة من مراحل متتابعة مترابطة الحلقات، يلتزم خلالها المستورد باستيفاء إجراءات عديدة ومتنوعة، وتبدأ هذه العملية بالحصول على الموافقات الاستيرادية من الجهات الإدارية المعينة ثم يلي ذلك مرحلة تعاقد المستورد مع المورد الأجنبي على شراء السلعة محل الموافقات الاستيرادية وسداد قيمتها عن طريق فتح الاعتماد المستندي وتختم هذه العملية بالحصول على تصريح بالإفراج عن الرسالة المستوردة وتسليمها لمالكها بعد معاينتها وفحصها بمعرفة الجهات المختصة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة ذهب إلى أن الموافقات الاستيرادية وفتح الاعتمادات المالية الخاصة بالسلع المستوردة لا ترتب بذاتها لصاحبها مركزاً قانونياً نهائياً ونافذاً في استيراد السلع الصادرة عنها فيجوز للجهة المختصة إذا ما طرأ بعد صدور الموافقة وقبل التعاقد وفتح الاعتماد، تغيير في خطة الدولة للاستيراد، أو في أوضاع الميزانية النقدية من شأنه تغيير أسس نظام الاستيراد وقواعده أن تتخذ ما تراه في شأنه الموافقات الاستيرادية السابقة غير المنفذة في ضوء المتغيرات الجديدة دون أن يكون لأصحاب هذه الموافقات التحدي بفكرة الحق المكتسب أو المركز القانوني المستقر، إلا أن هذا الأمر يختلف إذا تم تنفيذ الموافقات الاستيرادية وإتمام التعاقد مع المورد الأجنبي وفتح الاعتمادات المستندية اللازمة إذ ينشأ بذلك لصاحب الموافقة الاستيرادية مركز قانوني ذاتي لا يجوز إهداره أو المساس به.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان التزام المورد الأجنبي بتوريد السيارات محل الموافقات الاستيرادية محل المنازعة لم يعين بمواعيد محددة وكانت الأوراق قد خلت من بيان دقيق للسيارات محل هذه الموافقات الاستيرادية التي كانت سترد بعد صدور القرار رقم 6 لسنة 1985 - الذي عدل من شروط الاستيراد - للوقوف على مدى استيفائها أصلاً لشروط الاستيراد طبقاً لأحكام القرار الوزاري رقم 15 لسنة 1980 الذي صدرت هذه الموافقات في ظل العمل بأحكامه وخاصة الشرط الخاص بألا يكون قد مضى على صنع السيارة عند الدخول إلى البلاد أكثر من خمس سنوات وهو الشرط الذي خلت الأوراق من دليل على استيفاء السيارات التي كانت سترد بعد صدور القرار رقم 6 لسنة 1985 له خاصة وأن البين أن جل السيارات المتعاقد عليها من موديلات 78 و79 و80 وهي موديلات ما كان يجوز الإفراج عنها أصلاً وفقاً لأحكام القرار الوزاري رقم 15 لسنة 1980 وعلى ذلك يكون امتناع مصلحة الجمارك عن الإفراج عن هذه السيارات قائماً على صحيح أحكام القانون باعتبار أن الامتناع عن الإفراج عن هذه السيارات لم يمس مركزاً قانونياً مستقراً للمطعون ضده وإنما يرجع إلى ضرورة تحقيق الشروط اللازمة للإفراج عن السيارات طبقاً لأحكام التشريعات التي تم استيرادها في ظله.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يتجه إلى هذا النظر فإنه يكون خليقاً بالإلغاء مع القضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.