مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الثاني (الفترة من أول إبريل حتى نهاية سبتمبر سنة 2007 م) - صـ 324

(31)
جلسة 10 من يونيو سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفي وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 15152 لسنة 53 القضائية عليا

إثبات - حجية الأوراق الرسمية - سلطة المحكمة في إسقاط قيمة الورقة أو إنقاصها.
للأوراق الرسمية التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن حجية على الكافة لا تسقط عنها إلا عن طريق الطعن بالتزوير - الورقة الرسمية حجة كذلك بسلامتها المادية أي بعدم حصول تغيير في محتوياتها التي دونت فيها وقت إنشائها ولا يشترط في ذلك إلا أن يكون مظهرها الخارجي غير باعث على الارتياب في مصدرها وسلامتها - إذا وجد في الورقة كشط أو محو أو تحشير أو غير ذلك من العيوب المادية كان للمحكمة أن تقدر ما يترتب على ذلك من إسقاط قيمة الورقة في الإثبات أو إنقاصها - إذا كانت صحة الورقة محل شك في نظر المحكمة جاز لها من تلقاء نفسها أن تدعو الموظف الذي صدرت عنه ليبدي ما يوضح حقيقة الأمر فيها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 6/ 6/ 2007 أودع الأستاذ/ إصلاح سعد الدين عوض المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة، تقريراً بالطعن قيد بجدولها عالم تحت رقم 15152 لسنة 53 القضائية عليا وذلك طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (المنصورة) في الدعوى رقم 9888 لسنة 29 القضائية الصادر بجلسة 4/ 6/ 2007 القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب. وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - قبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى رقم 9888 لسنة 29 القضائية بشقيها المستعجل والموضوعي مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وارتأت هيئة مفوضي الدولة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات، ونظر الطعن بجلسة 9/ 6/ 2007 أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة اليوم حيث نظر بالجلسة المحددة على النحو الثابت بمحضر الجلسة وتقرر إصدار الحكم في آخر الجلسة حيث صدر وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل بحسب ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات في أن المطعون ضده الثالث أقام الدعوى رقم 9888 لسنة 29 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالباً وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بقبول أوراق ترشيح الطاعن بصفة فلاح عن دائرة دكرنس وبني عبيد ومنية النصر في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المحدد لها 11 من يونيه 2007 وذلك على سند من أن المطعون في ترشيحه لم يؤد الخدمة العسكرية أو يعفى منها طبقاً للقانون وأن الشهادة التي بحوزته والتي تفيد أنه أعفي من الخدمة العسكرية لعدم اللياقة الطبية غير صحيحة.
وبجلسة 4 من يونيه 2007 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن المطعون على ترشيحه قدم شهادتين تفيدان إعفاءه من أداء الخدمة العسكرية لعدم اللياقة الطبية إلا أن بيانات هاتين الشهادتين جاءت على نموذجين مختلفين ومتناقضة مع بعضها مما حدا بالمحكمة إلى إطراحها في مجال إثبات الإعفاء من الخدمة العسكرية لعدم الاطمئنان إليها.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالف الواقع وما تحتويه المستندات الرسمية الصادرة من وزارة الدفاع والتي تثبت أن الطاعن أعفي من أداء الخدمة العسكرية لعدم اللياقة الطبية وأن الاختلاف في شكل النموذجين المقدمين أمام محكمة أول درجة ناتج من أن الشهادة الأولى صادرة عن منطقة تجنيد الزقازيق، أما الثانية فصادرة من منطقة تجنيد المنصورة بعد إنشائها عام 2005، حيث عهد إليها إصدار شهادات جديدة بأرقام مختلفة ولا يد للطاعن في هذا الشأن.
ومن حيث إنه لا خلاف في المنازعة المطروحة أن أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها طبقاً للقانون هو شرط لازم للترشيح لعضوية مجلس الشورى بحسبان أن أداء الخدمة العسكرية والدفاع عن أرض الوطن واجب مقدس لا سبيل للتقاعس عنه أو التفريط فيه، ولكن الخلف الذي وقع ينصب على مدى جواز الاعتداد بالشهادتين اللتين قدمهما الطاعن لإثبات تمتعه بالإعفاء من أداء الخدمة العسكرية طبقاً للقانون.
ومن حيث إن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن للأوراق الرسمية التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن حجية على الكافة لا تسقط عنها إلا عن طريق الطعن بالتزوير، وأن الورقة الرسمية حجة كذلك بسلامتها المادية أي بعدم حصول تغيير في محتوياتها التي دونت فيها وقت إنشائها ولا يشترط في ذلك إلا أن يكون مظهرها الخارجي غير باعث على الارتياب في مصدرها وسلامتها، فإذا وجد في الورقة كشط أو محو أو تحشير أو غير ذلك من العيوب المادية، كان للمحكمة أن تقدر ما يترتب على ذلك من إسقاط قيمة الورقة في الإثبات أو إنقاصها. وإذا كانت صحة الورقة محل شك في نظر المحكمة جاز لها من تلقاء نفسها أن تدعو الموظف الذي صدرت عنه ليبدي ما يوضح حقيقة الأمر فيها.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت الشهادتان المقدمتان من الطاعن لإثبات تمتعه بالإعفاء من الخدمة العسكرية صدرتا عن وزارة الدفاع وكان المظهر الخارجي لهذين المحررين الرسميين لا يبعث على الارتياب في مصدرهما أو في سلامتهما إذ جاء مضمونهما واحداً وهو الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية لعدم اللياقة الطبية وقد شطب من الشهادة الأولى ما يدل على أنها تخص الإعفاء المؤقت، وجاء مبعث الاختلاف بين النموذجين في الشكل ناتجاً عن صدور الشهادة الأولى من منطقة تجنيد الزقازيق وصدور الشهادة الثانية من منطقة تجنيد المنصورة بعد إنشائها ولكن ليس في مضمون الشهادتين والبيانات المدونة بهما تناقض أو اختلاف كما لم يشب مظهرهما الخارجي عبث أو كشط أو محو أو تزوير فاضح يبعث على إهدار حجتهما بغير الالتجاء إلى طريق الطعن بالتزوير الذي لم يلجأ إليه المدعي أمام محكمة أول درجة لإهدار حجية هذين المحررين الرسميين فتبقى للبيانات المدونة فيهما حجية كاملة في إثبات إعفاء الطاعن من الخدمة العسكرية طبقاً للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر وقضى بوقف تنفيذ قبول أوراق ترشيح الطاعن في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المحدد لها 11/ 6/ 2007، فإن هذا القضاء يكون مستوجب الإلغاء في هذا الخصوص مع القضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده الثالث المصروفات عن درجتي التقاضي باعتباره قد خسر الطعن.
ومن حيث إن الطاعن طلب في صحيفة طعنه تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وكان لهذا الطلب ما يؤيده من دواعي الاستعجال.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الثالث المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان.