أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1200

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، ومحمد أسعد محمود.

(185)
الطعن رقم 319 لسنة 35 القضائية

( أ ) استيلاء. "الاستيلاء في حالة التعبئة العامة". تعويض. "تقدير التعويض". تعبئة عامة. حكم. "الطعن في الحكم".
الاستيلاء طبقاً للمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1953 بشأن التعبئة العامة. تقدير التعويض تختص به اللجان المشار إليها بالمادة 47 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 على أن تظل قرارات التقدير فيما يتعلق بمواعيد الطعن فيها وإجراءاته محتفظة بأحكام المادة 12 من قانون التعبئة. مفاد ذلك حصول الطعن في قرار التقدير بطريق المعارضة أمام المحكمة الابتدائية المختصة واتباع إجراءات خاصة للفصل في المعارضة واعتبار الحكم الذي يصدر فيها مما لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.
(ب) اختصاص. "اختصاص ولائي". قانون. "قواعد القانون الآمرة". قرارات إدارية. نظام عام. استيلاء.
أحكام القوانين 25 لسنة 1953 و388 لسنة 1956 و95 لسنة 1945. قواعد آمرة. الاختصاص فيها متعلق بالنظام العام ولا تجوز مخالفته. اختصاص المحاكم بنظر الطعون في القرارات الصادرة من لجان التقدير - وفقاً للمادة 47 من القانون رقم 95 لسنة 1945 - وهي قرارات إدارية. استثناء من الأصل الذي يقضي باختصاص مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات الإدارية. عدم اختصاص المحاكم بنظر الدعاوى المبتدأة بطلب تقدير التعويض.
1 - مفاد نصوص المواد 9/ 1 و11 و12 من المرسوم بقانون 25 لسنة 1953 بشأن التعبئة العامة والمادة الأولى من القرار بقانون 388 لسنة 1956 في شأن الأثمان والتعويضات المشار إليها بالمادة 11 من المرسوم بقانون السالف الذكر أنه ينبغي الرجوع إلى أحكام المرسوم بقانون التعبئة لتحقيق ما رآه الشارع تنفيذاً لإعلان التعبئة والاعتبارات المتعلقة بالمصالح العامة من إباحة الاستيلاء على أشياء كثيرة قد تستلزمها حالة الحرب القائمة وجواز أن يصدر وزير الحربية والبحرية القرارات في هذا الخصوص، ومن اشتراط تعويض أصحاب الشأن عن هذه الأشياء وبيان الطريق الذي يتم به تقدير التعويض وهو ما تختص به اللجان المشار إليها بالمادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، على أن تظل القرارات التي تصدر بتقدير التعويض فيما يتعلق بمواعيد الطعن فيها وإجراءاته محتفظة بأحكام المادة 12 من المرسوم بقانون التعبئة، مما مفاده حصول الطعن في قرار لجنة التقدير بالطريق المعارضة أمام المحكمة الابتدائية المختصة واتباع إجراءات خاصة للفصل في المعارضة، واعتبار الحكم الذي يصدر فيها مما لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.
2 - لما كانت القواعد التي رسمتها القوانين 25 لسنة 1953 و388 لسنة 1956 و95 لسنة 1945 قواعد آمرة والاختصاص الوارد فيها متعلق بالنظام العام ولا تجوز مخالفته، وكان تخويل الاختصاص للمحاكم بنظر الطعون في القرارات الصادرة من لجان التقدير وهي قرارات إدارية يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - استثناء من الأصل الذي يقضي باختصاص مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات الإدارية فإنه يجب ألا يتجاوز هذا الاستثناء الحدود المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1953 وجعل ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص مقصورة على النظر فيما يرفع إليها من طعون في القرارات التي تصدرها لجان التقدير المبينة في المادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 فلا تختص بنظر الدعاوى التي ترفع إليها بطلب تقدير هذا التعويض ابتداء وقبل أن تصدر اللجنة المختصة قرارها فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 1265 سنة 1957 الإسكندرية الابتدائية ضد وزير الدفاع ومحافظ الإسكندرية ومدير مصلحة المواني والمنائر - الطاعنين - وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بان يدفعوا له مبلغ 4067 ج و400 م. وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 16 و23 من يناير سنة 1957 استولت مصلحة المواني والمنائر على كمية من الحبال المملوكة له بمقتضى أمر استيلاء صادر من محافظة الإسكندرية بتاريخ 14 يناير سنة 1957، وإذ لم يدفع له ثمنها رغم تكرار المطالبة فقد أقام دعواه بطلباته المشار إليها. دفع الطاعنون بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة ولرفعها بغير الطريق القانوني إلى محكمة غير مختصة مستندين في ذلك إلى أن لجنة التعويضات أصدرت قراراً بتاريخ 13/ 6/ 1957 بتقدير ثمن الحبال المستولى عليها وبنسبة الربح فيها، وبذلك تكون مصلحة المطعون عليهم منتفية لوجود طريق آخر يوصلهم إلى حقوقهم، ومستندين كذلك إلى أن الطعن في قرارات تلك اللجان يكون بطريق المعارضة وفقاً للمادة 48 من المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 وبالتالي تكون الدعوى قد رفعت بغير الطريق القانوني إلى محكمة غير مختصة. وبتاريخ 9/ 1/ 1958 حكمت المحكمة بندب خبير لتقدير ثمن الحبال وقت الاستيلاء عليها. وبعد أن قدم الخبير تقريره وبتاريخ 23/ 1/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدفعين المقدمين من الطاعنين وبإلزامهم بأن يدفعوا للمطعون عليهم مبلغ 3141 جنيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 767 سنة 18 ق. وبتاريخ 9/ 3/ 1965 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وأصرت على رأيها بالجلسة.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني وبأحقية مالك الأشياء المستولى عليها في رفع دعوى مبتدأه أمام المحاكم العادية للمطالبة بما يدعيه من حقوق بحجة أن التشريعات الصادرة بإعلان التعبئة العامة وحالة الطوارئ لم تتضمن تنظيماً للمطالبة بثمن الأشياء التي يستولى عليها ولا كيفية المعارضة في تقديرات اللجان الإدارية التي يعهد إليها بالتقدير. وبأن أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 لا تسري إلا بشأن مواد التموين التي يصدر وزير التموين أمراً بالاستيلاء عليها، وهو من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أن من مقتضى إعلان التعبئة العامة ابتداء من 30 أكتوبر سنة 1956 بقرار رئيس الجمهورية رقم 327 سنة 1956 أن تسري أحكام المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1953 الذي نظمت المادتان 11 و12 منه كيفية تحديد الأثمان والتعويضات الخاصة بالأشياء التي يستولي عليها بواسطة لجان يصدر مرسوم بتشكيلها، كما نظمت الطعن في قرارات تلك اللجان بطريق المعارضة فيها أمام المحاكم الابتدائية المختصة. وقد صدر بتاريخ 8/ 11/ 1956 القانون رقم 88 لسنة 1956 ونص على أن تباشر اللجان المشار إليها في المادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الاختصاص المنصوص عليه في المادة 11 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1953، وبذلك يكون الشارع قد اختص لجان التعويضات المشكلة وفقاً للمادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 بالفصل في تقدير ثمن الأشياء المستولى عليها أثناء سريان قانون التعبئة، كما جعل طريق التظلم من تقديراتها هو المعارضة فيها أمام المحاكم الابتدائية المختصة. وإذ رفع المطعون عليهم دعوى التعويض المبتدأة أمام محكمة أول درجة ولم يسلكوا سبيل الطعن في قرار اللجنة الصادر بتاريخ 13/ 6/ 1957، وقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع المقدم من الطاعنين بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني إلى محكمة غير مختصة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث عن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وقد أعلنت التعبئة العامة بالجمهورية المصرية ابتداء من 30/ 10/ 1956 بقرار رئيس الجمهورية رقم 327 لسنة 1956 فإن مقتضى ذلك أن يسري المرسوم بقانون التعبئة رقم 25 لسنة 1953. وإذ تنص المادة 9/ 1 منه على "لوزير الحربية والبحرية أن يتخذ بقرار منه كل أو بعض التدابير الآتية اللازمة للمجهود الحربي وذلك في حالة التعبئة وهي (أولاً) الاستيلاء على المواد الأولية والوقود والمواد الغذائية وغير ذلك من المنتجات اللازمة"، وتنص المادة 10 على "لأصحاب المواد والأشياء المستولى عليها أو المستعملة الحق في تعويض يقدر على الوجه الآتي" وتنص المادة 11 على "تحدد الأثمان والتعويضات المشار إليها في المادة السابقة بواسطة لجان تقدير يصدر مرسوم بتشكيلها وبيان الإجراءات التي تتبع أمامها.."، وتنص المادة 12 على "تقدم المعارضة في قرارات لجان التقدير إلى المحكمة الابتدائية المختصة بناء على طلب ذوي الشأن ويجب على قلم كتاب هذه المحكمة أن يقدم العريضة خلال 24 ساعة من استلامها إلى رئيس الدائرة المختصة ويحدد الرئيس جلسة لنظر هذه المعارضة ويبلغ قلم الكتاب الخصوم بالموعد بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول يرسله قبل الجلسة بخمسة أيام على الأقل، وتحكم فيها المحكمة على وجه الاستعجال ولا يجوز الطعن في حكمها بأية طريقة من طرق الطعن"، وكان قد صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 388 لسنة 1956 في شأن الأثمان والتعويضات المشار إليها في المادة 11 من المرسوم بقانون التعبئة على أن يعمل به ابتداء من 30/ 10/ 1956 ونصت المادة الأولى منه على "تباشر اللجان المشار إليها في المادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الاختصاص المنصوص عليه في المادة 11 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1953"، وكان المشرع قد استهدف من منح الاختصاص لهذه اللجان - على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه - سرعة البت في الأثمان والتعويضات التي يستحقها ذوي الشأن نظراً لأنها لجان موجودة فعلاً بعكس اللجان المشار إليها في المرسوم بقانون التعبئة فإنه يلزم صدور قرار جمهوري لكل منها، فإن مؤدى هذه النصوص مرتبطة هو الرجوع إلى أحكام المرسوم بقانون التعبئة لتحقيق ما رآه الشارع تنفيذاً لإعلان التعبئة والاعتبارات المتعلقة بالصالح العام من إباحة الاستيلاء على أشياء كثيرة قد تستلزمها حالة الحرب القائمة، وجواز أن يصدر وزير الحربية والبحرية القرارات في هذا الخصوص، ومن اشتراط تعويض أصحاب الشأن عن هذه الأشياء وبيان الطريق الذي يتم به تقدير التعويض، أما بالنسبة للجهة التي يتم بواسطتها التقدير فإن النصوص المتقدمة تختص بها اللجان المشار إليها بالمادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 والتي يصدر وزير التموين قراراً بشأنها على أن تظل القرارات التي يصدر بتقدير التعويض فيما يتعلق بمواعيد الطعن فيها وإجراءاته محتفظة بأحكام المادة 12 من المرسوم بقانون التعبئة، وهو ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية لقرار رئيس الجمهورية رقم 388 لسنة 1956، مما مفاده - وعلى ما سلف البيان - حصول الطعن في قرار لجنة التقدير إذا لم يرتضيه صاحب الشأن بطريق المعارضة أمام المحكمة الابتدائية المختصة واتباع إجراءات خاصة للفصل في المعارضة واعتبار الحكم الذي يصدر فيها مما لا يجوز الطعن فيه بأية طريقة من طرق الطعن. لما كان ذلك، وكانت هذه القواعد التي رسمتها القوانين 25 لسنة 1953، 388 لسنة 1956، 95 لسنة 1945 المشار إليها قواعد آمرة والاختصاص الوارد فيها متعلق بالنظام العام ولا تجوز مخالفته، وكان تخويل الاختصاص للمحاكم بنظر الطعون في القرارات الصادرة من لجان التقدير وهي قرارات إدارية يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - استثناء من الأصل الذي يقضي باختصاص مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات الإدارية، فإنه يجب ألا يتجاوز هذا الاستثناء الحدود المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1953 وجعل ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص مقصورة على النظر فيما يرفع إليها من طعون في القرارات التي تصدرها لجان التقدير المبينة في المادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، فلا تختص بنظر الدعاوى التي ترفع إليها بطلب تقدير هذا التعويض ابتداء وقبل أن تصدر اللجنة المختصة قرارها فيه. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع وبقبول الدعوى المبتدأ أمام المحكمة الابتدائية بطلب التعويض عن كمية الحبال المستولى عليها بتاريخ 16 و23 يناير سنة 1957 وتم تقديرها بواسطة اللجنة المختصة في 13/ 6/ 1957 وألزم الطاعنين بالمبلغ الذي قدره الخبير ثمناً لها، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه، ولما سبق بيانه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني.