مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الثاني (الفترة من أول إبريل حتى نهاية سبتمبر سنة 2007 م) - صـ 379

(40)
جلسة 2 من يوليو سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضي وأحمد عبد الحميد حسن عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 2743 لسنة 50 القضائية عليا

آثار - مناطق أثرية - الأماكن المتاخمة للمواقع الأثرية - الترخيص بالبناء فيها - أحكامه.
المادة 22 من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983.
المشرع حرصاً منه على حماية الطابع المعماري المتميز للمناطق التاريخية الأثرية، منح هيئة الآثار المصرية اختصاصاً أصيلاً بموجبه تكون موافقتها لازمة قبل أن تصدر الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم تراخيص البناء في الأماكن المتاخمة للمواقع الأثرية داخل المناطق المأهولة. ويكون للهيئة وضع وتحديد الاشتراطات البنائية المناسبة - إذ لم تبد الهيئة رأيها في طلب الترخيص خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه إليها، اعتبر فوات هذه المدة قراراً ضمنياً من الهيئة برفض منح الترخيص - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 25/ 12/ 2003 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 8491 لسنة 51 ق بجلسة 16/ 11/ 2003 والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن إصدار ترخيص للمدعي بتعلية عقاره المذكور إلى ستة طوابق فوق الأرضي وإلزامها المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الخامسة) بجلسة 25/ 10/ 2004 والجلسات التالية لها وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/ 5/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/ موضوع) وحددت لنظره جلسة 17/ 6/ 2006. وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة وبجلسة 14/ 10/ 2006، وبالجلسة الأخيرة قررت إحالة الطعن (للدائرة الأولى/ موضوع) للاختصاص، حيث نظرته هذه الدائرة بجلسة 10/ 2/ 2007 وبجلسة 5/ 5/ 2007، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 9/ 6/ 2007، وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، حيث صدر هذا الحكم في الطعن الماثل وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة أحاط بها الحكم المطعون فيه على النحو الذي تحيل إليه هذه المحكمة منعاً من التكرار، وهي تخلص بالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم الماثل على الأسباب في أنه بتاريخ 3/ 2/ 1997 أقام المطعون ضده دعواه ابتداء أمام محكمة الجيزة الابتدائية وطلب في ختامها الحكم له بإلغاء القرار الصادر من حي وسط القاهرة برفض منحه ترخيصاً بتعلية العقار رقم 15 شارع سكة عبد الرحمن بك شياخة الدرب الأحمر مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه يمتلك وآخرون قطعة الأرض الفضاء 15 ش سكة عبد الرحمن بك شياخة الدرب الأحمر وذلك بموجب العقد المسجل رقم 2421 لسنة 1993 شهر عقاري القاهرة، وقد تقدم للحصول على ترخيص لبناء قطعة الأرض المنوه عنها وقدم جميع المستندات المطلوبة وقام بسداد الرسوم المستحقة وتضمن طلبه الترخيص له ببناء عقار بارتفاع ستة طوابق فوق الأرضي حيث إن عرض الشارع الذي تقع عليه قطعة الأرض خمسة عشر متراً ويحق له البناء بارتفاع مرة وربع عرض الشارع أي بارتفاع 18.75 متر، إلا أن المدعي فوجئ بالترخيص له ببناء عقار بارتفاع ثلاثة طوابق فوق الأرضي بارتفاع 12 متراً فقط. وخلص المدعي إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة شمال الجيزة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/ 5/ 1997 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات. ونفاذاً لذلك أحيلت الدعوى على محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بسجلاتها برقم 8491/ 51 ق وجرى تداولها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 16/ 11/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها الطعين، وبينت المحكمة أن حقيقة ما يطلبه المدعي هو الحكم بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن إصدار ترخيص بتعلية العقار محل التداعي إلى ستة طوابق فوق الدور الأرضي وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأضافت المحكمة أن الثابت مما ذكره المدعي أنه تقدم بتاريخ 1/ 12/ 1994 بطلب للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بحي وسط القاهرة لتعلية العقار المشار إليه إلى ستة طوابق فوق الأرضي حيث إن عرض الشارع الذي يقع به ذلك العقار 15 متر، ولم ترد الجهة الإدارية على ذلك بثمة دفع أو دفاع، كما لم تقدم المستندات اللازمة للفصل في الدعوى رغم طلبها إبان تحضير الدعوى الأمر الذي يعد نكولاً من جانبها بالرد على طلبات المدعي ويقيم قرينة لصالحه مؤداها التسليم له بطلباته، ولما كان امتناع الجهة الإدارية عن إجابة المدعي لطلباته ليس له ما يبرره واقعاً وقانوناً، فمن ثم يتعين والحالة هذه القضاء بإلغاء القرار المذكور.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة لم ترتض الحكم المطعون فيه فأقامت طعنها الماثل على سند من خطأ الحكم في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن عقار التداعي يقع في القاهرة الفاطمية وهي من المناطق الأثرية التي يلزم موافقة هيئة الآثار بالنسبة لقيود الارتفاع باعتبار أن تلك المنطقة من المناطق التي تبذل الدولة جهدها لإعادة هيكلها المعماري أو الطبيعة الأثرية ومن ناحية أخرى فإن الحكم الطعين أخطأ عندما اعتبر نكول الجهة الإدارية عن تقديم المستندات قرينة على صحة ما زعمه المطعون ضده، ذلك أن حقيقة الأمر أن جهة الإدارة رفضت الترخيص للمذكور ببناء أرضي وستة أدوار، وصرحت له ببناء أرضي وثلاثة أدوار، وفي هذا رفض صريح لطلبه ولا يمكن القول والحال كذلك أن جهة الإدارة سكتت عن طلبه بالتعلية. وخلصت الجهة الإدارية الطاعنة إلى طلب الحكم لها بالطلبات سالفة البيان.
من حيث إن البين من المستندات والأوراق أن المطعون ضده تقدم بطلب في 1/ 12/ 1994 للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم (حي وسط القاهرة) للحصول على ترخيص لبناء عقار مكون من ستة طوابق فوق الأرضي بارتفاع مقداره 18.75 متراً على أساس أن عرض الشارع الذي تقع عليه قطعة الأرض خمسة عشر متراً، مما يحق له البناء عليه بارتفاع مرة وربع عرض الشارع، وقد أرفق المطعون ضده المستندات والرسومات المتطلبة قانوناً. وفي 10/ 6/ 1996 وافقت الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم على صرف ترخيص البناء رقم 3/ 1994 متضمناً الموافقة على إقامة عقار مكون من أرضي وثلاثة طوابق بارتفاع 12 متراً فقط على سند من أن عقار التداعي يقع في حدود منطقة القاهرة الفاطمية التي تعد من المناطق التاريخية الأثرية التي يلزم موافقة هيئة الآثار بالنسبة للبناء فيها وللارتفاع المسموح به، وإذ لم يرتض المطعون ضده ما تقدم فأقام دعواه أمام محكمة الدرجة الأولى بغية تشييد العقار بارتفاع ستة طوابق فوق الأرضي.
ومن حيث إن المادة (22) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 تنص على أن "للجهة المختصة - بعد أخذ موافقة الهيئة (هيئة الآثار المصرية) - الترخيص بالبناء في الأماكن المتاخمة للمواقع الأثرية داخل المناطق المأهولة.
وعلى الجهة المختصة أن تضمن الترخيص الشروط التي ترى الهيئة أنها تكفل إقامة المبنى على وجه ملائم لا يطغى على الأثر أو يفسد مظهره ويضمن له حرماً مناسباً مع مراعاة المحيط الأثري والتاريخي المواصفات التي تضمن حمايته. وعلى الهيئة أن تبدي رأيها في طلب الترخيص خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه إليها وإلا اعتبر فوات هذه المدة قراراً بالرفض".
ومفاد ما تقدم أن المشرع حرصاً منه على حماية الطابع المعماري المتميز للمناطق التاريخية الأثرية، منح هيئة الآثار المصرية اختصاصاً أصيلاً بموجبه تكون موافقتها لازمة قبل أن تصدر الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم تراخيص البناء في الأماكن المتاخمة للمواقع الأثرية داخل المناطق المأهولة. ويكون للهيئة وضع وتحديد الاشتراطات البنائية المناسبة. وإذ لم تبد الهيئة رأيها في طلب الترخيص خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه إليها، اعتبر فوات هذه المدة قراراً ضمنياً من الهيئة برفض منح الترخيص.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة والمطعون ضده لم يقدم أيهما سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة الطعن الماثلة ما يفيد موافقة هيئة الآثار المصرية على إقامة وتشييد عقار على قطعة الأرض محل التداعي الكائنة في منطقة القاهرة الفاطمية بارتفاع ستة طوابق فوق الأرضي، فمن ثم يكون مسلك الجهة الإدارية بصرف ترخيص البناء رقم 3/ 1994 متضمناً تشييد بناء مكون من أرضي وثلاثة طوابق فقط ومما مؤداه رفض الاستجابة لطلبه بتشييد ستة طوابق فوق الأرضي مطابقاً لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بوجهة نظر مغايرة لما خلص إليه الحكم الماثل، فمن ثم يكون الحكم الطعين قد صدر مشوباً بعيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، مما يجعله جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.