أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1206

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، وحسين زاكي.

(186)
الطعن رقم 320 لسنة 35 القضائية

( أ ) شيوع. "إدارة المال الشائع". وكالة. "وكالة ضمنية". "الوكالة العامة في الإدارة".
تولي أحد الشركاء إدارة المال الشائع دون اعتراض الباقين. وكالة ضمنية عنهم في إدارة المال الشائع، وكالة عامة بالإدارة. نفاذ الأعمال التي تصدر منه في حق باقي الشركاء سواء كانت أعمالاً مادية أو تصرفات قانونية تقتضيها الإدارة كبيع المحصول الناتج من الأرض وقبض الثمن.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". شيوع. بيع.
للشريك على الشيوع - في علاقته بالشريك الآخر الذي تصرف ببيع المحصول الناتج من زراعتهما المشتركة - أن يثبت في حدود هذه العلاقة صدور هذا التصرف بوصفه من أعمال الإدارة بجميع طرق الإثبات. اعتبار هذا التصرف بالنسبة له واقعة مادية.
1 - لما كانت المادة 828/ 3 من القانون المدني تقضي بأنه إذا تولى أحد الشركاء إدارة المال الشائع دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم، فإن مفاد هذا النص أن تعتبر هناك وكالة ضمنية قد صدرت إلى الشريك الذي تطوع لإدارة المال الشائع من باقي الشركاء. ويعد هذا الشريك أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن باقي الشركاء في إدارة المال الشائع إدارة معتادة فتنفذ الأعمال التي تصدر منه في حق الشركاء الباقين سواء ما كان منها عملاً مادياً أو تصرفاً قانونياً تقتضيه الإدارة مما يعتبر معه هذا الشريك في مفهوم المادة 701/ 2 من القانون المدني وكيلاً عن باقي الشركاء وكالة عامة بالإدارة وهي تشمل بيع الشريك للمحصول الناتج من الأرض الزراعية المشتركة وقبض الثمن بوصفه تصرفاً تقتضيه الإدارة.
2 - يجوز - تأسيساً على المادتين 828/ 3 و701/ 2 من القانون المدني - للشريك في علاقته بالشريك الآخر الذي تصرف ببيع المحصول الناتج من زراعتهما المشتركة أن يثبت في حدود هذه العلاقة صدور هذا التصرف منه بوصفه من أعمال الإدارة وذلك بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن على أساس أن هذا التصرف يعتبر بالنسبة له بمثابة واقعة مادية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن الثالث والمرحوم مصطفى عمر عبد المجيد الجنزوري - مورث الطاعنتين الأولى والثانية والمطعون ضدها الثانية - عن نفسه وبصفته فيما على والده عمر عبد المجيد الجنزوري أقاما الدعوى رقم 3327 سنة 1956 مدني كلي القاهرة وطلبا الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع لهما مبلغ 1422 ج و345 م. وقالا شرحاً للدعوى أنهما والمطعون ضده الأول ووالدهم عمر عبد المجيد الجنزوري يملكون أطياناً زراعية مساحتها 10 ف و19 ط و18 س بناحية جنزور مركز تلا محافظة المنوفية موزعة على جملة قطع يملك المطعون ضده الأول منها 2 ف و9 ط و5 س على الشيوع وكانا يزرعانها الحساب الشركاء جميعاً (روكية) مع والدهما، وكان شقيقهم المطعون ضده الأول لما تميز به من الثقافة والعلم يحضر من القاهرة سنوياً ويتولى بيع محصول القطن، وإذ احتفظ لنفسه في السنوات من 1948 إلى 1953 بثمن محصول القطن الذي كان يقبضه دون أن يسلمهم نصيبهم فيه وكان قد استولى في كل سنة من ناتج أطيان الروكية على اثني عشر أردباً من القمح وأربعة أرادب من الأذرة فقد أقاما الدعوى بطلباتهما المشار إليها. وبعد وفاة والد الطرفين استأنف المدعيان السير في الدعوى مع شقيقتهما الطاعنة الأخيرة وطلبوا الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع لهم مبلغ 1177 ج و345 م. وفي 19 يونيه سنة 1960 قضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن أرضهم وأرض والدهم وأرض المطعون ضده الأول كانت مختلطة (روكيه) وأنهم كانوا يزرعونها على هذا الوضع وأن المطعون ضده الأول كان يبيع القطن الناتج من هذه الزراعة المختلطة ويقبض الثمن المتحصل، وأنه حصل في سنتي 1951 و1952 على مبلغ 569 ج و420 م من ثمن أقطان باعها لحساب الروكية وأنه استولى لنفسه من محاصيل الروكية على حبوب في المدة من أول سنة 1951 حتى آخر سنة 1953 أي مدة ثلاث سنوات بمعدل اثني عشر أردباً من القمح وأربعة أرادب من الذرة سنوياً وأن مجموع قيمتها 174 جنيه كما استلم أيضاً أقطاناً ناتجة من زراعة الروكية من محصول سنتي 1949 و1950 قيمتها 1097 ج و724 م. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال شهود الطاعنين قصر الطاعنون طلباتهم على ثمن القطن وقدره 1003 ج و345 م. وفي 29 يناير سنة 1961 قضت المحكمة بإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع للطاعنين مبلغ 1003 ج و345 م. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1540 سنة 78 ق. وفي 13 مارس سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت على هذا الرأي.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه عرض في أسبابه إلى واقعة استيلاء المطعون ضده الأول على كمية من الغلال قيمتها 174 ج وناقش أقوال الشهود فيها وذلك بالرغم من تنازلهم عن هذا الطلب مما يعيبه.
وحيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد تنازلوا عن طلب ثمن الغلال وقصروا طلبهم على ثمن محصول القطن، فإن ما أورده الحكم من مناقشة أقوال الشهود بشأن طلب ثمن الغلال وما انتهى إليه برفضه يعد منه استطراداً زائداً عن حاجة الدعوى، وبالتالي فإن النعي بهذا السبب لا يصادف محلاً.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في باقي أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم وقد اعتبر واقعة المشاركة في الزراعة واقعة مادية يجوز إثباتها بالبينة وقرر في شأنها أنها قد ثبتت من أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة فإنه يكون بذلك قد أقر حالة الشيوع وقيام الروكية بين الشركاء، مما مؤداه اعتبار قيام أحد الشركاء المشتاعين بأي عمل من الأعمال التي تقتضيها الإدارة ومنها بيع المحاصيل دون اعتراض من باقي الشركاء نائباً عنهم نيابة قانونية ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون، وتستمد وجودها وفقاً للمادة 828/ 3 من القانون المدني من مجرد قيام الشريك بالعمل مادياً كان أو تصرفاً قانونياً. وإذ تولى المطعون ضده الأول بيع محصول القطن إلى الغير وحصل على الثمن ولم يكن الطاعنون طرفاً في هذا العقد فإنه يكون للطاعنين إثبات ذلك بكافة إثبات الطرق بما فيها البينة، غير أن الحكم المطعون فيه استلزم الدليل الكتابي ورتب على ذلك قضاءه، برفض دعوى الطاعنين في هذا الخصوص مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 828/ 3 من القانون المدني تقضي بأنه إذا تولى أحد الشركاء إدارة المال الشائع دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم، وكان مفاد هذا النص أن تعتبر هناك وكالة ضمنية قد صدرت إلى الشريك الذي تطوع لإدارة المال الشائع من باقي الشركاء، ويعد هذا الشريك أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن باقي الشركاء في إدارة المال الشائع إدارة معتادة فتنفذ الأعمال التي تصدر منه في حق الشركاء الباقين سواء ما كان منها عملاً مادياً أو تصرفاً قانونياً تقضيه الإدارة مما يعتبر معه هذا الشريك في مفهوم المادة 701/ 2 من القانون المدني وكيلاً عن باقي الشركاء وكالة عامة بالإدارة وهي تشمل بيع الشريك للمحصول الناتج من الأرض الزراعية المشتركة وقبض الثمن بوصفه تصرفاً تقتضيه الإدارة. وإذ يجوز تأسيساً على المادتين 828/ 3، 701/ 2 المشار إليهما للشريك في علاقته بالشريك الآخر الذي تصرف ببيع المحصول الناتج من زراعتهما المشتركة أن يثبت في هذه العلاقة صدور هذا التصرف منه بوصفه من أعمال الإدارة وذلك بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن على أساس أن هذا التصرف يعتبر بالنسبة له بمثابة واقعة مادية. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن طرفي الخصومة لا ينازعان في أن الأطيان يملكها الطاعنون والمطعون عليه الأول شيوعاً بينهم وأنهم يستغلونها مشاركةً (روكية) وكانت دعوى الطاعنين تتحصل في أن المطعون عليه الأول كان يقوم ببيع محصول القطن الناتج من زراعة الروكية وقبض ثمنه، وهو ما يعد منه تصرفاً تقتضيه الإدارة وفقاً لنص المادة 701/ 2 من القانون المدني على النحو السالف بيانه، فإن مقتضى ذلك هو أنه يجوز إثبات ما يدعيه الطاعنون بجميع الطرق القانونية بما فيها البينة والقرائن. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين استناداً إلى أنهم لم يقدموا دليلاً كتابياً على أن المطعون ضده الأول هو الذي باع محصول القطن وقبض ثمنه وإلى أنه لا يقبل منهم الإثبات بدليل آخر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. ولما كان قد ترتب على هذا الخطأ أن حجب الحكم نفسه عن بحث الدليل المستمد من البينة والقرائن في هذا الخصوص فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.