مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الثاني (الفترة من أول إبريل حتى نهاية سبتمبر سنة 2007 م) - صـ 384

(41)
جلسة 2 من يوليو سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفي وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضي ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 4378 لسنة 52 القضائية عليا

مجلس الشعب - الترشيح لعضوية المجلس - شرط إجادة القراءة والكتابة.
المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقوانين أرقام 109 لسنة 1976، و14 لسنة 1977، و114 لسنة 1983، و175 لسنة 2005.
المشرع اشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون مستوفياً لعدة شروط منها: أن يكون حاصلاً على شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو ما يعادلها على الأقل، ويكتفي بإجادة القراءة والكتابة بالنسبة إلى مواليد ما قبل أول يناير سنة 1970 - شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي تكون من حلقتين - الحلقة الابتدائية ومدتها خمس سنوات، والحلقة الإعدادية ومدتها ثلاث سنوات - وقد استثنى المشرع من الحصول على هذه الشهادة مواليد ما قبل عام 1970، فاكتفى في شأنهم بشرط إجادة القراءة والكتابة - مؤدى ذلك - أن من لم يحصل على الشهادة المذكورة، لا تنهض في شأنه القرينة التي رتبها المشرع على إجادة حامليها للقراءة والكتابة، وبالتالي يتعين أن تثبت إجادته للقراءة والكتابة من خلال الممارسة الفعلية لهما، وذلك بالاستكتاب والقراءة أمام اللجنة المختصة أو المحكمة التي تنظر الطعن على عدم توافر هذا الشرط في المرشح - أثر ذلك - شهادة امتحان الصف الخامس (نهاية الحلقة الابتدائية من التعليم الأساسي) لا ينطبق عليها وصف الشهادة المذكورة وبالتالي لا يعد الحصول عليها قرينة قاطعة على إجادة القراءة والكتابة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 17 من نوفمبر سنة 2005 أودع الأستاذ/ حسن عبد التواب المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن - قيد برقم 4378 لسنة 52 قضائية عليا، في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفاته.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، والقاضي برفض الاعتراض المقدم من الطاعن على إدراج اسم المطعون ضده الأول في كشف المرشحين لعضوية مجلس الشعب عام 2005 بالدائرة الحادية عشرة ومقرها قسم الدخيلة مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استبعاد اسم المطعون ضده الأول من كشف المرشحين على مقعد الفئات والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/ 11/ 2005 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/ 6/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 17/ 9/ 2006.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 28/ 4/ 2007 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 27/ 10/ 2005 أقام الطاعن الدعوى رقم 1216 لسنة 60 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر من المطعون ضده الثاني برفض الاعتراض المقدم منه على إدراج اسم المطعون ضده الأول ضمن كشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب عام 2005 عن الدائرة الحادية عشرة ومقرها قسم الدخيلة بالإسكندرية مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استبعاد اسم المذكور من تلك الكشوف وعدم قبول أوراق ترشيحه، مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بعريضة الدعوى.
وبجلسة 16/ 11/ 2005 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها على أن المدعي ينعى على المطعون ضده أنه لم يؤد الخدمة العسكرية ولم يعف من أدائها طبقاً للقانون، وأنه لا يجيد القراءة والكتابة، بينما البادي من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده قدم ضمن أوراق ترشيحه أصل شهادة صادرة من منطقة تجنيد الإسكندرية تفيد إعفاءه نهائياً من الخدمة العسكرية، كما قدم شهادة تفيد أنه اجتاز بنجاح امتحان الصف الخامس الابتدائي منازل في العام الدراسي 1992/ 1993 وحصل في مادة اللغة العربية على 70 درجة من مائة درجة مما يقطع بإجادته للقراءة والكتابة، ومن ثم يكون ما نعاه المدعي على القرار المطعون فيه من مخالفات لا يسانده واقع أو قانون، وهو ما ينتفي معه ركن الجدية المبرر لطلب وقف التنفيذ.
بيد أن الحكم المذكور لم يصادف قبولاً من المدعي فأقام طعنه الماثل ينعى فيه على الحكم مخالفته للقانون، وذلك على سند من القول بأن شهادة الإعفاء من الخدمة العسكرية المقدمة من المطعون على ترشيحه، حصل عليها نتيجة تلاعب في بيانات القيد لوالده، من خلال ثغرة ساقط القيد، وذلك رغم وجود قيد له من واقع شهادات الميلاد، وأنه قدم للمحكمة المستندات التي تثبت عدم سلامة هذه الشهادة، إلا أن المحكمة التفتت عن طلبه ولم تأبه له، كما أن المطعون ضده من مواليد ما قبل عام 1970 وبالتالي فإنه يشترط إجادته القراءة والكتابة ولا يكفي حصوله على شهادة إتمام الدراسة بالصف الخامس الابتدائي، وقد تمسك الطاعن أمام محكمة أول درجة بضرورة استكتاب المطعون على ترشيحه، إلا أن المحكمة لم تستجب له، وبناء عليه يكون المطعون ضده غير مستوف لشروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على نص المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب - المعدل بالقوانين أرقام 109 لسنة 1976، 14 لسنة 1977، 114 لسنة 1983، 175 لسنة 2005 - أن المشرع اشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون مستوفياً لعدة شروط منها: أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفي من أدائها طبقاً للقانون، وأن يكون حاصلاً على شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو ما يعادلها على الأقل، ويكتفي بإجادة القراءة والكتابة بالنسبة إلى مواليد ما قبل أول يناير سنة 1970.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن المطعون على ترشيحه - وهو/ عبد المنعم راغب ضيف الله حسين - تقدم بطلب في 15/ 10/ 2005 للترشيح لعضوية مجلس الشعب في الدورة البرلمانية 2005/ 2010 عن الدائرة الانتخابية رقم (11) ومقرها قسم الدخيلة محافظة الإسكندرية، وأرفق ضمن أوراق ترشيحه أصل شهادة صادرة من منطقة تجنيد الإسكندرية بتاريخ 22/ 9/ 2005، تفيد أنه معافى نهائياً من أداء الخدمة العسكرية والوطنية، كونه تجاوز سن الامتناع عن التجنيد وهو متمتع بالإعفاء المؤقت كونه العائل الوحيد لأمه المطلقة في 9/ 6/ 1968 وأصبح غير مطلوب نهائياً للتجنيد، ومن ثم ولما كانت الشهادة المذكورة من المحررات الرسمية التي تعد حجة على الكافة بما دون فيها ولا تقبل الجدل في صحتها إلا عن طريق الطعن بالتزوير بالطرق المقررة قانوناً، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادتان 10، 11 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، وقد خلت الأوراق مما يفيد لجوء الطاعن إلى طريق الطعن بالتزوير في هذه الشهادة وحصوله على حكم بتزويرها، وكان مؤدى هذه الشهادة أن المطعون عليه قد أعفي قانوناً من أداء الخدمة العسكرية والوطنية، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن من شكوك حول سلامة هذه الشهادة، يضحى على غير أساس من القانون ولا يعتد به.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بشرط إجادة المطعون على ترشيحه للقراءة والكتابة، فإن البين من أحكام المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب سالفة الذكر، أن المشرع قد اشترط فيمن يرشح لعضوية المجلس المذكور، أن يكون حاصلاً على شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي - وهي تتكون وفقاً لما نصت عليه المادة 4 من قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 233 لسنة 1988 من حلقتين - الحلقة الابتدائية ومدتها خمس سنوات، والحلقة الإعدادية ومدتها ثلاث سنوات - وقد استثنى المشرع من الحصول على هذه الشهادة مواليد ما قبل عام 1970، فاكتفى في شأنهم بشرط إجادة القراءة والكتابة، ومؤدى ذلك أن من لم يحصل على الشهادة المذكورة، لا تنهض في شأنه القرينة التي رتبها المشرع على إجادة حامليها للقراءة والكتابة، وبالتالي يتعين أن تثبت إجادته للقراءة والكتابة من خلال الممارسة الفعلية لهما، وذلك بالاستكتاب والقراءة أمام اللجنة المختصة أو المحكمة التي تنظر الطعن على عدم توافر هذا الشرط في المرشح.
ومن حيث إنه ترتيباً على ذلك، ولما كانت الشهادة الحاصل عليها المطعون على ترشيحه - وهي شهادة امتحان الصف الخامس/ نهاية الحلقة الابتدائية من التعليم الأساسي للعام الدراسي 92/ 1993 - لا ينطبق عليها وصف الشهادة المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972، وبالتالي لا يعد حصوله عليها قرينة قاطعة على إجادة القراءة والكتابة، وكان البادي من الأوراق أن الطاعن قد دفع أمام محكمة أول درجة بعدم توافر شرط إجادة القراءة والكتابة في حق الطاعن، ولم تلتفت المحكمة إلى هذا الدفع اعتماداً على حصول المطعون ضده على الشهادة الدراسية المنوه عنها، رغم أنها غير منتجة في النزاع على ما سبق بيانه، كما أن المحكمة طلبت من المطعون ضده إبان نظر الطعن بمرحلة الفحص الحضور للاستكتاب حتى تستيقن من استيفائه للشرط المطلوب، وأجلت نظر الطعن لهذا السبب أكثر من مرة، ولكن دون جدوى لم يحضر المذكور بشخصه ولم يمتثل لطلب المحكمة، الأمر الذي يقيم قرينة - بحسب الظاهر من الأوراق - على صحة الدفع المبدى من الطاعن في هذا الصدد، سيما وأن المطعون ضده لم يقدم أية أسباب أو مبررات لعدم امتثاله لقرار المحكمة بالاستكتاب.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، فإن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يضحى متوافراً، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال بحسبان أن استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه من شأنه تمكين المطعون على ترشيحه من الانخراط في عضوية البرلمان وهو فاقد لشرط جوهري، هو شرط القراءة والكتابة الذي بدونه لا يتأتى لعضو البرلمان أداء الدور المنوط به في مجال التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وكذا الاضطلاع بالمسئوليات الدستورية، الأمر الذي يستوجب القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ولا ينال من ذلك ما أثاره المطعون على ترشيحه، من أنه سبق أن طعن على ترشيحه لهذا السبب (عدم إجادة القراءة والكتابة) في الدورة البرلمانية المنقضية بالدعوى رقم 9852 لسنة 47 ق أمام ذات المحكمة وقضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، كما قضي في الطعن رقم 1999 لسنة 52 قضائية عليا المقام على الحكم المذكور بإثبات ترك الطاعن للخصومة، وبذلك يكون مركزه القانوني قد استقر بموجب تلك الأحكام القضائية الحائزة للحجية المطلقة ولا يجوز إعادة مناقشته مرة أخرى، فذلك مردود بأن حجية الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 9852 لسنة 54 ق المشار إليها، لا تقيد المحكمة الإدارية العليا في تناول الطعن الماثل لتنزل على المنازعة صحيح حكم القانون، سيما وأنها لم تتصد لبحث موضوع الطعن السابق رقم 1999 لسنة 47 ق عليا، وإنما قضت فحسب بإثبات ترك الطاعن للخصومة، وحتى لا يكون قضاء محكمة القضاء الإداري - وهي محكمة أدنى - ملزماًً للمحكمة الإدارية العليا وهي المحكمة الأعلى.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد تنكب الصواب وخالف صحيح حكم القانون، مما يتعين الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع مما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.