أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1236

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(191)
الطعن رقم 385 لسنة 35 القضائية

( أ ) حكم "تسبيب كافٍ". وكالة. "الوكالة بالخصومة".
تحصيل الحكم لاستئنافي بأسباب سائغة قيام الوكالة بالخصومة عن المستأنف أمام محكمة أول درجة. اعتبار الحكم المستأنف حضورياً في حقه.
(ب) نقض. "أسباب الطعن".
النعي الموجه إلى الحكم الابتدائي الذي لا يجوز الطعن فيه بالنقض. غير مقبول.
1 - إذ كان الحكم الاستئنافي قد حصل من مجرى الدعوى وإجراءاتها والأوراق المقدمة فيها تحصيلاً واقعياً سائغاً قيام الوكالة بالخصومة عن الطاعن (المستأنف) أمام محكمة أول درجة وبين العناصر التي استخلص منها هذا التحصيل، فإنه إذ اعتبر الحكم الابتدائي حضورياً في حق الطاعن لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 - إذا كان النعي موجهاً إلى الحكم الابتدائي - الذي لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض - فإنه يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المهندس مصطفى كمال محروس أقام الدعوى رقم 4274 سنة 1960 مدني كلي القاهرة ضد الشريف/ محمد محسن آل عون طالباً الحكم بإلزامه بأن بدفع له مبلغ 10580 ج منه 7070 ج قيمة المصروفات التي أنفقها في إصلاح أرضه بموجب المؤرخ 18/ 1/ 1956 و3000 ج قيمة المنشآت التي أقامها بالأرض المذكورة و500 ج ثمن أشجار خشبية، كما أقام المدعى عليه بدوره دعوى فرعية ضد المدعي طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 15000 ج وبتاريخ 27 فبراير سنة 1960 قضت محكمة أول درجة قبل الفصل في الموضوع بندب خبير لمعاينة الأرض موضوع عقد الاتفاق وما أجراه فيها المدعي من إصلاحات وما أقامه عليها من مبانٍ ومنشآت وقيمتها. وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 25/ 1/ 1963 فحكمت حضورياً (أولاً) في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليه فيها (المطعون ضده) بأن يدفع للطاعن مبلغ جنيه واحد (ثانياً) وفي الدعوى الفرعية بإلزام المدعى عليه فيها (الطاعن) بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 2150 ج. واستأنف المهندس مصطفى كمال هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 848 سنة 81 قضائية، وذكر في صحيفة الاستئناف أنه تخلف عن الحضور في جميع الجلسات أمام محكمة أول درجة ولم يمثل في الدعوى تمثيلاً صحيحاً، وبالتالي يبدأ ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها من تاريخ إعلانه دون التقيد بتاريخ صدوره عملاً بالمادة 379 مرافعات. ودفع المستأنف عليه (المطعون ضده) بسقوط حق المستأنف في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد. وفي 18/ 3/ 1965 قررت محكمة الاستئناف حجز الدعوى للحكم لجلسة 8/ 4/ 1965 وصرحت للطرفين بتقديم مذكرات إلى ما قبل الجلسة بأسبوع والمدة مناصفة. وأثناء حجز الدعوى للحكم قرر المستأنف بقلم كتاب محكمة الاستئناف بالطعن بالتزوير في بعض محاضر جلسات الدعوى في المرحلة الابتدائية وفي إقرار منسوب إلى المستأنف عليه، واستند في ذلك إلى أنه لم يوكل المحامي حسين محمود للحضور عنه أمام محكمة أول درجة وأن التوكيلين المثبتين في محاضر جلساتها على أنهما صادران منه للمحامي المذكور وأحدهما رقم 15621 سنة 1959 توثيق القاهرة وثانيهما رقم 555 سنة 1964 توثيق عام إسكندرية غير خاصين بالدعوى، وأن هذا المحامي كان قد توفى في 14/ 2/ 1963. وبتاريخ 8/ 4/ 1965 حكمت المحكمة (أولاً) بعدم قبول الطعن بالتزوير في محاضر جلسات المحكمة الابتدائية والإقرار المقدم من المستأنف عليه لانعدام المصلحة فيه (ثانياً) بسقوط الحق في الاستئناف لتقديمه بعد الميعاد. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن ولا المطعون عليه ولم يبد أيهما دفاعاً وصممت النيابة العامة على رأيها الموارد في مذكرتها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في صحيفة الاستئناف وفي دفاعه أمام محكمة الدرجة الثانية بأنه لم يحضر أمام محكمة أول درجة ولم يوكل محامياً للحضور عنه ولم يقدم مذكرة بدفاعه وتبعاً لذلك لا يكون الحكم حضورياً في حقه ولا يبدأ ميعاد استئنافه من تاريخ صدوره في 25/ 11/ 1963 وإنما يبدأ الميعاد المذكور من تاريخ إعلانه بالحكم عملاً بالفقرة الثانية من المادة 379 مرافعات التي صدر الحكم في ظلها، وإذ لم يعلن به فإن ميعاد الاستئناف يكون قد ظل مفتوحاً حتى تاريخ إقامته بتقديم عريضته لقلم المحضرين في 16/ 4/ 1964، ولكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع قولاً منه بأن الطاعن كان ممثلاً في الخصومة أمام محكمة أول درجة بحضور محامٍ موكل عنه، مستنداً في ذلك إلى قرائن حاصلها أن صحيفة الدعوى وقع عليها من الأستاذ حسين محمود المحامي ومرفوعة باسم الطاعن وأنه بجلسة أول مايو سنة 1961 حضر الأستاذ روفائيل قسيس عن الأستاذ حسين محمود المحامي عن الطاعن ودفع أمانة الخبير المنتدب في الدعوى كما أن الطاعن حضر شخصياً أمام الخبير واعتذر ببرقية عن حضور إحدى الجلسات، وهذه والقرائن فضلاً عن مخالفتها للقانون فهي مردودة بأن توقيع محامٍ على صحيفة الدعوى لا ينهض دليلاً على قيام الوكالة بل لا بد من وكالة خاصة للمرافعة أمام القضاء عملاً بالمادة 702 من القانون المدني والمادتين 81 و82 مرافعات، وطالما أن المحامي حسين محمود الذي حضر عنه ببعض الجلسات أمام محكمة أول درجة لم يثبت وكالته عنه ولم يودع سندها بالملف فإن هذه الوكالة تكون منتفية ويكون استنباط الحكم لها من توقيع المحامي على صحيفة الدعوى مخالفاً للقانون، كما أن حضوره شخصياً أمام الخبير الذي ندبته المحكمة واعتذاره عن حضور إحدى جلسات المحكمة وقيام محامٍ بدفع أمانة الخبير باعتباره وكيلاً عنه، كل ذلك لا يغني عن وجوب ثبوت التوكيل لاعتباره حاضراً في الدعوى لأن تقرير حلول الوكالة الضمنية محل الوكالة الخاصة المقررة قانوناً في هذه الحالة مما يخرج عن سلطان القاضي، وأن استناد الحكم إلى تقديم الطاعن مذكرة بدفاعه أمام محكمة أول درجة أمر لا يستفاد منه حضوره أو قيام وكالة المحامي لأن هذه المذكرة غير موقع عليها منه وإنما هي موقعة من محامٍ لا يمثله فلا ينهض تقديمها دليلاً على قيام الوكالة، ويضيف الطاعن أنه تمسك أيضاً أمام محكمة الاستئناف بأنه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بالدعوى الفرعية ولم يكن ممثلاً فيها، وإذ التفت الحكم عن هذا الدفاع وقضى بسقوط حقه في الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "المستأنف بنى طعنه بالتزوير في محاضر الجلسات على أنه لم يوكل الأستاذ حسين محمود المحامي الذي كان يحضر عنه في الدعوى الابتدائية ويقول أن التوكيل رقم 15621 سنة 1954 توثيق عام القاهرة غير خاص بالدعوى وكذلك التوكيل رقم 55/ 61 توثيق عام الإسكندرية وهما التوكيلان الثابت أرقامهما بمحاضر جلسات محكمة أول درجة على أنهما صادران منه للمحامي المذكور، كما قرر أن الأستاذ المحامي المذكور توفى في 14 فبراير سنة 1963، والمستأنف يستهدف من ذلك القول بأنه لم يحضر إطلاقاً في الدعوى الابتدائية ولم يكن ممثلاً فيها فيجوز استئناف الحكم الصادر فيها في الميعاد الذي تقدم فيه بصحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين، ويصرف النظر عن أن الطعن بالتزوير قد حدث بعد الميعاد المحدد له ليقدم فيه دفاعه وبصرف النظر عن أن هذا الطعن قد قرر به قبل أن تعاد الدعوى للمرافعة فإن ما ذهب إليه المستأنف غير مجد، ذلك أن صحيفة الدعوى الابتدائية موقع عليها من الأستاذ حسين محمود المحامي ومرفوعة باسم المستأنف وحدد للدعوى جلسة 31/ 10/ 1960 وبتلك الجلسة حضر محامي عن الأستاذ حسين محمود بتوكيل عام رقم 10621/ 1959 عام القاهرة وليس رقم 15621/ 1959 القاهرة كما يقرر المستأنف في طعنه، ومع ذلك وبفرض أن رقم التوكيل غير صحيح في محاضر الجلسات، فإنه مما لا شك فيه أن الأستاذ المحامي المذكور كان وكيلاً عن المستأنف وأن المستأنف كلفه برفع الدعوى عنه وبالتوقيع على صحيفتها، وقد حضر الأستاذ المذكور مراراً عنه في الدعوى كما هو واضح من محاضر جلساتها، كما حضر المستأنف شخصياً أمام الخبير بجلسة الأربعاء 18/ 4/ 1962 وبجلسة 6/ 5/ 1962 وأرسل تلغرافاً يعتذر فيه عن عدم حضور جلسة 15/ 12/ 1962، ولا يعقل ألا يعرف أن الأستاذ حسين محمود المحامي يحضر عنه في هذه القضية مع حضوره هو شخصياً أمام الخبير بصدد هذه الدعوى بالذات، هذا فضلاً عن أنه بجلسة أول مايو سنة 1961 حضر بالجلسة في المحكمة الأستاذ روفائيل قسيس عن الأستاذ حسين محمود المحامي عن المدعي - المستأنف - وأودع مبلغ 15 ج و10 م قيمة الأمانة المقررة فأجلت الدعوى إلي جلسة 11/ 9/ 1961 لتقديم الخبير تقريره" وأنه "بالاطلاع على أوراق الدعوى تبين أن المستأنف هو الذي بدأ برفعها ضد المستأنف عليه يطالبه بمبلغ 10850 ج والمصروفات... إلخ فرد عليه المستأنف عليه بدعوى مقابلة يطالبه فيها بمبلغ 1500 ج... إلخ وقد صدر الحكم في الدعويين في 25/ 11/ 1963 بعد أن صدر الحكم في 27/ 2/ 1961 بندب خبير زراعي لإجراء المأمورية الموضحة فيه، وقد حضر المستأنف في الدعوى - على ما تقدم - وأبدى دفاعه أيضاً بمذكرة لجلسة 27/ 2/ 1961 وقيدت مذكرته برقم 7 ملف الدعوى الابتدائية وأشر عليها الخصم بالاطلاع بتاريخ 18/ 2/ 1961 وقد تنازل فيها الدفاع في دعواه الأصلية وفي الدعوى الفرعية، وبعد أن قدم الخبير تقريره حضر الطرفان بجلسة 3/ 6/ 1963 واستأجلا الدعوى للاطلاع على التقرير وأجلت لجلسة 7/ 10/ 1963 وفيها حجزت للحكم لجلسة 25/ 11/ 1963" وأنه "تبين مما تقدم جميعه أن الحكم صدر حضورياً بالنسبة للمستأنف الذي مثل في الدعوى وقدم فيها مذكرة بدفاعه، وأما ما ذهب إليه من عدم توكيله للأستاذ حسين محمود المحامي فيكذبه حضور المحامي عنه جلسات متعددة وتوقيعه على صحيفة الدعوى وحضور المستأنف شخصياً في الدعوى أمام الخبير، مما لا يمكن معه القول بأنه لم يكن يعلم بحضور الأستاذ المحامي المذكور في الدعوى فإذا كان رقم التوكيل لم يثبت في محاضر الجلسات صحيحاً فإن ذلك يعود إلى عدم الدقة من قبل محاميه أو من زحمة العمل فضلاً عن أن رقم التوكيل الثابت بأول جلسة هو 10621 سنة 1959 لا 15621 سنة 1959 توكيل عام القاهرة، ومع ذلك فإن صحة رقم التوكيل بالجلسة أو عدم صحته لا يقدم ولا يؤخر في هذه الدعوى للأدلة الوفيرة المتقدمة على قيام التوكيل فعلاً، ذلك الأمر الذي ثبت للمحكمة من الدلائل المتقدمة غير المحاضر المطعون فيها بالتزوير مما لا يجعل للطاعن أي مصلحة فيه" ومن ذلك يبين أن الحكم قد حصل من مجرى الدعوى وإجراءاتها والأوراق المقدمة فيها تحصيلاً واقعياً سائغاً قيام الوكالة بالخصومة عن الطاعن أمام محكمة أول درجة وبين العناصر التي استخلص منها هذا التحصيل، ومن ثم فإنه إذ اعتبر الحكم الابتدائي حضورياً في حق الطاعن لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا يجدي الطاعن قوله بأنه لم يعلن بالدعوى الفرعية ولم يمثل فيها، بعد أن ثبت من الحكم المطعون فيه أنه مثل في الدعوى المذكورة وأبدى دفاعه فيها كما هو الشأن في الدعوى الأصلية مما يكون معه الحكم حضورياً في حقه في الدعويين، ولا وجه للنعي على الحكم بأنه قضى بعدم قبول الادعاء بالتزوير للتقرير به بعد الميعاد ذلك أنه قضى بعدم قبوله لانعدام المصلحة فيه بعد أن استبان له حضور الطاعن أثناء نظر الدعوى بمحامٍ موكل عنه. لما كان ذلك فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان لقصوره في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم قيام مصلحة للطاعن في الطعن بالتزوير في محاضر الجلسات استناداً إلى أن الوكالة الصادرة من الطاعن للمحامي الذي حضر عنه ثابتة، في حين أن هذه الوكالة غير ثابتة، كما لم يعن الحكم بالرد على شواهد التزوير التي قدمها الطاعن.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بما جاء في الرد على السبب الأول من أن الحكم قد أثبت قيام الوكالة عن الطاعن في الخصومة بالأسباب السائغة التي أوردها وأنه بثبوت هذه الوكالة تنتفي مصلحته في الادعاء بالتزوير.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث بطلاناً في الإجراءات شاب الحكم الابتدائي، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المذكور أثبت حضور محامٍ عن الطاعن دون أن يكون لديه توكيل يبيح له الحضور عنه، خاصة وأنه بعد أن توفى المحامي المذكور - الأستاذ حسين محمود - في 14/ 2/ 1963 استمر إثبات حضور محامٍ أخر نيابة عنه بجلستي 1/ 4/ 1963، 3/ 6/ 1963 أمام محكمة الدرجة الأول.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه موجه إلى الحكم الابتدائي الذي لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض.