أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 23

جلسة 2 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي.

(6)
الطعن رقم 113 لسنة 29 القضائية

دعوى. "تقدير قيمة الدعوى". "الدعوى بتصقيع الحكر". حكر.
الدعوى بزيادة قيمة الحكر إلى قيمة معينة المشار إليها في المادة 34 مرافعات، المقصود بها، الدعوى بتصقيع الحكر التي تحدد فيها الزيادة المطلوبة بمبلغ معين. تقدير قيمتها باعتبار قيمة الزيادة المطلوبة في سنة مضروبة في عشرين وليس اعتبار مجموع الأجرة المطلوبة فحسب. يخرج عن ذلك بدل الحكر.
الدعوى بطلب الزيادة في أجرة الحكر أي بتصقيع الحكر تعتبر متفرعة عن أصل حق المحكر لأنه يطلب بها تعديلاً في حقه كمحكر ليزيد المقابل لهذا الحق وهو دائماً أجر المثل، فهي دعوى تتطلب بحث ماهية الاستحكار وأثر تغيير صقع الأرض المحكرة على قيمة الحكر المقدر وكذلك فعل المستحكر في تحسين الصقع وكل هذا في صميم عقد الحكر ومرتبط بأصله. ولقد راعى المشرع ذلك في تقنين المرافعات بما نص عليه في المادة 34 من أن يكون تقدير هذه الدعوى باعتبار قيمة الزيادة المطلوبة في سنة مضروبة في عشرين وليس باعتبار مجموع الأجرة المطلوبة فحسب والتعبير في هذه المادة بعبارة الزيادة في قيمة الحكر لا يمكن أن ينصرف إلى بدل الحكر لأن قيمة هذا البدل - وهو الذي يتنازل في مقابله المحكر عن حق الرقبة للمحتكر- هذه القيمة متى تم الاتفاق عليها لا ترد عليها بعد ذلك أية زيادة بحجة تصقيع الحكر لأنه بأيلولة حق الرقبة إلى المحتكر بمقتضى هذا التنازل تصبح الأرض مملوكة له ملكية تامة وينتهي حق الحكر باتحاد الذمة في شخصه - وعلى ذلك يكون حقيقة المقصود بدعوى زيادة قيمة الحكر إلى قيمة معينة المشار إليها في المادة 34 سالفة الذكر إنما هو الدعوى بتصقيع الحكر التي تحدد فيها الزيادة المطلوبة بمبلغ معين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ أول إبريل سنة 1952 أقام وزير الأوقاف بصفته ناظراً على وقف علي زين العابدين الخيري (الطاعن) الدعوى رقم 2222 سنة 1952 كلي مصر ضد المطعون عليهم وقال في بيانها إن للوقف المذكور قطعة أرض مساحتها 173 متراً مربعاً يقوم عليها المنزل رقم 7 بشارع محروس بمدينة القاهرة وأن هذه الأرض محكرة للمدعي عليهم (المطعون عليهم) بحكر سنوي قدره 6 جنيهات و500 مليم وأنه لما كانت قيمة الحكر قد قدرت بهذا المبلغ في سنة 1940 وكان الحكر يتغير بمرور الزمن تبعاً لصقع الأرض فقد قرر قومسيون وزارة الأوقاف زيادة هذه القيمة إلى 36 جنيهاً و330 مليماً ابتداء من سنة 1952 وأنه إذ لم يقبل المدعى عليهم المحتكرون هذه الزيادة كما أنهم متأخرون في سداد مبلغ 29 جنيهاً و593 مليماً من أجرة الحكر المستحقة عليهم لغاية سنة 1951 على أساس التقدير القديم فقد أقام الطاعن بصفته سالفة الذكر الدعوى ضدهم بطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 29 جنيهاً و593 مليماً قيمة الحكر المتأخر لغاية سنة 1951 وما يستجد ابتداء من سنة 1952 بواقع 36 جنيهاً و330 مليماً سنوياً على أساس التصقيع الجديد حتى السداد وبتاريخ 26/ 12/ 1955 حكمت المحكمة الابتدائية ومن تلقاء نفسها حضورياً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى تأسيساً على أن قيمتها حسب الطلبات المبينة بصحيفتها تقل عن مائتين وخمسين جنيهاً مما يجعلها داخلة في الاختصاص العادي للقاضي الجزئي طبقاً للمادة 45 من قانون المرافعات وداخلة أيضاً في الاختصاص الاستثنائي لهذا القاضي طبقا للمادة 46/ 1 من القانون المذكور. وقد رفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة قيد برقم 176 سنة 73 ق وأقام هذا الاستئناف على أن الحكم المستأنف صدر في مسألة من مسائل الاختصاص فيجوز استئنافه مهما تكن قيمة الدعوى طبقاً للمادة 401 من قانون المرافعات وأن هذا الحكم قد أخطأ في القانون بقضائه بعدم الاختصاص إذ أن الدعوى وقد تضمنت المطالبة بقيمة حكر وبزيادة هذه القيمة إلى قيمة معينة فإن هذه الدعوى تقدر وفقاً للمادة 34 من قانون المرافعات بالقيمة السنوية المطلوب تقديرها أو بقيمة الزيادة في سنة مضروباً كل منهما في عشرين وأنه لما كان الحكر السنوي حسب التقدير القديم 6 جنيهات و500 مليم والحكر حسب التصقيع الجديد 36 جنيهاً و330 مليماً فإنه إذا ضرب التقدير الجديد للحكر في عشرين أو ضرب قيمة الفرق بين التقدير القديم والتصقيع الجديد ومقدارها 29 جنيهاً و380 مليماً في عشرين فإن قيمة الدعوى في كلتا الحالتين تكون أكثر من مائتين وخمسين جنيهاً وبذلك تكون الدعوى من اختصاص المحكمة الابتدائية وبتاريخ 18/ 11/ 1956 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الطاعن بطريق النقض في الحكم الاستئنافي المذكور وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10/ 3/ 1962 وفيها صممت النيابة على الرأي الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والمتضمن نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره جلسة 19/ 12/ 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصلة أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه بعدم الاختصاص على أن النزاع في قيمة الزيادة في الحكر لا يعتبر نزاعاً في حق الحكر أو في قيمة الحكر ذاته بل إنه يعتبر نزاعاً في القيمة السنوية وما دامت الدعوى تتضمن المطالبة بمبلغ يقل عن مائتين وخمسين جنيهاً باعتباره قيمة الحكر فإنها تدخل في اختصاص محكمة المواد الجزئية وبقول الطاعن إن هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه يخالف صريح نص المادة 34 من قانون المرافعات التي تقضي بأنه إذا كانت الدعوى بطلب تقدير قيمة معينة للحكر أو بزيادتها إلى قيمة معينة قدرت بالقيمة السنوية المطلوب تقديرها أو بقيمة الزيادة في سنة مضروباً كل منهما في عشرين وإذ كانت قيمة الفرق بين التقدير القديم للحكر والتصقيع الجديد هي 29 جنيهاً و830 مليماً فإنه طبقاً لهذه المادة تقدر قيمة الدعوى بحاصل ضرب هذا المبلغ في عشرين وهو ما يزيد على مائتين وخمسين جنيهاً وبذلك تكون الدعوى من اختصاص المحكمة الابتدائية التي رفعت إليها - أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المقصود بقيمة الحكر وبقيمة الزيادة في الحكر المشار إليهما في المادة سالفة الذكر إنما هو بدل الحكر وليس أجرة الحكر فإنه تخريج خاطئ يجافي صراحة النص الذي يقطع بأن المقصود بالقيمة هو الأجرة السنوية للحكر أو الزيادة في هذه الأجرة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى في قوله "وحيث إن الحكم المستأنف أصاب فيما قضى به للأسباب التي بني عليها لأنها تستند إلى أساس قانوني سليم ولا محل للاستناد إلى المادة 34 مرافعات في صدد الدعوى الحالية لأن هذه المادة إنما تنطبق في حالة ما إذا كانت الدعوى خاصة بطلب تقدير قيمة الحكر أي حق الحكر وبدله عند المنازعة في أصله إذ أن هناك خلافاً بين قيمة الحكر في ذاته وبين قيمة أجره السنوي ونص المادة صريح في أن المقصود منها هو تقدير قيمة الحكر أي بدله لا قيمة أجره السنوي وإذن فلا تسري أحكامها إلا في حالة ما إذا كانت الدعوى خاصة بطلب تقدير قيمة الحكر ولا تتناول حالة ما إذا كانت الدعوى خاصة بالمطالبة بأجر الحكر إذ أن المطالبة بأجر الحكر لا تعدو أن تكون مطالبة بمبلغ كإيجار ولا يمكن الاعتراض بأن قيمة أجر الحكر الجديد ابتداء من سنة 1952 غير متفق عليها لأن هذا لا يعتبر نزاعاً في حق الحكر أو قيمة الحكر في ذاته بل إنه مع فرض قيام النزاع بشأنها يعتبر نزاعاً في القيمة السنوية وما دامت الدعوى الحالية هي مطالبة بمبلغ 29 جنيهاً و593 مليماً قيمة الحكر المتأخر لغاية سنة 1951 مع ما يستجد بواقع سنوي 36 جنيهاً و330 مليماً ابتداء من سنة 1952 حتى السداد فهي تقل عن مبلغ 250 جنيهاً وتدخل في اختصاص محكمة المواد الجزئية كما قررت بحق محكمة أول درجة" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن المادة 34 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كانت الدعوى بطلب تقدير قيمة معينة للحكر أو بزيادتها إلى قيمة معينة قدرت بالقيمة السنوية المطلوب تقديرها أو بقيمة الزيادة في سنة مضروباً كل منها في عشرين" ولما كانت الدعوى الحالية قد رفعت من وزارة الأوقاف بطلب المتأخر من الحكر القديم حتى سنة 1951 بالإضافة إلى طلب ما يستجد بعد هذه السنة على اعتبار أن أجرة الحكر هي 36 جنيهاً و330 مليماً سنوياً طبقاً لتقدير قومسيون وزارة الأوقاف الذي لم يقبله المدعى عليهم المحتكرون وهذا الطلب الثاني يتضمن ولا شك طلب زيادة أجرة الحكر من 6.500 ج وهو مقدار الربط القديم السابق الاتفاق عليه إلى 36.330 ج حسب التصقيع الجديد ابتداء من سنة 1952 لما كان ذلك، وكانت الدعوى بطلب الزيادة في أجرة الحكر أي بتصقيع الحكر تعتبر متفرعة عن أصل حق المحكر لأنه يطلب بها تعديلاً في حقه كمحكر ليزيد المقابل لهذا الحق وهو دائماً أجر المثل فهي دعوى تتطلب بحث ماهية الاستحكار وأثر تغيير صقع الأرض المحكرة على قيمة الحكر المقدر وكذلك فعل المستحكر في تحسين الصقع وكل هذا في صميم عقد الحكر ومرتبط بأصله - ولقد راعى المشرع ذلك في تقنين المرافعات فجعل تقدير هذه الدعوى باعتبار قيمة الزيادة المطلوبة في سنة مضروبة في عشرين وليس باعتبار مجموع الأجرة المطلوبة فحسب لما كان ما تقدم، وكان غير صحيح ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المادة 34 من قانون المرافعات لا تنطبق إلا في حالة ما إذا كانت الدعوى خاصة بطلب تقدير بدل الحكر ذلك أن هذه المادة قد نصت صراحة على حالة ما إذا كانت الدعوى بطلب زيادة قيمة الحكر إلى قيمة معينة وهذه الزيادة لا يمكن أن تنصرف إلى بدل الحكر لأن قيمة هذا البدل - وهو الذي يتنازل في مقابلة المحكر عن حق الرقبة للمحتكر - هذه القيمة متى تم الاتفاق عليها لا ترد عليها بعد ذلك أية زيادة بحجة تصقيع الحكر لأنه بأيلولة حق الرقبة إلى المحتكر بمقتضى هذا التنازل تصبح الأرض مملوكة له ملكية تامة وينتهي حق الحكر باتحاد الذمة في شخصه وعلى ذلك يكون حقيقة المقصود بدعوى زيادة قيمة الحكر إلى قيمة معينة المشار إليها في المادة 34 سالفة الذكر إنما هو الدعوى بتصقيع الحكر التي تحدد فيها الزيادة المطلوبة بمبلغ معين كما هو الحال في الدعوى الحالية لما كان ذلك، وكانت قيمة الزيادة المطلوبة في سنة في هذه الدعوى مقدارها 29.380 ج فإن الدعوى تقدر بحاصل ضرب هذا الرقم في عشرين وهو ما يزيد عن مائتين وخمسين جنيهاً ومن ثم فإن قيمة الدعوى تجاوز نصاب محكمة المواد الجزئية وبذلك تختص بنظرها المحكمة الابتدائية ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة الأخيرة قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها بالنسبة للاختصاص.
وحيث إنه لما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء باختصاص المحكمة بنظر الدعوى.