أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 29

جلسة 2 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وبطرس زغلول.

(7)
الطعن رقم 130 لسنة 29 القضائية

استئناف. "ميعاد الاستئناف". دعوى. "دعوى الضمان الفرعية". تجزئة. حكم. "الطعن في الأحكام". "مواعيد الطعن".
عدم التجزئة بين الدعوى الأصلية ودعوى الضمان الفرعية الذي يبرر اعتبار إعلان الحكم من المحكوم له في الدعوى الأولى إلى المحكوم عليه في الدعوى الأخرى مجرياً لميعاد الطعن فيما قضى به الحكم لطالب الضمان في الدعوى الفرعية هو عدم التجزئة المطلق الذي يكون من شأنه استحالة الفصل في كل من الدعويين إلا بحل واحد بعينه. إعلان الحكم لا ينفتح به ميعاد الطعن إلا بالنسبة لمن أعلنته ومن أعلن إليه من الخصوم في ذات الدعوى. استقلال الدعوى الأصلية عن دعوى الضمان الفرعية. إعلان الحكم من المحكوم له في الدعوى الأولى إلى المحكوم عليه في الدعوى الثانية الذي لم يقض له بشيء في الدعوى الأصلية. عدم جريان ميعاد الاستئناف بالنسبة إلى المحكوم عليه في دعوى الضمان الفرعية. لا ينفتح هذا الميعاد إلا من تاريخ إعلانه بالحكم من المحكوم له في دعوى الضمان الفرعية.
عدم التجزئة بين الدعوى الأصلية ودعوى الضمان الفرعية الذي يبرر اعتبار إعلان الحكم من المحكوم له في الدعوى الأولى إلى المحكوم عليه في الدعوى الأخرى مجرياً لميعاد الطعن فيما قضى به الحكم لطالب الضمان في الدعوى الفرعية هو عدم التجزئة المطلق الذي يكون من شأنه استحالة الفصل في كل من الدعويين إلا بحل واحد بعينه. وإذ كان الثابت أن الدعوى الأصلية قد رفعها المستأجر بطلب إلزام المؤجرة برد ما قبضته معجلاً من الأجرة وبالتعويض عما أنفقه من مصاريف في الزراعة على أساس أنها باعت الأطيان المؤجرة أثناء سريان مدة الإيجار وسلمتها إلى المشترية بما عليها من الزراعة المملوكة للمستأجر وأن دعوى الضمان الفرعية قد رفعتها المؤجرة ضد المشترية للأطيان منها ليحكم عليها بما عسى أن يحكم به ضدها على أساس أن هذه المشترية قد حلت محلها بموجب عقد البيع فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات، فإن الدعويين بهذه الصورة تختلفان خصوماً وموضوعاً وسبباً بما ينفي عنهما وصف عدم التجزئة ولا يوجد ما يمنع من الحكم في إحداهما على وجه يخالف الحكم في الأخرى، وإذ كان الأصل أن إعلان الحكم لا أثر له في انفتاح ميعاد الطعن إلا بالنسبة لمن أعلنه ومن أعلن إليه من الخصوم في ذات الدعوى، فإن لذلك ولاستقلال كل من الدعويين عن الأخرى لا يترتب على إعلان الحكم من المستأجر المحكوم له في الدعوى الأصلية إلى الطاعنة (المشترية) التي لم يقض لها بشيء في تلك الدعوى وإنما صدر الحكم عليها في دعوى الضمان الفرعية جريان ميعاد الاستئناف بالنسبة إلى الطاعنة بل يبقى هذا الميعاد محفوظاً لها ولا ينفتح إلا من تاريخ إعلانها بالحكم من المطعون عليها الصادر لصالحها الحكم في دعوى الضمان الفرعية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن يوسف عفيفي مكي أقام الدعوى رقم 406 سنة 1954 مدني كلي مصر ضد المطعون عليه ووكيلها طالباً إلزامهما متضامنين بأن يدفعا إليه مبلغ 2010 ج وذكر في بيان دعواه أنه بتاريخ أول نوفمبر سنة 1949 استأجر من المطعون عليها المذكورة أطياناً زراعية مساحتها 59 ف و18 ط و12 س لمدة سنة زراعية تنتهي في أكتوبر سنة 1950 وبأجرة إجمالية مقدارها 1700 ج دفع منها مبلغ 165ج وقت التعاقد وقد استلم الأطيان المؤجرة وباشر العمل فيها والإنفاق على الزراعة وبتاريخ 30 يونيه سنة 1950 باعت المطعون عليها جملة الأطيان إلى السيدة فاطمة إبراهيم غزالى (الطاعنة) وسلمتها إليها بما عليها من الزراعة. وقد وعدته المطعون عليها المذكورة أن ترد إليه ما عجله من الأجرة مع التعويض الذي يستحقه عما أنفقه في الزراعة إلا أنها لم توف إليه شيئاً فرفع دعواه لإلزامها ووكيلها بالمبلغ الذي يطالب به. وأنكرت المطعون عليها بادئ ذي بدء وجود عقد الإيجار الذي يستند إليه المدعي في دعواه ثم دفعت بعد ذلك بأن المدعي قد انتفع بالأعيان المؤجرة إليه في نهاية مدة الإجارة وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك وبجلسة 20/ 4/ 1956 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي أنه لم ينتفع بالأطيان المؤجرة ولتنفي المطعون عليها ذلك وبعد سماع الشهود طلبت المطعون عليها إدخال ضمان لها في الدعوى وأدخلت الطاعنة ووكيلها عبد العال توفيق الدروى ضامنين ليحكم عليهما بما عسى أن يحكم به ضدها على أساس أن الطاعنة المذكورة وهي المشترية منها قد حلت محلها في جميع ما لها من حقوق وما عليها من التزامات ودفعت الطاعنة دعوى الضمان الموجهة إليها بأن المطعون عليها هي التي كانت تباشر زراعة الأطيان بنفسها عند ما سلمتها إليها بموجب عقد البيع وقد أخبرتها وقتئذ أن المستأجر (رافع الدعوى الأصلية) قد ترك العين المؤجرة لعجزه عن الإنفاق على الزراعة وبجلسة 16 مايو سنة 1956 أصدرت المحكمة حكماً واحداً في الدعويين قضى أولاً في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 652 ج و9 م وهو قيمة ما عجله من الأجرة وما أنفقه من مصاريف على الزراعة وقضي ثانياً في الدعوى الفرعية بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها ما حكم به عليها في الدعوى الأصلية.
وأسست المحكمة قضاءها في الدعوى الأولى على ما حصلته من أقوال الشهود من أن المدعي لم ينتفع بالأطيان المؤجرة إليه وعلى أن دفاع المطعون عليها بأنه استمر في الزراعة إلى نهاية مدة الإجارة يتناقض مع ما أقرت به الطاعنة من أنها استلمت العين منذ تاريخ عقد البيع وأن المطعون عليها قد أقنعتها بأن المستأجر ترك الزراعة لعجزه عن الإنفاق عليها وأقامت المحكمة قضاءها في الدعوى الفرعية على أن اتفاق الطاعنة والمطعون عليها في الاستيلاء على زراعة المستأجر لا يؤثر على حق المستأجر صاحب تلك الزراعة وأنه يكفي لتحقق مسئولية الطاعنة علمها بأن الأطيان مؤجرة بعقد لما تنته مدته ولا يشفع لها ما تدعيه من أن المطعون عليها أخبرتها بأن المستأجر قد ترك الأطيان نهائياً قبل البيع لعد قيام الدليل على صحة هذا الادعاء. استأنفت الطاعنة الحكم الصادر ضدها في الدعوى الفرعية إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 494 سنة 75 ق. ودفعت المستأنف عليها (المطعون عليها) بعدم قبول هذا الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على أن يوسف عفيفي المحكوم له ضدها في الدعوى الأصلية قد أعلن الحكم الابتدائي برمته إلى جميع الخصوم في الدعويين ومنهم الطاعنة بتاريخ 14 يوليو سنة 1956 فلم ترفع الطاعنة استئنافها إلا بتاريخ 31 مارس سنة 1958 أي بعد انقضاء ميعاد الاستئناف وردت الطاعنة على الدفع بأنها رفعت الاستئناف في ميعاد الأربعين يوماً من تاريخ إعلانها بالحكم من المطعون عليها في 19 فبراير سنة 1958.
وبجلسة 17 فبراير سنة 1959 قضت المحكمة بسقوط حق المستأنفة في الاستئناف فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2 يناير سنة 1962 وفيها تمسكت النيابة بالرأي الذي ضمنته مذكرتها بطلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 19 ديسمبر سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، ذلك أنه بنى قضاءه بسقوط حق الطاعنة في الاستئناف على أن دعوى الضمان الفرعية مرتبطة بالدعوى الأصلية ارتباطاً لا يقبل التجزئة وأن الطاعنة وقد استأنفت الحكم الصادر ضدها لصالح المطعون عليها في الدعوى الفرعية بعد ميعاد أربعين يوماً من تاريخ إعلانها بالحكم من يوسف عفيفي المحكوم له في الدعوى الأصلية فإن هذا الاستئناف يكون مرفوعاً بعد الميعاد في حين أن الدعويين تختلفان من حيث الخصوم والموضوع كما تقوم كل منها على أساس قانوني مغاير للأساس الذي تقوم عليه الأخرى مما لا محل معه للقول بعدم التجزئة بين الدعويين ومن ثم لا يكون صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن ميعاد استئناف الطاعنة للحكم الصادر في الدعوى الفرعية يبدأ سريانه من تاريخ إعلانها بالحكم من المحكوم له في الدعوى الأصلية التي كان لم يحكم له بشيء ضدها، بل إن ميعاد هذا الاستئناف لا يبدأ إلا من وقت إعلانها بالحكم من المطعون عليها المحكوم لها ضدها في الدعوى الفرعية وقد رفعت الطاعنة استئنافها في حدود هذا الميعاد مما يجعله مقبولاً شكلاً.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بسقوط حق الطاعنة في استئنافها إلى ما أورده في أسبابه بقوله "وحيث إن المادة 379 مرافعات نصت على أن مواعيد الطعن تبدأ من تاريخ إعلان الحكم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ويجرى الميعاد في حق من أعلن الحكم ومن أعلن إليه. وقد أعلن يوسف مكي الحكم للخصوم جميعاً ومن بينهم المستأنفة (الطاعنة) بتاريخ 11، 24/ 7/ 1956 ومن هذا التاريخ يبدأ ميعاد الطعن في الحكم ولم تستأنف المستأنفة إلا بتاريخ 31/ 3/ 1958 بعد مضي الأربعين يوماً المحددة للاستئناف وليس بصحيح القول بأن ميعاد الاستئناف يبدأ بالنسبة للمستأنفة من تاريخ إعلان المستأنف عليها (المطعون عليها) الحكم لها بتاريخ 19 من فبراير سنة 1958 لأن ميعاد الطعن يبدأ بالنسبة للخصوم جميعاً من يوم إعلانهم بالحكم بتاريخ 11، 24/ 7/ 1956 ذلك أن دعوى الضمان هنا مرتبطة بالدعوى الأصلية ومتصلة بها اتصالاً لا يقبل التجزئة" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن عدم التجزئة بين الدعوى الأصلية ودعوى الضمان الفرعية الذي يبرر اعتبار إعلان الحكم من المحكوم له في الدعوى الأولى إلى المحكوم عليه في الدعوى الأخرى مجرياً لميعاد الطعن فيما قضى به الحكم لطالب الضمان في الدعوى الفرعية هو عدم التجزئة المطلق الذي يكون من شأنه استحالة الفصل في كل من الدعويين إلا بحل واحد بعينه ولما كان الثابت على ما تقدم في بيان الوقائع أن الدعوى الأصلية قد رفعها المستأجر بطلب إلزام المطعون عليها برد ما قبضته معجلاً من الأجرة وبالتعويض عما أنفقه من مصاريف في الزراعة على أساس أنها باعت الأطيان المؤجرة أثناء سريان مدة الإيجار وسلمتها إلى المشترية بما عليها من الزراعة المملوكة للمستأجر وأن دعوى الضمان الفرعية قد رفعتها المطعون عليها ضد الطاعنة ليحكم عليها بما عسى أن يحكم به ضدها هي على أساس أن الطاعنة المذكورة المشترية منها قد حلت محلها بموجب عقد البيع فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات والدعويان بهذه الصورة تختلفان خصوماً وموضوعاً وسبباً بما ينفي عنهما وصف عدم التجزئة فلا يوجد ما يمنع من الحكم في إحداهما على وجه يخالف الحكم في الأخرى. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر هو أن إعلان الحكم لا أثر له في انفتاح ميعاد الطاعن إلا بالنسبة لمن أعلنه ومن أعلن إليه من الخصوم في ذات الدعوى فإنه لذلك لا يترتب على إعلان الحكم من يوسف عفيفي المحكوم له في الدعوى الأصلية إلى الطاعنة التي لم يقض عليها بشيء في تلك الدعوى وإنما صدر الحكم عليها في دعوى الضمان الفرعية - ومع استقلال كل من الدعويين عن الأخرى - جريان ميعاد الاستئناف بالنسبة إلى الطاعنة بل يبقى هذا الميعاد محفوظاً لها ولا ينفتح إلا من تاريخ إعلانها بالحكم من المطعون عليها الصادر لصالحها الحكم في دعوى الضمان الفرعية، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.