أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 53

جلسة 9 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أميل جبران، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

(11)
الطعن رقم 56 لسنة 29 القضائية

( أ ) دعوى. "تقدير قيمة الدعوى". "تعدد الطلبات". "سبب الدعوى". نقض. "أسباب الطعن". "ما يعد سبباً جديداً".
السبب القانون في المادة 41 مرافعات. المقصود به. الأساس القانوني الذي تبنى عليه الدعوى سواء أكان عقداً أم إرادة منفردة أم فعلاً غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نصاً في القانون. يخرج عن ذلك الأدلة ووسائل الدفاع المقدمة في الدعوى النعي بخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون لمخالفته قواعد الاختصاص النوعي وإن كان يتعلق بالنظام العام إلا أنه لا يجوز التمسك به أمام محكمة النقض ولا أن تثيره المحكمة من تلقاء نفسها ما دام أنه يستند إلى عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
(ب) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "ضم الأوراق والاطلاع عليها" بطلان. تزوير. إجراءات.
الأوراق المطعون فيها بالتزوير هي من أوراق القضية. الأمر بضمها والاطلاع عليها ليس من إجراءات الدعوى التي يلزم إثباتها في محضر الجلسة. إغفال المحكمة إثبات ذلك. لا بطلان.
(جـ) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يعد كذلك". "تزوير. محكمة الموضوع. " تقديرها للدليل". إثبات. "إجراءات الإثبات". "إثبات صحة الأوراق".
إقامة الحكم قضاءه برفض الإدعاء بالتزوير على ما تبينه المحكمة من فحصها الأوراق المطعون عليها وما استدلت به من ظروف الدعوى وملابساتها ولما لها من سلطة في تقدير الدليل. رفضها ندب خبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق. لا قصور ولا إخلال بحق الدفاع.
1- مقصود الشارع بالسبب القانوني في معنى المادة 41 مرافعات هو الأساس القانوني الذي تبنى عليه الدعوى سواء أكان عقداً أم إرادة منفردة أم فعلاً غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نصاً في القانون، وبذلك لا ينصرف معنى السبب القانوني إلى الأدلة أو وسائل الدفاع المقدمة في الدعوى. فإذا كانت المطعون عليها قد طلبت بدعواها إلزام الطاعن بأن يدفع لها ثمن البضاعة التي اشتراها منها واستندت في ذلك إلى أذون متعددة بتسليم البضاعة وما يقابلها من فواتير بأثمانها، فإن هذه الفواتير وتلك الأذون لا تعدو أن تكون أدوات لإثبات الحق المدعى به وهي وإن حررت في تواريخ متتابعة وبمبالغ متفاوتة فإن ذلك لا يدل بذاته على تعدد العقود التي صدرت نفاذاً لها ويوجب تقدير قيمة كل منها على حدة ويحدد الاختصاص بنظرها للمحكمة الجزئية تبعاً لذلك، إذ ليس ثمة ما يمنع من أن تكون تلك الأوراق مستندة إلى تصرف قانوني واحد معقود بين الطاعن والمطعون عليها، وإذ كان تحقيق هذا الأمر الذي يترتب عليه تحديد الاختصاص يقوم على عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فإن سبب الطعن المبني على مخالفة الحكم المطعون فيه قواعد الاختصاص النوعي وإن كان متعلقاً بالنظام العام إلا أنه لا سبيل إلى التمسك به أمام محكمة النقض ولا لأن تثيره هذه المحكمة من تلقاء نفسها.
2- الأوراق المطعون فيها بالتزوير لا تعدو أن تكون من أوراق القضية فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من إجراءات الدعوى التي يلزم إثباتها في محضر الجلسة أو في أي محضر آخر، ومن ثم فإن النعي على الحكم بوقوع بطلان في الإجراءات أثر فيه لإغفال المحكمة إثبات ذلك يكون على غير أساس.
3- متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض ادعاء الطاعن بتزوير الأوراق المطعون فيها على ما تبينته المحكمة من فحص تلك الأوراق بنفسها وما استدلت به من ظروف الدعوى وملابساتها وفي حدود ما لها من سلطة في تقدير الدليل فإنها عملاً بالمادة 284 من قانون المرافعات لا تكون ملزمة بندب خبير في الدعوى أو إجراء تحقيق فيها ويكون النعي على الحكم بالقصور والإخلال بحق الدفاع لرفض المحكمة طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق وندب الخبير لإجراء المضاهاة على غير أساس [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 12 لسنة 1955 تجاري كلي القاهرة ضد الطاعن طالبة إلزامه بأن يدفع إليها مبلغ 348 ج و145 م ثمن بضاعة اشتراها من مصانعها ولم يف بثمنها واستندت المطعون عليها في دعواها إلى ست فواتير باسم الطاعن الأولى برقم 1248 بتاريخ 26/ 5/ 1954 وقيمتها 48 جنيهاً و770 مليماً والثانية برقم 1217 بتاريخ 31/ 5/ 1954 وقيمتها 25 جنيهاً و800 مليم والثالثة برقم 1337 بتاريخ 29/ 6/ 1954 وقيمتها 52 جنيهاً و800 مليم والرابعة برقم 1373 بتاريخ 2/ 7/ 1954 وقيمتها 111 جنيهاً و30 مليماً والخامسة برقم 1404 بتاريخ 22/ 7/ 1954 وقيمتها 33 جنيهاً و600 مليم والسادسة برقم 1424 بتاريخ 26/ 7/ 1954 وقيمتها 76 جنيهاً و725 مليماً وذكرت المطعون عليها أن البضاعة المبيعة قد سلمت إلى محل تجارة الطاعن بموجب أذون تسليم موقع عليها من المستلم ومختومة بختم المحل وهي الأذون رقم 6326، 6363 بتاريخ 26/ 5/ 1954 ورقم 6378 بتاريخ 31/ 5/ 1954 ورقم 6460 بتاريخ 29/ 6/ 1954 ورقم 6499 بتاريخ 12/ 7/ 1954 ورقم 6531 بتاريخ 22/ 7/ 1954 ورقم 6553 بتاريخ 26/ 7/ 1954 كما ذكرت أن أصول الفواتير قد سلمت إلى الطاعن ووقع بنفسه باستلامها في دفتر السركي الخاص بالعملاء تحت أرقام 568، 591، 181، 761 بتاريخ 4، 5 يونيه سنة 1954 و7 يوليو سنة 1954 و761 بتاريخ 5 أغسطس سنة 1954 على التوالي وأنكر الطاعن مديونيته للمطعون عليها بأي مبلغ كما أنكر وصول البضاعة المبينة بالفواتير وأذون التسليم إلى محل تجارته وقرر بالطعن بالتزوير في أحد هذه الأذون وهو إذن التسليم رقم 6531 وبنى طعنه على أن التوقيع المنسوب إليه فيه هو توقيع مزور وأن الختم المبصوم به باسم محل تجارته على ذلك الإذن غير صحيح وطلب ندب خبير لإجراء المضاهاة وبجلسة 9 إبريل سنة 1955 قضت المحكمة برفض الإدعاء بالتزوير وباعتبار الورقة المطعون فيها صحيحة، عاد الطاعن بعد ذلك إلى الطعن بالتزوير في جميع الفواتير وأذون التسليم وفي التوقيعات المنسوبة إليه في دفتر سركي العملاء وبجلسة 25 يونيو سنة 1955 قضت المحكمة برفض هذا الإدعاء أيضاً وباعتبار جميع الأوراق المطعون فيها صحيحة ولدى نظر الموضوع طلب الطاعن أصلياً رفض الدعوى كما طلب احتياطياً إحالتها إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها توريد البضاعة إلى محله التجاري وعلاقة الموقعين على أذون التسليم به ولتثبت أيضاً أن طريقة التعامل بين الطرفين كانت تجرى بمثل هذه الأوراق وبجلسة 14 يوليو سنة 1957 قضت المحكمة للمطعون عليها بطلباتها، استأنف الطاعن هذه الأحكام الثلاثة إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 45 سنة 75 ق وتمسك في استئنافه بما أبداه من دفاع أمام محكمة أول درجة وأضاف إليه أوجه دفاع أخرى في خصوص الإدعاء بتزوير الأوراق وبجلسة 15 ديسمبر سنة 1958 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الأحكام المستأنفة وأحالت في أسباب حكمها إلى أسباب تلك الأحكام وأضافت إليها أسباباً أخرى ردت بها على ما أبداه الطاعن في استئنافه من أوجه جديدة للدفاع. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12 ديسمبر سنة 1961 وفيها تمسكت النيابة بالرأي الذي انتهت إليه في مذكرتها بطلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره أمامها جلسة 28 نوفمبر سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أن المطعون عليها قد طلبت إلزام الطاعن بأن يدفع إليها مبلغ 348 جنيهاً و645 مليماً واستندت في ذلك إلى ستة سندات محررة في تواريخ مختلفة وبمبالغ متباينة مما يجعل الدعوى متضمنة عدة طلبات ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة ويوجب تقدير قيمة كل طلب منها على حدة لتعيين المحكمة المختصة بنظره طبقاً لقيمته عملاً بما تنص عليه المادة 41 من قانون المرافعات وإذ كان الثابت أن مقدار كل مبلغ من المبالغ المبينة بالسندات المشار إليها لا يتجاوز مائتين وخمسين جنيهاً بل إن فيها ما يدخل في النصاب النهائي لمحكمة المواد الجزئية فإنه لذلك كان يتعين على المحكمة الابتدائية التي رفعت إليها الدعوى والاختصاص النوعي من النظام العام أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص، ولما كانت تلك المحكمة قد فصلت في موضوع الدعوى وهي غير مختصة بالفصل فيه فإن قضاءها يكون مخالفاً للقانون في شأن قواعد الاختصاص كما أن الحكم المطعون فيه يكون قد وقع في نفس المخالفة بقضائه في الموضوع بتأييد الأحكام المستأنفة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المادة 41 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمتها جملة فإذا كانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير باعتبار قيمة كل منها على حدة" ومقصود الشارع بالسبب القانوني في هذا النص هو الأساس القانوني الذي تبنى عليه الدعوى سواء أكان عقداً أم إرادة منفردة أم فعلاً غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نصاً في القانون وبذلك لا ينصرف معنى السبب القانوني إلى الأدلة أو وسائل الدفاع المقدمة في الدعوى ولما كانت المطعون عليها قد طلبت بدعواها إلزام الطاعن بأن يدفع إليها ثمن البضاعة التي اشتراها منها ومقداره 348 جنيهاً و145 مليماً واستندت في ذلك إلى أذون متعددة بتسليم البضاعة وما يقابلها من فواتير بأثمانها فإن هذه الفواتير وتلك الأذون لا تعدو أن تكون أدوات لإثبات الحق المدعى به وهي وإن حررت في تواريخ متتابعة وبمبالغ متفاوتة فإن ذلك لا يدل بذاته على تعدد العقود التي صدرت نفاذاً لها ويوجب تقدير قيمة كل منها على حدة ويحدد الاختصاص بنظرها للمحكمة الجزئية تبعاً لذلك فليس ثمة ما يمنع من أن تكون تلك الأوراق مستندة إلى تصرف قانوني واحد معقود بين الطاعن والمطعون عليها وإذ كان تحقيق هذا الأمر يقوم على عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فإن النعي بذلك السبب وإن كان متعلقاً بالنظام العام إلا أنه لا سبيل إلى التمسك به أمام محكمة النقض ولا لأن تثيره هذه المحكمة من تلقاء نفسها.
وحيث إن الطعن ينعى بالسبب الثاني وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم المطعون فيه ويقول في بيان ذلك إنه لدى نظر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية قرر بالطعن بالتزوير مرتين في الأوراق التي استندت إليها المطعون عليها وقضت تلك المحكمة برفض إدعاءيه الواحد بعد الآخر ثم قضت من بعد ذلك في الموضوع بطلبات المطعون عليها وقد استأنف الطاعن تلك الأحكام جميعها إلى محكمة الاستئناف فقضت بتأييدها دون أن يثبت في محاضر الجلسات أن المحكمة قد أمرت بضم الأوراق المطعون فيها بالتزوير من خزينة المحكمة الابتدائية وأنها قد فضتها واطلعت عليها ويترتب على إغفال هذا الإجراء وهو من الإجراءات الجوهرية التي يتعين اتخاذها بطلان الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد بأسبابه في مقام الرد على أسباب الاستئناف الثلاثة الأول أنه "لا يوجد في أذونات التسليم السبعة المقدمة من الشركة المستأنف ضدها (المطعون عليها) ما هو موقع عليه ببصمة ختم منسوبة للمستأنف (الطاعن) بل إنها جميعاً موقع عليها ببصمة ختم محل المستأنف وبإمضاء للمستأنف نفسه أو للعامل الذي تسلم البضاعة المبينة في الإذن في غيبة المستأنف أما السركي فإن جميع التوقيعات الموجودة فيه للمستأنف فيما عدا توقيعاً واحداً وهو لأحد العمال الموقعين على بعض أذونات التسليم المطعون فيها وقد ذيل هذا التوقيع ببصمة ختم محل المستأنف وأنه لا يقدح في صحة الأوراق كون بعضها غير موقع عليه من المستأنف شخصياً طالما أن ما ليس عليه توقيع منه موقع عليه بختم محله وبتوقيع العامل الذي تسلم البضاعة في إذن التسليم وما دام أن العمل بين طرفي الخصومة قد جرى على إثبات تسليم البضاعة بهذه الوسيلة بدليل أن الشركة المستأنف ضدها قدمت بحافظتها 10 دوسيه ابتدائي إذني تسليم بضاعة لمحل المستأنف مؤرخين في 8/ 5/ 1954 ، 2/ 7/ 1954 لا يحملان توقيعاً له وإنما موقع عليهما بختم محله وهو نفس الختم الموقع به على أوراق المطعون فيها بالتزوير وعلى أحدهما توقيع بإمضاء فرج عبد العاطي وعلى الثاني توقيع باسم حسن موسى وهو نفس الشخص الموقع على بعض الأوراق المطعون فيها في الدعوى الحالية ومع ذلك قام المستأنف بسداد قيمة البضاعة الواردة في هذين الإذنين ولم ينكر صحتها" ويبين من ذلك أن محكمة الاستئناف قد استمدت الوقائع التي أثبتتها من بيانات الأوراق المطعون فيها بالتزوير من تلك الأوراق ذاتها مما يقطع بأنها أمرت بضمها وقامت بالاطلاع عليها وفحصها وقد ردت بما حصلته من واقع الاطلاع والفحص اللذين أجرتهما بنفسها على وسائل الدفاع الجديدة التي تمسك بها الطاعن في أسباب استئنافه لما كان ذلك، وكانت الأوراق المطعون فيها بالتزوير لا تعدو أن تكون من أوراق القضية فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من إجراءات الدعوى التي يلزم إثباتها في محضر الجلسة أو في أي محضر أخر فإنه لذلك يتعين رفض هذا السبب.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من وجهين الأول أن الطاعن قد بنى ادعاءه بتزوير إذن التسليم رقم 6531 على أنه لم يوقع عليه بالإمضاء المنسوبة له فيه وأن الختم باسم محله المبصوم به على ذلك الإذن مزور وغير صحيح فقضت محكمة أول درجة بحكمها الصادر بجلسة 9 إبريل سنة 1955 برفض هذا الإدعاء بمقولة إنه غير جدي لأن الطاعن لم يطعن بالتزوير على المستندات الأخرى المقدمة من المطعون عليها في حين أن تلك المستندات ليس عليها توقيعات منسوبة للطاعن ولم يكن يجديه الطعن فيها كما أن ادعاءه بتزوير ختم المحل المبصوم به على إذن التسليم الذي قصر طعنه عليه ينصرف أيضاً إلى بصمات الختم ذاته الموقع به على المستندات الأخرى التي لم يتناولها ذلك الإدعاء مما يجعل الحكم معيباً بفساد الاستدلال وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتأييد ذلك الحكم فإنه يكون معيباً بالعيب ذاته ولا يبرئه منه ما أضافه في أسبابه من الاستناد إلى الفواتير وأذون التسليم الأخرى التي لم يكن يتناولها ذلك الإدعاء الأول بالتزوير لأنها لا تحمل توقيعات للطاعن بل موقع عليها من بعض عماله فلا تعتبر حجة عليه ولا ما قاله ذلك الحكم من أن العرف قد جرى بين الطرفين على اعتماد الأوراق الموقع عليها من العمال لعدم قيام الدليل على صحة هذا القول.
وينعى الطاعن في الوجه الثاني أنه طلب إلى محكمة الموضوع ندب خبير لتحقيق توقيعه على الأوراق المطعون فيها بالتزوير كما طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن الختم باسم محله التجاري المبصوم به على تلك الأوراق غير صحيح فلم تستجب المحكمة إلى أي من الطلبين مما يعيب حكمها بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا الدفاع مردود في وجهه الأول بأن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بجلسة 9 إبريل سنة 1955 والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بني قضاءه برفض الإدعاء بتزوير إذن التسليم 6531 على ما أورده بقوله "إنه بان من مراجعة باقي أذونات التسليم المقدمة في الدعوى أنها كلها مبصومة بنفس الختم المطعون عليه وإن كان الطاعن قد اختص بطعنه هذا الإذن فقط دون باقي أذونات التسليم، كما وضح من مراجعة دفتر السركي المقدم من الشركة (المطعون عليها) أن مدعي التزوير (الطاعن) وقع عليه في 5/ 8/ 1954 تحت رقم 761 باستلام أصل الفاتورة رقم 1404 وهي المتضمنة البضاعة الواردة في الإذن المطعون عليه ولم يطعن على توقيعه الوارد في هذا الدفتر ولما تقدم يكون الطعن بالتزوير غير جدي ويتعين لذلك رفضه" وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك ما تقدم بيانه في الرد على السبب الأول من أن جميع الإمضاءات الموقع بها على دفتر السركي هي باسم الطاعن إلا إمضاءاً واحداً منها باسم أحد العمال ومن أن أسلوب التعامل قد جرى بين الطرفين على اعتماد الأوراق التي يوقعها عمال الطاعن وبختم عليها بختم محله التجاري بدليل وفاء الطاعن للقيمة الثابتة بإذن تسليم معينين محررين على ذلك الوجه وهما من غير أذون التسليم المقدمة في الدعوى - ويبين مما تقدم كله أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الإدعاء بتزوير إذن التسليم رقم 6531 بأسباب سائغة تؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها ولها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان سائر ما يثيره الطاعن بهذا الوجه لا يخرج عن كونه مجادلة في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة عليه فيه لمحكمة النقض فإنه يتعين لذلك رفض الوجه المذكور. والنعي مردود في وجهه الثاني بأن الحكم المطعون فيه وقد أقام قضاءه برفض ادعاءي الطاعن بتزوير الأوراق المطعون فيها على ما تبينته المحكمة من فحص تلك الأوراق بنفسها وما استدلت به ظروف الدعوى وملابساتها وفي حدود ما لها من سلطة في تقدير الدليل فإنها عملاً بالمادة 284 من قانون المرافعات لا تكون ملزمة بندب خبير في الدعوى أو إجراء تحقيق فيها ومن ثم فإن هذا الوجه يكون على غير أساس ويتعين رفضه أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] راجع نقض 24/ 5/ 1926 الطعن 355 س 26 ق السنة 13 ص 676، 28/ 1/ 1960 الطعن 405 س 25 ق السنة 11 ص 95.