أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 62

جلسة 9 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد توفيق إسماعيل. ولطفي علي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

(12)
الطعن رقم 58 لسنة 29 القضائية

( أ ) حيازة. "دعوى استرداد الحيازة". "قوامها". نيابة.
قيام دعوى استرداد الحيازة على رد الاعتداء غير المشروع. يكفي لقبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية حالة تجعل يده متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً قائماً في حالة وقوع الغضب. لا لزوم لتوافر نية التملك ولا وضع اليد مدة سنة سابقة على التعرض. جواز رفعها ممن ينوب عن غيره في الحيازة.
(ب) حيازة. "دعوى استرداد الحيازة". "فعل التعرض".
يكفي لقبول دعوى استرداد الحيازة سلب الحيازة قهراً. لا يشترط أن يصحب ذلك إيذاء أو تعد على شخص الحائز أو غيره.
(جـ) نقض "حالات الطعن". "الخطأ في القانون". حيازة. "دعاوى الحيازة".
قصر جواز الطعن بالنقض في أحكام المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في مسائل وضع اليد على حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله دون حالتي البطلان في الحكم أو في الإجراءات.
1 - دعوى استرداد الحيازة تقوم قانوناً على رد الاعتداء غير المشروع دون نظر إلى صفة واضع اليد، فلا يشترط توافر نية التملك عند واضع اليد ولا وضع يده مدة سنة سابقة على التعرض، ويصح رفعها ممن ينوب عن غيره في الحيازة، ويكفي لقبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية حالة تجعل يده متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً قائماً في حالة وقوع الغضب.
2 - لا يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن يكون سلب الحيازة مصحوباً بإيذاء أو تعد على الشخص الحائز أو غيره بل يكفي أن تكون قد سلبت قهراً.
3- قصر المشرع في المادة 425 من قانون المرافعات جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في مسائل وضع اليد على حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله دون حالتي البطلان في الحكم أو في الإجراءات، وقد أراد الشارع بهذا التخصيص ما يكون من مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله في خصوص وضع اليد بالذات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 933 سنة 1955 مدني جزئي الإسماعيلية ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني بطلب استرداد حيازة 2 ف و8 ط المبينة بصحيفة الدعوى تأسيساً على أنه كان قد اشترى هذه الأرض المنزرعة بأشجار الفاكهة من الطاعن وذلك بمقتضى ثلاثة عقود بيع مؤرخة في 21/ 6/ 1952 و22/ 6/ 1954 و21/ 10/ 1954 ووضع اليد عليها وأن الأخير سلبه حيازتها بالقوة. دفع الطاعن الدعوى بأن المطعون عليه الأول لم يضع اليد على العين المتنازع عليها فقضت المحكمة الجزئية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليه الأول (المطعون عليه الأول) أنه كان يضع اليد على العين موضوع النزاع وأن المدعى عليه الأول (الطاعن) سلب حيازته بالقوة وأن المدعي أقام الدعوى خلال سنة من فقد حيازته لها وصرحت للمدعى عليه الأول بالنفي وبعد أن سمعت المحكمة شهود طرفي الخصومة قضت بتاريخ 21 أكتوبر سنة 1957 بعدم قبول الدعوى - استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة بور سعيد الابتدائية وقيد الاستئناف برقم 43 سنة 1957 مدني مستأنف وبتاريخ 10 يناير سنة 1959 قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف ورد حيازة المستأنف (المطعون عليه الأول) إلى العين الموضحة الحدود والمساحة بصحيفة افتتاح الدعوى وبعقود البيع المقدمة منه ومساحتها 2 ف و8 ط وألزمت المستأنف عليه الأول (الطاعن) بتسليمها للمستأنف وبتاريخ 15 فبراير سنة 1959 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وأبدت النيابة رأيها برفض الطعن وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بتاريخ 10/ 2/ 1962 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل السببين الأول والثالث منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي ذلك يقول الطاعن إن قوام دعوى المطعون عليه الأول أنه اشترى منه (أي الطاعن) الأرض محل النزاع بمقتضى عقود بيع وأنه اعتدى على حيازة المطعون عليه مع أن هذه البيوع لا تخرج عن أن تكون إما بيوعاً وفائية وهي بذات الوصف باطلة بطلاناً مطلقاً ولا تصلح سنداً للحيازة أو بيوعاً تخفي رهناً وتكون الحيازة بناء عليها حيازة عارضة وليست بنية الملك وهي النية اللازم توافرها فيمن يرغب الاحتماء بدعاوى الحيازة ويقول الطاعن أن حقيقة الأمر في النزاع أنه يستأجر هذه الأرض المتنازع عليها من مصلحة الأملاك (المطعون عليها الثانية) وهي من أملاك الدولة الخاصة التي لا يجوز طبقاً للقانون تملكها بالتقادم وأنه بصفته مستأجراً لا يمكن أن يترتب على هذه العين حقوقاً عينيه للمطعون عليه الأول يمكن حمايتها وإذ كان القانون قد أجاز للمستأجر حماية حقه بدعاوى الحيازة فقد جاء ذلك على سبيل الاستثناء ولكن الحكم المطعون فيه اعتمد حيازة قائمة على حق شخصي وعلى سند باطل أو سند تعتبر الحيازة بمقتضاه عارضة واعتبر أن هذا سند أولي بالتفضيل من سند الطاعن ثم قضى للمطعون عليه الأول باسترداد الحيازة وفي كل ذلك مخالفة للقانون.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استظهر التحقيقات الإدارية التي كانت منضمة للدعوى وأقوال شهود الطرفين أمام محكمة أول درجة خلص إلى ما يلي (ومتى كان الأمر كذلك يكون المستأنف (المطعون عليه الأول) قد أثبت حيازته لأرض النزاع حيازة مادية هادئة ويكفي أن تكون الحيازة مادية حتى ولو لم تتوافر فيها نية التملك كحيازة المرتهن رهن حيازة حتى يحميها القانون من الغصب وأما عن تاريخ وضع اليد وبالرغم من أنه ثابت من أقوال الشهود المؤيدة بعقود البيع المقدمة أن وضع اليد يرجع إلى ما قبل سنة 1954 وفي تواريخ معاصرة لعقود البيع المقدمة إلا أنه نظراً لأن واضع اليد فقد حيازته بالقوة ويستردها من شخص يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل فإنه لا يشترط أن تكون قد استمرت سنة كاملة قبل الاعتداء الحاصل في 20/ 6/ 1955 وذلك وفقاً لنص المادة 659 من القانون المدني) ثم استطرد الحكم قائلاً (إن المحكمة وهي في حدود دعوى حيازة لا تستطيع التعرض لتلك العقود للفصل في ماهيتها وهل هي ناقلة للملكية أم لا بل يكفي أن تكون هذه العقود كافية كسند لوضع اليد ومن ثم فلا يهم لتقرير حق أي الطرفين في وضع يده على عين النزاع أن تكون هذه العين ملكاً للحكومة أو ملكاً للمستأنف عليه (الطاعن) مع ملاحظة أن المستأنف (المطعون عليه الأول) لم يدع ملكيته لها وأما تقديم المستأنف عليه (الطاعن) لعقد الإيجار الصادر له من مصلحة الأملاك فإن هذا العقد لا يمنع من التخلي عن الحيازة وهو ما حصل فعلاً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر أنه كان للمطعون عليه الأول حيازة مادية على العقار المتنازع عليه وقت فقد الحيازة وكانت دعوى استرداد الحيازة تقوم قانوناً على رد الاعتداء غير المشروع بدون نظر إلى صفة واضع اليد فلا يشترط توافر نية التملك عند واضع اليد ولا وضع يده مدة سنة سابقة على التعرض ويصح رفعها ممن ينوب عن غيره في الحيازة ويكفي لقبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية حالة تجعل يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً قائماً في حالة وقوع الغصب لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ولا يضيره بعد ذلك ما عسى أن يكون قد اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ أن هذه التقريرات وردت فيما استطرد فيه الحكم تزيداً ولم يكن لها أثر في سلامة النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وفي ذلك يقول الطاعن إن من شروط دعوى استرداد الحيازة أن تكون الحيازة قد فقدت بالقوة وأن ترفع الدعوى خلال سنة من التعدي ويجب أن يستظهر الحكم الصادر برد الحيازة هذين الشرطين ولكن الحكم المطعون فيه اقتصر على القول بأن تعرضاً حصل للمطعون عليه الأول ولمشتري ثمار الأرض منه بمنعها من دخولها أو استلام ثمارها وأن الحديد الفاصل لحدودها قد خلع وفي كل ذلك مخالفة للقانون هذا في حين أن العين محل النزاع من أملاك الدولة التي لا توضع بها حدايد فاصلة.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أثبت أن فقد المطعون عليه الأول لحيازة العقار المتنازع عليه قد حصل في 20/ 6/ 1955 وأقام الدعوى رقم 983 سنة 1955 مدني جزئي الإسماعيلية باسترداد حيازة العقار وقضي فيها من المحكمة الجزئية بتاريخ 21/ 11/ 1955 بإحالتها إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول وضع يده على أرض النزاع وأن الطاعن سلب حيازته بالقوة وأنه أي المطعون عليه الأول رفع الدعوى خلال سنة من فقده الحيازة ثم استظهر الحكم المطعون فيه أقوال شهود الطرفين أمام محكمة أول درجة وكذلك التحقيقات الإدارية المنضمة وخلص من كل ذلك إلى قوله "إن تعرضاً حصل للمستأنف (المطعون عليه الأول لمنعه من دخول أرضه ومنع مشتري الثمار من استلامها وأن الحديد الفاصل قد خلع ومن ثم يكون الوصف الصحيح لهذه الدعوى كما وصفها المستأنف (المطعون عليه الأول) أنها دعوى استرداد حيازة وأساس هذه الدعوى حماية الأمن العام باعتبار أن المستولي بالعنف يجب عليه قبل كل شيء رد ما استولى عليه ولو كان هو الجدير بالحيازة إذ لا يجوز للأفراد اقتضاء حقوقهم بأنفسهم ولا نزاع في أن رفع الحديد الفاصل ومنع الحائز من دخول أرضه بالقوة من قبيل سلب الحيازة بالقوة وهو أشد صور التعرض للحيازة وأكثرها خطراً على الأمن العام" ويبين من ذلك أن الحكم قد استظهر بجلاء أن الحيازة قد سلبت قهراً وأن المطعون عليه الأول قد رفع دعواه قبل مضي سنة على سلب حيازته - وإذ كان ذلك، وكان لا يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن يكون سلبها مصحوباً بإيذاء أو تعد على شخص الحائز أو غيره بل يكفي أن تكون الحيازة قد سلبت قهراً لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الرابع والخامس أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب وبطلان في الإجراءات أثر فيه وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون عليه الأول ادعى أن شقيق الطاعن كان يحوز الأرض المتنازع عليها نيابة عن المطعون عليه الأول ولكن الحكم المطعون فيه لم يحقق هذه الواقعة وأغفل الآثار القانونية لحيازة شقيق الطاعن وبذلك يكون معيباً بالقصور كما أغفل الحكم المطعون فيه الإشارة إلى تلاوة تقرير التلخيص وفي ذلك ما يبطله كما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه أن الاستئناف أقيم بصحيفة معلنة في 10، 14 من ديسمبر سنة 1957 من أن دعاوى الحيازة ليست من الدعاوى المنصوص عليها بالمادة 118 مرافعات والتي كان الاستئناف عنها يرفع بطريق التكليف بالحضور ولكن الحكم المطعون فيه رغم رفع الاستئناف بغير الطريق القانوني فإنه قضى بقبوله شكلاً.
وحيث إنه لما كان المشرع قد قصر في المادة 425 مكرر من قانون المرافعات جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في مسائل وضع اليد على حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله دون حالتي البطلان في الحكم أو في الإجراءات وقد أراد الشارع بهذا التخصيص ما يكون من مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله في خصوص وضع اليد بالذات لما كان ذلك، فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.