أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1284

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(200)
الطعن رقم 211 لسنة 35 القضائية

وكالة. "أثر تصرف الوكيل". حكم. "عيوب التدليل". عقد.
توقيع الوكيل على العقد لا ينصرف إلى الموكل طالما لم يعلن وقت التوقيع أنه يوقع نيابة عنه. استخلاص الحكم لهذه النيابة من مجرد توقيعه. استخلاص معيب.
إذ كان الثابت أن الطاعن الأول قد وقع على محضر الشرطة - المتضمن عقد بيع - دون أن يذكر شيئاً عن نيابته عن أولاده في هذا التصرف، فإن استخلاص الحكم لنيابة الطاعن الأول عن أولاده من توقيعه على المحضر سالف الذكر يكون معيباً لا تؤدي إليه عبارات ذلك المحضر. ولا يغير وجه الرأي كون الطاعن الأول وكيلاً عن أولاده، لأن ذلك لا يجعل توقيعه على المحضر منصرفاً إليهم ما دام أنه لم يعلن وقت التوقيع أنه يوقع نيابة عنهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الدكتور السيد محمد صقر والشيخ محمد حافظ صقر أقاما الدعوى رقم 840 سنة 1959 مدني كلي طنطا ضد السيد/ إبراهيم علي عبد العال وأبنائه يطلبان الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 1/ 2/ 1959 المتضمن تخارج المدعى عليهم للمدعي الأول عن حصة مورثتهم المرحومة أم السعد محمد صقر في تركة والدها ومقدارها فدانان وسبعة قراريط أطياناً زراعية مبينة الحدود بالعقد وبصحيفة الدعوى مقابل مبلغ 1450 ج. وقال المدعيان بياناً للدعوى إن شقيقتهما المرحومة أم السعد محمد صقر كانت قد تقاسمت معهما ما ورثته عن والدهم ولكن حدث إثر وفاتها أن أنكر زوجها المدعى عليه الأول وأولادها وهم باقي المدعي عليهم هذه القسمة، واشتد النزاع بين الطرفين مما حدا بمأمور مركز السنطة للتدخل بينهما لإصلاح ذات البين، فدعاهم إلى مكتبه في يوم 1/ 2/ 1959 وحضر المدعى عليه الأول هذا الاجتماع بصفته وكيلاً عن أبنائه وبعد أن تم التوفيق بين الفريقين أثبت المأمور في محضر الشرطة الذي حرره في اليوم ذاته أن الطرفين تصالحا على أن يبيع المدعى عليهم حصة مورثتهم في تركة والدها ومقدارها 2 ف و7 ط أطياناًً زراعية إلى المدعي الأول مقابل مبلغ 1450 ج شاملاً للثمن ولريع الأرض من سنة 1950 على أن يتنازل الطرفان عن جميع القضايا المرفوعة منهم، وإذ كان المدعى عليهم قد رفضوا التوقيع على عقد البيع النهائي بعد أن قبضوا مبلغ 800 جنيه من الثمن وكان المبلغ الباقي سيودع خزينة المحكمة على ذمتهم فقد اضطرا إلى إقامة الدعوى بطلباتهما سالفة الذكر، وقد أجاب المدعى عليهم على الدعوى بأن ما اتفق عليه لدى مأمور المركز، وأثبته في محضره لم يكن صلحاً أو بيعاً وإنما كان تمهيداً لإجراء عقد بيع ابتدائي حدد لتحريره - على ما ثبت في محضر الشرطة - يوم 6/ 2/ 1959 غير أن هذا العقد لم يحرر لعدول الطرفين عن إجرائه وأن المبلغ الذي قبضه المدعى عليه الأول ومقداره 800 ج بموجب إنذار العرض المؤرخ 8/ 3/ 1959 فقد قبضه على أساس أنه من الريع المستحق للمدعى عليهم وقد أثبت المحضر هذا التحفظ في محضره. وبتاريخ 30/ 12/ 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى. واستأنف المدعيان هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبين إلغاءه والحكم لهما بطلباتهما وقيد استئنافهما برقم 78 سنة 14 قضائية. وفي 26 يناير سنة 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ العقد المعنون بالتخارج المؤرخ 1/ 2/ 1959 والمتضمن بيع المستأنف عليهم إلى المستأنف الأول العقار المبين بالعقد وبصحيفة الدعوى مقابل مبلغ 1450 جنيهاً. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستخلاص ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بصحة ونفاذ العقد الذي تضمنه محضر الشرطة المؤرخ 1/ 2/ 1959 على ما استخلصه من أن الطاعن الأول قد وقع على ذلك المحضر عن نفسه وبالنيابة عن أولاده وهم باقي الطاعنين أنهم بذلك يكونون ملزمين بعقد البيع الذي تضمنه ذلك المحضر، واستخلاص الحكم لهذه النيابة هو استخلاص فاسد ومخالف للثابت في الأوراق لأن الطاعن الأول لم يذكر في ذلك المحضر إنه وكيل عن أولاده ولم يرد في عبارات المحضر المذكور ما ينبئ عن هذه النيابة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن كيف ما ثبت في محضر الشرطة المؤرخ 1/ 2/ 1959 بأنه عقد باع بمقتضاه - الطاعنون - إلى المطعون عليه الأول حصة والدتهم في تركة والدها مقابل مبلغ 1450 جنيه جرى في قضائه على أنه "فيما تختص بنيابة المستأنف عليه الأول عن باقي أولاده - عدا المستأنف عليه الثاني - في إبرام الاتفاق فإن شروط الاتفاق صريحة في الدلالة على توفر هذه النيابة وأنه إنما كان يتعاقد عن نفسه وبالوكالة عن أولاده عدا المستأنف عليه الثاني الذي كان حاضراً بنفسه ووقع بإمضائه على محضر الصلح بكل ما اشتمل عليه، فقد نص البند الأول من بنود المحضر بعد عبارة وقد ارتضى الطرفان ما يأتي، على بيان لورثة المرحومة أم السعد محمد صقر وأسمائهم وهم المستأنف عليهم، وتلا ذلك النص على تخارج الطرف الأول الموضحة أسماؤهم بصدر هذا البند، ثم نص في البند الثالث على تحرير عقد بيع من جانب الورثة الملاك ذاتهم وأن المستأنف عليه الأول يقرر هو وباقي الورثة بأن مبلغ الثلاثة والخمسين جنيهاً الذي أودعه المستأنف الأول لصالحهم أصبح حقاً له يحق له صرفه من خزانة المحكمة دون أية منازعة من جانبهم، فهذه العبارات قاطعة الدلالة على أن مع وقع على المحضر عن الطرف الأول إنما كان ينوب عن باقي المستأنف عليهم بوصفهم ورثة المورثة وإلا ما كان له أن يقرر بالتنازل عن مبلغ الوديعة الذي سبق أن أودعه المستأنف الأول لحسابهم جميعاً، ولقد اشتمل البند السادس من الاتفاق على ما مؤداه أن المستأنف عليه الأول وباقي ورثة السيدة أم السعد محمد صقر يقررون أنه لم يصبهم ضرر من عقد القسمة المنسوب صدوره إليها، وهذا النص يدل أيضاً بما لا يدع مجالاً للشك على أن المستأنف عليه الأول حين وقع على محضر الصلح ببنوده المتعددة إنما وقع عن نفسه وبالنيابة عن باقي أولاده المستأنف عليهم وإلا ما قبل التوقيع من وضوح عبارات البنود المشار إليها". وهذا الذي استخلصه الحكم يخالف ما جاء بمحضر الشرطة سالف الذكر إذ الثابت في ذلك المحضر أن الذي حضر عن الطرف الأول - وهم الطاعنون - هو الملازم أول محمد ذهني وبهذا تكون عبارات المحضر صريحة في أن الذي مثل الطاعنين عدا الطاعن الأول هو الطاعن الثاني وليس الطاعن الأول. وإذ كانت عبارة المحضر خالية مما ينقض هذا الذي أثبته المأمور في محضره المؤرخ 1/ 2/ 1959 وكان الطاعن الأول وإن كان قد وقع على المحضر مع الملازم أول محمد ذهني إلا أنه لم يذكر شيئاً عن نيابته عن أولاده، لما كان ذلك فإن استخلاص الحكم لنيابة الطاعن الأول عن أولاده من توقيعه على المحضر سالف الذكر يكون معيباً لا تؤدي إليه عبارات ذلك المحضر - أياً كان وجه الرأي في تكييف ما ورد فيه - ولا يقدح في هذا النظر ما أثبته المأمور خاصاً بالوديعة التي أودعها المطعون عليه الأول على ذمة ورثة المرحومة أم سعد أو ما أثبته خاصاً بنفي الضرر عن الطاعنين من جراء القسمة التي عقدتها مورثتهم، لأن عبارة المحضر في هذا الخصوص لا تدل على أن الإقرار بذلك صادر من الطاعن الأول عن نفسه وعن باقي الورثة وإنما نسب الإقرار في ذلك المحضر إليه وإلى باقي الورثة وهم الذين أثبت المأمور أن الملازم محمد ذهني قد حضر عنهم. كما لا يغير وجه الرأي ما ذكره الحكم من أنه "تبين أن المستأنف عليهم عدا الرابع سبق أن أصدروا لوالدهم المستأنف عليه الأول توكيلاً رسمياً في 28/ 2/ 1957 برقم 734 سنة 1957 توثيق الإسكندرية يسمح له بالإقرار والتصالح نيابة عنهم ولقد أودعه في ملف الدعوى الابتدائية وكان يحضر بموجبه ليمثلهم في الدعوى" لأن كون الطاعن الأول وكيلاً عن أولاده لا يجعل توقيعه على المحضر على الصورة السابق الإشارة إليها متصرفاً إلى أولاده ما دام أنه لم يعلن وقت التوقيع أنه يوقع نيابة عنهم. وإذ كان ذلك وكان الطاعنون قد تمسكوا لدى محكمة الاستئناف بأن الطاعن الأول لا يمثلهم في التوقيع على محضر الشرطة فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.