أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1289

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

(201)
الطعن رقم 454 لسنة 35 القضائية

( أ ) حكم. "بيانات الحكم". بطلان. "البطلان في الأحكام".
خلو الحكم من بيان مرحلة إدخال خصم غير حقيقي في الدعوى. لا بطلان. البيان الجوهري الذي يترتب على إغفاله البطلان. ماهيته. أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى. م 349 مرافعات.
(ب) بيع. "أركان البيع". إصلاح زراعي.
وقوع البيع صحيحاً طبقاً لأحكام القانون المدني. بقاؤه صحيحاً بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنه أن يجعل المتصرف إليه مالكاً لأكثر من الحد المقرر. خضوع الزيادة في هذه الحالة لأحكام الاستيلاء لدى المتصرف إليه.
1 - إذا كان ممثل جهة الإصلاح الزراعي قد اختصم في الدعوى لتقديم بيان الاستيلاء على الأطيان موضوع النزاع فإنه لا يعتبر خصماً في الدعوى، وعدم ذكر مرحلة إدخاله في الحكم المطعون فيه لا يجعل ذلك الحكم مشوباً بالبطلان لأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يتعين لاعتبار البيان المتعلق بمراحل الدعوى الذي نصت عليه المادة 349 من قانون المرافعات بياناً جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه.
2 - متى كان البيع الصادر قبل 23 يوليه سنة 1952 قد وقع طبقاً لأحكام القانون المدني فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يبقى صحيحاً بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ويظل ملزماً لعاقديه ولو كان من شأنه أن يجعل المتصرف إليه مالكاً لأكثر من الحد المقرر وتخضع الزيادة في هذه الحالة لأحكام الاستيلاء لدى المتصرف إليه، ومن ثم فإنه لا يترتب على بلوغ ملكية المشتري الحد الأقصى للملكية المقرر في قانون الإصلاح الزراعي وجوب رد هذه الأطيان الزائدة إلى البائعين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن ورثة المرحوم عبد الله أيوب الجندي أقاموا الدعوى رقم 127 سنة 1959 مدني كلي دمنهور ضد أحمد يحيى نوار طالبين الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 833 جنيه. وقالوا بياناً للدعوى إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 10/ 2/ 1945 باع مورثهم إلى المدعى عليهم أطياناً زراعية مساحتها 23 ف و12 ط مقابل ثمن قدره 893 جنيه دفع منها وقت التعاقد مبلغ 460 جنيه ونص في العقد على استحقاق باقي الثمن وقدره 433 جنيه عند التوقيع على العقد النهائي، وأنه على الرغم من أن المشتري قد وضع يده على الأطيان المبيعة عند إبرام ذلك العقد وتسلم منهم المستندات الدالة على الملكية إلا أنه تراخى في إعداد العقد النهائي وترتب على ذلك أنه لم يسدد باقي الثمن مما اضطرهم لإنذاره بالسداد في 22/ 1/ 1959 غير أنه لم يفعل شيئاً، وإذ كان العقد قد نص على إلزامه في حالة التأخير بتعويض قدره 400 جنيه فقد أقاموا الدعوى بطلب باقي الثمن والتعويض المنصوص عليه في العقد. وقد أجاب المدعى عليه على الدعوى بأن عدم إعداده للعقد النهائي يرجع إلى أن المدعين لم يسلموه مستندات ملكيتهم للأطيان المبيعة، وإلى أنه تبين أن البائع لم يكن يملك وقت التعاقد غير 12 فداناً، وإلى أن الإصلاح الزراعي قد استولى عليها ضمن ما استولى عليه لديه من الأطيان الزائدة على مائتي فدان. وبتاريخ 12 مارس سنة 1960 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان. واستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد الاستئناف برقم 494 سنة 16 قضائية، وأدخل المستأنف عليه الإصلاح الزراعي في الدعوى ليقدم ما لديه من مستندات خاصة بالأرض المستولى عليها فقرر الحاضر عنه بجلسة 22/ 12/ 1963 بأنه لم يستولِ على الأطيان المبيعة لأن المكلفة لا زالت باسم البائعين، وبتاريخ 4 مايو سنة 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليه "المشتري" بأن تؤدي إلى المستأنفين مبلغ 533 جنيه وهو باقي الثمن ومبلغ مائة جنيه وهو ما قدرته من التعويض. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما الأول والأخير رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن في الأسباب الثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه لدى محكمة الموضوع بأن عقد البيع الابتدائي وإن كان قد ألقى على عاتقه عبء إعداد العقد النهائي والوفاء بباقي الثمن عند التوقيع عليه إلا أنه ألزم البائعين أيضاً بأن يسلموه مستندات الملكية اللازمة لإعداده وهو ما لم يقوموا به، وترتب على تقصيرهم هذا عدم تمكنه من إعداد ذلك العقد، ومن ثم فإنه لا يكون ملزماً بأداء باقي الثمن يستوي في ذلك أن يكون قد تسلم الأرض المبيعة أو لم يتسلمها لأن العقد لم يجعل الوفاء بباقي الثمن معلقاً على التسلم بل أوجب الوفاء به لدى التوقيع على العقد النهائي. كما تمسك أيضاً في دفاعه بعدم استحقاق البائعين لباقي الثمن لعجزهم عن نقل ملكية المساحة المبيعة كلها إليه بناء على ما تبين له وللإصلاح الزراعي من أنهم لا يملكون منها إلا أقل من 12 فداناً، وردت محكمة الاستئناف على هذا الدفاع بما ذكرته في أسباب حكمها من أن البند الخامس من العقد قد نص على أن المشتري هو الذي يقوم بتجهيز العقد النهائي بناء على الأوراق التي يحصل عليها من البائعين أو من الجهات الأخرى، وأنه إذ تراخى في ذلك فلا يكون ثمة محل لتعليق دفع باقي الثمن على التوقيع على العقد النهائي وبأنه لا يقبل منه الادعاء بالعجز في المساحة بعد أن مضى على شرائه للأطيان المبيعة وتسلمه لها عدة سنوات، وهذا الرد فضلاً عن كونه لا يواجه دفاعه فإنه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون لأنه يخلط بين التزام المشتري بإعداد العقد النهائي وبين التزام البائعتين بتسليم مستندات الملكية كما أنه يخلط بين استحقاق باقي الثمن وبين تسليم العقار المبيع مع أنه لا ارتباط بين الالتزامين طبقاً لنصوص العقد، ولا يفرق بين الالتزام بالتسليم والالتزام بنقل الملكية مع اختلاف كل من الالتزامين عن الآخر إذ قد يسلم البائع للمشتري أطياناً ومع ذلك يعجز عن نقل ملكيتها له لعدم ملكيته لها، وأضاف الطاعن إلى ذلك قوله إن الحكم قد اتخذ من نص البند الخامس من العقد سنداً لما قرره مع أن هذا النص لا يؤدي إلى تحميله بإعداد مستندات الملكية مما يعيبه أيضاً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بأداء باقي الثمن للبائعين وعلى ما قرره من أنه "لما كان مؤدى الاتفاق أن المستأنف عليه هو الذي يقوم بتجهيز عقد البيع النهائي بناء على الأوراق التي تحصل عليها سواء من المستأنفين أو من الجهات الأخرى وبعد ذلك يطلب المستأنفين للحضور إلى مكتب الشهر العقاري المختص للتوقيع عليه وهو ما يتفق وأحكام قانون التسجيل والقرارات الصادرة بتنفيذه التي تحتم دفع رسم التسجيل مع رسم التصديق على الإمضاءات عند تقديم العقد للتوقيع عليه وهي الرسوم التي يلتزم بأدائها المشتري توطئة لتسجيل عقد شرائه أما وقد تراخى المستأنف عليه في تجهيز عقد البيع النهائي ولم يتخذ أي إجراء في هذا السبيل فمن ثم كان لا محل لتعلق دفعه باقي ثمن القدر المبيع على التوقيع على العقد النهائي وقد وضع يده على القدر المبيع منذ تاريخ شرائه له في 10 من فبراير سنة 1945 وذلك حسبما هو ثابت من البند السادس من عقد الشراء آنف البيان الذي أقر بمقتضاه بأنه وضع يده على الأطيان المبيعة وما يستحقه فيها من السكن المقام عليها وما يتبعها من طرق الري والصرف والمرور والكبابيس وذلك بعد معاينته لها والتحقق منها، كما لا محل للقول والحالة هذه أنه كان يتعين على المستأنفين تجهيز عقد البيع النهائي ودعوة المستأنف عليه للتوقيع عليه في ميعاد يحددونه له أمام الجهة المختصة توطئة لإثبات تقصيره في الوفاء بباقي الثمن فيما لو تأخر عن التوقيع عليه إذ أن في ذلك ما يدعو إلى تحميل المستأنفين بأمر تجهيز عقد البيع النهائي، وهو ما لم يقل به قانون التسجيل ولم ينص عليه الاتفاق بينهما كما سلف البيان، كما أنه لا محل لاحتجاج المستأنف عليه بوجود عجز في مساحة الأرض المبيعة وقد مضى على شرائه سنوات عديدة وفي الوقت الذي أقر فيه في عقد شراء باستلامها ومعاينتها والتحقق منها، ومن ثم كان يتعين على المستأنف عليه والحالة هذه أن يؤدي إلى المستأنفين باقي ثمن الأطيان المبيعة له بمقتضى العقد سالف البيان وقدره 433 ج" ويبين من هذا الذي ذكره الحكم أن محكمة الاستئناف حصلت من الواقع في الدعوى أن البائعين قد سلموا المشتري المستندات اللازمة لإعداد العقد النهائي، وإذ كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة محكمة دمنهور الابتدائية المؤرخ 23 يناير سنة 1960 ومذكرة الطاعن المقدمة للمحكمة المذكورة أن الطاعن كان قد أعد مشروع العقد النهائي مرفقاً به مستندات الملكية غير أنه سلمه للإصلاح الزراعي الذي أعاد إليه العقد دون المستندات وأيد ذلك بتقديمه مشروع العقد المذكور ثم عاد فسحبه، فإنه يكون لما قرره الحكم في هذا الخصوص أصله الثابت في الأوراق، وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خلط بين التزام البائعين بإعطاء المستندات الدالة على الملكية للمشتري وبين التزام هذا الأخير بإعداد العقد النهائي، وإنما هو فرق بين الالتزامين وأثبت قيام البائعين بتنفيذ التزامهم ثم سجل التقصير على المشتري في إعداد العقد النهائي وأوجب لذلك استحقاق باقي الثمن. وإذا كان الحكم قد رد على ما زعمه الطاعن من أن البائعين لا يملكون المساحة كلها بأنه لا محل لهذا الزعم بعد أن مضى على شرائه وتسلمه للأطيان المبيعة عدة سنوات، فإنه لا يكون قد خلط بين الالتزام بالتسليم وهو ما نفذ طبقاً لما هو مدون في العقد وبين الالتزام بنقل الملكية، ذلك أن الحكم قد اعتبر أن وضع يد المشتري على الأطيان المبيعة مدة أربعة عشر عاماً دون التمسك بعدم ملكية البائعين لكل المساحة المبيعة من شأنه أن يضفي عدم الجدية على هذا الدفاع وهو استخلاص سائغ مما يستقل بتقديره قاضي الموضوع دون معقب.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه البطلان لمخالفة المادتين 349، 165 من قانون المرافعات لأن الحكم خلا من بيان مرحلة من مراحل الدعوى وهي تلك التي أدخل فيها الإصلاح الزراعي لتقديم بيانات الاستيلاء ولأنه عن إلزامه بتقديمها دون أن يذكر في الحكم سبباً لهذا العدول.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من محضر جلسة محكمة الاستئناف المؤرخ 22/ 12/ 1963 أن الحاضر عن جهة الإصلاح الزراعي قرر أنه لم يستولِ على الأطيان موضوع النزاع لدى الطاعن لأنها ما تزال مكلفة باسم البائعين، وإذ كان ذلك فإن محكمة الاستئناف تكون قد استوفت بيان الاستيلاء ولا يمكن بالتالي أن ينسب إليها عدول عن طلب ذلك البيان، وإذ كان ذلك وكان ممثل جهة الإصلاح الزراعي قد اختصم في الدعوى لتقديم هذا البيان، فإنه لا يعتبر خصماً حقيقياً في الدعوى وعدم ذكر مرحلة إدخاله في الحكم المطعون فيه لا يجعل ذلك الحكم مشوباً بالبطلان لأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يتعين لاعتبار البيان المتعلق بمراحل الدعوى الذي نصت عليه المادة 349 من قانون المرافعات بياناً جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان، أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه. ولما كان ممثل الإصلاح الزراعي قد أدخل في الدعوى بناء على طلب الطاعن للإدلاء ببيان الاستيلاء وقد أدلى بهذا البيان على ما ثبت في محضر جلسة محكمة الاستئناف، فإن بيان إدخاله لا يكون ضرورياً للفصل في الدعوى وبالتالي لا يترتب على إغفاله بطلان الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الإصلاح الزراعي قد استولى على الأطيان موضوع النزاع وهو ما يستوجب أن يتحمل كل من البائع والمشتري نصف الفرق بين ثمنها والتعويض طبقاً للقانون رقم 452 لسنة 1953 وأنه على فرض أنه لم يستولِ عليها فإنها تكون قد ردت إلى البائعين ولا يحق لهم أن يجمعوا بين استردادها وبين ثمنها ولكن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع فشابه بذلك القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى أن الإصلاح الزراعي قد نفى استيلاءه على الأطيان المبيعة ولم يقدم الطاعن دليلاً عن حصول هذا الاستيلاء، فإذا كان ذلك وكان البيع الصادر قبل 23 يوليه سنة 1952 قد وقع صحيحاً طبقاً لأحكام القانون المدني فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يبقى صحيحاً بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ويظل ملزماً لعاقديه ولو كان من شأنه أن يجعل المتصرف إليه مالكاً لأكثر من الحد المقرر وتخضع الزيادة في هذه الحالة لأحكام الاستيلاء لدى المتصرف إليه، ومن ثم فإنه لا يترتب على بلوغ ملكية المشتري الحد الأقصى للملكية المقرر في قانون الإصلاح الزراعي وجوب رد هذه الأطيان الزائدة إلى البائعين، وإذ كان هذا فإن دفاع الطاعن يكون غير مؤثر في الدعوى ولا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عنه ولم يرد عليه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.