أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 92

جلسة 16 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

(18)
الطعن رقم 140 لسنة 29 قضائية

( أ ) حيازة "تملك الحائز للثمار". وقف. "قبض الناظر لغلة الوقف". تقادم. ريع.
الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية والريع الواجب على ناظر الوقف أداؤه للمستحقين. تقادم كلى منهما بخمس عشرة سنة.
(ب) وقف. "شرط الواقف". "الاستحقاق في الوقف". تقادم.
المستحق في الوقف. هو كل من شرط له الواقف نصيباً في الغلة أو سهماً أو مرتباً دائماً أو مؤقتاً. الحكم بمعاش في صورة مرتب شهري لمدى الحياة. قيام الحكم على أن المحكوم له يستحق المعاش عملاً بصريح شرط الواقف. اعتباره استحقاقاً في الوقف يلزم لتقادم الحق فيه انقضاء خمس عشرة سنة.
(جـ) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
خلو الحكم مما يفيد التفات المحكمة لدفاع الطاعنين وتمحيصها له وإطلاعها على الدليل الذي استندوا إليه. قصور.
1 - تنص المادة 375/ 2 من القانون المدني على أنه "لا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية ولا الريع الواجب على ناظر الوقف أداؤه للمستحقين إلا بانقضاء خمس عشرة سنة". وأنه وإن لم يرد في القانون المدني القديم نص عن مدة تقادم الاستحقاق في الوقف بالذات إلا أن حكمه في ذلك لا يختلف عما سنه القانون المدني الجديد في هذا الخصوص، لأن ناظر الوقف يعتبر - على أي حال - وكيلاً عن المستحقين فإن قبض غلة الوقف كانت أمانة تحت يده لحسابهم فلا يسقط حقهم في المطالبة بها إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.
2 - من المقرر شرعاً أن المستحق في الوقف هو كل من شرط له الواقف نصيباً في الغلة أو سهماً أو مرتباً دائماً أو مؤقتاً. وإذ كان الثابت من الحكم القاضي بإلزام المطعون عليها بأن تدفع لمورث الطاعنين معاشاً شهرياً مدى حياته من وقت تركه الخدمة في الوقف، أن المورث يستحق المعاش الذي يطلبه عملاً بصريح شرط الواقف بكتاب وقفه، فإن المعاش المحكوم به للمورث. المذكور - وإن كان في صورة مرتب شهري معين المقدار يعتبر استحقاقاً في الوقف فلا يتقادم الحق فيه - إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق [(1)].
3 - متى كان لا يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد التفتت لدفاع الطاعنين بما يقتضيه أو أنها محصته واطلعت على الدليل الذي استندوا إليه فيه فإن الحكم يكون معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1635/ 945 سنة 1953 كلي طنطا ضد وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على وقف أحمد باشا المنشاوي (المطعون عليها) وطلبوا بها أولاً: وبصفة أصلية إلزام المطعون عليها المذكورة بأن تدفع لهم مبلغ 700 جنيه بصفة تعويض عما أصابهم من ضرر بسبب امتناعهم عن تنفيذ الحكم الصادر لمورثهم المرحوم حافظ محمد نصار في الدعوى رقم 470 سنة 1934 كلي طنطا والمؤيد استئنافياً بالحكم الصادر في الاستئناف 1149/ 137 سنة 1951/ 1952 ق. مصر - وثانياً وبصفة احتياطية بأحقيتهم إلى صرف مبلغ 700 جنيه هو قيمة ما تجمد من المعاش المحكوم به لمورثهم بمقتضى الحكمين المذكورين وقال الطاعنون في بيان دعواهم إن مورثهم كان قد اشتغل مهندساً للمباني بوقف المنشاوي الذي تتنظر عليه المطعون عليها مدة تزيد على عشر سنوات وبمرتب شهري قدره عشرة جنيهات وبذلك أصبح طبقاً لحجة الوقف مستحقاً لمعاش شهري مدى حياته يوازي نصف المرتب الذي كان يتقاضاه أثناء عمله بالوقف ولكن المطعون عليها امتنعت عن صرف الاستحقاق المرتب للمورث بكتاب الوقف فأقام عليها الدعوى رقم 470 سنة 1934 كلي طنطا بطلب إلزامها بأداء هذا الاستحقاق إليه وبتاريخ 31 يوليه سنة 1934 قضت المحكمة بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للمورث المذكور معاشاً شهرياً قدره خمسة جنيهات مدى حياته ابتداء من وقت تركه الخدمة في الوقف بتاريخ أول سبتمبر سنة 1933 عملاً بما شرطه الواقف بتاريخ بكتاب وقفه وقد تأيد هذا الحكم بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 1149/ 137 سنة 1951، 1952 ق مصر وذكر الطاعنون أن المطعون عليها لم تتحول عن موقفها بعد ذلك الحكم فظلت ممتنعة عن صرف المعاش المستحق للمورث حتى وفاته بتاريخ 9 مارس سنة 1949 كما امتنعت عن دفع متجمد الاستحقاق إليهم رغم ما اتخذوه ومورثهم من قبلهم من إجراءات التنفيذ ضدها. فأقاموا هذه الدعوى للحكم عليها بطلباتهم السابقة وكان ما تمسكت به المطعون عليها في دفاعها أن مورث الطاعنين قد استلم المعاش المستحق له عن المدة من 9 مارس سنة 1946 حتى آخر فبراير سنة 1949 وأنه قد أقر بذلك على هامش الحكم الصادر لصالحه، وبجلسة 25 يونيو سنة 1957 قضت المحكمة بأحقية الطاعنين في صرف مبلغ 700 جنيه قيمة متجمد معاش مورثهم المحكوم له به. وأقامت المحكمة قضاءها بذلك على ما تبين لها من أنه قد سبق الحكم للمورث بمعاش شهري قدره خمسة جنيهات مدى حياته ابتداء من أول سبتمبر سنة 1933 بناء على ما هو مشروط بحجة الوقف، وعلى أن المورث وقد اقتضى فعلاً المعاش المستحق له عن المدة من 9 مارس سنة 1946 حتى آخر فبراير سنة 1949 وبذلك يقتصر حق المطعون عليهم على متجمد المعاش في المدة من أول سبتمبر سنة 1933 حتى آخر سبتمبر سنة 1946 ويضاف إليه ما يوازي معاش ثمانية أيام من شهر مارس سنة 1946 لوفاة المورث في يوم 9 مارس من تلك السنة، وأما الطلب الأصلي فقد قضت المحكمة برفضه في أسباب حكمها، استأنفت المطعون عليها هذا الحكم إلى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 189 سنة 7 قضائية وتمسكت بأن حق الطاعنين المعاش المحكوم به لمورثهم قد سقط بالتقادم وبجلسة 16/ 12/ 1958 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى أحقية الطاعنين في صرف مبلغ 1.666 ج ورفضت ما زاد على ذلك من طلبات الطاعنين وأسست قضاءها بذلك على ما ارتأته من ثبوت حق الطاعنين فيما يوازي معاش المورث في المدة من أول مارس سنة 1949 حتى تاريخ وفاته في 7 مارس سنة 1949 ومن أن حقهم في معاش المورث عن باقي المدة مثار النزاع قد سقط بالتقادم. قرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 20 مارس سنة 1962 وفيها تمسكت النيابة بالرأي الذي أبدته بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره أمامها جلسة 29 ديسمبر سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إنه ما ينعاه الطاعنون في أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب ويقولون في بيان ذلك إن الحكم قد بنى قضاءه بتقادم حقهم على أن المعاش المستحق لمورثهم عن المدة من أول سبتمبر سنة 1933 إلى وقت صدور الحكم النهائي لصالحه في 28 من فبراير سنة 1935 قد سقط بمضي مدة تزيد على خمس عشرة سنة قبل رفع الدعوى الحالية في 16 سبتمبر سنة 1953 وأن المعاش المستحق للمورث عن باقي المدة مثار النزاع وهي الفترة ما بين صدور الحكم المذكور حتى يوم 9 مارس سنة 1949 قد سقط بمضي ما يزيد على خمس سنوات قبل رفع هذه الدعوى باعتبار أن المعاش المطالب به عن تلك الفترة يعتبر من قبيل الحقوق الدورية المتجددة التي تسقط بالتقادم الخمسي عملاً بالمادة 375/ 1 من القانون المدني، كما قرر الحكم أيضاً أن الطاعنين لم يتخذوا أي إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم، ذلك في حين أن المعاش المحكوم به لمورث الطاعنين هو استحقاق في الوقف ولا يتقادم الحق فيه إلا انقضاء خمس عشرة سنة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 375 مدني وفي حين أن الطاعنين قد تمسكو لدى محكمة الموضوع بأن التقادم قد انقطع بالتنبيه بالدفع الذي أعلنوه إلى المطعون عليها بتاريخ 14 من أغسطس سنة 1949 ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن استحقاق مورث الطاعنين في الوقف مما يتقادم بخمس سنوات يكون مخالفاً للقانون، كما أنه إذ لم يرد على دفاع الطاعنين بأن التقادم قد انقطع بالتنبيه بالدفع الذي استندوا إليه فإن الحكم يكون معيباً أيضاً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح في شقيه ذلك أنه أولاً تنص المادة 375/ 2 من القانون المدني على أنه "لا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية ولا الريع الواجب على ناظر الوقف أداؤه للمستحقين إلا بانقضاء خمس عشرة سنة" وأنه وإن لم يرد في القانون المدني القديم نص عن مدة تقادم الاستحقاق في الوقف بالذات إلا أن حكمه في ذلك لا يختلف علما سنه القانون المدني الجديد في هذا الخصوص، لأن ناظر الوقف يعتبر - على أي حال - وكيلاً عن المستحقين فإن قبض غلة الوقف كانت أمانة تحت يده لحسابهم فلا يسقط حقهم في المطالبة بها إلا بانقضاء خمس عشرة سنة، ومن المقرر شرعاً أن المستحق في الوقف هو كل من شرط له الواقف نصيباً في الغلة أو سهماً أو مرتباً دائماً أو مؤقتاً، ولما كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم على أساس الحكم الصادر لمورثهم في الدعوى رقم 470 سنة 1934 كلي طنطا والمؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 1149/ 137 سنة 1951/ 1925 ق مصر كلي وكان الثابت بالحكمين المذكورين - وقد كان معروضين على محكمة الموضوع - أن مورث الطاعنين يستحق المعاش الذي يطلبه عملاً بصريح شرط الواقف بكتاب وقفه - لما كان ذلك، فإن المعاش المحكوم به للمورث المذكور مدى حياته - وإن كان في صورة مرتب شهري معين المقدار - يعتبر استحقاقاً في الوقف فلا يتقادم الحق فيه سواء قبل الحكم به للمورث أو بعده إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون فيما قرره وبنى عليه قضاءه من أن معاش مورث الطاعنين يعتبر حقاً دورياً متجدداً ويتقادم بخمس سنوات في الفترة اللاحقة لصدور الحكم المقرر للحق في ذلك المعاش وأنه ثانياً يبين من مذكرة الطاعنين المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 9 يونيو سنة 1958 - والمقدمة صورتها الرسمية بملف الطعن - أنه كان مما رد به الطاعنون على دفاع المطعون عليها بتقادم حقهم في المعاش قولهم إنه "بعد وفاة المورث في أوائل سنة 1949 قام ورثته بالتنفيذ في 14 من أغسطس سنة 1949 بموجب التوكيل رقم 1 حافظة وعلى ظهر هذا التوكيل تنبيه بالدفع وهو التنفيذ القانوني ضد المصالح الحكومية، وأن دفاع الوزارة في هذا الخصوص لا سند له من القانون.... وينقطع التقادم ويتعين عدم الالتفات إلى هذا الدفع" ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الذي أبداه الطاعنون إلا بعبارة عامة مجملة قال فيها "وحيث إنه لم يتبين أنه اتخذ بعد سنة 1934 إجراءات من إجراءات التقاضي أو التنفيذ الجبري كالتنبيه والحجز وغيرها مما يقطع التقادم" وكان لا يبين من ذلك أن المحكمة قد التفتت لدفاع الطاعنين بما يقتضيه أو أنها محصته واطلعت على الدليل الذي استندوا إليه فيه وهو التنبيه بالدفع الذي عينوه بذاته ضمن مستنداتهم بأوراق الدعوى فإن الحكم يكون كذلك معيباً بالقصور في هذا الصدد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي ما اشتمل عليه الطعن.


[(1)] راجع نقض 30 / 4 / 1959 الطعن 12 س 27 أحوال شخصية السنة العاشرة ص 384، 7/2 /1962 الطعن 35 س 28 أحوال شخصية السنة 13 ص 187.