أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1316

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(205)
الطلب رقم 238 لسنة 32 القضائية

ضرائب. "الضريبة على المهن غير التجارية". "نظام الضريبة الثابتة".
اختيار الممول - من أصحاب المهن الحرة الحاصلين على دبلوم عالٍ - المحاسبة على أساس أرباحه الفعلية. عدم جواز العدول إلى طلب المحاسبة على أساس الضريبة الثابتة بدعوى إدخال مصلحة الضرائب بعض تعديلات بالزيادة على حساباته. الأرباح الفعلية هي الأرباح الحقيقية التي يسفر عنها فحص حسابات الممول. القانون 642 لسنة 1955.
مؤدى نصوص المواد الأولى والثانية والثالثة والخامسة مجتمعة من القانون رقم 642 لسنة 1955 أن المشرع استحدث للممولين أصحاب المهن الحرة الحاصلين على دبلوم عالٍ من إحدى الجامعات المصرية أو ما يعادلها من الجامعات الأخرى ابتداء من سنة 1955 نظام الضريبة الثابتة وذلك استثناء من القواعد المقررة لمحاسبة أصحاب المهن الحرة، ومنحهم إلى جانب ذلك رخصة المحاسبة على أساس أرباحهم الفعلية بشرط أن يقدموا طلباً للمحاسبة على هذا الأساس في الميعاد المحدد بمقتضى خطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول. فإذا استعمل الممول هذه الرخصة التي منحها له المشرع واختار المحاسبة على أساس هذه الطريقة الأخيرة، فلا يجوز له بعد ذلك العدول عنها بدعوى إدخال المصلحة بعض تعديلات بالزيادة على حساباته في سنة القياس، وإذ أن المشرع لم يشترط لصحة هذا الاختيار أن تكون المصلحة قد أخطرت الممول بأسس ربط الضريبة عن السنة المذكورة بل حدد له موعداً للاختيار وإلا سقط الحق فيه، ولأن ما قصده المشرع بالأرباح الفعلية التي يختارها الممول ليست هي الأرباح التي يقدرها هو ويضمنها إقراره، وإنما هي الأرباح الحقيقية التي يسفر عنها فحص حساباته يستوي في ذلك أن يؤدي هذا الفحص إلى اعتماد أرباح الممول كما وردت في إقراراته أو الزيادة فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الأستاذ...... المحامي - وهو من الممولين الخاضعين للضريبة على المهن غير التجارية - قدم لمأمورية ضرائب عابدين إقرارات عن صافي أرباحه وخسائره من مهنته كمحامٍ في السنوات من سنة 1952 إلى سنة 1956 بالمبالغ الآتية على التوالي سنة 1952 خسارة 1017 ج و61 م وسنة 1953 خسارة 492 ج و683 م وسنة 1954 ربحاً 1058 ج و217 م وسنة 1955 خسارة 1018 ج و958 م وسنة 1956 خسارة 1413 ج و819 م وطلب اتخاذ صافي أرباحه عن سنة 1954 أساساً لربط الضريبة عليه في سنتي 1955 و1956 ولم تعول المأمورية على هذه التقديرات وقامت بفحص حساباته وانتهت إلى أنه حقق خسارة في سنة 1952 قدرها 708 ج و645 م وفي سنة 1953 393 ج و796 م وإلى أن صافي أرباحه في سنة 1954 3576 ج و415 م وأشارت المأمورية في مذكرتها إلى أنه لما كان متوسط أرباح الممول في السنوات من 1951 إلى 1954 يزيد على ألف جنيه فلا يخضع لنظام الفئات الثابتة طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 642 لسنة 1955 بل يحاسب على أساس أرباحه الفعلية وقد طلب الممول نفسه محاسبته على هذا الأساس عن سنتي 1955 و1956 وطبقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 642 لسنة 1955 يسري صافي أرباح الممول عن سنة 1954 على السنتين المشار إليهما ويكون ربحه في كل منهما 3576 ج و415 م وأخطر الممول بذلك على النموذج رقم 18 ضرائب، فاعترض وقصر اعتراضه على السنوات من 1952 إلى 1954 أما بالنسبة لسنتي 1955 و1956 فقال أنهما تخضعان للفئات الثابتة باعتبار أن متوسط أرباحه في السنوات الأربع السابقة عليهما لا تزيد على ألف جنيه. وأحيل الخلاف إلى اللجنة الداخلية التي انتهت إلى أن خسارته في سنة 1952 مبلغ 855 ج و880 م وفي سنة 1953 مبلغ 393 ج و796 م وصافي أرباحه في سنة 1954 مبلغ 3322 ج و883 م وأما بالنسبة لسنتي 1955 و1956 فيتعين اتخاذ أرباح سنة 1954 أساساً للربط عليه فيهما، ووجهت إليه المأمورية النموذج رقم 19 ضرائب. وبتاريخ 30/ 4/ 1958 وافق الممول على تحديد صافي أرباحه وخسائره في السنوات من 1952 إلى 1954 على النحو المتقدم أما بالنسبة لسنتي 1955 و1956 فقد تمسك بوجوب محاسبته على أساس الضريبة الثابتة طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 642 لسنة 1955 وأحيل الخلاف على لجنة الطعن. وإذ أصدرت اللجنة قرارها في 27/ 1/ 1959 بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الربط الذي أجرته المأمورية على أرباح الطاعن في كل من سنتي 1955 و1956 على أساس الأرباح الفعلية وإعادته على أساس فئات الضريبة الثابتة طبقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 642 لسنة 1955، فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 240 لسنة 1959 القاهرة الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه فيما قضى به خاصاً بأرباح سنتي 1955 و1956 وتأييد تقديرات المأمورية بالنسبة لكل من هاتين السنتين بمبلغ 3322 ج و883 م قياساً على الأرباح الفعلية لسنة 1954. وبتاريخ 26/ 12/ 1960 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه وألزمت الطاعنة بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 417 سنة 78 قضائية. وبتاريخ 5/ 4/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت مصلحة الضرائب المصروفات ومبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية المطعون عليه في العدول عن طلب المحاسبة على أساس الضريبة الثابتة مستنداً في ذلك إلى أن اختياره قد وقع قبل تقدير أرباح سنة 1954 التي قدرتها المأمورية بأكثر مما ورد في إقراره مما يجعل هذا الاختيار باطلاً لعدم توافر عناصره وقت صدوره ويخول المطعون عليه الحق في العدول عنه واختيار محاسبته على أساس الضريبة الثابتة، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وفساد في الاستدلال لأن مقتضى نص المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 642 سنة 1955 أن للممولين الذين يخضعون لأحكام الفقرة الأولى من المادة الأولى منه الحق في طلب محاسبتهم على أساس أرباحهم الفعلية متى اختاروا المحاسبة بهذه الطريقة وتقدموا بطلب الاختيار في الميعاد المحدد لتقديم إقرارات الأرباح السنوية، فتربط عليهم الضريبة من واقع دفاترهم ثم يعمل بهذا الربط عن السنتين التاليتين خلاف السنة التي تم الربط فيها اعتباراً من سنة 1954، وإذ كان الثابت أن المطعون عليه طلب محاسبته على أساس الأرباح الفعلية لسنة 1954 وقدم طلبه في الموعد القانوني وكانت المصلحة قد أدخلت بعض التعديلات بالزيادة على تقديراته في السنة المذكورة فإن هذه التعديلات لا تغير من الأمر شيئاً فلا تؤثر في صحة اختياره ولا تعطيه الحق في العدول عنه والعودة إلى نظام المحاسبة على أساس الفئات الثابتة لأن الممول متى تقد بطلب اختياره في الميعاد واستوفى شروطه وجب إعمال هذا الاختيار ولا يحق له العدول عنه بحجة عدم توافر عناصره عند تقديمه، والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل ميعاد الاختيار المنصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 642 لسنة 1955 لغواً ولأمكن تعطيل هذه المادة تعطيلاً تاماً في حالة ما إذ لم تصل المصلحة مع الممول إلى اتفاق نهائي بشأن سنة القياس قبل انقضاء ميعاد تقديم الإقرار الخاص بأرباح السنة التالية بل يبقى ميعاد تقديم الطلب مفتوحاً حتى ينتهي الخلاف في شأن أرباح سنة القياس الأمر الذي لم ينص عليه القانون ويتنافى مع استقرار المراكز الضريبية لهذه الفئة من الممولين.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الشارع نص في المادة الأولى من القانون رقم 642 لسنة 1955 على أنه "استثناء من أحكام المواد 72 و73 و75 (الفقرتين الرابعة والخامسة) و76 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المشار إليه، تحدد ضريبة المهن الحرة بالنسبة لأصحاب المهن التي تستلزم مزاولتها الحصول على دبلوم عالٍ من إحدى الجامعات المصرية أو ما يعادلها من الجامعات الأخرى على الوجه الآتي...." ونص في الفقرة الأولى من المادة الثانية على أنه "يجوز للمولين الذي يسري عليهم نظام الضريبة الثابتة اختيار المحاسبة على أرباحهم الفعلية بشرط أن يقدموا طلباً بذلك بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول ويرسل إلى المأمورية المختصة في الميعاد المحدد لتقديم إقرارات الأرباح السنوية" كما نص في المادة الثالثة على أنه "في حالة ربط الضريبة على أساس الأرباح الفعلية طبقاً للمادتين السابقتين يعمل بالربط لمدة سنتين خلاف السنة التي تم الربط عليها وذلك اعتباراً من سنة 1954" ونص في المادة الخامسة على العمل بالقانون اعتباراً من السنة الضريبية 1955، ومؤدى هذه النصوص مجتمعة أن المشرع استحدث للمولين أصحاب المهن الحرة الحاصلين على دبلوم عالٍ من إحدى الجامعات المصرية أو ما يعادلها من الجامعات الأخرى ابتداءً من سنة 1955 نظام الضريبة الثابتة وذلك استثناء من القواعد المقررة لمحاسبة أصحاب المهن الحرة ومنحهم إلى جانب ذلك رخصة المحاسبة على أساس أرباحهم الفعلية بشرط أن يقدموا طلباً للمحاسبة على هذا الأساس في الميعاد المحدد بمقتضى خطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول، فإذا استعمل الممول هذه الرخصة التي منحها له المشرع واختار المحاسبة على أساس هذه الطريقة الأخيرة فإنه يكون قد استعمل رخصة الاختيار طبقاً للأوضاع التي حددها القانون، فلا يجوز له بعد ذلك العدول عنها بدعوى إدخال المصلحة بعض تعديلات بالزيادة على حساباته في سنة القياس إذ أن المشرع لم يشترط لصحة هذا الاختيار أن تكون المصلحة قد أخطرت الممول بأسس ربط الضريبة عن السنة المذكورة بل حدد له موعداً للاختيار وإلا سقط الحق فيه ولأن ما قصده المشرع بالأرباح الفعلية التي يختارها الممول ليست هي الأرباح التي يقدرها هو ويضمنها إقراره، وإنما هي الأرباح الحقيقية التي يسفر عنها فحص حساباته، يستوي في ذلك أن يؤدي هذا الفحص إلى اعتماد أرباح الممول كما وردت في إقراراته أو الزيادة فيها. وإذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه قد طلب من المصلحة في الميعاد القانوني محاسبته على أساس أرباحه الفعلية في سنة 1954 - وهي سنة القياس - فإنه يكون بذلك قد استعمل الرخصة المخولة له في طلب المحاسبة على أساس الأرباح الفعلية فلا يجوز له العدول عن ذلك، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أنه "أما وإن المأمورية قد زادت في تقدير أرباح سنة 1954 عما قدره لها المستأنف عليه، فيكون من حقه العدول عن اختياره لأنه لم يصادف قبولاً لدى مأمورية الضرائب ولا يعتبر قبولاً منها للاختيار أن تتناول سنة الأساس بتعديلات تمس جوهرها..." فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.