أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1322

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(206)
الطعن رقم 112 لسنة 35 القضائية

( أ ) استئناف. "صحيفة الاستئناف". بطلان. "البطلان في الإجراءات". موطن. محل مختار.
البطلان المنصوص عليه بالمادة 405 مرافعات ملغى. قصره على إغفال بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف بالصحيفة. البيانات الأخرى الواجب مراعاتها. سريان القواعد العامة في البطلان عليها. اتخاذ المستأنف موطناً مختاراً في صحيفة الاستئناف. انتفاء وجه الضرر من عدم بيان محل إقامته الصحيح. علة ذلك.
(ب) إعلان. "بيانات ورقة الإعلان".
عدم وضوح خط المحضر في خصوص ذكر اسمه وفي توقيعه. لا عيب. تحقق ما قصدت إليه المادة 10 مرافعات.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم". "الأسباب الزائدة".
ورود الخطأ في الحكم فيما قرره زائداً على حاجة الدعوى وفيما يستقيم قضاؤه بدونه. لا يعيب الحكم.
(د) إعلان. بطلان. حكم. "تسبيب الحكم". "ما لا يعد قصوراً".
عدم ادعاء الخصم بأن من قام بإعلان صحيفة الاستئناف إليه من غير المحضرين. عدم جدوى تمسكه ببطلان الصحيفة لاختلاف توقيع المحضر على أصل إعلانها وصورته. إغفال الحكم ذكر هذا الدفاع في أسبابه. لا قصور.
(هـ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تفسير العقد". وكالة.
قاضي الموضوع له كامل السلطة في تحديد نطاق الوكالة وبيان ما قصده المتعاقدان منها.
(و) وكالة. "تعديل أجر الوكالة". محكمة الموضوع. "سلطتها في مسائل الواقع". حكم. "تسبيب الحكم".
م 709/ 2 مدني. نصها مطلق شامل لكل تعديل في أجر الوكالة المتفق عليه سواء بالحط منه أو برفعه. استقلال قاضي الموضوع بتقدير هذا الأجر. إقامة محكمة الاستئناف قضاءها بتعديل تقدير محكمة أول درجة للأجر الذي يستحقه الوكيل على اعتبارات سائغة. إغفالها الإشارة إلى الحجج التي ساقها الوكيل في هذا الخصوص. لا قصور.
(ز) فوائد. "الفوائد التأخيرية". التزام. "آثار الالتزام". حكم. "تسبيب الحكم". "ما يعد قصوراً".
الفوائد. ماهيتها. تعويض قانوني عن التأخير في الوفاء بالالتزام بدفع مبلغ من النقود. استحقاقها من تاريخ المطالبة الرسمية متى كان المبلغ معلوم المقدار وقت الطلب. المادة 226 مدني. رفض الحكم القضاء بها مع عدم بيان سبب الرفض. قصور.
1 - البطلان المنصوص عليه في المادة 405 من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 الذي رفع الاستئناف في ظله إنما ينصب على إغفال بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف دون البيانات التي تراعى في صحيفة افتتاح الدعوى المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطنهم والتي تركها المشرع للقواعد العامة في البطلان. وإذ كان الغرض الذي رمى إليه المشرع من ذكر هذه البيانات إنما هو إعلام ذوي الشأن في الاستئناف عمن رفعه من الخصوم وصفته وموطنه فإن كل بيان من شأنه أن يفي بذلك يتحقق به غرض الشارع، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واعتد بالطعن المختار الذي اتخذته المطعون عليها في صحيفة الاستئناف فقد انتفى بذلك وجه الضرر من عدم بيان محل إقامتها الصحيح لأنها باتخاذ موطن مختار لها في صحيفة الاستئناف يكون هو الموطن بالنسبة إلى كل ما يتعلق به وفقاً لما تقضي به المادة 34/ 3 مدني.
2 - إذا كان اسم المحضر مكتوباً بخطه في الخانة المخصصة له من الصحيفة ولو أنه صعب القراءة، فإنه يتحقق معه ما قصدت إليه المادة 10 مرافعات وما ينال منه أن يكون خط المحضر غير واضح وضوحاً كافياً في خصوص ذكر اسمه وأن يكون توقيعه كذلك.
3 - إذا كان الخطأ الذي ورد في الحكم قد وقع فيما قرره زائداً على حاجة الدعوى وفيما يستقيم قضاؤه بدونه فإن هذا الخطأ لا يعيبه.
4 - متى كان الطاعن لم يدع أن من قام بإعلان صحيفة الاستئناف إليه من غير المحضرين فإنه لا يجديه التمسك ببطلان صحيفة الاستئناف لاختلاف توقيع المحضر على كل من أصل إعلان الصحيفة وصورته، وإذ كان هذا الوجه من الدفاع لا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن إغفال ذكره في الأسباب لا يعيبه بالقصور.
5 - للقاضي كامل السلطة في تحديد نطاق الوكالة وبيان ما قصده المتعاقدان منها مستعيناً في ذلك بعبارة التوكيل وظروف الدعوى وملابساتها متى كان استخلاصه سائغاً يؤدي إلى ما انتهى إليه.
6 - نص الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدني هو نص مطلق شامل لكل تعديل في أجر الوكالة المتفق عليه سواء بالحط منه أو برفعه، وإذ كان تقدير هذا الأجر مما يستقل به قاضي الموضوع، وكانت محكمة الاستئناف عند تعديلها تقدير محكمة أول درجة للأجر الذي يستحقه الطاعن قد أقامت قضاءها في ذلك على اعتبارات سائغة، فإن إغفالها الإشارة إلى الأداة والحجج التي ساقها الطاعن في هذا الخصوص والتي لا يترتب عليها تغير وجه الرأي في التقدير لا يعتبر قصوراً مبطلاً للحكم المطعون فيه.
7 - الفوائد هي تعويض قانوني عن التأخير في الوفاء بالالتزام بدفع مبلغ من النقود مصدره عقد الوكالة التي ثبت قيامها بين الطرفين والتي تستحق من تاريخ المطالبة الرسمية عملاً بنص المادة 226 من القانون المدني التي تقرر حكماً عاماً لاستحقاق فوائد التأخير عن الوفاء بالالتزام إذا كان محله مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، وإذ رفض الحكم القضاء بهذه الفوائد دون أن يبين سبب الرفض ولم يفصح عما إذا كان ما قدره من أجر قد روعي فيه تعويض الطاعن عن التأخير في الوفاء بالأجر المحكوم له به أم لا فإنه يكون قاصر التسبيب بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الأستاذ محمد أسامه لطفي أقام الدعوى رقم 870 لسنة 1961 مدني كلي الجيزة ضد جدته السيدة/ زينب محمد كامل طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 21 ألف جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد فضلاً عن ألف جنيه تعويضاً تكميلياً عما أصابه من أضرار بسبب امتناع المطعون ضدها عن الوفاء بحقوقه، واحتياطياً إلزامها أن تدفع له مبلغ ألفي جنيه تعويضاً عن تلك الأضرار. وقال شرحاً لدعواه إن المدعى عليها كانت تستحق نصيباً قدره 2/ 19 من غلة وقف أحمد قدري الجوخدار البالغ مساحتها 832 ف وكسور وتبين له من فحص حجة الوقف وإشهار التغيير والمستندات الأخرى المودعة بوزارة الأوقاف والتي كانت تتولى النظر عليه أن نصيبها في الاستحقاق هو الخمس وليس 2/ 19 وقد عرض على المدعى عليها أمر هذا الاستحقاق الخفي واتفقت معه على توكيله في إقامة دعوى للمطالبة به مقابل حصوله على أجر نقدي يوازي 1/ 5 الاستحقاق المشار إليه مضافاً إليه ما تجمد من ريعه فيما لو كسب الدعوى بحكم نهائي، وبناء على هذا الاتفاق أقام الدعوى رقم 113 سنة 1955 القاهرة وقضي ضد موكلته ابتدائياً إلا أنه حكم لصالحها في الاستئناف رقم 143 سنة 74 ق بجعل استحقاقها 1/ 5 الوقف، كما عهدت إليه برفع دعوى لفرز حصة الخيرات في الوقف المذكور حتى تتمكن من إشهار حل الوقف واستلام نصيبها في أعيانه من وزارة الأوقاف نظير أجر نقدي يوازي 2.5% من قيمة استحقاقها المسلم به وقتئذ وهو 2/ 19 من الوقف يدفع إليه بعد صدور حكم نهائي بالفرز والتجنيب، وتنفيذاً لذلك أقام الدعوى رقم 289 سنة 1954 تصرفات أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وباشرها بنفسه وبذل فيها جهداً كبيراً حتى قضي نهائياً بتاريخ 13/ 3/ 1958 بفرز حصة الخيرات، وإذ كان المدعي يقدر لنفسه أجراً قدره عشرة آلاف جنيه عن قيامه بكشف الاستحقاق الخفي استناداً إلى قاعدة الإثراء بلا سبب ومبلغ عشرة آلاف جنيه أخرى عن مباشرة دعوى المطالبة بهذا الاستحقاق وألف جنيه مقابل أتعابه في دعوى فرز حصة الخيرات استناداً إلى عقد الوكالة، وكانت المدعى عليها قد امتنعت عامدة عن الوفاء له بحقوقه المشار إليها فقد رفع هذه الدعوى بطلباته سالفة البيان. وفي 30/ 5/ 1962 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الإثبات حصول الاتفاق بينه وبين المدعى عليها على استحقاقه لأجر عيني عن كشفه لاستحقاق خفي لها في الوقف ومباشرته الإجراءات القانونية للحصول على هذا الاستحقاق يوازي 1/ 5 قيمة الاستحقاق المغتصب مضافاً إليه ريعه المتراكم وعلى استحقاقه لأجر عيني يوازي 2.5% من قيمة استحقاق المدعى عليها وقدره 2/ 19 في الوقف المذكور عن مباشرة إجراءات فرز حصة الخيرات في ذلك الوقف وصرحت للمدعى عليها النفي بذات الطرق، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 8/ 5/ 1963 فحكمت بإلزام المدعى عليها (المطعون ضدها) بأن تدفع للمدعي (الطاعن) مبلغ عشرة آلاف جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ صدور هذا الحكم حتى السداد وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنفت المدعى عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم أصلياً ببطلان صحيفة الدعوى واحتياطياً بعدم جواز نظرها ومن باب الاحتياط الكلي برفضها وقيد هذا الاستئناف برقم 1368 سنة 80 قضائية كما استأنفه المدعي طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته وقيد استئنافه برقم 1479 سنة 80 قضائية وتمسكت السيدة زينب كامل بدفوعها التي سبق أن أبدتها أمام محكمة أول درجة وأضافت إليها الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف رقم 1479 سنة 80 قضائية لعدم التوقيع على صورتها من محامٍ مقيد أمام محكمة الاستئناف كما دفع الأستاذ/ أسامة لطفي ببطلان صحيفة الاستئناف رقم 1368 سنة 80 ق لذكرها موطناً غير صحيح لها ولعدم اشتمالها على اسم المحضر الذي أعلنها. وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين حكمت بتاريخ 30/ 12/ 1964 (أولاً) برفض الدفوع المقدمة من الطرفين في الاستئنافين. (ثانياً) بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام السيدة/ زينب محمد كامل بأن تدفع إلى السيد/ محمد أسامة لطفي مبلغ ألفي جنيه والمصروفات المناسبة عن الدرجتين ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع ببطلان صحيفة الاستئناف رقم 1368 سنة 80 قضائية لاشتمالها على موطن غير صحيح للمطعون عليها وخلوها من بيان اسم المحضر الذي أعلنها ولاختلاف توقيع المحضر على أصل هذه الصحيفة وصورتها وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع مستنداً في ذلك إلى أن المستأنفة وإن أخطأت في ذكر موطنها الحقيقي في صحيفة الاستئناف إلا أنها اتخذت محلاً مختاراً فيها هو مكتب محاميها، وكان من الأيسر على الطاعن إعلان استئنافه إليها في ذلك المحل المختار، وأن اسم المحضر مكتوب بخطه في الخانة المخصصة لذلك وإن كان من الصعب قراءته إلا أنه كان من السهل معرفته بالرجوع إلى رئاسته بالمحكمة التي يتبعها كما كان من الميسور على الطاعن أن يعرف اسمه عندما سلمه الإعلان شخصياً، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وقصور من وجوه (أولها) أن الاستئناف يرفع طبقاً للمادة 405 من قانون المرافعات بتكليف بالحضور تراعى فيه الأوضاع المقررة لصحيفة افتتاح الدعوى ومن ثم تعتبر صحيفته من أوراق المحضرين التي توجب المادة العاشرة من قانون المرافعات اشتمالها على بيان موطن المعلن وقد خالفت المطعون عليها هذه المادة فلم تقف عند حد إغفال ذكر موطنها في الصحيفة بل جاوزت ذلك إلى ذكر موطن لها غير صحيح بقصد الإضرار به، ولما كانت المادة 24 من قانون المرافعات ترتب البطلان على عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في المادة العاشرة وكانت المادة 25/ 1 مرافعات تنص على أن يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه فإنه يتعين القول ببطلان صحيفة الاستئناف المرفوع من المطعون عليها لإغفالها ذكر موطنها الصحيح بها دون حاجة إلى بحث ما إذا كان هذا العيب جوهرياً وما إذا كان قد ترتب عليه ضرر للخصم، ولا يغير من ذلك استناد الحكم إلى أن المستأنفة قد اتخذت لها في صحيفة الاستئناف محلاً مختاراً هو مكتب محاميها لأن المقصود بموطن المعلن الواجب بيانه في أوراق المحضرين الموطن الأصلي لا الموطن المختار خصوصاً وأن بيان الموطن المختار لم يكن لازماً بالنسبة للمستأنفة (المطعون عليها) لإقامتها في نفس البلد الذي تقع فيه محكمة الاستئناف وأن إعلانها فيه بالاستئناف الذي يرفع منه يجعل هذا الاستئناف باطلاً إذ لا يصح إعلان الطعن في المحل المختار للخصم إلا إذا كان هذا المحل مبيناً في ورقة إعلان الحكم وهو ما لم يتوافر في واقعة النزاع (وثانيها) أنه أخطأ فيما قرره بالنسبة لخلو صحيفة الاستئناف من بيان اسم المحضر الذي أعلنها من أنه كان من السهل معرفته بالرجوع إلى رئاسة المحكمة التي يتبعها وأنه كان من الميسور على الطاعن أن يعرف اسمه عندما سلمه الإعلان شخصياً إذ أن أوراق المحضرين هي أوراق شكلية يجب أن تشتمل على كافة البيانات التي أوجب القانون ذكرها فيها وأن تتضمن دليل استكمال شروط صحتها فلا يجوز تكملة النقص في هذه البيانات بأي دليل يستمد من غير الورقة ذاتها مهما كانت قوته (وثالثها) أن الحكم لم يعرض في أسبابه الواقعية للوجه الثالث من أوجه بطلان صحيفة الاستئناف رغم تمسك الطاعن بهذا الوجه في مذكرته وهو ما يجعله باطلاً طبقاً لنص المادتين 347، 349 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن البطلان المنصوص عليه في المادة 405 من قانون المرافعات رقم 77 سنة 1949 الذي رفع الاستئناف في ظله إنما ينصب على إغفال بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف دون البيانات التي تراعى في صحيفة افتتاح الدعوى المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطنهم والتي تركها المشرع للقواعد العامة في البطلان، لما كان ذلك وكان الغرض الذي يرمي إليه المشرع من ذكر هذه البيانات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هو إعلام ذوي الشأن في الاستئناف عمن رفعه من الخصوم وصفته وموطنه، فإن كل بيان من شأنه أن يفي بذلك يتحقق به غرض الشارع، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واعتد بالموطن المختار الذي اتخذته المطعون عليها في صحيفة الاستئناف فقد انتفى بذلك وجه الضرر من عدم بيان محل إقامتها الصحيح لأنها باتخاذ موطن مختار لها في صحيفة الاستئناف يكون هو الموطن بالنسبة إلى كل ما يتعلق به وفقاً لما تقضي به الفقرة الثالثة من المادة 43 من القانون المدني، ومردود في الوجه الثاني بما سجله الحكم المطعون فيه من أنه "اتضح أن اسم المحضر مكتوب بخطه في الخانة المخصصة له من الصحيفة ولو أنه صعب القراءة" وهذا الذي قرره الحكم تتحقق معه ما قصدت إليه المادة 10 من قانون المرافعات ولا ينال منه أن يكون خط المحضر غير واضح وضوحاً كافياً في خصوص ذكر اسمه ولا أن يكون توقيعه كذلك، وإذ انتهى الحكم إلى هذه النتيجة الصحيحة فإنه لا يعيبه قوله بعد ذلك أنه كان من السهل معرفة اسم المحضر بالرجوع إلى رئاسته بالمحكمة التابع لها وأنه كان من الميسور على الطاعن معرفة اسمه أيضاً عند تسلمه الإعلان منه شخصياً بسؤاله، إذ أن هذا الذي أورده الحكم قد وقع فيما قرره زائداً على حاجة الدعوى وفيما يستقيم قضاؤه بدونه فلا يعيبه الخطأ فيه. ومردود في الوجه الثالث بأنه متى كان الطاعن لم يدع أن من قام بإعلان صحيفة الاستئناف إليه من غير المحضرين فإنه لا يجديه التمسك ببطلان صحيفة الاستئناف لاختلاف توقيع المحضر على كل من أصل إعلان الصحيفة وصورته، وإذ كان هذا الوجه من الدفاع لا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن إغفال ذكره في الأسباب لا يعيبه بالقصور.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أنه تمسك لدى محكمة الاستئناف بخطأ الحكم الابتدائي في الاستناد إلى المادة 709/ 2 من القانون المدني في خفض المبلغ الذي طلبه عند اكتشاف الاستحقاق الخفي الذي قضى به للمطعون عليها إذ أن هذا الطلب إنما يقوم على قاعدة الإثراء بلا سبب دون عقد الوكالة (وثانيهما) أنه تمسك أيضاً بخطأ ذلك الحكم في إعمال المادة 709/ 2 سالفة الذكر في خفض الأجر المتفق عليه بينهما عن وكالته عنها في مباشرة دعوى المطالبة بالاستحقاق المذكور ودعوى فرز حصة الخيرات في الوقف لعدم توافر مبررات الالتجاء إلى هذه الرخصة، وأنه أوضح في المذكرات المقدمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها في هذا الشأن ولكن الحكم المطعون فيه قد خلا من ذكر شيء منها بل وأغفل الرد عليها اكتفاءً بقوله "إن المطعون عليها لم تجنِ فائدة تذكر من الاستحقاق الخفي في الوقف الذي حصلت عليه بوكالة الطاعن بضياع أغلب هذا الاستحقاق بانتقاله إلى الإصلاح الزراعي دون أن تتسلمه أو تتصرف في شيء منه وذلك بسبب حجز الصورة التنفيذية للحكم الذي قضي لها بالاستحقاق تحت يد الطاعن بما يؤثر كثيراً على الأتعاب المتفق عليها" دون أن يبين الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها في الأخذ بدفاع المطعون عليها في هذا الخصوص وفي هذا وذاك ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن لقاضي الموضوع كامل السلطة في تحديد نطاق الوكالة وبيان ما قصده المتعاقدان منها مستعيناً في ذلك بعبارة التوكيل وظروف الدعوى وملابساتها، وإذ كان يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص أنه رفض منح الطاعن أجراً مستقلاً عن اكتشاف الاستحقاق الخفي للمطعون عليها في الوقف بل اعتبره داخلاً في نطاق التوكيل وفي المطالبة بهذا الاستحقاق وفرز حصة الخيرات، واستناداً إلى ما قرره من أن المراد هو استخلاص حق المدعية فلا ينفصل البحث وراء اكتشاف حقيقة النصيب عن الجهد في الوصول إليه وفرزه واستلامه، وهو استخلاص موضوعي سائغ يؤدي إلى ما انتهى إليه، إذ كان ذلك، فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما يستقل به قاضي الدعوى ولا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة. ومردود في الوجه الثاني بأن نص الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدني هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نص مطلق شامل لكل تعديل في أجر الوكالة المتفق عليه سواء بالحط منه أو برفعه، وإذ كان تقدير هذا الأجر مما يستقل به قاضي الموضوع وكانت محكمة الاستئناف عند تعديلها تقدير محكمة أول درجة للأجر الذي يستحقه الطاعن قد أقامت قضاءها في ذلك على اعتبارات سائغة فإن إغفالها الإشارة إلى الأدلة والحجج التي ساقها الطاعن في هذا الخصوص والتي لا يترتب عليها تغيير وجه الرأي في التقدير لا يعتبر قصوراً مبطلاً للحكم المطعون فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه حين قضى بتخفيض الأتعاب التي طلبها الطاعن بوصفه وكيلاً عن المطعون عليها في مباشرة دعوى المطالبة بالاستحقاق المغتصب ودعوى فرز حصة الخيرات، وقد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجوه (أولها) أنه وإن لم يصرح بالسند القانوني لقضائه إلا أنه يبدو وقد سلم بصحة ادعاء المطعون عليها أن الطالب حبس عنها الصورة التنفيذية للحكم الذي قضى لها بالاستحقاق أنه استند في قضائه إلى المبدأ القائل بوجوب تخفيض أجر الوكالة المتفق عليه على سبيل التعويض للموكل إذا ارتكب الوكيل خطأ في تنفيذ عقد الوكالة يستوجب مسئوليته، وهذا المبدأ فضلاً عن كونه غير مقرر في القضاء المصري فإن تطبيقه يستلزم توافر عناصر المسئولية الثلاثة وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، ولو كان الحكم قد استظهر هذه العناصر لا تنتهي إلى عدم مسئولية الطاعن لأن واقعة حجز الصورة التنفيذية للحكم المشار إليه بفرض صحتها لا تعتبر خطأ يستوجب المسئولية، إذ هي مجرد استعمال لحق الحبس المقرر للوكيل إلى أن يستوفي أجره المتفق عليه عن وكالته في الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم (وثانيها) أنه مع التسليم جدلاً بخطأ الطاعن في حجز الصورة التنفيذية للحكم الصادر في دعوى المطالبة بالاستحقاق فإن هذه الواقعة منقطعة الصلة باكتشاف الطاعن للاستحقاق الخفي في الوقف ولا علاقة لها كذلك بدعوى فرز نصيب الخيرات فلا يجوز أن يترتب عليها تخفيض أجر الطاعن في هاتين الحالتين (وثالثها) أنه يتعين على المحكمة إذا رأت إعادة النظر في أجر الوكيل المتفق عليه أن تلتزم في تعيين هذا الأجر المعايير المادية التي تراعى في تقدير أجر الوكيل بوجه عام وهي أهمية الدعوى ومركز الخصوم فيها والفائدة التي عادت على الموكل وثروة الموكل ومقدار الجهد الذي بذله الوكيل وقيمته والزمن الذي قضاه الوكيل في مباشرة العمل المتفق عليه ومدى كفايته فيه، ولما كانت أهمية الدعويين اللتين باشرهما الطاعن تبدو في الفائدة التي عادت على المطعون ضدها والتي تقدر بخمسين ألف جنيه، وكان مركز المطعون ضدها دقيقاً في كلتا الدعويين وكان الطاعن قد أنفق فيهما جهداً تنطق به أوراق الدعوى ومستنداتها ومذكراته الحافلة بالبحوث القانونية وقضى أكثر من 4 سنوات في مباشرتهما، فإن الأجر المتفق عليه وقدره عشرة آلاف جنيه للأولى وألف جنيه للثانية لا يكون باهظاً، خصوصاً وأن هذا الأجر كان معلقاً على كسب الدعوى نهائياً وإلا فإنه لا يستحق شيئاً، وإذ كان من شأن هذه المخاطرة رفع الأجر طبقاً لما هو معروف في عقود الفرز فإن من شأنها كذلك أن تحول دون إعمال حكم المادة 709/ 2 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجهين الأول والثاني بما سجله الحكم المطعون فيه من أن "المحكمة بعد أن اطلعت على أوراق الدعوى ومذكرات الخصوم والقضايا المضمومة ورأت المجهود الذي قام به الأستاذ محمد أسامة لطفي لصالح جدته، وراعت كافة الظروف التي لابست الاتفاق والظروف التي أصبحت فيها الجدة بعد ضياع أغلب ما كسبت من ذلك الوقف من تحت يدها وانتقلت إلى الإصلاح الزراعي بحكم القانون، ترى المحكمة بالرغم من ذلك أن الأستاذ محمد أسامة لطفي محق في طلب أتعابه لمناسبة المجهود الذي بذله في تلك القضايا ولذا كانت محكمة أول درجة على صواب فيما رأته من استحقاقه لأجر الوكالة الذي ثبت أمامها بشهادة الشهود ورأت أن تخفض هذا الأجر طبقاً للمادة 709/ 2 من القانون المدني، غير أن هذه المحكمة ترى أن محكمة أول درجة قد بالغت في تقديرها للأجر المذكور وذلك أنها لم تراعِ كافة الظروف والاعتبارات بل راعت بعضها فقط ولم تشر إلى سوء حالة الجدة بعد كسب الدعوى إذ أنها لم تجن فائدة تذكر بعد ضياع تلك الثروة من يدها وانتقالها إلى الإصلاح الزراعي طبقاً للقانون ولم تتصرف في شيء منها بسبب حجز الصورة التنفيذية للحكم الصادر في دعوى المطالبة بالاستحقاق تحت يد الطاعن" ويبين من ذلك أن المحكمة لم تستند في تخفيض الأجر إلى واقعة امتناع الطاعن عن تسليم الصورة التنفيذية بل راعت في حدود سلطتها التقديرية كافة الاعتبارات الخاصة بالطرفين وأحاطت بوقائع المنازعة وبالظروف التي لابست الاتفاق واستظهار مدى الجهد الذي بذله الطاعن في الدفاع ومركز المطعون عليها ومدى الفائدة التي عادت عليها من وراء هذا المجهود، وإذ كان تقدير الأجر المذكور مما يستقل به قاضي الموضع وكانت محكمة الاستئناف عند تعديلها تقدير محكمة أول درجة لقيمة هذا الأجر غير ملزمة ببيان سبب التعديل باعتبار أنه يدخل في سلطتها التقديرية، فإن حكمها لا يكون مشوباً بالقصور إن هو لم يرد على الحجج التي أثارها الطاعن وهو بصدد ممارسته سلطته الموضوعية في تقدير أجر الوكالة المطالب به. والنعي مردود في الوجه الثالث بأن الحكم قد اعتبر اكتشاف الاستحقاق الخفي ودعوى المطالبة به ودعوى فرز حصة الخيرات تدخل جميعها في نطاق التوكيل وقدر لها أجراً شاملاً على ما جاء في الرد على الوجه الأول من السبب الثاني، ولم يعول في هذا التقدير على واقعة حبس الصورة التنفيذية للحكم الصادر في دعوى المطالبة بالاستحقاق بل عول على العناصر السالف بيانها.
وحيث إن حاصل السبب الرابع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه طلب أصلياً الحكم له بفوائد الأجر الذي يطالب به بواقع 4% سنوياً من تاريخ رفع دعواه حتى تمام السداد وبتعويض تكميلي قدره ألف جنيه عما أصابه من أضرار أخرى بسبب تعنت المطعون عليها في الوفاء بذلك الأجر من تاريخ استحقاقه، كما طلب احتياطياً في حالة عدم الحكم له بالفوائد المذكورة إلزام المطعون عليها بأن تدفع له مبلغ 2000 ج على سبيل التعويض عن الأضرار الأخرى الناشئة عن امتناعها عمداً عن الوفاء بذلك الأجر، وقضت محكمة أول درجة بفوائد مبلغ العشرة آلاف جنيه التي حكمت له بها بواقع 4% سنوياً من تاريخ صدور الحكم حتى السداد وبرفض التعويض، فعاد الطاعن في صحيفة الاستئناف إلى التمسك بطلب التعويض فضلاً عن الفوائد اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10/ 10/ 1961 بدلاً من تاريخ الحكم الابتدائي الصادر في 8/ 5/ 1963 وقد تضمن الحكم المطعون فيه بيان هذه الطلبات ولكنه أغفل تلخيص الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي تسندها وقضى برفضها ضمناً حين نص في منطوقه على رفض ما عدا ذلك من الطلبات دون أي تسبيب لهذا الرفض.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الفوائد إنما هي تعويض قانوني عن التأخير في الوفاء بالالتزام بدفع مبلغ من النقود مصدره عقد الوكالة التي ثبت قيامها بين الطرفين والتي تستحق من تاريخ المطالبة الرسمية عملاً بنص المادة 226 من القانون المدني التي تقرر حكماً عاماً لاستحقاق فوائد التأخير عن الوفاء بالالتزام إذا كان محله مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، وإذ رفض الحكم القضاء بهذه الفوائد دون أن يبين سبب الرفض ولم يفصح عما إذا كان ما قدره من أجر قد روعي فيه تعويض الطاعن عن التأخير في الوفاء بالأجر المحكوم له به أم لا، فإنه يكون قاصر التسبيب بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.