أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1363

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

(212)
الطعن رقم 412 لسنة 35 القضائية

( أ ) استيلاء. "الاستيلاء على الأدوية". "التزامات المستولى لديهم قبل الغير". تأميم. أدوية.
الاستيلاء على المهمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية ومخازن الأدوية والمستودعات وتسليمها إلى المؤسسة العامة للتجارة وتوزيع الأدوية وفقاً للقانون 212 سنة 1960. التزام كل شخص لديه أموال للأفراد والهيئات التي تم الاستيلاء على ما لديها أو يكون مديناً لأي منها بتقديم بيان لذلك إلى وزير التموين. ليس في نصوص هذا القانون ما يمس التزامات المستولي لديهم قبل الغير. عدم إلزام الدائنين بتقديم بيان عن ديونهم.
(ب) استيلاء. "الاستيلاء على الأدوية". "التزامات المستولى لديهم قبل الغير". خلافه. تأميم. أدوية.
عدم حلول المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية أو غيرها من الهيئات محل المستولى لديهم في حقوقهم والتزاماتهم، بقاء المستولى لديهم مسئولين عن سداد ديون منشآتهم لدائنيها.
(ج) استيلاء. "الاستيلاء على الأدوية". بطلان. "بطلان التصرفات". تأميم. أدوية.
بطلان كل عقد أو تصرف أو إجراء يتم بالنسبة للأشياء المستولى عليها طبقاً للقانون 212 سنة 1960. هذا البطلان الذي يلحق التصرفات التالية لعملية الاستيلاء، لا يتعدى إلى تنفيذ العقود والالتزامات القائمة التي تظل سارية ونافذة الاستيلاء يلحق البضاعة التي ترد في المستقبل في تاريخ لاحق للقانون تنفيذاً لعقود سابقة.
(د) التزام. "انقضاء الالتزام". حوادث طارئة. استيلاء. تأميم.
الاستيلاء على دفاتر المنشأة وأوراقها ومستنداتها طبقاً للمادة 6 من القانون رقم 212 لسنة 1960 لفترة محددة. تعذر مطالبة الدائن للمدين - المستولى لديه - بدينه وفوائده خلال هذه الفترة. لا تؤدي هذه الاستحالة المؤقتة إلى انقضاء الالتزام. لا تعد استحالة في معنى المادة 147/ 2 مدني.
(هـ) التزام. "أوصاف الالتزام". "تأجيل الديون بمقتضى القانون". استيلاء. "الاستيلاء على الأدوية". فوائد.
تأجيل الديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة بموجب القانون 269، 272 سنة 1960. نشوء الالتزام منجزاً وتحوله أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل بناء على تدخل المشرع. أثر هذا التأجيل يقتصر على أصل المدين دون إيقاف سريان الفوائد.
(و) قرض. "صور القرض". بنوك.
لعقد القرض صور مختلفة غير صورته المألوفة ومن ذلك الخصم وفتح الاعتماد وخطابات الضمان. يجمعها جميعاً وصف التسهيلات الائتمانية.
(ز) استيلاء. "الاستيلاء على الأدوية". "التزامات المستولى لديهم" أدوية.
تنظيم القانون 212 سنة 1960 العلاقة بين المستولى لديهم والجهة الإدارية دون علاقتهم بالبنك الدائن لهم. لا شأن لهذا القانون بتعيين مقدار الديون واستحقاقها.
1 - إنه وإن قضى القانون رقم 212 لسنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية على أن لوزير التموين حق الاستيلاء الفوري على المهمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية وفي مخازن الأدوية والمستودعات والفروع الخاصة بهؤلاء، وعلى أن يسلم وزير التموين ما يتم الاستيلاء عليه من هذه المواد إلى المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية، ولئن ألزم هذا القانون كل شخص توجد لديه أموال بأية صفة كانت للأفراد أو الهيئات التي يتم الاستيلاء على ما لديها أو يكون مديناً لأي منها، أن يقدم بياناً إلى وزير التموين خلال شهر من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، إلا أنه ليس في نصوص هذا القانون ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير، فلم يلزم هذا القانون دائني المستولى لديهم بتقديم بيان عن ديونهم وبذلك ظلت حقوق هؤلاء الدائنين - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - قائمة بدون انقضاء، ويؤكد ذلك صدور القانونين رقمي 269، 272 لسنة 1960 بتأجيل الديون المستحقة على المشتغلين بتجارة الأدوية لأشخاص لا يباشرون نشاطاً متعلقاً بها والقانون رقم 12 لسنة 1961 بإنشاء لجان لتصفية الديون المستحقة على مخازن الأدوية التي تم الاستيلاء عليها.
2 - مؤدى القانون رقم 212 لسنة 1960 الذي قضى بالاستيلاء على المستحضرات الطبية ومستودعاتها لدى المشتغلين بتجارة الدواء مقابل تعويض يحدد طبقاً للمادة التاسعة منه على أساس التكاليف الحقيقية وبمراعاة الصلاحية وإمكانيات التوزيع وعلى ألا يتجاوز مقدار التكاليف شاملة نسبة من الربح حدها الأقصى 6%، وهو عدم حلول المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية أو غيرها من الهيئات محل المستولى لديهم في حقوقهم والتزاماتهم وأن يبقى هؤلاء مسئولين عن سداد ديون منشآتهم لدائنيها.
3 - ما قضت به المادة 13 من القانون رقم 212 لسنة 1960 من أنه يقع باطلاً كل عقد أو تصرف أو عملية أو إجراء يتم بالنسبة إلى الأشياء المستولى عليها طبقاً لأحكام هذا القانون، إنما يستهدف القضاء على التلاعب أو التهرب من نصوص القانون ويقصد به تفادي أية محاولة لعرقلة الاستيلاء الذي تم فعلاً أو حكماً من قبيل إبرام عقود أو إجراء تصرفات لاحقة تتعارض مع تنفيذ عملية الاستيلاء على وجه كامل شامل، دون أن يتعدى ذلك البطلان إلى تنفيذ العقود والالتزامات القائمة التي تظل سارية ونافذة، ويقطع بذلك امتداد الاستيلاء وفق المادة 4/ ب من القانون رقم 212 سنة 1960 إلى ما يوجد من المواد المستولى عليها في الدائرة الجمركية وفي مخازن الإيداع وما يرد منها مستقبلاً تنفيذاً لطلبات أو عقود سابقة، مما يعني أن هذه العقود المتراخية التنفيذ تظل حافظة لكيانها ويلحقها الاستيلاء عند ورود البضاعة في المستقبل وفي تاريخ لاحق لصدور القانون.
4 - لئن كانت المادة 6 من القانون 212 لسنة 1960 قد جرى نصها على أن الاستيلاء على دفاتر المنشأة وأوراقها ومستنداتها يتم بصفة مؤقتة ولفترة محددة مما يتعذر معه على الدائن مطالبة المدين (المستولى لديه) بدينه وفوائده خلال هذه الفترة، إلا أنه ليس من شأن هذه الاستحالة الموقوتة أن تقضي على الالتزام بل يقتصر أثرها على وقفه إلى أن يصبح الالتزام قابلا للتنفيذ.
5 - أفصح المشرع في القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 عن إرادته في التدخل بسبب ظروف اقتصادية خاصة قرر إزاءها وقف المطالبة بالديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة، وهذه المدة إنما تعتبر أجلاً محدداً قانوناً يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام، بمعنى أن الالتزام نشأ منجزاً ولكنه تحول أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل بناء على تدخل المشرع morotorium. وإذ أراد المشرع بصريح عبارة القانونين المذكورين، مجرد تأجيل الديون المستحقة بعد سريان القانون رقم 212 لسنة 1960 دون أن يتدخل في تعديل الاتفاق على الفوائد المعتبر شريعة المتعاقدين، وكان المشرع قد قرر بالقانون رقم 212 لسنة 1960 الاستيلاء على المستحضرات الطبية لدى شركات القطاع الخاص التي تتجر في الأدوية ونظم أحكام هذا الاستيلاء تمشياً مع سياسة الدولة الاشتراكية حتى لا تتضخم أرباح هذه الشركات على حساب السواد الأعظم من أبناء الشعب بالتحكم في السوق ورفع الأسعار، فإن أثر هذا التأجيل يقتصر - أخذاً بالعلة التي أرادها المشرع وبالقدر الذي توخاه منها - على أصل الدين دون إيقاف سريان فوائده وإلا لكان في ذلك مغنم لهذه المنشآت الأمر الذي لم يدر في خلد المشرع بل ويتعارض مع أهدافه.
6 - من الجائز أن يتخذ عقد القرض صور مختلفة غير صورته المألوفة من قبيل الخصم وفتح الاعتماد وخطابات الضمان باعتبار أنه يجمع بينها كلها وصف التسهيلات الائتمانية ويصدق عليها تعريف القرض بوجه عام الوارد في المادة 538 من القانون المدني.
7 - ما عناه القانون رقم 212 لسنة 1960 هو تنظيم العلاقة بين من استولى لديه على المهمات الطبية، وبين الجهة الإدارية التي تنهض بالاستيلاء دون علاقته بالبنك الدائن له، ومن ثم فلا شأن لهذا القانون بتعيين مقدار الديون أو استحقاقها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته المصفي لشركة ثابت إخوان أقام ضد المطعون عليه - بنك بور سعيد - الدعوى رقم 5806 لسنة 1962 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية، وقال في بيانها إنه بتاريخ 14 من يوليه سنة 1960 صدر القانون رقم 212 لسنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية وإعمالاً للمادة الرابعة منه قامت وزارة التموين بالاستيلاء على كافة المستحضرات الطبية التي يشملها ذلك القانون لدى الشركة الطاعنة باعتبارها شركة مستوردة للأدوية وقد شمل الاستيلاء في جانب منه بعض البضاعة ومستندات الشحن المودعة لدى البنك المطعون عليه، وكان هذا البنك دائناً للشركة بقيمتها ويتقاضى عنها فائدة تقيد على الشركة شهرياً، وبمقتضى القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 تأجلت الديون المستحقة على الشركة الطاعنة لمدة ستة شهور تبدأ من 18 يوليه 1960 حتى 17 يناير سنة 1961، وإذ ضمنت لجنة تقدير التعويض قرارها الذي أصدرته بتاريخ 22 من مارس سنة 1962 وفقاً للمادة التاسعة من القانون 212 لسنة 1960 تحديد التعويض المستحق لأصحاب الشركة بمبلغ 192842 ج و433 م مضافاً إليه مبلغ 5000 جنيه ربحاً لأصحاب الشركة ورفضت احتساب الفوائد التأخيرية التي يطالب بها البنك المطعون عليه ضمن عناصر التعويض، وكان الاستيلاء الذي مارسته الدولة وهو يمثل حالة قوة قاهرة بالنسبة للشركة المستولى لديها بما استوجب اتخاذ إجراء لحمايتها بوقف نفاذ الالتزامات الواقعة على عاتقها وتأجيل ميعاد استحقاقها، وإذ يستتبع وقف نفاذ أصل الالتزام وتأخير دفعه لاعتبارات عامة توخاها المشرع خلال فترة محددة وقف نفاذ وتأخير ما يسري عليه من فائدة خلال تلك الفترة، فقد أقام الدعوى بصفته مصفياً للشركة بطلب الحكم بعدم أحقية البنك في احتساب الفوائد المستحقة عليها والبالغ مقدارها 3268 ج و547 م خلال المدة بين صدور قانون الاستيلاء وحتى آخر يناير سنة 1961 وشطب قيد هذه الفوائد من الجانب المدين لحساب الشركة بالبنك. ومحكمة أول درجة قضت في 26 من ديسمبر سنة 1964 للطاعن بطلباته. استأنف البنك المطعون عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 184 لسنة 82 ق القاهرة ومحكمة الاستئناف قضت في 24 من إبريل سنة 1965 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الشركة الطاعنة. طعنت هذه الأخيرة في ذلك الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني منها الخطأ في تطبيق القانون من وجهين، حاصل أولهما أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن الدين المستحق للبنك المطعون ضده على الشركة الطاعنة لا يزال قائماً وأن القانون رقم 212 لسنة 1960 لم يمس الالتزامات المترتبة في ذمة المستولى لديهم قبل الغير، كما أن القانونين رقمي 269، 272 لسنة 1960 وإن قضيا بتأجيل أداء الشركة الطاعنة لديونها فترة من الزمن إلا أنهما لم ينصا على انقضاء التزامها بهذه الديون وفوائدها. ويرى الطاعن أنه بمجرد صدور القانون رقم 212 لسنة 1960 تنقضي جميع العقود والالتزامات التي كانت الشركة الطاعنة طرفاً فيها وينشأ في ذات الوقت كأثر لعملية الاستيلاء علاقة جديدة بين البنك المطعون ضده ومؤسسة الأدوية التي حلت محل الشركة الطاعنة في جميع حقوقها والتزاماتها مما مؤداه أن ينتقل الالتزام إلى مؤسسة الأدوية بكل توابعه بما في ذلك الفوائد. وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى بقاء العلاقة بين البنك والشركة الطاعنة إلى ما بعد نفاذ القانون رقم 212 لسنة 1960 وذلك على الرغم مما تقضي به المادة 13 منه مع أنه يقع باطلاً كل عقد أو تصرف أو عملية أو إجراء يتم بالنسبة للأشياء المستولى عليها، إذ أن هذا الوصف يصدق على العقود المرددة في الدعوى الحالية بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده وقد فسر البنك الوضع بالنسبة لهذه العقود على هذا الأساس بأن عمد إلى قيد الفوائد في حساب مؤسسة الأدوية ولم يعدل عن ذلك وينقل العقود المتعلقة بها إلى الحسابات الخاصة بالأشخاص والشركات المستولى لديها إلا بعد التوجيه المبلغ إلى البنوك من وزارة التموين في هذا الخصوص بموجب الكتاب الدوري المؤرخ 13 من سبتمبر سنة 1960 وهو ما لا يؤدي إلى تغيير صفة مؤسسة الأدوية باعتبارها ملزمة بأداء الفوائد.
وحيث إن هذا السبب مردود بوجهيه، ذلك أن القانون رقم 212 لسنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية وإن نص على أن لوزير التموين حق الاستيلاء الفوري على المهمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية وفي مخازن الأدوية والمستودعات والفروع الخاصة بهؤلاء وعلى أن يسلم وزير التموين ما يتم الاستيلاء عليه من هذه المواد إلى المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية، ولئن ألزم هذا القانون كل شخص توجد لديه أموال بأية صفة كانت للأفراد أو الهيئات التي يتم الاستيلاء على ما لديها أو يكون مديناً لأي منها أن يقدم بياناً إلى وزير التموين خلال شهر من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، إلا أنه ليس في نصوص هذا القانون ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير فلم يلزم هذا القانون دائني المستولى لديهم بتقديم بيان عن ديونهم، وبذلك ظلت حقوق هؤلاء الدائنين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قائمة بدون انقضاء، يؤكد ذلك صدور القانونين رقمي 269، 272 لسنة 1960 بتأجيل الديون التي تستحق خلال مدة الشهور الستة التالية للقانون رقم 212 لسنة 1960 على المشتغلين بتجارة الأدوية لأشخاص لا يباشرون نشاطاً متعلقاً بها، وصدور القانون رقم 12 لسنة 1961 بإنشاء لجان لتصفية الديون المستحقة على مخازن الأدوية التي تم الاستيلاء عليها. طبقاً لأحكام القانون رقم 212 لسنة 1960 دون ما عداها من المنشآت المشتغلة بتجارة الأدوية، ذلك أن صدور هذه القوانين بعد القانون رقم 212 لسنة 1960 المشار إليه قاطع في الدلالة على أن المشرع لم يرتب على صدور هذا القانون انقضاء الديون التي للغير في ذمة الأشخاص المستولى لديهم، إذ لو كانت هذه الديون قد انقضت لما كان المشرع بحاجة إلى إصدار قانون بتأجيل الوفاء بها.
ولما كان يبين مما حصله الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة هي شركة مستوردة للأدوية وليست من أصحاب مخازن الأدوية الذين تناولهم حكم القانون رقم 12 لسنة 1961 والتي تسري على ديونهم التصفية المنصوص عليها فيه، وكان مؤدى القانون رقم 212 لسنة 1960 - الذي قضى بالاستيلاء على المستحضرات الطبية ومستلزماتها لدى المشتغلين بتجارة الدواء مقابل تعويض يحدد طبقاً للمادة التاسعة منه على أساس التكاليف الحقيقية وبمراعاة الصلاحية وإمكانيات التوزيع وعلى ألا يتجاوز مقدار التكاليف شاملة نسبة من الربح حدها الأقصى 6% - هو عدم حلول المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية أو غيرها من الهيئات محل المستولى لديهم في حقوقهم والتزامهم، وأن يبقى هؤلاء مسئولين عن سداد ديون منشآتهم لدائنيها. لما كان ذلك وكان ما قضت به المادة 13 من ذلك القانون من أنه يقع باطلاً كل عقد أو تصرف أو عملية أو إجراء يتم بالنسبة إلى الأشياء المستولى عليها طبقاً لأحكام هذا القانون، إنما يستهدف القضاء على التلاعب أو التهرب من نصوص القانون ويقصد به تفادي أية محاولة لعرقلة الاستيلاء الذي تم فعلاً أو حكماً من قبيل إبرام عقود أو إجراء تصرفات لاحقة تتعارض مع تنفيذ عملية الاستيلاء على وجه كامل شامل، دون أن يتعدى ذلك البطلان إلى تنفيذ العقود والالتزامات القائمة التي تظل سارية ونافذة، وإذ يقطع بذلك امتداد الاستيلاء وفق المادة 4/ ب من القانون رقم 212 لسنة 1960 إلى ما يوجد من المواد المستولى عليها في الدائرة الجمركية وفي مخازن الإيداع وما يرد منها مستقبلاً تنفيذاً لطلبات أو عقود سابقة، مما يعني أن هذه العقود المتراخية التنفيذ تظل حافظة لكيانها ويلحقها الاستيلاء عند ورود البضاعة في المستقل وفي تاريخ لاحق لصدور القانون. لما كان ما تقدم فإن من حق البنك المطعون ضده مطالبة الشركة الطاعنة المستولى لديها بالحقوق التي له قبلها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجهين الأول والثاني من السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه اعتبر صدر قانون الاستيلاء بمثابة حادث استثنائي عام وغير متوقع الحدوث ولكن ليس من شأنه في معنى المادة 147/ 2 من القانون المدني أن يصل إلى حد إرهاق الشركة الطاعنة في تنفيذ التزامها بدفع الفوائد عن المبالغ المستحقة للبنك المطعون عليه، هذا في حين أنه قد ترتب على القانون المذكور أن استحال على الشركة الطاعنة أن تسدد للبنك أصل الالتزام كما استحال على البنك في ذات الوقت أن يسلمها مستندات الشحن أو البضاعة التي ارتهنها حيازياً، وإذ لم يعتد الحكم بهذه الاستحالة التي شملت الطرفين فإنه يكون قد خالف القانون، هذا إلى أن الحكم اعتبر أن الاستيلاء لم يضع أي قيد على تصرفات الشركة الطاعنة مع أن الثابت بالأوراق أن جميع حسابات الشركة قد جمدت ولم يفرج عنها إلا في 18 من يوليو 1961 أي بعد انتهاء الأجل المحدد بالقانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960.
وحيث عن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة 6 من القانون رقم 212 لسنة 1960 قد جرى نصها على أن الاستيلاء على دفاتر المنشأة وأوراقها ومستنداتها يتم بصفة مؤقتة ولفترة محددة، ولئن كان يتعذر على البنك أن يطالب الشركة الطاعنة بدينه وفوائده خلال هذه الفترة إلا أنه ليس من شأن هذه الاستحالة الموقوتة أن تقضي على الالتزام بل يقتصر أثرها على وقفه إلى أن يصبح الالتزام قابلاً للتنفيذ. ولما كانت المطالبة بتنفيذ الالتزام قد صادفت محلها عقب انتهاء فترة تجميد حسابات الشركة الطاعنة فإن مدة الوقف السابقة التي انقضت تكون ولا أثر لها في الالتزام الذي يبقى قائماًً واجب التنفيذ. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أنه ليست هناك استحالة بالمعنى الذي قصدته المادة 147/ 2 من القانون المدني لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو خالف الثابت بالأوراق ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وهو بصدد تقصيه شرائط الحادث المفاجئ وتطبيقها على واقعة الدعوى إذ ربط بين الإرهاق في تنفيذ الالتزام وبين ثروة الشركة الطاعنة وإمكانياتها مع أن معيار الإرهاق موضوعي بالنسبة للصفقة المعروضة وليس ذاتياً بالنسبة إلى شخص المدين، وإذ بنى الحكم انتفاء الإرهاق على أن للشركة الطاعنة أرصدة في البنوك لم تمس وزمامات لدى الغير تستطيع سداد ديونها منها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في هذا الخصوص قوله... "إن صدور قانون الاستيلاء وإن كان يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً وغير متوقع الحصول إلا أنه في حالة الشركة المستأنف عليها - الطاعنة - لا يجعل التزامها بدفع الفوائد عن المبالغ التي اقترضتها من البنك مرهقاً لها ويهددها بخسارة فادحة... ذلك أن اللجنة أضافت إلى ثمن الأدوية المستولى عليها نسبة معقولة من الربح قدرتها بمبلغ 5000 ج وإن كانت اللجنة قد رفضت احتساب الفوائد التي للبنوك ضمن التعويض المطلوب إلا أن الربح الذي قدرته اللجنة يكفي لدفع الفوائد المطلوبة واحتجاز نسبة منه معقولة للربح، إذ ليس من المعقول أن تنال الشركة ربحاً قدرته اللجنة ولا تتحمل هي الفوائد المقررة عليها للبنك الذي أسهم في حصولها على هذا الربح بالدين الذي أقرضه لها فإذا ما أدت الشركة الفوائد المطلوبة منها وقدرها على حد قولها 3268 ج و547 م من الربح الذي قدرته لها اللجنة وهو 5000 ج فلا يعتبر هذا مرهقاً للشركة ويهددها بخسارة فادحة إذ بعد أداء هذه الفوائد يتبقى للشركة ربح معقول" .... وهذا الذي قاله الحكم يفيد أنه جعل المناط في تحديد الإرهاق بقيمة التكاليف والربح الذي قدرته اللجنة والفوائد التي تريد الشركة الطاعنة إسقاطها وبذلك يكون قد أخذ بمعيار موضوعي في حدود الصفقة المعروضة. وإذ كان هذا الذي قرره الحكم صحيحاً في القانون فلا على الحكم إذ هو تطرق إلى أن أرصدة الشركة الطاعنة وحقوقها لدى الغير قائمة لم تمس وأن في مكنتها أن تسدد الفوائد من الأموال التي تحصل عليها من ديونها لدى الغير إذ يعد هذا القول فضلة زائدة عن حاجة الحكم فلا تعيبه، ومن ثم فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه بمقتضى القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 تأجلت الديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال فترة معينة مما يوحي بأن الأجل الذي منحه القانون إن هو إلا إيقاف للدين ومنع لسريان الفوائد في فترة التأجيل، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا التكييف وصور مرمى القانونين بأنه مجرد تأجيل لوفاء أصل الدين دون الفوائد التي تتراكم وتحتسب في فترة التأجيل. وإذ قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بفائدة للبنك المطعون عليه عن هذه الفترة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان القانون رقم 269 لسنة 1960 الصادر بتاريخ 19 من يوليو سنة 1960 قد نص في مادته الأولى على أن تؤجل لمدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 212 لسنة 1960 الديون التي يحل ميعاد استحقاقها خلال هذه المدة وذلك بالنسبة للمبالغ المدين بها المستوردون ووكلاء شركات الأدوية الأجنبية وأصحاب مخازن الأدوية التي تم الاستيلاء على ما لديهم من أشياء طبقاً لأحكام القانون رقم 212 لسنة 1960 المستحقة لأشخاص لا يباشرون نشاطاً يتعلق بتجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، وكان هذا القانون قد حظر اتخاذ أي إجراء تحفظي أو تنفيذي بسبب الديون المشار إليها قبل انقضاء هذه المهلة التي امتدت بالقانون رقم 272 لسنة 1960 في 20 أكتوبر سنة 1960 بتأجيل الوفاء بتلك الديون لمدة ثلاثة أشهر أخرى تبدأ من 17 أكتوبر سنة 1960، فإن هذين القانونين يفصحان عن إرادة المشرع في التدخل بسبب ظروف اقتصادية خاصة قرر إزاءها وقف المطالبة بالديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة، وهذه المدة إنما تعتبر أجلاً محدداً قانوناً يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام، بمعنى أن الالتزام نشأ منجزاً ولكنه تحول أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل بناء على تدخل المشرع Morotorium وإذ أراد المشرع مجرد تأجيل الديون المستحقة بعد سريان القانون رقم 212 لسنة 1960 دون أن يتدخل في تعديل الاتفاق على الفوائد المعتبر شريعة المتعاقدين، ذلك أن عبارة القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 المشار إليهما صريحة في تأجيل الوفاء بالدين فحسب لمدة أقصاها ستة شهور دون أن تشير إلى وقف الفوائد التي تظل سارية بحكم الاتفاق الذي لم يمسسه القانون، وقد قرر القانون رقم 212 لسنة 1960 الاستيلاء على المستحضرات الطبية لدى شركات القطاع الخاص التي تتجر في الأدوية ونظم أحكام هذا الاستيلاء تمشياً مع سياسة الدولة الاشتراكية حتى لا تتضخم أرباح تلك الشركات على حساب السواد الأعظم من أبناء الشعب بالتحكم في السوق ورفع الأسعار، وكان تأجيل سداد ما على هذه الشركات من ديون طبقاً للقانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 مرجعه أن تحديد مراكزها المالية يتطلب بعض الوقت بسبب الاستيلاء لديها على المواد التي تقوم بالاتجار فيها من المستحضرات الطبية، مما مفاده أن يقتصر أثر هذا التأجيل - أخذاً بالعلة التي أرادها المشرع وبالقدر الذي توخاه منها - على أصل الدين دون إيقاف سريان فوائده وإلا لكان في ذلك مغنم لهذه المنشآت الأمر الذي لم يدر في خلد المشرع بل ويتعارض مع أهدافه. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ التزم هذا النظر ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الأول والسبب الرابع مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه كيف العلاقة بين البنك المطعون عليه وبين الشركة الطاعنة بأنها قروض مع أن علاقة البنك بالمنشأة هي فتح اعتمادات وخطابات وخصم وجميعها لا تشتبه بالقرض أو تختلط به، ولقد كان لهذا التكليف أثر في قضائه حين قرر أن ذلك القرض معين المقدار وخالٍ من النزاع باعتباره ديناً ثبت في ذمة المدين قبل البنك ولا نزاع في استحقاقه، دون أن يلقي الحكم بالاً إلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 272 لسنة 1960 من أن هناك ارتباطاً بين تحديد المراكز المالية للمنشآت المستولى عليها وبين سداد ما عليها من ديون مستحقة للبنوك وغيرها، مما يعني أن الدين بجانب أنه لم يعد مستحق الأداء بنص القانون فإنه لا يزال غير محدد المقدار، وإذ غفل الحكم عن ذلك فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الثابت من تحصيل الحكم المطعون فيه لواقعة الدعوى وطبقاً لأقوال الشركة الطاعنة ذاتها أنها مدينة للبنك المطعون عليه بقيمة البضائع المستولى عليها لديها وأنه كان يتقاضى على هذه القيمة فوائد تقيد عليها في نهاية كل شهر. ولما كان من الجائز أن يتخذ عقد القرض صوراً مختلفة غير صورته المألوفة من قبيل الخصم وفتح الاعتماد وخطابات الضمان باعتبار أنه يجمع بينها كلها وصف التسهيلات الائتمانية ويصدق عليها تعريف القرض بوجه عام الوارد في المادة 538 من القانون المدني. وكان ما عناه القانون رقم 212 لسنة 1960 هو تنظيم العلاقة بين الشركة الطاعنة وبين الجهة الإدارية التي تنهض بالاستيلاء دون علاقتها بالبنك الدائن لها، فإنه لا شأن لهذا القانون بتعيين مقدار الديون أو استحقاقها. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قرر أن القرض الذي حصلت عليه الشركة الطاعنة من البنك المطعون عليه هو الذي سبب الربح الذي قدرته اللجنة، هذا في حين أن البضاعة المستولى عليها لم تكن جميعها لدى البنك المطعون عليه بل كان جانب منها في مخازن الشركة فإذا اعتبر الحكم أن الربح مبعثه ما أسهم به البنك دون أن يبين نسبة هذا الإسهام فإنه يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن ما قرره الحكم من أن البنك أسهم في حصول الشركة على الربح بالدين الذي أقرضه لها لا ينفي أن هناك عوامل أخرى شاركت في هذا الربح وأعانت عليه، ولما كان النزاع يدور حول أحقية البنك في اقتضاء الفوائد خلال فترة تأجيل الدين وارتأى الحكم أن التعويض المقدر عن كافة البضائع والمستندات المستولى عليها عاد بربح على المنشأة ثم استخلص من ذلك أن قيمة بعضها مما تم الاستيلاء عليه لدى البنك المطعون عليه قد أسهم في إحداث الربح فإن هذا القول - تسانده الدعامات الأخرى التي أوردها الحكم على النحو السالف بيانه في الرد على الأسباب السابقة - ينهض قواماً للفصل في النزاع المطروح عليه ولو لم يحدد الحكم نسبة ما أسهم به البنك إلى ما تم بالاستيلاء عليه. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الأول مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قد مس مركزاً قانونياً ثابتاً للشركة الطاعنة، ذلك أن اللجنة المشكلة لتحديد التعويض قدرت بمبلغ 5000 ج ربحاً لها، وعلى الرغم من هذا القرار يعد طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 212 لسنة 1960 قراراً نهائياً لا يجوز الطعن فيه فإن الحكم المطعون فيه أهدر حجيته حين عمد إلى خصم مبلغ الفائدة المستحقة للبنك المطعون عليه ومقدارها 3268 ج و557 م من ذلك الربح واعتبر الفرق بين المبلغين يمثل ربحاً معقولاً مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حدد مفهوم القرار الذي تصدره اللجنة الإدارية التي خولها القانون رقم 212 لسنة 1960 حق تقدير التعويض تحديداً سليماً في قوله "إن هذا القرار قد تضمن شقين الأول تقدير التعويض عن المنشأة المستولى عليها والثاني التعرض لبحث الفوائد التي استحقت على أصحاب المنشأة الدوائية المستولى عليها في الفترة اللاحقة للاستيلاء، فأما عن الشق الأول فلا جدال في أن قرار اللجنة نافذ ولا معقب عليه كما تقول اللجنة في أسبابها، ذلك لأن المادة 10 من القانون قد جعلت قرارها بالتعويض لا مطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن. وأما الشق الثاني وهو الخاص بالفوائد المستحقة في الفترة التي أعقبت الاستيلاء فإنه لا يدخل في نطاق المادة التاسعة من القانون التي ترسم للجنة اختصاصها وهو تقدير التعويض عما يتم الاستيلاء عليها على أساس التكاليف الحقيقية ومراعاة مدى الصلاحية وإمكانيات التوزيع وعلى ألا يتجاوز التعويض مقدار التكاليف شاملة نسبة حدها الأقصى 6% وقد أقحمت اللجنة نفسها في هذه الفوائد بدون مقتضٍ واتخذت فيها رأياً قالت هي نفسها عنه أنه غير ملزم للدائنين وبذلك تكون اللجنة قد أقرت في أسبابها أن تعرضها لهذه الفوائد التي تستحق للدائنين على أصحاب المنشآت المستولى عليها يخرج عن اختصاصها ويدخل في اختصاص القضاء". ولما كان ما ذكره الحكم عند المقارنة بين الفوائد المستحقة وبين الربح المقدر إنما جاء في مجال مناقشة نظرية الحادث الاستثنائي وفق المادة 147 من القانون المدني باعتبار أن المتبقي من الربح بعد أداء الفوائد لا يعد مرهقاً للشركة الطاعنة ولا يهددها بخسارة فادحة، فإن هذا القول من الحكم لا يعدو أن يكون بياناً لعنصر من العناصر الواقعية لتقدير ما أصاب المنشأة الطاعنة من إرهاق بسبب الاستيلاء وليس من شأنه أن يمس حجية قرار اللجنة في خصوص ما قدرته من تعويض أو حددته من ربح. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.