أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 145

جلسة 29 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

(27)
الطعن رقم 314 لسنة 29 القضائية

( أ ) مرافق عامة. "علاقة الملتزم بعماله". "انتهاء مدة عقد الالتزام" عمل.
انتهاء مدة عقد الالتزام. أثره. بقاء الشركة لتحقيق النشاط الذي كانت تمارسه أصلاً قبل تكليفها بإدارة المرفق. استمرار علاقتها بعمالها ومستخدميها. تجديد عقد المطعون عليه. تجدده لمدة غير محددة لا لمدة عقد الالتزام.
(ب) حكم. "تسبيب الأحكام". "كفاية التسبيب". عمل. " تنظيم العمل". " تكليف العامل بعمل غير المتفق عليه".
فصل المطعون عليه وإعادة تعيينه في وظيفة أدنى وبمرتب أقل بعد رفع دعواه بوقف قرار الفصل. اعتباره إجراء قصد به مخالفة أحكام المادة 19 من قانون عقد العمل الفردي. استخلاص موضوعي سائغ.
1 - إنه وإن كان استغلال شركة الملاحات المصرية لملاحة المكس موقوتاً بمدة التكليف الصادر لها بإدارتها إلا أن انتهاء هذا التكليف لا ينبني عليه انقضاء الشركة وزوال شخصيتها بل تظل قائمة لتحقيق النشاط الذي كانت تمارسه أصلاً قبل تكليفها بإدارة الملاحة وهو ما يستتبع بقاء علاقتها بمستخدميها وعمالها واستمرارها، وإذ جددت الشركة عقد المطعون عليه بعد انتهاء مدته فإنه يتجدد لمدة غير محددة وفقاً لأحكام المادة 35/ 1 من قانون عقد العمل الفردي.
2 - فصل المطعون عليه وإعادة تعيينه في وظيفة أدنى وبمرتب أقل - بعد رفع دعواه بوقف قرار الفصل - اعتباره إجراء قصدت به الشركة مخالفة أحكام المادة 19 من قانون عقد العمل الفردي وأنه باطل ولا أثر له بالتطبيق لحكم المادة 50 من هذا القانون، وما رتبه الحكم المطعون فيه على هذا النظر من اعتبار علاقة المطعون عليه بالشركة مستمرة إلى أن فصلته للمرة الثانية - هو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 952 سنة 1955 عمال كلي الإسكندرية بطلب إلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 1000 جنيه تعويضاً عن فصله من عمله فصلاً تعسفياً وقال شرحاً لدعواه إنه كان يعمل مديراً لملاحة المكس حينما كانت تستغلها شركة الملح والصودا المصرية ولما انتهى عقد امتيازها في سنة 1948 رسا المزاد الجديد على شركة الملح والتعدين الأهلية وإذ لم تحسن هذه الأخيرة استغلال الملاحة فقد أسقطت عنها الحكومة الامتياز وكلفت شركة الملاحات المصرية بإدارتها مقابل عمولة بموجب القرار الوزاري رقم 67 لسنة 1953 وعينت الشركة المذكورة المدعي مديراً للملاحة بمرتب شهري قدره 75 جنيهاً بعقد ينتهي في آخر فبراير سنة 1954 وبطريق الانتداب من قبل شركة الملح والصودا التي كان ما زال يعمل بها وعند انتهاء مدة العقد رأت شركة الملاحات المصرية أن يستمر في العمل لديها وبذلك تجدد عقده لمدة غير محددة ولما اطمأن إلى مركزه في شركة الملاحات سوى حسابه مع شركة الملح والصودا وتسلم منها جميع حقوقه، ولما انتهى أمر التكليف الصادر لشركة الملاحات المصرية أسند الامتياز إلى الشركة الطاعنة التي كان من واجبها أن تنقل جميع موظفي الشركة السابقة للعمل فيها تطبيقاً للمادة 48 من قانون عقد العمل الفردي وهو ما فعلته بالنسبة لكافة المستخدمين دون المدعي الذي قررت فصله في أول يوم تسلمت فيه العمل بحجة عدم إمكان التعاون بينه وبين العمال فأقام دعوى مستعجلة بوقف قرار الفصل. وفي أثناء نظرها رأت الشركة الطاعنة أن تحول دون استمراره فيها فأصدرت قراراً بتعيينه مفتشاً للتحقيقات بمرتب شهري قدره خمسون جنيهاً ولمدة ستة شهور تحت الاختبار ونظراً لحاجته وحتى لا ترفض دعواه بوقف قرار الفصل إذا رفض هذه الوظيفة فقد اضطر لقبولها وأقام دعوى موضوعية قيدت برقم 2265 سنة 1955 عمال كلي الإسكندرية بطلب فوق مرتبه وأجره عن المدة التي أبعد فيها عن العمل إلا أن الشركة قبل مضي ستة أشهر على إعادة تعيينه فصلته مرة أخرى استناداً إلى أن تنظيم العمل اقتضى الاستغناء عن وظيفته - ثم خلص إلى أن فصله في المرتين هو سلسلة من الإجراءات التعسفية مما يوجب مسئولية الشركة عن تعويضه وقررت المحكمة ضم الدعوى رقم 2265 سنة 1955 للدعوى الحالية رقم 952 سنة 1955 ليصدر فيهما حكم واحد بتاريخ 30 يناير سنة 1956 حكمت برفضهما وأعفت المدعي من المصروفات. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم أما محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد الاستئناف برقم 147 سنة 14 قضائية وبتاريخ 24 من فبراير سنة 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في الدعويين 2265 سنة 1955 عمال كلي الإسكندرية و952 سنة 1955 عمال كلي الإسكندرية وبإلزام الشركة المستأنف عليها بأن تدفع للمستأنف (أولاً) في الدعوى رقم 2665 سنة 1955 عمال كلي الإسكندرية مبلغ 350 ج و500 م (وثانياً) في الدعوى رقم 952 سنة 1955 عمال كلي الإسكندرية مبلغ 500 ج (وثالثاً) إلزام الشركة المستأنف عليها المصروفات المناسبة عن الدرجتين وإلزام المستأنف باقي المصروفات الاستئنافية وإلزام الشركة مبلغ 10 ج مقابل أتعاب المحاماة - طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الشركة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه اعتبر عقد المطعون عليه مع الشركة السابقة بعد انتهاء مدته في آخر فبراير سنة 1954 قد أصبح عقداً غير محدداً لمدة باستمرار الطرفين في تنفيذه حتى آخر أغسطس سنة 1954 وهو تقرير خاطئ ومخالفة للقانون لأن عقد الامتياز هو عقد مؤقت بطبيعته مما يترتب عليه بالضرورة أن يكون ارتباط المستغل بالموظفين والعمال موقوتاً بمدة الامتياز وهو ما حرصت الشركة السابقة على توضيحه للمطعون عليه في خطاب تعيينه فنصت على أن هذا التعيين ينتهي في آخر فبراير سنة 1954 تاريخ انتهاء أمر التكليف الصادر لها، وإذا كان هذا التكليف قد امتد إلى آخر أغسطس سنة 1954 ريثما تتخذ الحكومة إجراءات طرح استغلال الملاحة في مزاد عام فإن عقد المطعون عليه يكون قد تجدد لهذه المدة المحددة.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان استغلال شركة الملاحات المصرية لملاحة المكس موقوتاً بمدة التكليف الصادر لها بإدارتها إلا أنه لا يترتب على هذا انتهاء هذا التكليف انقضاء الشركة وزوال شخصيتها بل تظل قائمة لتحقيق النشاط الذي تمارسه أصلاً وقبل تكليفها بإدارة الملاحة المذكورة وهو ما يستتبع بقاء علاقتها بمستخدميها وعمالها مستمرة فإذا جددت عقد المطعون عليه بعد انتهاء مدته فإنه يتجدد لمدة غير محددة وفقاً لأحكام المادة 35/ 1 من قانون عقد العمل الفردي ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والخامس أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر عقد المطعون عليه قائماً في مواجهة الشركة الطاعنة تطبيقاً للمادة 48 من قانون عقد العمل الفردي يكون قد خالف حكم هذه المادة وأخطأ في تطبيقها من جملة وجوه - أولها: أن يشترط أن يكون عقد العمل قائماً في مواجهة السلف حتى يتعدى إلى الخلف ويكون مسئولاً عن الاستمرار في تنفيذه في حين أن عقد المطعون عليه مع الشركة السابقة كان قد انقضى بانقضاء التكليف الصادر لها من الحكومة - وثانيها: أن الشركة الطاعنة لا تعتبر في استغلال الملاحة خلفاً للشركة السابقة لأنها لم تتلق هذا الاستغلال عنها وإنما تلقته من الحكومة مباشرة بعد طرح الامتياز في مزاد عام. (وثالثها) - أن المادة 48 المشار إليها صريحة في أن المقصود بالتصرفات التي تجعل رب العمل مسئولاً عن عقود رب العمل السابق هي التصرفات الناقلة لملكية المنشأة كالإرث والوصية والهبة والبيع، وإذا كانت المادة قد أضافت إلى ذلك عبارة "أو غير ذلك من التصرفات" فالمقصود منها أن تكون من نوع التصرفات التي عددتها المادة المذكورة ولا يدخل في مدلولها خلافاً لما ذهب إليه الحكم - عقد منح الامتياز الذي يتم مباشرة بين الإدارة والمستغل نتيجة مزاد عام (ورابعها) لا تشمل تلك المادة حالة انقضاء المنشأة أو المؤسسة بانقضاء المدة المعينة لها إذ لا يوجد استخلاف في هذه الحالة وإنما يوجد توقف نهائي من نوع التوقف الذي استثنته الفقرة الثانية من المادة 48 المذكورة في حالات التصفية والإفلاس والإغلاق النهائي المرخص به (وخامسها) أنه غير صحيح ما قرره الحكم من أن استغلال الملاحة هو استغلال لمرفق يتطلب الاستمرار والنشاط وما يتتبع ذلك من استبقاء مؤقت للموظفين والعمال حتى يصدر الملتزم الجديد لوائحه التنظيمية في شأنهم وإنما هو استغلال لمورد من موارد الثروة الطبيعية وشتان بين الوضعين (وسادسها) أن قبول المطعون عليه العمل لدى الشركة الطاعنة بمقتضى عقد على سبيل الاختبار ينطوي ضمناً على فسخ أية علاقة سابقة بين الطرفين - كما أخطأ الحكم في الاستدلال وشابه القصور من وجوه (أولها) أنه استدل على بقاء عقد المطعون عليه مع الشركة السابقة قائماً في مواجهة الطاعنة بالخطاب المرسل إليه من هذه الأخيرة في أول سبتمبر سنة 1954 بفصله من خدمتها لتعذر التعاون بينه وبين العمال وهو استدلال خاطئ لأن العقد كان قد انقضى بانقضاء التكليف الصادر للشركة السابقة وإذا كانت الطاعنة في خطابها الذي تطوعت بإرساله قد استعملت كلمة "فصل" فإن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني وكل ما يفيده هذا الخطاب الذي صدر من الشركة في أول يوم باشرت فيه العمل أو أنها أكدت للمطعون عليه انقضاء عقده مع الشركة السابقة وعدم رغبتها هي في التعاقد معه من جديد. (وثانيها) - أن الحكم اعتبر عقد المطعون عليه قائماً استناداً إلى عبارة وردت في دفاع الطاعنة في قضية أخرى ذكرت فيها أنها استبقت في خدمتها العمال والمستخدمين الذين كانوا يعملون في المرفق لدى الشركة السابقة فاستخلص الحكم من كلمة "استبقت" أنها تعني بقاء هؤلاء العمال والمستخدمين بمراكزهم القانونية في الشركة الجديدة على النحو الذي كانوا عليه في الشركة السابقة وهو استخلاص غير سائغ لأنه فضلاً عن عدم جواز الاستناد إلى عبارة تضمنها دفاع الشركة في قضية أخرى فإن العبارة المذكورة إذ كانت تنصرف إلى الأشخاص المستخدمين والعمال فإنها لا تعني مراكزهم القانونية بغير ذلك يرهق المستغل الجديد ويحمله أخطاء المستغل السابق من تعيين عمال غير أكفاء أو تحديد مرتبات عالية لا تتفق مع الإمكانيات المالية للمستغل الجديد. (وثالثها) - قول الحكم المطعون فيه إن عقد الامتياز الممنوح للطاعنة فرض عليها استمرار تشغيلها للعمال والمستخدمين السابقين مستنداً في ذلك إلى مجرد أقوال المطعون عليه وإلى عدم تقديم الطاعنة عقد الامتياز المذكور وهو بذلك يكون قد أخطأ في الاستدلال لأن الالتزامات المفروضة بمقتضى عقد الامتياز لا تثبت بطريق الافتراض وإنما يجب أن يقدم الدليل عليها، وقد اعترفت محكمة الاستئناف بعدم إطلاعها على عقد الامتياز ولكنها افترضت وجود الشرط الذي زعمه المطعون عليه استناداً إلى أقوال الطاعنة في مذكرتها المقدمة في قضية أخرى من أنها استجابت للتعاون مع أولي الأمر بإبقاء هؤلاء الموظفين والعمال في خدمتها بقصد القضاء على البطالة والتعطل وبذلك تناقضت المحكمة في أسبابها لقيام الفرق بين وجود الشرط الذي يلزم الطاعنة استبقاء عمال ومستخدمي الشركة السابقة وبين قبول الطاعن اختياراً وتعاوناً مع أولي الأمر استبقاء هؤلاء العمال والمستخدمين (ورابعها) أن الحكم اعتبر إخطار الطاعنة للمطعون عليه في أول يوم باشرت فيه نشاطها وقبل تبين مدى صلاحيته فصلاً تعسفياً وهو استخلاص غير سليم لانتهاء عقد المطعون عليه مع الشركة السابقة بانتهاء تكليفها. والطاعنة بعد رسو المزاد عليها لها السلطة التامة في اختيار من ترغب في التعاون معهم دون معقب على هذا الاختيار.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بما قرره الحكم المطعون فيه من أنه "عند إعطاء امتياز استغلال الملاحات للشركة المستأنف ضدها - الشركة العامة للملح المصري - وذلك بموجب القرار الوزاري 346 لسنة 1954 كان المستأنف وسائر موظفي الشركة السابقة ضمن موظفي الشركة الجديدة واعتبرتهم الأخيرة كذلك وأن عقود تشغيلهم لم تنته بانتهاء الشركة السابقة بل استمرت هذه العقود نافذة المفعول، وهذا بدليل أن الشركة المستأنف ضدها قد أصدرت قراراً إدارياً في 2 سبتمبر سنة 1954 بفصل المستأنف من خدمتها بمقولة إن رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة المذكورة قد تبينوا تعذر التعاون بين المستأنف وبين العمال (مستند رقم 10 من حافظة مستندات المستأنف المودعة بجلسة 17/ 11/ 1954) فإن لم تكن الشركة تعتقد بأن المستأنف أحد موظفيها ما كانت هناك ضرورة لإصدار قرار بفصله اكتفاء بأن عقده قد انتهى بانتهاء الشركة السابقة - هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد أقرت الشركة بهذه الواقعة إقراراً صريحاً فقالت بأنها استبقت في خدمتها العمال والمستخدمين الذين كانوا يعملون في المرفق لدى الشركة السابقة عليها وهذا الاستبقاء معناه بقاء هؤلاء العمال والمستخدمين بمراكزهم القانونية وحالتهم التي كانوا عليها في الشركة الجديدة وبقاء وضعهم على ما كانوا عليه في الشركة السابقة (تراجع مذكرة الشركة المستأنف ضدها المقدمة منها في القضية 751 سنة 1955 عمال مستعجل الإسكندرية الصفحة الثامنة فقرة 4، 3) وأن "المستأنف يقول أنه زيادة عما تقدم فإن عقد الامتياز الذي بموجبه آل استغلال ملاحة المكس إلى الشركة المستأنف ضدها قد اشترط صراحة على الشركة المذكورة استمرار تشغيلها للعمال والمستخدمين السابقين وهذا ثابت من الشروط الملحقة بعقد الاستغلال المذكور، وقد طالب المستأنف محكمة أول درجة بإلزام الشركة بتقديمه ولكن الشركة رفضت تقديم هذا الملحق وهذه الواقعة إن لم يقم الدليل عليها لعدم إطلاع المحكمة على هذا الملحق إلا أن إبقاء الموظفين والعمال بالشركة المستأنف عليها واستمرارهم في عملهم من الوقائع المادية التي تؤيد وجود مثل هذه الشروط ونفس الشركة تقول في مذكرتها السالف الإشارة إليها أنها استجابت إلى التعاون مع أولي الأمر بالبقاء هؤلاء الموظفين والعمال في خدمتها بقصد القضاء على البطالة والتعطل" ويبين من هذا الذي قرره الحكم أنه استخلص من الواقع في الدعوى استمرار العلاقة بين الشركة الطاعنة وبين المطعون عليه وهو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لحمل قضائه بصرف النظر عما استطرد إليه الحكم من القول بقيام الاستخلاف بين الشركتين كما أن فيه الرد الكافي على ما أثير في خصوص هذين السببين.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر تعيين المطعون عليه لدى الطاعنة لمدة ستة شهور تحت الاختبار باطلاً وفقاً لأحكام المادة 129 مدني يكون قد خالف المادة المذكورة وأخطأ في تطبيقها لأن المطعون عليه لم يتمسك بها ولم يرفع دعوى البطلان في خلال سنة من تاريخ التعاقد كما أن المرتب الذي حدد له كمفتش للتحقيقات تحت الاختبار يزيد بكثير عن قيمة هذا العمل مما يجعل الغبن منتفياً وفضلاً عن ذلك فإنه لم يصدر من الطاعنة أي استغلال المطعون عليه وكل ما في الأمر أنها عرضت عليه أن تعينه مفتشاً لديها بمرتب قدره 50 جنيهاً تحت الاختبار فقبل هذا العرض وتنازل اختياراً عن دعواه بوقف قرار الفصل ولا يصدق عليه أنه كان في حالة طيش أو هوى جامح بالمعنى المقصود في المادة 129 مدني. ويتحصل السبب الرابع في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن تعيين المطعون عليه مفتشاً للتحقيقات بمرتب 50 جنيها هو تكليف له بعمل أدنى على خلاف أحكام المواد 19 و50 من قانون عقد العمل الفردي و296/ 2 من القانون المدني فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه يشترط لتطبيق أحكام المواد المذكورة أن يبقى العامل مرتبطاً برب العمل بذات العقد، أما إذا كان العقد قد انقضى ثم أعيد تعيين العامل بعقد جديد فلا يصح اعتبار هذا التعيين تخفيضاً سواء من حيث نوع العمل أو مقدار المرتب.
وحيث إن هذا النعي مردود في سببيه ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن اعتبر إعادة تعيين المطعون عليه تحت الاختبار باطلاً وفقاً لأحكام المادة 129 من القانون المدني أضاف إلى ذلك أن "الشركة قد خالفت نص المادتين 50،19 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 والمادة 296/ 2 من القانون المدني فتنص المادة 19 المشار إليها بأنه (لا يجوز لصاحب العمل أن يكلف العامل عملاً غير المتفق عليه أو يخرج عن القيود المشروطة في الاتفاق إلا إذا دعت الضرورة لذلك منعاً لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عنه أو في حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة)، وتنص المادة 50 على (أنه يقع باطلاً كل شرط في عقد العمل يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقاً على العمل به ما لم يكن الشرط أكثر فائدة للعامل) كما تنص المادة 696/ 2 مدني على أن (نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله يغير ما ذنب جناه لا يعد عملاً تعسفياً بطريق غير مباشر إذا ما اقتضته مصلحة العمل ولكنه يعد كذلك إذا كان الغرض منه إساءة العامل) وأنه على ضوء هذه النصوص يكون اعتبار محكمة أول درجة للخطاب الصادر للمستأنف من الشركة أثناء نظر دعوى وقف قرار الفصل بمثابة تعيين جديد تحت الاختبار هو تقرير خاطئ وعلى ذلك فإن قيام الشركة المستأنف عليها بتشغيل المستأنف في عمل مفتش تحقيقات بدلاً من مدير لملاحة المكس وبتخفيض مرتبه إلى 50 جنيهاً بدلاً من 75 جنيهاً شهرياً هو خروج عن حكم هذه المواد وباطل تماماً ولا يمكن أن يترتب عليه أي أثر قانوني بالنسبة للمستأنف لأن أحكام قانون عقد العمل الفردي في هذا الصدد هي قواعد آمرة من النظام العام لا يجوز مخالفتها ومن ثم يكون عقد المستأنف الأول مع الشركة قائماً حتى تاريخ فصل المستأنف للمرة الثانية وأنه "بالنسبة لفصل المستأنف للمرة الثانية فإن الشركة تعتبره حقاً من حقوقها على اعتبار أن المستأنف كان معيناً تحت الاختبار، أما وقد ثبت أن هذا التعين لا تأثير له قانوناً على عقد المستأنف الأصلي الذي هو الوحيد الساري المفعول يكون فصل المستأنف للمرة الثانية قد حصل دون سبب مشروع بطريق العسف مما يستدعى تعويضه" ويبين من هذا الذي أورده الحكم أنه اعتبر فصل المطعون عليه وإعادة تعيينه في وظيفة أدنى وبمرتب أقل بعد رفع دعواه بوقف قرار الفصل هو إجراء قصدت به الشركة مخالفة أحكام المادة 19 من قانون عقد العمل الفردي وأنه باطل ولا أثر له بالتطبيق لحكم المادة 50 من القانون المذكور ورتب على هذا النظر اعتبار علاقة المطعون عليه بالشركة ظلت مستمرة حتى فصلته في المرة الثانية وهو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لحمله وأما ما استطرد إليه الحكم تزيداً في خصوص استدلاله بالمادة 129 من القانون المدني فعلي فرض خطئه فإن الحكم يستقيم بدونه ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب السادس هو تناقض أسباب الحكم المطعون فيه مع منطوقه في خصوص ما قضى به للمطعون عليه في الدعوى رقم 2665 سنة 1955 وقضاؤه له بأكثر مما طلب إذ أشار في أسبابه إلى أن المطعون عليه يستحق مبلغ 269 ج بينما تضمن منطوقه الحكم له بمبلغ 350 جنيهاً و500 مليم وهذا المبلغ يزيد عما طلبه في الدعوى المشار إليها.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقيه بأنه لا يصلح سبباً للطعن على الحكم بطريق النقض.