أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 254

جلسة 20 من فبراير سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

(45)
الطعن رقم 282 لسنة 29 القضائية

( أ ) دعوى. "تكييف الدعوى". نقض. "حالات الطعن". "مخالفة القانون".
على المحكمة أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني المنطبق على واقعة الدعوى. خطؤها في ذلك وتطبيقها أحكاماً غير الواجبة التطبيق. جواز الطعن في الحكم بطريق النقض لمخالفة القانون ولو لم يكن الطاعن قد نبه محكمة الموضوع إلى ذلك.
(ب) عقد. "تكييف العقد"."عقد إداري".
إبرام عقد مع إحدى جهات الإدارة لتوريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوائه على شروط غير مألوفة في القانون الخاص. اعتباره عقداً إدارياً.
(ج) عقد. "عقد إداري". "إخلال المتعاقد مع الإدارة بالتزامه". "الجزاءات المنصوص عليها في العقد". "التنفيذ العيني".
الجزاءات المنصوص عليها في العقود الإدارية عن تقصير المتعاقد مع الإدارة أو تأخيره في الوفاء بالتزامه، وجوب تنفيذها بدقة ومقدارها المحدد في العقد. من هذه الجزاءات حق الإدارة في شراء المواد التي يمتنع المتعاقد معها عن توريدها أو استئجارها على حسابه وتحت مسئوليته. تحمل المتعاقد كافة النتائج المالية المترتبة على ذلك. تحديد المصروفات التي تتكبدها الإدارة في عملية الشراء أو الاستئجار في العقد. حق الإدارة في اقتضائها كاملة دون أن تطالب بإثبات ما أنفقته منها فعلاً. حسبها أن تثبت قيامها بالشراء أو الاستئجار على حساب المتعهد بسبب امتناعه عن التوريد.
1 - متى كانت الطاعنة قد عرضت العقد مثار النزاع على محكمة الموضوع وطلبت القضاء لها بما طلبته من مبالغ بالتطبيق لشروطه فإنه كان على تلك المحكمة أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين الطرفين وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها، فإن أخطأت في ذلك وطبقت أحكام القانون المدني دون قواعد القانون الإداري الواجبة التطبيق جاز لمن تكون له مصلحة من الخصوم في إعمال هذه القواعد أن يطعن في الحكم بطريق النقض على أساس مخالفته للقانون ولو لم يكن قد نبه محكمة الموضوع إلى وجوب تطبيق القواعد المذكورة.
2 - إذا كان العقد قد أبرم مع إحدى جهات الإدارة بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة في القانون الخاص فإنه يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني.
3 - تقضي أصول القانون الإداري بأن الجزاءات التي ينص في العقود الإدارية على حق الإدارة في توقيعها في حالة تقصير المتعاقد معها أو تأخيره في الوفاء بالتزامه يجب تنفيذها بدقة وبمقدارها المحدد في تلك العقود لأن كل إخلال من جانب المتعاقد مع الإدارة بالتزامه لا يقتصر أثره على الإخلال بالتعاقد فحسب وإنما يترتب عليه أيضاً المساس بانتظام سير المرفق العام واطراده. ومن بين الجزاءات التي تستهدف الإدارة منها الضغط على المتعاقد معها وإرغامه على تنفيذ التزامه ما تشترطه في عقود التوريد من أن يكون لها في حالة تخلف المتعهد عن التوريد الحق في أن تشتري على حسابه المواد التي يمتنع عن توريدها أو أن تستأجرها إذا كان التوريد على وجه الإجارة. وفي هذه الحالة يتم الشراء أو الاستئجار على حساب ذلك المتعهد وتحت مسئوليته فيتحمل جميع نتائجه المالية ومن هذه النتائج الزيادة في الأسعار والمصروفات اللتين تتكبدهما الإدارة في تلك العملية وتعتبر هذه المصروفات مكملة لفروق الأسعار - فإذا نص في العقد على طريقة تحديد تلك المصروفات حق للإدارة اقتضاؤها كاملة على هذا الأساس دون أن تطالب بإثبات ما أنفقته منها فعلاً ويكفي لاستحقاقها لها بمقدارها المحدد في العقد أن يثبت قيامها بالشراء أو الاستئجار على حساب المتعهد بسبب امتناعه عن التوريد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الوزارة الطاعنة أقامت في 17 من مايو سنة 1952 الدعوى رقم 2328 سنة 1952 كلي القاهرة ضد المطعون عليه طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1227 جنيهاً و334 مليماً وفوائده بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وقالت في بيان دعواها إنها تعاقدت معه على أن يورد إليها خلال عام 1950 ألف وخمسمائة عجل على وجه الإجارة مقابل 180 قرشاً للعجل الواحد لتستخرج من هذه العجول المادة الجدرية اللازمة لمعمل المصل واللقاح وأن المطعون عليه بعد أن قام بتوريد عدد قليل من العجول المتفق عليها توقف نهائياً عن توريد الباقي وترتب على ذلك تعطيل تحضير لقاح الجدري وتناقص الرصيد الموجود من هذا المصل فقامت الوزارة بإنذاره بضرورة توريد العجول بواقع 40 عجلاً أسبوعياً ولما لم يفعل أنذرته ثانية بتاريخ 6 من إبريل سنة 1950 بأنه إذا لم يورد العجول المطلوبة خلال ثلاثة أيام ستقوم باستئجار العجول اللازمة لمعاملها على حسابه بالتطبيق لشروط العقد المبرم بينهما وأعادت إنذاره بذلك في 12، 26 من يونيه سنة 1950 ولما أصر على موقفه من الامتناع عن التوريد اضطرت الوزارة إلى الإشهار عن مناقصة لتوريد العجول اللازمة لمعاملها والتي تخلف المطعون عليه عن توريدها ورسى العطاء على أحمد عبده شعبان بأجرة قدرها 350 قرشاً للعجل الواحد وقام المذكور بتوريد 706 عجول وإنه لما كان العقد يقضي بإلزام المطعون عليه بفروق الأسعار الناتجة عن الاستئجار على حسابه مضافاً إليها مصاريف إدارته بواقع 10% من قيمة تلك الفروق فقد طلبت الوزارة الطاعنة في دعواها إلزامه بهذه الفروق البالغة 1200 جنيه و200 مليم مضافاً إليها 247 جنيهاً و10 مليمات قيمة المصاريف الإدارية التي احتسبتها خطأ لهذا المبلغ 50 جنيهاً و34 مليماً قيمة الغرامة المستحقة عليه طبقاً للعقد عن التأجير في التوريد ومجموع ذلك 1497 جنيهاً و334 مليماً خصمت منه التأمين والمدفوع منه وقدره 270 جنيهاً فيكون الباقي 1227 جنيهاً و334 مليماً وهو ما رفعت به الدعوى وبتاريخ 14 من يونيه سنة 1955 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام المطعون عليه بأن يدفع للوزارة الطاعنة مبلغ 1050 جنيهاً و220 مليماً وفوائده بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية مستبعدة من المبلغ المطالب به 50 جنيهاً و334 مليماً قيمة غرامة التأخير لما رأته من عدم جواز الجمع بين هذه الغرامة وبين الجزاء الخاص بالاستئجار على حساب المطعون عليه ومحتسبة المصاريف الإدارية بمبلغ 120 جنيهاً و20 مليماً بواقع 10% من فروق الأسعار الناتجة عن عملية الاستئجار من متعهد آخر وذلك طبقاً لما يقضى به العقد - استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1275 سنة 73 ق وأقام استئنافه على أن تخلفه عن توريد باقي العجول يرجع إلى تعسف الوزارة معه في تنفيذ العقد إذ أن المعمل كان يأخذ من العجول التي قام بتوريدها كمية من الدم تزيد عن المألوف مما كان يجعل هذه العجول عند ردها إليه في حالة صحية سيئة وهو ما يتنافى مع ما التزمت به الوزارة في العقد من تسليم العجول إليه بعد أخذ الدم منها سليمة وأضاف المطعون عليه أنه إذا لم تأخذ المحكمة بدفاعه هذا واعتبرته مسئولاً عن عدم توريد ما لم يقم بتوريده من العجول المتفق عليها فإن كل ما تحملته الوزارة من فروق في أسعار الكمية التي استأجرتها على حسابه هو مبلغ 545 جنيهاً و220 مليماً وانتهى في استئنافه إلى طلب القضاء بإلغاء الحكم المستأنف واحتياطياً بتعديل المبلغ المقضى به للطاعنة إلى المبلغ المذكور - وبتاريخ 27 من يناير سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف (المطعون عليه) بأن تدفع للمستأنف ضده بصفته (الطاعنة) مبلغ 930 ج و200 م وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية مستبعدة من المبلغ المقضى به ابتدائياً 120 جنيهاً و20 مليماً قيمة المصاريف الإدارية تأسيساً على ما رأته من اعتبار هذه المصاريف من قبيل التعويض ومن أن الطاعنة لم تقدم الدليل على إنفاقها شيئاً منها - طعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض واقتصر طعنها على ما قضى به الحكم من رفض هذه المصاريف وطلبت نقض الحكم المطعون فيه والحكم في الموضوع بتأييد الحكم الابتدائي وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى رفض الطعن تأسيساً على أن ما تتمسك به الطاعنة في سببه من أن العقد المبرم بينها وبين المطعون عليه يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون الإداري وليس عقداً مدنياً يخضع لأحكام القانون المدني يعتبر سبباً جديداً يخالطه واقع لم يسبق لها التمسك به أمام محكمة الموضوع وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعي فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضائه برفض المصاريف الإدارية التي طالبت بها طبقاً للعقد بواقع 10% من فروق الأسعار الناتجة عن عملية الاستئجار على حساب المطعون عليه - أقام الحكم قضاءه في هذا الخصوص على أن هذه المصاريف تعتبر عنصراً من عناصر التعويض وأن الطاعنة لم تقدم ما يفيد أنها تحملت بشيء منها هذا في حين أن العقد المبرم بينها وبين المطعون عليه هو عقد توريد إداري تحكمه قواعد القانون العام دون أحكام القانون المدني ومما تقضى به تلك القواعد أن للإدارة أن تشترط توقيع جزاءات معينة في حالة تخلف المتعاقد معها عن تنفيذ التزامه أو تقصيره في هذا التنفيذ ومن بين هذه الجزاءات أن يكون لها في عقود التوريد الحق في أن تشتري أو تستأجر على حساب المتعاقد معها المواد التي يتخلف عن توريدها متى ثبت لديها عجزه عن التوريد ويكون من حقها في هذه الحالة أن تتقاضى منه فروق الأسعار الناتجة عن هذه العملية وما يتحمله الجهاز الحكومي بسببها من نفقات وهذه النفقات تعتبر في حكم فرق السعر وجزءاً مكملاً له يجرى عليها ما يجرى عليه من أحكام وذلك باعتبارهما ناشئين عن سبب واحد هو عجز المتعهد عن التنفيذ واضطرار الإدارة إلى التنفيذ على حسابه وقد استقر الفقه والقضاء الإداريين على أنه إذا حددت هذه المصاريف في العقد جزافاً بمبلغ معين أو بنسبه من فروق الأسعار فإن المتعهد يلتزم بهذا التحديد ولا يقبل منه مناقشته فيما بعد ويكفي لالتزامه بهذه المصاريف أن يثبت قيام الإدارة بالشراء أو الاستئجار على حسابه ولا تلزم بإثبات إنفاقها فعلاً المبلغ المحدد في العقد ولما كان العقد المبرم بين الطرفين قد نص في البند السابع منه على حق الطاعنة في القيام باستئجار عجول على حساب المطعون عليه بدلاً من العجول التي يتخلف عن توريدها على أن يتحمل المطعون عليه في هذه الحالة بفروق الأسعار الناتجة عن هذه العملية كما اشترطت الطاعنة في البند 53 من شروط العطاء التي وقع عليها المطعون عليه بما يفيد قبوله التوريد على أساس أن يكون لها الحق أيضاً في المطالبة مع فروق الأسعار بالمصاريف الإدارية بواقع 10% من هذه الفروق وإذا كان الثابت أن الطاعنة قامت فعلاً باستئجار العجول على حساب المطعون عليه بعد أن ثبت عجزه عن التوريد وقد أقر الحكم المطعون فيه حقها في اقتضاء فروق الأسعار الناتجة عن هذا الاستئجار وقضى لها بها فإن ذلك كان يقتضى أن يحكم لها أيضاً بالمصاريف الإدارية وفقاً لما اتفق عليه في شروط العطاء المكملة للعقد وإذا رفض الحكم القضاء لها بتلك المصاريف فإنه يكون قد خالف القانون وليس بصحيح ما ذهب إليه من أن هذه المصاريف تعتبر تعويضاً يجب أن يقوم الدليل في الدعوى على مقوماته وذلك لما هو مقرر من أن الجزاءات المالية في العقود الإدارية واجبة التطبيق حتماً وبمقدارها المنصوص عليه في العقد وذلك بمجرد توافر السبب المستوجب لها ودون حاجة إلى إثبات أن الضرر قد لحق الإدارة بسبب إخلال المتعهد بالتزامه.
وحيث إن ما تثيره النيابة من عدم قبول هذا النعي بمقولة أنه لا يجوز للطاعنة أن تتحدى لأول مرة أمام محكمة النقض بأن العقد أساس دعواها هو عقد إداري تحكمه قواعد القانون الإداري دون أحكام القانون المدني وأن تعيب على الحكم المطعون عليه إغفاله تطبيق تلك القواعد هذا الذي تثيره النيابة غير صحيح في القانون ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعنة قد عرضت العقد مثار النزاع على محكمة الموضوع وطلبت القضاء لها بما طلبته من مبالغ بالتطبيق لشروطه فإنه كان على تلك المحكمة أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين الطرفين وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها فإن أخطأت في ذلك وطبقت أحكام القانون المدني دون قواعد القانون الإداري الواجبة التطبيق جاز لمن تكون له مصلحة من الخصوم في أعمال هذه القواعد أن يطعن في الحكم بطريق النقض على أساس مخالفته للقانون ولو لم يكن قد نبه محكمة الموضوع إلى وجوب تطبيق القواعد المذكورة.
وحيث إنه يبين من العقد أساس الدعوى والذي كان مقدماً إلى محكمة الموضوع أنه مبرم بين الوزارة الطاعنة وبين المطعون عليه وقد تعهد الأخير فيه بتوريد ألف وخمسمائة عجل إلى معامل الوزارة في المدة من أول يناير حتى آخر ديسمبر سنة 1950 على دفعات حسب الطلب مقابل 1 جنيه و800 مليم كأجرة للعجل الواحد على أن ترد العجول إلى المطعون عليه بعد استخراج المادة الجدرية منها وقد نص في البند السادس من العقد على أنه إذا نفق العجل أو حصلت له إصابة شديدة وهو في عهدة المعمل سواء كان ذلك بسبب العملية أو لأي سبب أخر تدفع الوزارة تعويضاً عنه يقدر بمعرفة القسم البيطري بوزارة الزراعة ويعتبر قراره في هذه الحالة نهائياً ونص في البند السابع على أن تقوم الوزارة بإخطار المطعون عليه بمقتضى خطاب موصى عليه بعدد العجول المطلوبة في كل دفعة وعليه أن يقوم بتوريدها في ظرف 24 ساعة من تاريخ وصول الإخطار إليه وإذا تأخر في توريد العدد المطلوب كله أو بعضه في الميعاد المحدد فللوزارة إلغاء العقد ومصادرة التأمين بعد إخطار المتعهد بالبريد المسجل ويمكنها أيضاً أن تستأجر من غير المتعهد العجول المطلوبة بالطريقة التي تراها تبعاً لتقديرها المطلق وما ينتج عن ذلك من زيادة في الأسعار يكون دينا على المتعهد يمكن استبعاد قيمته من المبالغ المستحقة له أو خصمه من التأمين المودع منه على ذمة هذا العقد أو أي عقد أخر بينه وبين الحكومة أو تحصيله بأي طريقة أخرى وذلك كله دون حاجة إلى تكليف أو إنذار رسمي كما نصت المادة 52 من قائمة الاشتراطات العامة لمقدمي العطاءات والموقع عليها من المطعون عليه بما يفيد قبوله التوريد على أساس الشروط الواردة فيها على أن المتعهد يلتزم أيضاً في هذه الحالة بالإضافة إلى ما ينتج من زيادة في الثمن بمصاريف إدارية بواقع 10% من هذه الزيادة وتحصل هذه المصاريف بذات الطريقة التي تحصل بها تلك الزيادة وأنه إذا كان السعر الذي تشتري به الوزارة يقل عن سعر المتعهد فلا يحق له المطالبة بالفرق وهذا لا يمنع من تحصيل قيمة غرامة التأخير المستحقة وإلغاء العقد ومصادرة التأمين كما تضمن العقد التزام المطعون عليه بنقل العجول بعد استخراج المادة الجدرية منها وذلك في ظرف 24 ساعة من تاريخ إخطاره وإن تأخر في نقلها يلزم بدفع غرامة معينة والتزامه أيضاً بذبح العجول في سلخانة القاهرة وذلك في مدة لا تجاوز شهر ونصف من تاريخ استخراج المادة الجدرية منها وإلا كان ملزماً بتعويض قدره جنيهين عن كل عجل وتضمن العقد أيضاً أنه إذا أقدم المطعون عليه بنفسه أو بواسطة غيره على الإرشاء أو الإغراء أو الاتفاق على غدر الوزارة أو حاول أي شيء من ذلك مباشرة أو غيره مباشرة فإن عمله هذا يترتب عليه إلغاء العقد في الحال وسقوط حقه في التأمين - ولما كان هذا العقد وقد أبرم بين المطعون عليه وبين إحدى جهات الإدارة "وزارة الصحة" بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة في القانون الخاص على ما سلف بيانه فإنه يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني. ولما كانت تلك الأصول تقضي بأن الجزاءات التي ينص في العقود الإدارية على حق الإدارة في توقيعها في حالة تقصير المتعاقد معها أو تأخيره في الوفاء بالتزامه يجب تنفيذها بدقة وبمقدارها المحدد في تلك العقود لأن كل إخلال من جانب المتعاقد مع الإدارة بالتزامه لا يقتصر أثره على الإخلال بالتعاقد فحسب وإنما يترتب عليه أيضاً المساس بانتظام سير المرفق العام واطراده. لما كان ذلك وكان من بين الجزاءات التي تستهدف الإدارة منها الضغط على المتعاقد معها وإرغامه على تنفيذ التزامه ما تشترطه في عقود التوريد من أن يكون لها في حالة تخلف المتعهد عن التوريد الحق في أن تشتري على حسابه المواد التي يمتنع عن توريدها أو أن تستأجرها إذا كان التوريد على وجه الإجارة - وفي هذه الحالة يتم الشراء أو الاستئجار على حساب ذلك المتعهد وتحت مسئوليته فيتحمل جميع نتائجه المالية ومن هذه النتائج الزيادة في الأسعار والمصروفات اللتين تتكبدهما الإدارة في تلك العملية وتعتبر هذه المصروفات مكملة لفروق الأسعار فإذا نص في العقد على طريقة تحديد تلك المصروفات حق للإدارة اقتضاءها كاملة على هذا الأساس دون أن تطالب بإثبات ما أنفقته منها فعلاً ويكفي لاستحقاقها لها بمقدارها المحدد في العقد أن يثبت قيامها بالشراء أو الاستئجار على حساب المتعهد بسبب امتناعه عن التوريد - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه رغم قضائه للطاعنة بفروق الأسعار التي طلبتها لما ثبت له من قيامها باستئجار العجول من متعهد آخر بسبب إصرار المطعون عليه على الامتناع عن التوريد رغم إنذاره مراراً قد رفض القضاء لها بالمصروفات الإدارية المتفق عليها في البند 53 من لائحة الاشتراطات العامة الموقع عليها من المطعون عليه بما يفيد قبول التوريد على أساس الشروط الواردة فيها مما تعتبر معه هذه القائمة مكملة للعقد وهو الأمر الذي لم ينازع فيه المطعون عليه إذ رفض الحكم القضاء بهذه المصروفات بحجة أنها تعتبر عنصراً من عناصر التعويض يجب أن يقوم الدليل على توافر مقوماته وأن الوزارة الطاعنة لم تقدم بياناً بمفردات هذه المصروفات ولا ما يفيد إنها تحملت بشيء منها وإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف.