أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 263

جلسة 20 من فبراير سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

(46)
الطعن رقم 301 لسنة 29 القضائية

( أ ) استئناف. "إعلان الاستئناف". بطلان. "البطلان المتعلق بالنظام العام".
وجوب إعلان الاستئناف إلى جميع الخصوم في الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف. إغفال ذلك يستوجب البطلان. تعلقه بالنظام العام.
(ب) حكم. "الطعن في الأحكام". "الخصوم في الطعن". تجزئة.
صدور حكم في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن. رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد. وجوب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم. م 384 مرافعات. شرط ذلك. أن يكون هناك تضامن بين المحكوم لهم المرفوع عليهم الاستئناف أو أن يكون محكوماً لهم في موضوع غير قابل للتجزئة.
(ج) عقد. "عيوب الرضا". تدليس. محكمة الموضوع.
تقدير ثبوت التدليس من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع.
(د) إثبات. "طرق الإثبات". "الإقرار". "الإقرار غير القضائي" "أوراق عرفية".
ثبوت الإقرار غير القضائي بورقة عرفية موقع عليها من المقر. حجية الورقة على من صدرت منه. لا يجوز أن يتنصل مما هو وارد فيها بمحض إرادته إلا بمبرر قانوني.
1 - كانت المادة 406 مكرر المضافة لقانون المرافعات بالقانون رقم 264 لسنة 1953 قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 توجب إعلان الاستئناف إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم وذلك في الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف وإلا كان الاستئناف باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه. وهذا البطلان - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - متعلق بالنظام العام ولا يزول بحضور الخصم الذي لم يعلن، لأن إعلان الاستئناف إلى المستأنف عليهم المقرر بالمادة 406 المذكورة ليس تكليفاً بالحضور مما يجرى عليه حكم المادة 140 مرافعات التي تقضي بأن بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن العيوب المبينة في هذه المادة يزول بحضور الخصم أمام المحكمة [(1)].
2 - يشترط لانطباق القاعدة الواردة في المادة 384 من قانون المرافعات والتي تقضي - في حالتي التضامن وعدم التجزئة - بأنه إذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم - يشترط لذلك أن يقوم التضامن بين المحكوم لهم المرفوع عليهم الطعن أو أن يكون محكوماً لهم في موضوع غير قابل للتجزئة. وإذن فمتى كان التضامن قائماً بين المحكوم عليهم رافعي الاستئناف وليس بين المحكوم لهم وكان الموضوع الذي صدر فيه الحكم المستأنف مما يقبل التجزئة فإنه لا محل للاستناد إلى القاعدة السابقة للقول بأنه يترتب على بطلان الاستئناف بالنسبة لمن لم يستأنف في الميعاد بطلانه بالنسبة لغيره من المستأنفين الذين رفعوا استئنافهم في الميعاد.
3 - تقدير ثبوت أو عدم ثبوت التدليس الذي يجيز إبطال العقد هو من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع.
4 - الإقرار غير القضائي إذا ما ثبت بورقة عرفية موقع عليها من المقر كانت هذه الورقة حجة على من صدرت منه فلا يحق له أن يتنصل مما هو وارد فيها بمحض إرادته إلا لمبرر قانوني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى الابتدائية رقم 1111/ 660 طنطا وانتهيا فيها إلى طلب الحكم بإلزام المطعون عليهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ 1342 ج و759 م ولدى نظر الدعوى بجلسة 12/ 2/ 1954 تقدم المطعون عليه الأول بورقة مؤرخة 17/ 9/ 1953 صادرة من الطاعن الأول نص فيها على أن الطاعن المذكور يقر بأنه هو وشريكه الطاعن الثاني لم يعودا يستحقان شيئاً قبل المطعون عليهما وبأنه يتنازل عن هذه الدعوى ويضمن تنازل شريكه هو الآخر عنها وتأسيساً على ما هو وارد في هذه الورقة طلب المطعون عليه الأول أصلياً الحكم برفض الدعوى وقال إنه إن لم تعتد المحكمة بهذه الورقة بالنسبة للطاعن الثاني لأنها ليست صادرة منه فإنه - المطعون عليه الأول - يطلب من باب الاحتياط الحكم له - على الطاعن الأول بما قد يحكم به عندئذ للطاعن الثاني، رد الطاعن الأول على ذلك بأن التنازل الذي تضمنته الورقة المذكورة باطل لأنه لم يقبله إلا نتيجة تدليس صدر من المطعون عليه المذكور وبتاريخ 25/ 6/ 1955 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليهما متضامنين أن يدفعا للطاعنين مبلغ 1109 ج و759 م والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد ولم تعتد المحكمة بالتنازل الذي تضمنته ورقة 17/ 9/ 1953 سالفة الذكر استناداً إلى ما ذكرته من أن الطاعن الثاني لا شأن له بهذه الورقة لأنها لم تصدر منه وليس ثمة ما يدل على أنه وكل الطاعن الأول في التنازل نيابة عنه وأن التنازل الصادر من الطاعن الأول قد وقع باطلاً عملاً بالمادة 125 من القانون المدني لأن رضاءه به معيب بالتدليس. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 183 سنة 5 قضائية طالبين إلغاءه والقضاء أصلياً برفض دعوى الطاعنين واحتياطياً برفض دعوى الطاعن الأول وحده وإلزامه بما قد يحكم به للطاعن الثاني على المطعون عليهما - دفع الطاعنان ببطلان الاستئناف لأن المستأنف عليه الثاني لم يعلن به في ظرف الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف - وبتاريخ 17/ 4/ 1956 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً ثم أعادت القضية للمرافعة في الموضوع، وبتاريخ 26/ 6/ 1956 حكمت في موضوع الاستئناف: (أولاً - بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين المطعون عليهما الأول مديناً والثاني ضامناً بأن يدفعا للمستأنف عليه الثاني محمد إبراهيم الشافعي الطاعن الثاني مبلغ 554 ج و879 م والفوائد عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 20/ 1/ 1953 حتى السداد - وفي دعوى الضمان الفرعية بإلزام المستأنف عليه الأول محمد إبراهيم البحراوي الطاعن الأول بأن يدفع للمستأنف الأول إبراهيم لبيب وشركاه المطعون عليه الأول مبلغ 554 ج و879 م والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. ثانياً - بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف عليه الأول محمد إبراهيم البحراوي وبرفض دعواه قبل المستأنفين) وأقامت المحكمة قضاءها على اعتبار التنازل صحيحاً وأعملت أثره بالنسبة للطاعن الأول وحده الذي صدر منه هذا التنازل أما بالنسبة للطاعن الثاني فقد أقر الحكم محكمة الدرجة الأولى على ما ذهبت إليه من أن هذا التنازل لا يتعدى أثره إلى الطاعن الثاني لأنه لم يكن طرفاً فيه، طعن الطاعنان بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكم القاضي بقبول الاستئناف شكلاً وتقدمت النيابة العامة بمذكرة خلصت فيها إلى أنها ترى صحة النعي الوارد بالسبب الأول من أسباب الطعن المتعلق بمخالفة الحكم القاضي بقبول الاستئناف شكلاً للقانون وذلك بالنسبة للطاعن الثاني وحده، عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 30/ 1/ 1964 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول على الحكم القاضي بقبول الاستئناف شكلاً مخالفته للقانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما دفعا ببطلان الاستئناف وأقاما هذا الدفع على أن الاستئناف لم يعلن إلى المستأنف عليه (الثاني) الطاعن (الثاني) وإنه لما كان الحكم المستأنف صادراً في حالة تضامن فإنه عملاً بالمادة 406 مكرراً المضافة إلى قانون المرافعات بالقانون رقم 264 لسنة 1953 وبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، يترتب على بطلان الاستئناف بالنسبة للطاعن الثاني، لعدم إعلانه ببطلانه أيضاً بالنسبة للطاعن الأول وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي برفض الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 29/ 5/ 1957 والقاضي برفض الدفع ببطلان الاستئناف وبقبوله شكلاً أن الاستئناف لم يعلن أصلاً إلى الطاعن الثاني - وقد أقام الحكم قضاءه على أنه وقد أعلن الاستئناف إلى الطاعن الأول في الميعاد القانوني فإنه عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 384 مرافعات يصح اختصام الطاعن الثاني في الاستئناف ولو بعد فوات الميعاد ما دام الحكم الابتدائي صادراً على أساس وجود التزام بالتضامن وأضاف الحكم أنه وإن كان الطاعن الثاني لم يعلن إليه الاستئناف إلا أن حضور محام عنه بالجلسات بتوكيل يغني عن إعلانه. ولما كانت المادة 406 مكرراً المضافة لقانون المرافعات بالقانون رقم 264 لسنة 1953 قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، كانت توجب إعلان الاستئناف إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم، وذلك في الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف وإلا كان الاستئناف باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه - وكان هذا البطلان - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متعلقاً بالنظام العام - ولا يزول بحضور الخصم الذي لم يعلن لأن إعلان الاستئناف إلى المستأنف عليهم المقرر بالمادة 406 المذكورة ليس تكليفاً بالحضور مما يجرى عليه حكم المادة 140 مرافعات المنصوص فيها على أن بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن العيوب المبينة في هذه المادة يزول بحضور الخصم أمام المحكمة - لما كان ذلك فإن استناد الحكم في قضائه بقبول الاستئناف شكلاً بالنسبة للطاعن الثاني إلى أن "حضور محام موكل عنه أمام المحكمة يغني عن إعلانه" يكون غير صحيح في القانون - أما استناد الحكم في قبول الاستئناف إلى الفقرة الثانية من المادة 384 مرافعات التي تقضي بأنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن ورفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم فهو استناد في غير موضعه ذلك أنه واضح من المذكرة التفسيرية في تعليقها على هذه المادة أنه يشترط لانطباق هذه القاعدة بالنسبة للمحكوم لهم المرفوع عليهم الاستئناف أن يكون هناك تضامن بينهم أو أن يكون محكوماً لهم في موضوع غير قابل للتجزئة - ولما كان التضامن في النزاع الحالي قائماً بين المحكوم عليهما (المستأنفين) وليس بين المحكوم لهما (المستأنف عليهما) وكان الاستئناف قد رفع من المستأنفين في الميعاد والموضوع الذي صدر فيه الحكم المستأنف قابلاً للتجزئة - فإنه لا محل للتمسك بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 264 سنة 1953 للقول بأنه يترتب على بطلان الاستئناف بالنسبة للطاعن الثاني بطلانه بالنسبة للطاعن الأول ذلك أن ما تعنيه المذكرة الإيضاحية بحالة التضامن التي يترتب على قيامها بطلان الاستئناف بالنسبة لجميع المستأنف عليهم إذ بطل استئناف أحدهم، هو أن يكون هذا التضامن قائماً بين المستأنف عليهم - وهو ما لم يتوافر في النزاع الحالي كما سبق القول - لما كان ذلك فإن بطلان الاستئناف بالنسبة للطاعن الثاني لا يترتب عليه بطلانه بالنسبة للطاعن الأول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم الاستئنافي الصادر في الموضوع الخطأ في تطبيق القانون وتأويله - وفي بيان ذلك يقولان أن الطاعن الأول تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان التنازل الذي أقر به بموجب الورقة المؤرخة 17/ 9/ 1953 تأسيساً على أن المطعون عليهما حصلاً منه على هذا الإقرار بطريق التدليس بأن حولا إليه، في مقابله، دينا لهما على المدعو محمود الحداد وأوهماه بأنه سيقبض قيمة هذا الدين فوراً وأخفيا عنه أن المحال عليه ينازعهما فيه وبأنه لو علم بوجود هذه المنازعة لما قبل مطلقاً أن يقر لهما بالتنازل - وذكر الطاعنان أن مجرد سكوت المطعون عليهما عن إفهام الطاعن الأول بأن المحال عليه ينازعهما في الدين المحال، يعتبر تدليساً مبطلاً للتنازل، ومع ذلك فإن الأمر بين الطاعن الأول والمطعون عليهما قد جاوز هذا السكوت لأنهما أكدا له بأنه لا توجد أية منازعة من المدين، وذلك بأن كتبا في صيغة التحويل عبارة بهذا المعنى ولكن الحكم المطعون فيه رفض القضاء ببطلان التنازل وخلط بين ما نصت عليه عبارة الحوالة خاصاً بحق المحال في الرجوع على المحيلين فوراً عند قيام المنازعة وبين تمسك الطاعن الأول بأن عبارة الحوالة تدل على وقوع التدليس.
وحيث إنه يبين من الحكم الاستئنافي الصادر في الموضوع أنه رد على دفاع الطاعن الأول ببطلان التنازل لحصول المطعون ضدهما عليه بطريق التدليس بقوله "وحيث إنه على ضوء التعريف المتقدم للتدليس المنصوص عنه في المادة 125 مدني سالفة الذكر يكون ما ذهب إليه الحكم المستأنف من أن سكوت المدعى عليه الأول - المطعون عليه الأول - عن تفهيم المدعي الأول - الطاعن الأول - بوجود المنازعة في السند المدين به من يدعى محمود إبراهيم الحداد المؤرخ 30/ 8/ 1952 والمحول من المستأنف الأول - الطاعن الأول - بتاريخ 17/ 9/ 1953 يعتبر تدليساً سلبياً. هذا الذي ذهب إليه الحكم المستأنف في غير محله ذلك أنه باستقراء التحويل يبين أن المنازعة في هذا الدين كانت متوقعة ومحتملة بدليل العبارة التي ذكرت في نهاية التحويل ونصها ".... وإذا حصلت منازعة أي منازعة من المدين فللمستأنف عليه الأول الحق في الرجوع علينا بالمبلغ فوراً" ثم يلي ذلك عبارة الضمان الموقع عليها من المستأنف الثاني.... ومن ثم فلا يمكن بحال بعد ذلك القول بأن المحيل قد أخفى أو كتم عن المحول إليه أمر هذه المنازعة هذا فضلاً عن أنه لم يثبت إن كانت منازعة المدين محمود إبراهيم الحداد هي منازعة جدية أو غير جدية أو لم يصل أمر هذا السند إلى القضاء ليقول كلمته فيه.... والذي تبين من مطالعة أوراق الدعوى والمستندات المقدمة فيها أن ما حدا بالمستأنف عليه الأول إلى التنازل عن الدعوى أمران: الأول تحويل السند المؤرخ 30/ 8/ 1952 بمبلغ 445 جنيهاً و750 مليماً إليه والمدين فيه محمود إبراهيم الحداد والثاني تحرير السند المؤرخ 17/ 9/ 1953 بمبلغ 454 جنيهاً و250 مليماً والمقسط فيه دفع هذا المبلغ على ثلاثة أقساط... ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون قضاء الحكم المستأنف بإبطال الاتفاق المؤرخ 17/ 9/ 1953 بالتنازل عن الدعوى مقابل تحويل السند المؤرخ 30/ 8/ 1952 وتحرير السند المؤرخ 17/ 9/ 1953 في غير محله" ولما كان تقدير ثبوت التدليس الذي يجيز إبطال العقد أو عدم ثبوته هو من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع وكان ما رد به الحكم المطعون فيه على ما تمسك به الطاعن الأول في هذا الخصوص قد حصله من أوراق الدعوى تحصيلاً سائغاً مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها كما أن تفسيره لعبارات الحوالة ليس فيها خروج عن مدلولها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون مجادلة في أمر موضوعي مما لا سبيل للمناقشة فيه أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم الاستئنافي الصادر في الموضوع القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إن الطاعن الأول ذكر في دفاعه أمام محكمة الاستئناف أن الإقرار بالتنازل الذي يتمسك به المطعون عليهما قبله هو إقرار صادر من جانب واحد في غير مجلس القضاء ومن ثم يحق له أن يعدل عنه وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري مما يعتبر قصوراً في التسبيب يترتب على بطلان الحكم.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول ذكر في دفاعه أمام محكمة الاستئناف (أن التنازل ما هو إلا إقرار من جانب واحد وما دام لم يصدر من المقر في مجلس القضاء فمن حقه أن يعدل عنه) - ولما كان الإقرار غير القضائي إذا ما ثبت بورقة عرفية موقع عليها من المقر كانت هذه الورقة حجة على من صدرت منه فلا يحق له أن يتنصل مما هو وارد فيها بمحض إرادته إلا لمبرر قانوني - وكان الطاعن الأول لم يطلب إبطال إقراره بالتنازل عن الدعوى إلا لما ادعاه مع أن المطعون عليهما حصلا منه على هذا الإقرار بطريق التدليس - لما كان ذلك وكان الحكم قد نفى هذا الإدعاء كما سبق القول واعتبر الإقرار ملزماً لمن صدر منه فإن النعي عليه بالقصور يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم الصادر بتاريخ 17/ 4/ 1956 فيما قضى به من قبول الاستئناف شكلاً - وذلك بالنسبة إلى الطاعن الثاني - والحكم ببطلان هذا الاستئناف بالنسبة إلى الطاعن المذكور - ولما كان هذا الحكم أساساً للحكم الصادر وفي الموضوع فإنه يترتب على نقضه بالنسبة للطاعن الثاني إلغاء الحكم الصادر في الموضوع بالنسبة إليه أيضاً عملاً بالمادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1956 الصادر في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك مستوجب الرفض.


[(1)] راجع النقض 18/ 4/ 1926 الطعن 145 س 28 ق السنة 13 ص 478.