أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 330

جلسة 11 من مارس سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

(56)
الطعن رقم 11 لسنة 30 القضائية

( أ ) عمل. "عقد العمل". "علاقة العمل".
عقد العمل. تحققه بتوافر التبعية والأجر.
(ب) عمل. "انتهاء عقد العمل". "تقدير قيام مبرر الفصل". محكمة الموضوع.
مبرر الفصل. مسألة موضوعية. استناد المحكمة في نفيه إلى أسباب سائغة. إعراضها عن طلب الإحالة على التحقيق.
1 - يتميز عقد العمل بخصيصيتين أساسيتين هما التبعية والأجر، وبتوافرهما تكون العلاقة علاقة عمل. ولا يغير من هذا النظر كون المطعون عليه عضوا في مجلس إدارة الشركة وهو ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 26 لسنة 1954 قبل تعديله بالقانون رقم 114 لسنة 1958 بقولها "إن عضو مجلس الإدارة في الشركات المساهمة إذا كلف بعمل آخر في الشركة، كما لو عين مديراً لها كان من حقه أن يؤجر على هذا العمل [(1)].
2 - مبرر الفصل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - مما يستقل به قاضي الموضوع. وإذ استندت المحكمة في قضائها بانتفاء هذا المبرر إلى أسباب سائغة فلا عليها إن هي أعرضت عن طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق في هذا الخصوص [(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة عينت المطعون عليه مديراً إدارياً لمصنعها لمدة خمس سنوات تبدأ من أول إبريل سنة 1955 بمرتب شهري قدره ثمانون جنيهاً وفي تاريخ أول سبتمبر سنة 1955 عينته مديراً عاماً وفي 30/ 3/ 1956 وافقت الجمعية العمومية للشركة على رفع راتبه إلى مبلغ 120 ج شهرياً وفي 20/ 5/ 1957 أخطرته بفصله من عمله لإخلاله بالتزاماته الجوهرية ومن ثم فقد أقام الدعوى رقم 624 لسنة 1958 عمال كلي الإسكندرية بطلب إلزام الشركة بأن تدفع له مبلغ 6458 ج و330 م منه 196 ج و180 م مكافأة مدة الخدمة، 262 ج 123 م بدل إجازات، 6000 ج كتعويض عن الفصل التعسفي بغير مبرر. وبتاريخ 27/ 5/ 1959 حكمت المحكمة بإلزام الشركة بأن تدفع له مبلغ 200 ج تعويض ومبلغ 188 ج و200 م مكافأة وقررت بإعادة القضية للمرافعة بالنسبة لطلب مقابل الإجازات. واستأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالباً تعديله والحكم بإلزام الشركة بأن تدفع له مبلغ 6196.180 ج وقيد هذا الاستئناف برقم 183 سنة 15 ق مدني عمال كما استأنفته الشركة استئنافاً مقابلاً - طالبة إلغائه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 484 سنة 15 ق مدني عمال. وبتاريخ 30/ 11/ 1959 حكمت المحكمة "بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوع الاستئناف الأصلي بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه بصفته بأن يدفع للمستأنف أصلياً مبلغ 908.330 ج والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وأعفت المستأنف أصلياً من باقي المصروفات وفي موضوع الاستئناف المقابل برفضه وألزمت رافعه بصفته بمصاريفه وأمرت بالمقاصة عن أتعاب المحاماة". وقد طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ كيف العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة عقد عمل في حين أنها علاقة وكالة تأسيساً على أن المطعون عليه احتفظ بعضويته في مجلس إدارة الشركة عند تعيينه في أول سبتمبر سنة 1955 مديراً عاماً لها ومن ثم يكون وكيلاً عن باقي زملائه أعضاء مجلس إدارة الشركة فيما يسند إليه من مهام الإدارة اليومية وعلى ذلك يحق للشركة - وهي شركة مساهمة - أن تفصله بإرادتها المنفردة وبغير مسئولية ولا تعويض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أنه "بالرجوع إلى عقد تعيين المستأنف أصليا يبين منه أنه عين مديراً إدارياً وحددت اختصاصاته بتعليمات عضو مجلس الإدارة المنتدب (ليون ليفي في هذا الوقت). ثم عين مديراً عاماً بنفس هذه الشروط. وجمعه بين صفتي مدير عام الشركة وعضو مجلس إدارة لا ينفي أنه بصفته الأولى يعتبر أجيراً ويحكم علاقته بالشركة عقد العمل لأنه يباشر اختصاصاته تحت سلطة وإشراف مجلس الإدارة "وهذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون ذلك أن عقد العمل يتميز بخصيصتين أساسيتين هما التبعية والأجر، وبتوافرهما تكون العلاقة علاقة عمل. ولا يغير من هذا النظر كون المطعون عليه عضواً في مجلس إدارة الشركة وهو ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 26 لسنة 1954 - الذي يحكم واقعة الدعوى - قبل تعديله بالقانون رقم 114 لسنة 1958. وذلك في البند رقم 25 منها بقولها أن "عضو مجلس الإدارة في الشركات المساهمة إذا كلف بعمل آخر في الشركة، كما لو عين مديراً لها كان من حقه أن يؤجر على هذا العمل".
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر فسخ عقد المطعون عليه تعسفياً لعدم اتخاذ الشركة إجراءات التأديب المنصوص عليها في القرار الوزاري الصادر في 4/ 4/ 1953 في حق المطعون عليه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ أن الطاعنة إنما فسخت عقد المطعون لإخلاله بالتزاماته الجوهرية وبالتطبيق للمادة 40/ 6 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952. وكون الفسخ غير مسبوق بإجراءات التأديب لا يستتبع وحده وبمجرده أن يكون الفسخ قد وقع تعسفياً ولا يوجب القضاء بالتعويض بغير بحث لصحة الأسباب التي بني عليها هذا الفسخ. وهذا النظر من الحكم المطعون فيه أدى بالمحكمة إلى أنها لم تقدر طلب الشركة إحالة الدعوى على التحقيق تقديراً حقيقياً للوقوف على مدى جديته وبما يعد إخلالاً جوهرياً بحق الشركة في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في انتفاء مبرر فصل المطعون عليه على ما أورده من أن "المحكمة لا ترى موجباً لإحالة الدعوى إلى التحقيق لأن فيما قدمه الخصوم من أدلة ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها...." وأن قانون عقد العمل الفردي الذي استندت إليه الشركة في فسخ العقد لم يحدد ماهية الالتزامات الجوهرية. ومن ثم فهي تخضع لتقدير المحكمة. وظاهر من أقوال الشركة أنه بتاريخ 20/ 11/ 1956 وضعت هي وشركة إسكندرية للغزل والنسيج تحت الحراسة وعين السيد/ عيسى شاهين مندوباً عن الإدارة العامة للمعتقلين وغيرهم لإدارة الشركتين ولا جدال في أنه كان من سلطة الحارس إدارة الشركة بما يحقق مصالحها. وقد استندت الشركة في القول بعدم تعاون المستأنف أصلياً مع الحارس إلى المستندات وصور الخطابات المرسلة من الحارس إلى المستأنف أصلياً والمودعة بالحافظة/ 6 دوسيه والخاصة بطلب تجهيز أصناف معينة من الأقمشة وقد تبين من المستندات المقدمة بحافظة المستأنف أصلياً رقم/ 8 دوسيه ابتدائي أنه أشر على الخطاب الأول الذي ورد له من شركة إسكندرية للغزل والنسيج بإحالته إلى السيدين محمد عبد السلام وأحمد البدري كل فيما يخصه على أن يتم على وجه السرعة. كما أشر على الخطاب الثاني بمثل ذلك. كما تبين أنه بتاريخ 3/ 4/ 1957 أرسل السيد محمد عبد السلام الموظف المختص إلى المستأنف أصلياً يفيده أن مادة النوقوتكش (وهي التي طلبت شركة إسكندرية تشغيلها) قد نفدت من المخازن وأنه قد صدر أمر شراء بتاريخ 19/ 3/ 1957 وحضر مندوب التاجر لاستلام ثمن الفاتورة فلم يجد المبلغ بالشركة فلم يشأ المندوب تسليمها دون دفع الثمن - وخطاب آخر مؤرخ 26/ 3/ 1957 من السيد/ أحمد بدري المهندس الكيماوي إلى الحارس عن الشركة بطلب أصناف من الأصباغ اللازمة - وخطاب آخر بتاريخ 3/ 3/ 1957 من رئيس الصيانة بالشركة إلى المستأنف يفيد أنه طلب من الحارس قراراً بشراء محابس لماكينة البخار والمياه وجرفول ماكينة الغسيل بالمبيضة حتى لا تتعطل فلم يوافق على الشراء. كما قدم كشوفاً تبين أن أرباح الشركة الإجمالية بلغت في سنة 1956 مبلغ 51310 جنيهاً و912 مليماً وقرر أن ميزانية الشركة نشرت في نسخة جريدة التجارة والحرية مثبتة لذلك. ومن كل ذلك يبين أنه لم يقع من المستأنف أصلياً على ضوء مستندات الطرفين ما يقطع بأنه لم يتقيد ببرامج التشغيل وإن عدم تشغيل مادة النوتوتكش راجع إلى عدم وجود ثمنها بالشركة. كما أنها كانت في حاجة إلى أصباغ لم يوافق الحارس على شرائها - وظاهر أن وضع الشركة تحت الحراسة وتعارض سلطتي الحارس والمدير كان له تأثير على مركزها وأن حالتها المالية أبان ذلك كانت مرتبكة. يؤيد ذلك عدم وجود رصيد لها ببنك القاهرة ورد الشيكات المسحوبة عليها لأمر دائنيها..... "وأن المستأنف أصلياً من كبار المساهمين في الشركة المستأنف عليها وليس من المعقول أن يعمد إلى تسوئ مركزها. والقول بأنه لم يقم بالتزاماته إن صح فإن مرجعه إلى اضطراب مركزها المالي وقت الحراسة وامتناع التجار عن التعامل معها وعدم وفرة الخام لديها وهيمنة الحارس على أمور الشركة وباستئثاره بالسلطة.." إلى أن قال "وترى المحكمة أنه ليس أدل على قيام المستأنف أصلياً بالتزاماته في حدود سلطاته وإمكانيات الشركة من أن الجمعية العمومية وافقت في 30/ 3/ 1956 على ما اتخذته الإدارة من رفع مرتبه إلى 120 ج شهرياً وليس من المستساغ أن يهمل المستأنف أصلياً في القيام بالتزاماته فجأة بعد ذلك كما تقرر الشركة وفي فترة وضعها تحت الحراسة على الأخص" وهذا الذي أورده الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ وكاف لحمل قضائه. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن تقدير قيام مبرر الفصل مما يستقل به قاضي الموضوع وأما ما استطرد إليه الحكم من اعتبار الفسخ تعسفياً لعدم اتخاذ إجراءات التأديب فهو وإن كان تقريراً قانونياً خاطئاً إلا أنه لا يؤثر في جوهر قضائه ويستقيم الحكم بدونه. وإذ استندت المحكمة في قضائها بانتفاء مبرر الفصل إلى أسباب سائغة فلا عليها إن هي أعرضت عن طلب إحالة الدعوى على التحقيق.
وحيث إنه لما تقدم بيانه يتعين رفض الطعن.


[(1)] راجع نقض 4/ 4/ 1957 الطعن 289 س 23 ق السنة الثامنة ص 370.
[(2)] راجع نقض 23/ 4/ 1959 الطعن 11 س 25 ق السنة العاشرة ص 351.