أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 381

جلسة 19 من مارس سنة 1964

برياسة السيد/ المستشار الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي.

(63)
الطعن رقم 365 لسنة 29 القضائية

( أ ) دعوى. "الخصوم في الدعوى". تجزئة.
حرية المدعي في تحديد نطاق الخصومة من حيث الخصوم فيها ما لم يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها. لا يغير من ذلك كون موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". بيع. "بيع الحقوق المتنازع عليها". وكالة. "آثار الوكالة". "التزامات الوكيل". محاماة. بطلان.
حظر تعامل المحامين مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها إذا كانوا هم الذين يدافعون عنها. يستوي في ذلك أن يكون التعامل بأسمائهم أو باسم مستعار. مخالفة ذلك يستوجب البطلان. شراء الطاعن العقار بصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين. تمسكه بخلو الحكم من بيان ما إذا كان اسم المشتري مستعاراً من عدمه، وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى. إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع وقضاؤه ببطلان عقد البيع دون التثبت من أن المشتريين كانا اسماً مستعاراً للطاعن. قصور وخطأ في تطبيق القانون.
1 - رافع الدعوى له مطلق الحرية في تحديد مطاق الخصومة من حيث الخصوم فيها إلا إذا أوجب عليه القانون اختصام أشخاص معينين فيها، ولا يغير من هذا النظر أن يكون موضوعها غير قابل للتجزئة.
2 - تحظر المادة 472 من القانون المدني على المحامين التعامل مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها إذا كانوا هم الذين يتولون الدفاع عنها سواء كان التعامل بأسمائهم أو باسم مستعار وإلا كان العقد باطلاً. فإذا كان الثابت من عقد البيع أن الطاعن قد اشترى العقار المبين فيه بصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين وهما ليسا ممن تضمنهم الحظر الوارد بالمادة المذكورة فلا يكون العقد باطلاً إلا إذا ثبت أنهما كانا اسماً مستعاراً لوالدهما الطاعن الأول. فإذا كان الطاعنان قد تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم المستأنف الذي أيده الحكم المطعون فيه لم يبين ما إذا كان اسم المشتريين مستعاراً من عدمه، وكان ذلك دفاعاً جوهرياً يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل الرد على هذا الدفاع وقضى بالبطلان دون التثبت من أن المشتريين كانا اسماً مستعاراً للطاعن يكون مشوباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدهما رفعا على الطاعنين الدعوى رقم 2749 سنة 1955 مدني كلي أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالبين الحكم ببطلان عقد البيع المسجل برقم 2163 سنة 1950 عن حصة قدرها ثلاثة قراريط على الشيوع في الفيلا رقم 36 بشارع الخليفة المأمون بمنشية البكري مع إلزام الطاعنين بالمصاريف قائلين في تبيان دعواهما أن مورثهما المرحوم موسى كريمر توفى وانحصر ارثه في أولاده المطعون عليهما وإيمانويل والسيدتين كلمنتين وجان وزوجته لويز كريمر والدتهم وقد خلف تركة من بينها الفيلا المنوه عنها ولما كانت الشريعة الموسوية تجعل التركة للذكور دون الإناث نظير مبلغ من النقود بصفته بائنة لهن فقد قبلت السيدتان كلمنتين وجاء ذلك بموجب عقد رسمي وثق بمحكمة مصر المختلطة في 5 من أغسطس سنة 1936 تحت رقم 4917 موقع عليه من جميع الورثة ثم تزوجتا وأخذت كل منهما البائنة المنوه عنها بيد أن السيدة كلمنتين نازعت في ذلك فأقام المطعون ضدهما الدعوى رقم 2254 سنة 1945 كلي مصر أمام محكمة مصر الابتدائية الوطنية طالبين تثبيت ملكيتهما للثلثين على الشيوع في أعيان التركة تطبيقاً للشريعة الموسوية لكن المحكمة قضت في 15/ 2/ 1947 بوقف السير في الدعوى حتى يفصل نهائياً في دعوى الميراث المرفوعة أمام المحكمة الشرعية وبتاريخ 17/ 2/ 1948 قضت محكمة مصر الشرعية في قضية الميراث رقم 17 سنة 46/ 1947 كلي مصر الشرعية بأحقية كلمنتين كريمر للثمن أي ثلاثة قراريط في تركة مورثها المرحوم موسى كريمر وقد تأيد هذا الحكم من المحكمة العليا الشرعية في 25/ 3/ 1948 في الاستئناف رقم 36 سنة 1948 - وكان الطاعن الأول يحضر في دعوى تثبيت الملكية بصفته محامياً عن ايمانويل والسيدة كلمنتين فانتهز تلك الفرصة وأبرم مع الأخيرة في 15 من يناير سنة 1950 عقد بيع صادر منها إليه بصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين بمقتضاه باعت إليه ثلاثة قراريط شائعة في الفيلا المنوه عنها ولما كان هذا العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته لحكم المادتين 471، 472 من القانون المدني فقد أقاما الدعوى طالبين الحكم ببطلانه ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت في 13/ 11/ 1957 ببطلان عقد البيع، رفع الطاعنان استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 157 سنة 75 ق ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 21 من إبريل سنة 1959 بتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 21/ 5/ 1959 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بمذكرتهم المقدمة لجلسة 21/ 4/ 1959 بعدم قبول الدعوى لعدم إدخال البائعة فيها لكن محكمة الاستئناف قضت برفض هذا الدفع تأسيساً على أن تحديد نطاق الخصومة من حيث موضوعها ومن يختصم فيها رهن بمشيئة رافعها وأنه إذا كان القانون قد أوجب في بعض الدعاوى اختصام أشخاص معينين فإن ذلك استثناء لا يقاس عليه، كما أن الطاعنين علاوة على أنهما لم يبديا هذا الدفع أمام محكمة الدرجة الأولى فقد كان في وسعهما إدخال البائعة أمام تلك المحكمة كضامنة لهما تطبيقاً لقواعد الضمان. ويرى الطاعنان أن في ذلك مخالفة للقانون لأن الدعوى بالطلب الموجه فيها وهو بطلان عقد البيع يعتبر موضوعها غير قابل للتجزئة لا يصح القضاء فيه إلا في مواجهة طرفي العقد إذ لا يستقيم أن يكون العقد صحيحاً بالنسبة لأحد طرفيه وباطلاً بالنسبة للطرف الآخر كما أن القانون لم يحدد على سبيل الحصر الدعاوى التي يجب فيها اختصام أشخاص معينين وإذ كان الاستئناف يطرح النزاع من جديد أمام محكمة الاستئناف فإنه يصح للخصوم التمسك أمامها بجميع أوجه الدفاع كما أنه لا يصح مؤاخذة الطاعنين على عدم إدخال البائعة في الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى إذ ليس عليهما تصحيح دعوى أقامها رافعها معيبة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن رافع الدعوى له مطلق الحرية في تحديد نطاق الخصومة من حيث الخصوم فيها إلا إذا أوجب عليه القانون اختصام أشخاص معينين فيها ولما كانت الدعوى الحالية ليست من الدعاوى التي يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها فلم يكن على المطعون ضدها إدخال البائعة فيها. ولا يغير من هذا النظر أن يكون موضوعها غير قابل للتجزئة كما أنه ليس بمقبول ما يحتج به الطاعنان من أن القضاء في الدعوى دون إدخال البائعة فيها يجعل العقد صحيحاً بالنسبة لأحد طرفيه وباطلاً بالنسبة للطرف الآخر ذلك أنه ليس للطاعن أن يتحدث عن مدى حجية الحكم بالنسبة لغيره ممن لم يكن مختصماً في الدعوى ومن ثم يكون النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أن الطاعنين تمسكا في مذكرتهما المقدمة لمحكمة الاستئناف بأن العقد المطلوب إبطاله إنما صدر لولدي الطاعنين بولاية والدهما وهما ليس من المحظور عليهما التعامل في حق المتنازع فيه كله أو بعضه عملاً بنص المادة 472 من القانون المدني وأنه لكي ينبسط حكم هذه المادة على العقد موضوع الدعوى فإنه يجب أن يثبت أن الشراء إنما كان شراء من الوالد ولحسابه وأن الولدين لم يكونا إلا اسماً مستعاراً لوالدهما لكن المحكمة أغفلت الرد على هذا الدفاع وقضت بالبطلان دون التثبت من ذلك فجاء حكمها مشوباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 472 من القانون المدني قد حظرت على المحامين التعامل مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها إذا كانوا هم الذين يتولون الدفاع عنها سواء كان التعامل بأسمائهم أو باسم مستعار وإلا كان العقد باطلاً. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه ومن عقد البيع المطلوب الحكم ببطلانه أن الطاعن قد اشترى العقار المبين بالعقد بصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين سميرة وشريف وهما ليسا ممن تضمنهم الحظر الوارد بالمادة المذكورة فلا يكون العقد باطلاً إلا إذا ثبت أنهما كانا اسماً مستعاراً لوالدهما الطاعن الأول لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد تمسكا في مذكرتهما المقدمة لمحكمة الاستئناف بأن الحكم المستأنف الذي أيده الحكم المطعون فيه لم يبين ما إذا كان اسم المشترين مستعاراً من عدمه وكان ذلك دفاعاً جوهرياً يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل الرد على هذا الدفاع وقضى بالبطلان دون التثبت من أن المشترين كانا اسماً مستعاراً للطاعن يكون مشوباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم.