أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 15 - صـ 409

جلسة 26 من مارس سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.

(67)
الطعن رقم 368 لسنة 29 القضائية

( أ وب) حوادث طارئة. "تطبيق نظرية الحوادث الطارئة". "شرط الإرهاق". إصلاح زراعي. "المرسوم بقانون 178 لسنة 1952". "أثره". بيع.
يشترط في الإرهاق الذي يصيب المدين في تنفيذ التزامه من جراء الحادث الطارئ أن يكون من شأنه تهديده بخسارة فادحة. عدم الاعتداد بالخسارة المألوفة في التعامل. من آثار قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 انخفاض أثمان الأراضي الزراعية عامة. وجوب النظر عند تقدير الإرهاق المترتب على الحادث الطارئ إلى ذات الصفقة موضوع العقد مثار النزاع. الوقوف على مدى ما أصاب المدين من إرهاق نتيجة صدور قانون الإصلاح الزراعي يتعين بحث أثر هذا القانون على الصفقة محل التعاقد وتبين مدى انخفاض ثمن الصفقة نتيجة صدوره وما سببه هذا الانخفاض من إرهاق للمدين.
(ج) حوادث طارئة. "تطبيق نظرية الحوادث الطارئة". بيع.
منح الحكومة بعض التسهيلات لمشتري أراضيها لا يمنع من إفادة المشتري من تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة 147 مدني إذا ما ثبت أن هذا التيسير لم يجد في رد التزامه المرهق إلى الحد المعقول.
(د) حوادث طارئة. "تطبيق نظرية الحوادث الطارئة". "أثره على الالتزام المؤجل". بيع.
تطبيق نظرية الحوادث الطارئة على عقود البيع التي يكون فيها الثمن مقسطاً، أثره، رد الالتزام إلى الحد المعقول بالنسبة للقسط أو الأقساط التي يثبت أن التزام المدين بها أصبح مرهقاً بسبب الحادث الطارئ بما يهدده بخسارة فادحة. عدم إعمال هذا الجزاء بالنسبة للأقساط المستقبلة في حالة احتمال زوال الحادث الطارئ عند استحقاقها. خروج الأقساط التي حلت قبل وقوع الحادث وقصر المدين في الوفاء بها حتى وقوع الحادث عن دائرة هذه النظرية. شرط تطبيق النظرية ألا يكون تراخي المدين في تنفيذ الالتزام إلى ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجعاً إلى خطئه.
1 - لا يجوز الاستناد في نفي الإرهاق الذي تتطلبه المادة 147/ 2 مدني إلى أنه لم يترتب على قانون الإصلاح الزراعي انخفاض في أثمان الأراضي التي لم يجر الاستيلاء عليها ذلك أن المشرع قد أقر في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 452 لسنة 1953 بأنه ترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 انخفاض أثمان الأراضي الزراعية عامة، كما أقرت بذلك وزارة المالية في المذكرة المقدمة منها إلى مجلس الوزراء والتي وافق عليها المجلس بجلسته المنعقدة في 11 من أغسطس سنة 1953.
2 - يجب أن ينظر عند تقدير الإرهاق الذي ترتب على الحادث الطارئ إلى ذات الصفقة التي أبرم بشأنها العقد مثار النزاع. ومن ثم فإنه لتقدير ما إذا كان قد ترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي إرهاق للمدين بالمعنى الذي يتطلبه القانون في الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني يتعين على المحكمة أن تبحث أثر هذا القانون على الصفقة محل التعاقد وتتبين ما إذا كان قد انخفض ثمن هذه الصفقة نتيجة صدور القانون المذكور أو لم ينخفض ومدى ما سببه هذا الانخفاض - في حالة تحقق حصوله - من إرهاق للمدين، إذ يشترط في الإرهاق الذي يصيب المدين في تنفيذ التزامه من جراء الحادث الطارئ أن يكون من شأنه تهديده بخسارة فادحة، ولذلك فإن الخسارة المألوفة في التعامل لا تكفي لإعمال حكم الظروف الطارئة [(1)].
3 - صدور قرار من مجلس الوزراء بمنح بعض التسهيلات لمشتري أراضي الحكومة لا يمنع من إفادة المشتري من تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني على حالته إذا ما ثبت أن هذا التيسير لم يجد في رد التزامه المرهق إلى الحد المعقول.
4 - في حالة إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني على عقود البيع التي يكون فيها الثمن مقسطاً يجب علي القاضي ألا يعمل الجزاء المنصوص عليه في هذه الفقرة إلا بالنسبة للقسط أو الأقساط التي يثبت له أن أداء المشتري لها قد أصبح بسبب وقوع الطارئ غير المتوقع مرهقاً له بحيث يهدده بخسارة فادحة، أما باقي الأقساط المستقبلة فإن القاضي لا يعمل في شأنها هذا الجزاء إذا تبين أن هناك احتمالاً لزوال أثر هذا الطارئ عند استحقاقها ويكون شأن الأقساط في ذلك شأن الأداءات في عقود المدة من حيث التأثر بالظروف الطارئة، كما أنه لا يجوز إعمال حكم الظروف الطارئة على الأقساط التي تكون قد حلت قبل وقوع الحادث الطارئ وقصر المدين في الوفاء بها حتى وقع الحادث، ذلك أنه يشترط لتطبيق النظرية ألا يكون تراخي تنفيذ الالتزام إلى ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجعاً إلى خطأ المدين [(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام في 22 من أغسطس سنة 1956 الدعوى رقم 3861 سنة 1956 مدني كلي القاهرة ضد وزير المالية طالباً الحكم بتخفيض ثمن الأرض المبيعة له من مصلحة الأملاك الأميرية والمبينة بصحيفة الدعوى إلى مائة جنيه للفدان مع ما يترتب على ذلك من آثار - وقال في بيان دعواه إنه بتاريخ 8 من أغسطس سنة 1950 اشترى بطريق المزاد 29 ف و1 ط من أراضي الحكومة التابعة لتفتيش السرو "دقهلية" وذلك بثمن إجمالي قدره 5760 ج عجل نصفه وقسط الباقي على عشر سنوات بفائدة قدرها 2% وأنه تسلم هذه الأطيان وأخذ في استصلاحها وأنفق في سبيل ذلك مبالغ طائلة دون أن تنتج الأرض ما يعوضه عن شيء مما أنفقه وذلك بسبب ضعف معدنها وصعوبة ريها وقد أدى هذا إلى عجزه عن الوفاء بالأقساط في مواعيد استحقاقها ثم قامت ثورة سنة 1952 وصدر قانون الإصلاح الزراعي وترتب عليه انخفاض أسعار الأراضي الزراعية بما فيها أرضه سالفة الذكر انخفاضاً كبيراً نتيجة لتحديد الملكيات وإيجار الأطيان الزراعية وأضحى تنفيذه لالتزامه بأداء باقي الثمن مرهقاً له غاية الإرهاق وقد شعرت الحكومة بما يعانيه المشترون لأراضيها من عسر بسبب صدور ذلك القانون وأرادت معاونتهم فأصدر مجلس الوزراء قراراً في 29 من إبريل سنة 1953 بمنح بعض التسهيلات لمن اشتروا من الحكومة أراضي في سنتي 1951/ 1952 ثم اتبع المجلس قراره هذا بقرار آخر أصدره في 11 من أغسطس سنة 1953 بتطبيق قواعد التيسير الواردة في القرار الأول على المشترين في عام 1950 أيضاً ومن بين هؤلاء الطاعن - وأنه لما كان هذا التيسير قد اقتصر على مد آجال الأقساط الباقية على ثلاثين سنة بدلاً من عشرة من إعفاء المشترين من دفع الفوائد المقررة على الجزء الباقي من الثمن ولم يجد هذا التيسير في رفع الإرهاق عن كاهل الطاعن الذي أصبح عاجزاً عن الوفاء بالتزامه فقد أقام الدعوى بطلب تخفيض ثمن الأرض المبيعة له إلى الحد الذي يرتفع به هذا الإرهاق عنه مستنداً في ذلك إلى الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني وعلى اعتبار أن قانون الإصلاح الزراعي حادث استثنائي عام لم يكن في الوسع توقعه وقد ترتب على صدوره أن أصبح تنفيذ التزامه بأداء الباقي من الثمن مرهقاً له إرهاقاً شديداً أقرت به الحكومة نفسها في أسباب قراريها سالفي الذكر - وقد دفعت الحكومة الدعوى بعدم توفر شروط انطباق المادة المذكورة استناداً إلى ما ذكرته من أن قانون الإصلاح الزراعي لا يمكن اعتباره ظرفاً طارئاً في معنى هذه المادة ولأن نظرية الظروف الطارئة لا تنطبق على العقود الفورية ومنها عقد البيع محل النزاع. وبتاريخ 3 من مارس سنة 1958 حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى تأسيساً على أن قانون الإصلاح الزراعي لا يعتبر من الحوادث الاستثنائية العامة التي تجيز تطبيق نظرية الظروف الطارئة وذلك لأنه تشريع قصد به الإصلاح وإيجاد نوع من التوازن بين الثروات ولم يحدد سوى ثمن الأطباق المستولى عليها تاركاً باقي الأراضي ليحدد ثمنها قانون العرض والطلب، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1006 سنة 75 ق من إبريل سنة 1959 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في ثانيها على الحكم المطعون فيه خطأه في فهم الواقع وقصوره في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على ما ذكره من عدم قيام دليل فيها على وقوع إرهاق على الطاعن بالدرجة التي يشترطها القانون لتطبيق نظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في المادة 147/ 2 وذكر الحكم بياناً لذلك أن قانون الإصلاح الزراعي لم يتعرض لغير أثمان الأراضي المستولى عليها وأن تحديده الإيجار بسبعة أمثال الضريبة لم يترتب عليه إرهاق يصل إلى الحد الذي تشترطه المادة المذكورة وأضاف الحكم أنه بفرض حدوث هبوط في ثمن أطيان الطاعن محل النزاع فإن هذا الهبوط غير متصل اتصالاً مباشراً بطريقة تنفيذ التعاقد المبرم بينه وبين الحكومة وأنه على أي حال فإن الحكومة قد يسرت الأمر على أمثال الطاعن بما قضى به قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 4/ 1953 من تخفيض المقدم الواجب دفعه من الثمن ومد مدة التقسيط إلى ثلاثين سنة وإعفاء المشترين من الفوائد المستحقة عليهم خلال الخمسة سنوات الأولى ويرى الطاعن أن كل هذا الذي ذكره الحكم في صدد نفي الإرهاق عنه ليس من شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه الحكم وأنه ينطوي على خطأ في فهم الواقع في الدعوى ذلك أن ما قرره الحكم من خلو أوراق الدعوى من الدليل على الإرهاق ينقضه أن وزارة المالية قد أقرت في المذكرتين المرفوعتين منها إلى مجلس الوزراء واللتين وافق عليهما المجلس وأصدر بناء عليهما قرار به 29/ 4/ 1953، 11 من أغسطس سنة 1953 - أقرت الوزارة بأن صدور قانون الإصلاح الزراعي وما أحدثه من هبوط في أسعار الأراضي والمحاصيل الزراعية قد أرهق المشترين لأطيان الحكومة إرهاقاً شديداً وأن العدالة تقتضي التخفيف عنهم - كما أن قانون الإصلاح الزراعي وإن كان لم يحدد سوى أثمان الأطيان المستولى عليها إلا أنه قد ترتب على هذا التحديد وعلى تحديد القيمة الإيجارية للأطيان الزراعية عامة انخفاض في أثمان الأراضي التي لم يشملها الاستيلاء وذلك بسبب ما يوجد من ارتباط وثيق بين أثمان السلع المتماثلة بحيث يؤثر بعضها في بعض تأثيراً متبادلاً كما أنه غير صحيح ما قرره الحكم من أن تحديد القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة لا يؤثر على أثمان المحاصيل الزراعية لأن هذه الأثمان تتحدد على أساس تكاليف إنتاجها التي تعتبر من أهم عناصرها القيمة الإيجارية للأرض كذلك فإن خلو العقد من النص على أن الوفاء بالمؤجل من الثمن سيتم من ثمن الأطيان المبيعة بعد بيعها بمعرفة المشتري إلى الغير - ذلك لا ينفي وقوع الإرهاق لما يترتب على انخفاض ثمن هذه الأطيان من أثر على التزام المشتري بأداء الباقي من الثمن أما قول الحكم بأن قرار مجلس الوزراء قد تكفل برفع الإرهاق عن كاهل الطاعن لأن مؤداه أن الطاعن سيظل لمدة عشر سنوات غير ملزم بدفع أقساط ما هذا القول خطأ بدوره لأن الطاعن كان قد عجل نصف الثمن بعد رسو المزاد عليه ولم ترد عليه الحكومة بعد صدور قرار مجلس الوزراء شيئاً مما كان قد دفعه وبذلك لم يفد من تخفيض ما يجب تعجيله من الثمن كما أنه خلافا لما ذكره الحكم لم يعف من دفع شيء من الأقساط وبالتالي فإن ذلك القرار لم يؤيد إلى رفع الإرهاق عنه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضائه برفض دعوى الطاعن على قوله "ومن حيث إنه فيما يتعلق بنظرية الظروف الطارئة التي يركن إليها المستأنف (الطاعن) فإنه يبين من مطالعة النص الذي أورده القانون المدني الجديد بشأنها إنه لم يرد أن يمس بها القوة الملزمة للعقد إلا بتحفظ وحرص شديدين" وبعد أن أورد الحكم نص المادة 147 مدني قال "ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم ترى المحكمة عدم تطبيق نظرية الظروف الطارئة على العلاقة محل النزاع بين الطرفين ذلك لأنه دون حاجة للبحث فيما إذا كان صدور قانون الإصلاح الزراعي يعتبر من الحوادث الاستثنائية العامة التي يشير إليها القانون أو لا يعتبر كذلك ودون حاجة أيضاً للبحث فيما إذا كانت تلك النظرية تنطبق على موضوع النزاع أم أنه يشترط لتطبيقها أن يكون هناك عقد من عقود المدة فإن هذه المحكمة ترى "إنه لم يقم في هذه الدعوى الدليل على وقوع إرهاق على كاهل المدين بالدرجة التي يشترطها النص ذلك لأن قانون الإصلاح الزراعي لم يحدد إلا أسعر الأطيان المستولى عليها وترك الأطيان الأخرى التي لم يستولى عليها حرة في تحديد أسعارها لا تخضع إلا لقانون العرض والطلب كما أن هذا القانون لم يتعرض لأثمان المحاصيل وللمزارعين الحرية المطلقة في بيع حاصلاتهم بأسعار السوق وهي مجزية ولم يقل أحد أنها تنطوي على خسارة مرهقة لهم ولا يجدي في حالة هذه الدعوى القول بأن القانون حدد قيمة الإيجارات الزراعية بسبعة أمثال الضريبة لأن هذا التحديد على فرض أنه لا يشبع رغبة المالك فهو لا يصل إلى حد الإرهاق في التنفيذ الذي تشترطه المادة وعلى الأخص إذا لوحظ أن الأطيان قد اشتريت للإصلاح وإن الضريبة ترتفع ويرتفع معها مستوى التأجير حكماً كلما تقدم الإصلاح ورفع من قيمة الأرض وقدرتها الإنتاجية وفضلاً عن ذلك فإن للمالك أن يقوم بالزراعة بنفسه في حدود القانون ليحصل على كل المزايا التي يرجوها من أطيانه. ومن ناحية أخرى فإن الهبوط الذي طرأ على أسعار الأطيان على فرض وقوعه في أطيان النزاع فإنه غير متصل اتصالاً مباشراً بطريقة تنفيذ الاتفاق بين الطرفين في هذه الدعوى لأنه لا يوجد في شروط هذا الاتفاق ما يشير إلى أن سداد الثمن سيتم من ثمن هذه الأطيان عند بيعها بمعرفة الراسي عليه المزاد حتى تتأثر طريقة السداد بهبوط أسعار الأطيان أما ما يقال من هبوط أسعار القطن فهو ليس متصلاً مباشرة بقانون الإصلاح الزراعي وإنما هو تابع لسياسة المضاربة القطنية التي تخضع لعوامل واعتبارات أخرى لا تدخل في نطاق الآثار المترتبة على هذا القانون ومدى سريان نظرية الظروف الطارئة عليها - وحيث إنه فضلاً عن ذلك فإن الحكومة قد عملت على تيسير الأمر على أمثال المستأنف (الطاعن) فأصدر مجلس الوزراء قرارين في 29/ 4/ 1953، 11/ 8/ 1953 خفض المقدم الواجب دفعه من الثمن إلى الربع بدلاً من النصف وقسط الباقي على ثلاثين سنة بدلاً من عشر سنين وأعفى المشترين من الفائدة المستحقة عليهم خلال الخمس سنوات الأولى ومؤدى هذا أن المستأنف سيظل لمدة عشر سنوات غير ملزم بدفع أقساط ما وذلك بدون فائدة لمدة خمس سنوات مع ملاحظة أن الفائدة المتفق عليها ضئيلة حيث إنها حددت بواقع 2% وهذا يدل على أن حالة الإرهاق الذي يهدد المدين بخسارة فادحة كما يشترط نص المادة 147/ 2 غير متوافرة في هذه الدعوى" - "وهذا الذي قرره الحكم لا يصلح قانوناً لنفي توفر شرط الإرهاق في النزاع الحالي ذلك أنه علاوة على أن المشرع قد أقر في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 452 لسنة 1953 بأنه ترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 انخفاض أثمان الأراضي الزراعية عامة كما أقرت بذلك وزارة المالية في المذكرة المقدمة منها إلى مجلس الوزراء والتي وافق عليها المجلس بجلسته المنعقدة في 11 من أغسطس سنة 1953 إذ ورد في هذه المذكرة "أن قانون الإصلاح الزراعي أحدث تأثيراً كبيراً في أثمان الأراضي وانخفضت أثمانها وإيجارتها وترتب على ذلك أن عجز الكثيرون من المشترين قبل صدور هذا القانون عن الوفاء بالتزاماتهم أمام الحكومة وعرض بعضهم رد الأراضي التي اشتروها إلى الحكومة وإلغاء بيعها واسترداد ما دفعوه....." علاوة على هذا، وهو ما ينقض قول الحكم بأنه لم يترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي انخفاض في أثمان الأراضي التي لم يجر الاستيلاء عليها، فإنه يجب أن ينظر عند تقدير الإرهاق الذي ترتب على الحادث الطارئ إلى ذات الصفقة التي أبرم بشأنها العقد مثار النزاع ومن ثم فإنه لتقرير ما إذا كان قد ترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي إرهاق للطاعن بالمعنى الذي يتطلبه القانون في الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني يتعين على المحكمة أن تبحث أثر هذا القانون على الصفقة محل التعاقد وتتبين ما إذا كان قد انخفض ثمن هذه الصفقة نتيجة صدور القانون المذكور أو لم ينخفض ومدى ما يسببه هذا الانخفاض - في حالة تحقق حصوله - من إرهاق للطاعن إذ يشترط في الإرهاق الذي يصيب المدين في تنفيذ التزامه من جراء الحادث الطارئ - أن يكون من شأنه تهديده بخسارة فادحة ولذلك فإن الخسارة المألوفة في التعامل لا تكفي لإعمال حكم الظروف الطارئة لما كان ذلك وكان خطأ الحكم في تقريره أن قانون الإصلاح الزراعي لم يؤثر بصفة عامة في أثمان الأراضي التي لم يجر استيلاء عليها قد حجبه عن تحقيق الإرهاق المدعى به من الطاعن وكان صدور قرار من مجلس الوزراء بمنح بعض التسهيلات لمشترى أراضي الحكومة ومن بينهم الطاعن لا يمنع من إفادته من تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني على حالته إذا ما ثبت أن هذا التيسير لم يجد في رد التزامه المرهق إلى الحد المعقول - وكان الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث ما إذا كان ما أفاده الطاعن من هذا التيسير يكفي لرفع الإرهاق عنه إلى الحد الذي يتطلبه القانون - وذلك في حالة ثبوت وقوع هذا الإرهاق وترتبه على قانون الإصلاح الزراعي - وكان الحكم من جهة أخرى لم يلتزم النطاق الواجب التزامه عند بحث شرط الإرهاق واعتمد في نفيه على أسباب عامة مجملة لا تنصب على ذات الصفقة محل النزاع وليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى ما رتبه عليها الحكم من انتفاء الإرهاق المدعى به فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن هذه المحكمة ترى التنبيه إلى ما سبق أن قررته في حكمها الصادر بتاريخ 3/ 1/ 1963 في الطعن رقم 263 سنة 26 ق من أنه في حالة إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني على عقود البيع التي يكون فيها الثمن مقسطاً يجب على القاضي ألا يعمل الجزاء المنصوص عليه في هذه الفقرة إلا بالنسبة للقسط أو الأقساط التي يثبت له أن أداء المشتري لها قد أصبح بسبب وقوع الطارئ غير المتوقع مرهقاً له بحيث يهدده بخسارة فادحة أما باقي الأقساط المستقبلة فإن القاضي لا يعمل في شأنها هذا الجزاء إذا تبين أن هناك احتمالاً لزوال أثر هذا الطارئ عند استحقاقها ويكون شأن الأقساط في ذلك شأن الأداءات في عقود المدة من حيث التأثر بالظروف الطارئة - كما أنه لا يجوز إعمال حكم الظروف الطارئة على الأقساط التي تكون قد حلت قبل وقوع الحادث الطارئ وقصر المدين في الوفاء بها حتى وقع الحادث ذلك أنه يشترط لتطبيق النظرية ألا يكون تراخي تنفيذ الالتزام إلى ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجعاً إلى خطأ المدين.


[(1)] راجع نقض 3/ 1/ 1963 الطعن 263 س 26 ق السنة 14 ص 37، 21/ 3/ 1963 الطعن 259 س 28 ق السنة 14 ص 347.
[(2)] راجع نقض 3/ 1/ 1963 الطعن 263 س 26 ق السنة 14 ص 37.