أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 453

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم جبر الجافي، وصبري فرحات.

(72)
الطلب رقم 1 لسنة 32 ق "رجال القضاء"

( أ ) قضاة. اختصاص "اختصاص الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض". ترقية. نقل. ندب.
اختصاص الدائرة المدنية بمحكمة النقض بالفصل في كافة شئون القضاة. يستثنى من ذلك قرارات التعيين والنقل والندب والترقية، هذه القرارات لا يطعن عليها بأي طريق.
(ب) قضاة. اختصاص "اختصاص الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض". طلبات التعويض.
طلبات التعويض التي تختص بها الدائرة المدنية بمحكمة النقض هي الطلبات المتعلقة بما أجيز الطعن فيه أمامها.
(ج) قضاة. ندب القاضي. "تقدير الضرورة للندب"
تقرير الضرورة التي تدعو للندب من حق وزير العدل وحده. لا معقب عليه في ذلك.
(د) قضاة. ندب القاضي. "طلب بدل السفر". اختصاص. "اختصاص الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض". مرتب.
طلب بدل السفر عن ندب القاضي مما يدخل في اختصاص الدائرة المدنية بمحكمة النقض. البدل جزء من المرتب.
1 - مفاد نص المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 أن المشرع حدد اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية - التي حلت محلها الدائرة المدنية والتجارية بالقانون رقم 74 لسنة 1963 - بجميع شئون القضاة متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القانون أو اللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة، واستثنى من هذا الاختصاص القرارات الخاصة بالتعيين والترقية والنقل والندب وزاد على ذلك فجعل القرارات الصادرة بالتعيين والنقل والندب بمنأى عن أي طعن بأي طريق أو أمام أية جهة قضائية أخرى.
2 - المقصود بما نصت عليه المادة 90 من قانون السلطة القضائية من اختصاص الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض بالفصل في طلبات التعويض الناشئة عن القرارات المتعلقة بشئون القضاة، هو اختصاصها بنظر التعويض عن القرارات التي أجيز الطعن فيها أما ما منع الطعن فيه من هذه القرارات فلا يمتد إليه ذلك الاختصاص وإلا لانتفت الحكمة من هذا الحظر لما يستلزمه الفصل في طلب التعويض من التعرض إلى القرار ذاته وهو ما أراد المشرع تحصين القرار منه.
3 - تخول المادة 68 من قانون السلطة القضائية لوزير العدل عند الضرورة ندب القضاة لمحاكم غير محاكمهم لمدة ستة أشهر. ومقتضى ذلك أن تقدير الضرورة التي تدعو لإصدار قرار الندب يكون من حق الوزير بما لا معقب عليه في ذلك.
4 - طلب القاضي "بدل سفر" عند ندبه مما يدخل في اختصاص الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 90 من قانون السلطة وذلك على اعتبار أن البدل جزء من المرتب يمنح للموظف مقابل النفقات الضرورية التي يتحملها بسبب تغيبه عن الجهة التي يوجد بها مقر عمله الرسمي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد وزير العدل أصدر بتاريخ أول مارس سنة 1962 قراراً بندب الطالب القاضي بمحكمة القاهرة الابتدائية قاضياً بمحكمة أسيوط الابتدائية لمدة ستة أشهر من 10 مارس سنة 1962 بدون بدل سفر، وقد أبلغ هذا القرار للطالب بتاريخ 3/ 3/ 1962 فطعن فيه بتاريخ 4 من إبريل سنة 1962 طالباً: أولاً - إلغاء قرار الندب المذكور. ثانياً - إلزام السيد وزير العدل بصفته بأن يدفع له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف وقال في بيان طلبه إن القرار المطعون فيه صدر مخالفاً لقانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 إذ مؤدى نص المادة 68 منه أنه يشترط في الندب قيام حالة الضرورة وهي منتفية بالنسبة لظروف وملابسات إصدار هذا القرار إذ صدر الندب جزاء للطالب بسبب تصرفه مع محام أخل بنظام الجلسة - في غير مرافعة - وعقب صدور حكم بحبسه 24 ساعة بعد أن نبهه الطالب للإقلاع عن هذا الإخلال، هذا إلى أن العمل بمحكمة أسيوط التي ندب للعمل بها لم يكن في حاجة إليه بل إن محكمة القاهرة كانت في هذا الوقت تعاني نقصا في عدد قضاتها ويؤيد هذا أنه بعد أن ندب إلى محكمة أسيوط ندب بدلاً منه أحد قضاة أسيوط للعمل بمحكمة القاهرة كما جاء هذا القرار مخالفاً للقانون فيما قرره من حرمانه من بدل السفر وقد جاء قرار الندب على صورته هذه قاطعاً بأنه مقصود به العقوبة مما لا يملكه وزير العدل إذ أن العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على القضاة قد حددها الفصل التاسع من قانون السلطة القضائية وبين الجهات المختصة بتوقيعها وليس من بينها وزير العدل - وعلاوة على أن الوزير لا يملك معاقبة القاضي فإنه أصدر القرار المطعون فيه دون تحقيق ودون تقصي الحقيقة ولو أنه جرى تحقيق شامل لتكشف الأمر عن أن الطالب كان مجنياً عليه، وقد ترتب على هذا القرار المخالف للقانون ولأحكام الدستور أن أصيب الطالب بأضرار مادية وأدبية تستوجب تعويضه عن ذلك إذ كبده الندب مصاريف الانتقال أسبوعياً من القاهرة محل إقامته بدائرة عمله الأصلي بمحكمة القاهرة إلى أسيوط فضلاً عما يكبده من مصاريف أثناء إقامته بأسيوط أيام الجلسات أما الضرر الأدبي فماثل في توقيع عقوبة عليه في ظروف جعلت سمعته كقاض مضغة في الأفواه بين المحامين رغم أنه ظل يمارس القضاء طوالى عشر سنوات لم يؤخذ عليه فيها شيء.
وحيث إن وزارة العدل دفعت بعدم اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض - التي حلت محلها هذه الدائرة في الاختصاص - بنظر طلبات الطالب جميعاً وقالت في بيان الدفع إن المادة 90 من قانون السلطة القضائية استثنت من الاختصاص المنصوص عليه فيه القرارات الصادرة بالتعيين والترقية والنقل والندب ومنعت الطعن في القرارات الصادرة بالتعيين أو النقل أو الندب بأي طريق من طرق الطعن أمام أية جهة وبذلك حصن المشرع هذه القرارات من أي طعن يتوصل به لتعييبها سواء بإلغائها أو بالتعويض عنها وأنه ليس صحيحاً ما يقوله الطاعن من أن القرار الصادر بندبه عقوبة لأن العقوبات الجائز توقيعها على رجال القضاء نصت عليها المادة 118 من قانون السلطة القضائية وهي اللوم والعزل وليس الندب من بينها وقد ترك المشرع لوزير العدل سلطة الندب لمدة محددة ليغطي حاجة القضاء في شتى جهاته وله وحده حق تقدير مبرره بغير معقب عليه في ذلك - ومتى كان القانون قد منع طرح هذا القرار على القضاء وكان هذا المنع عاماً ومطلقاً فإنه يشمل طلب الإلغاء وطلب التعويض لأن التعويض فرع من الإلغاء وكلاهما فرعان لأصل واحد هو المنازعة في سلامة القرار وهو أمر يمتنع نظره على القضاء.
وحيث إن النيابة العامة طلبت: أولاً - أصلياً القضاء بعدم جواز الطعن في قرار الندب - واحتياطياً بعدم اختصاص المحكمة بنظره. وثانياً - رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بالنسبة لطلب التعويض وباختصاصها بنظره والفصل فيه - واستندت فيما طلبته من عدم جواز الطعن في قرار الندب إلى ما جاء بالمادة 90 من القانون رقم 56 لسنة 1959 من أن القرارات الصادرة بالتعيين أو النقل أو الندب لا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن أو أمام أية جهة قضائية أخرى كما استندت فيما طلبته من عدم الاختصاص إلى ما تقضى به المادة المذكورة من استثناء القرارات الخاصة بالتعيين والترقية والنقل والندب من الاختصاص المعقود لهذه المحكمة - وبنت رأيها باختصاص هذه المحكمة بالنسبة لطلب التعويض إلى ما يخوله نص الفقرة الرابعة من المادة المذكورة لهذه المحكمة دون غيرها من اختصاص بالفصل في طلبات التعويض الناشئة عن القرارات المشار إليها فيها ومن بينها قرارات الندب وبذلك يكون منع الاختصاص مقصوراً على طلب الإلغاء دون طلب التعويض.
وحيث إن المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 نصت على ما يأتي "تختص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في كافة الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة والموظفون القضائيون بالديوان العام وبمحكمة النقض بإلغاء القرارات الجمهورية والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاة عدا التعيين والترقية والنقل والندب متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة - ويكون الطعن في القرارات الصادرة بالترقية بطريق التظلم إلى مجلس القضاء الأعلى طبقاً لما هو مقرر في المادة 87، أما القرارات الصادرة بالتعيين أو النقل أو الندب فلا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن أو أمام أية جهة قضائية أخرى - كما تختص دون غيرها بالفصل في الطلبات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم - وكذلك تختص دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض الناشئة عن كل ذلك...." ومفاد هذا النص أن المشرع حدد اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية - التي حلت محلها الدائرة المدنية والتجارية بالقانون رقم 74 لسنة 1963 - بجميع شئون القضاة متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة للقوانين أو اللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة واستثنى من هذا الاختصاص القرارات الخاصة بالتعيين والترقية والنقل والندب وزاد على ذلك فجعل القرارات الصادرة بالتعيين والنقل والندب بمنأى عن أي طعن بأي طريقة أو أمام أية جهة قضائية أخرى. ولما كانت المادة 68 من قانون السلطة القضائية تخول لوزير العدل عند الضرورة ندب القضاة لمحاكم غير محاكمهم لمدة ستة أشهر فإن مقتضى ما تقدم أن يكون تقدير الضرورة التي دعت لإصدار قرار الندب من حق الوزير بما لا معقب عليه في ذلك - ولما كان ما نصت عليه المادة 90 من اختصاص هذه المحكمة بالفصل في طلبات التعويض الناشئة عن كل ذلك مقصوداً به اختصاصها بنظر التعويض عن القرارات التي أجيز الطعن فيها أما ما منع الطعن فيه من هذه القرارات فلا يمتد إليه هذا الاختصاص وإلا لانتفت الحكمة من هذا الحظر لما يستلزمه الفصل في طلب التعويض من التعرض إلى القرار ذاته وهو ما أراد المشرع تحصين القرار منه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم جواز نظر طلب إلغاء قرار الندب وطلب التعويض عنه، ولما كان الطالب قد أدخل في تقديره للتعويض عنصراً آخر هو بدل السفر وهذا العنصر مما تختص به هذه الدائرة وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 90 من قانون السلطة القضائية وذلك على اعتبار أن هذا البدل جزء من المرتب يمنح للموظف مقابل النفقات الضرورية التي يتحملها بسبب تغيبه عن الجهة التي يوجد بها مقر عمله الرسمي - ولما كانت الدعوى غير مهيأة للحكم بالنسبة لهذا الطلب مما ترى معه المحكمة إعادتها للمرافعة في خصوصه.