أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 463

جلسة 11 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي.

(74)
الطلب رقم 16 لسنة 30 "رجال القضاء"

إحالة. "أحوال جوازها". اختصاص. "اختصاص ولائي".
اقتصار سلطة الإحالة وفقاً للمادة 135 مرافعات على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة. لا تمتد هذه السلطة إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص. رفع القاضي السابق طلبه إلى محكمة القضاء الإداري. وجوب قضائها بعدم الاختصاص ولائياً دون الإحالة إلى محكمة النقض. بطلان الإحالة في هذه الصورة. اعتبار الطلب مقدماً إلى محكمة النقض بغير الأوضاع المقررة في المادة 91 من قانون السلطة القضائية.
سلطة القضاء في الإحالة إلى محكمة أخرى - على ما يبين من المادة 135 من قانون المرافعات والمذكرة التفسيرية له - إنما يقتصر على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة ولا تمتد إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص. فإذا كان الطالب قد رفع طلبه إلى محكمة القضاء الإداري - باعتباره قاضياً سابقاً يجرى عليه ما يجرى على رجال القضاء والنيابة العاملين من أحكام مقررة في شأنهم فإنه يكون قد رفع دعواه إلى محكمة لا ولاية لها بنظرها ويتعين على تلك المحكمة أن تقف عند الحكم بعد الاختصاص فإن هي جاوزت ذلك إلى القضاء بإحالة الدعوى إلى محكمة النقض كانت هذه الإحالة باطلة ولا يكون الطلب قد قدم إلى محكمة النقض بالأوضاع المقررة في المادة 91 من قانون السلطة القضائية [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 13/ 6/ 1959 أقام الطالب الدعوى رقم 1034 سنة 13 قضائية - أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الخزانة ومدير عام المعاشات طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له المبالغ التي اقتطعت كاحتياطي معاش مما كان يصرف له شهرياً لمدة سنتين من أول يناير سنة 1954 والمصروفات قائلاً في بيان دعواه إنه التحق بخدمة الحكومة في سنة 1922 وتقلد عدة وظائف كان آخرها وظيفة قاضٍ من الدرجة الأولى بمحكمة القاهرة الابتدائية.. وفي 4 من نوفمبر سنة 1953 صدر قرار من مجلس الوزراء بتيسير اعتزال الخدمة لمن يرغب من الموظفين مع ضم مدة لا تتجاوز السنتين إلى مدة خدمته وصرف الفرق بين المرتب والمعاش مشاهرة وذلك لموظفي الدرجة الثانية فما فوق الذين يقدمون طلباً خلال ستين يوماً باعتزال الخدمة - وإذا أراد الطالب الإفادة من القرار المذكور فقد قدم طلباً لمعاملته بمقتضاه وصدر قرار مجلس الوزراء بإحالته إلى المعاش مع ضم سنتين إلى مدة خدمته وصرف الفرق بين المرتب والمعاش مشاهرة خلال هاتين السنتين اعتباراً من أول يناير سنة 1954، إلا أن إدارة المعاشات حين نفذت قرار مجلس الوزراء ربطت له معاشاً ثم أخذت تصرف له الفرق لا بين أصل المرتب والمعاش المربوط، بل أخذت تجرى على المرتب الاستقطاعات المختلفة ومنها احتياطي المعاش وتصرف له الفرق بين الباقي - بعد هذه الاستقطاعات والمعاش المربوط، ولما كانت مدة السنتين المضافة ليست مدة خدمة فعلية إذ أن الطالب قد انقطعت صلته بالوظيفة بإحالته إلى المعاش - كما أن الفرق الذي تقرر صرفه هو في حقيقته تعويض لقاء تركه الخدمة، فما كان يسوغ استقطاع احتياطي معاش عن ذلك الفرق لأن استقطاع احتياطي المعاش إنما يجرى على مرتب الموظف الذي يباشر خدمة فعلية، وإذ كان الفرق الذي كان يجب أن يصرف له نفاذاً لقرار مجلس الوزراء هو الفرق بين المعاش المربوط وبين أصل المرتب دون استقطاع احتياطي معاش فإن إدارة المعاشات حين استقطعت منه بغير حق مبالغ هي احتياطي المعاش تكون قد انتقصت في حقيقة الأمر من قدر التعويض الذي قرره له مجلس الوزراء مما حدا به إلى رفع هذه الدعوى طالباً الحكم باسترداد المبالغ المقتطعة، وبتاريخ 25/ 1/ 1960 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة النقض للاختصاص مؤسسة قضاءها على أن الطالب كان يشغل وظيفة قاضٍ بمحكمة القاهرة الابتدائية قبل إحالته إلى المعاش اعتباراً من أول يناير سنة 1954 وأن القانون رقم 240 لسنة 1955 بشأن تعديل قانون استقلال القضاء قد خول محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية سلطة الفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بوزارة العدل وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة أو لورثتهم وقد ظل هذا الاختصاص معقوداً للهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها وذلك طبقاً للمادة 90 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية وإذ كانت الدعوى لا تخرج عن كونها منازعة في مرتب الطالب خلال السنتين المضمومتين بقرار مجلس الوزراء المشار إليه فإنها بهذه المثابة تكون من اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض - ولدى نظر الطلب أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها دفعت وزارة الخزانة بعدم قبول الطلب شكلاً لرفعه بغير الطريق القانوني استناداً إلى أنه لا ولاية لغير محكمة النقض في جميع المنازعات المتعلقة بشئون القضاة وأن الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض غير جائزة وأنه إذ كان الطالب لم يتقدم بطلبه إلى محكمة النقض بالأوضاع المبينة بالمادة 91 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 فإن طلبه يكون غير مقبول - رد الطالب على هذا الدفع بأنه يقوم على أساس غير صحيح هو اعتبار الخطأ في صرف الفرق بين المرتب والمعاش ينطوي على قرار إداري يتحتم رفع الطعن عليه في الميعاد حالة أن الطلب المطروح ليس طعناً على قرار إداري إذ لم يصدر قرار إداري بالصرف وإنما هو مطالبة بالعوض القانوني المستند إلى قرار مجلس الوزراء المشار إليه فلا يعدو أن يكون خطأ في تنفيذ قرار إداري وليس قراراً إدارياًًً يتحتم رفع الطعن عليه في الميعاد. قدمت النيابة العامة مذكرة انضمت فيها إلى رأي الوزارة في الدفع مقررة أن سلطة القضاء في الإحالة طبقاً للمادة 135 من قانون المرافعات تقتصر على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة ولا تمتد إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص.
وحيث إن الطالب يبغي بدعواه الحكم بإلزام وزارة الخزانة بأن تدفع له المبالغ التي اقتطعت كاحتياطي معاش مما كان يصرف له شهرياً لمدة سنتين من أول يناير سنة 1954. ولما كانت الدعوى على هذا الأساس ليست إلا منازعة في المعاش الاستثنائي المقرر له بموجب قرار مجلس الوزراء المشار إليه وهل هو الفرق بين المعاش المربوط له والمرتب الأصلي أم الفرق بين المعاش المربوط له والمرتب الأصلي مخصوماً منه احتياطي المعاش مما يدخل في الطلبات الخاصة بالمرتبات المنصوص عليها في المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 التي تقضى باختصاص محكمة النقض دون غيرها بهيئة جمعية عمومية بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب وفي الطلبات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم، وكان الطالب قد أقام دعواه هذه أمام محكمة القضاء الإداري في 13/ 9/ 1959 باعتباره قاضياً سابقاً يجرى عليه ما يجرى على رجال القضاء والنيابة العاملين من أحكام مقررة في شأنهم ومن بين تلك الأحكام حكم المادة 90 سالفة الذكر فإنه كان يتعين عليه أن يرفع هذه الدعوى إلى محكمة النقض، وإذ رفعها إلى محكمة القضاء الإداري فإنه يكون قد رفعها إلى محكمة لا ولاية لها بنظرها وكان لذلك يتعين على تلك المحكمة أن تقف عند الحكم بعدم الاختصاص أما وقد جاوزت ذلك إلى القضاء بإحالة الدعوى إلى محكمة النقض فإن هذه الإحالة تكون باطلة ذلك أنه يبين من المادة 135 من قانون المرافعات والمذكرة التفسيرية لذلك القانون أن سلطة القضاء في الإحالة إلى محكمة أخرى إنما تقتصر على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة ولا تمتد إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص - لما كان ذلك، وكان الطلب لم يقدم إلى هذه المحكمة بالأوضاع المقررة في المادة 91 من قانون السلطة القضائية فإن الطلب يكون غير مقبول لرفعه بغير الطريق القانوني ويتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.


[(1)] راجع نقض مدني 29/ 6/ 1963 مجموعة المكتب الفني س 14 ص 449 "إيجاب المادة 135 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 الإحالة بعد أن كانت جوازيه. لا وجوب للإحالة إلا في الأحوال التي تصح فيها قانوناً" وراجع نقض مدني 29/ 6/ 1973 س 14 ص 444 " قاعدة عدم جواز الإحالة من القضاء الإداري إلى محكمة النقض لا تنطبق على الإحالة نفاذاً لانتقال الولاية إلى محكمة النقض بحكم القانون. الإحالة في هذه الصورة لا تستند إلى المادة 135 مرافعات.