أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 21 - صـ 12

جلسة 7 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد طوسون.

(3)
الطعن رقم 307 لسنة 32 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". "تقديم الإقرار بعد الميعاد" نظام عام. بطلان.
الممولون الذين يتقدمون بإقراراتهم في الميعاد. وجوب إخطارهم بعناصر تقدير الضريبة على النموذج رقم "18" والربط على النموذج رقم "19". الممولون الذين لم يتقدموا بإقراراتهم أو الذين قدموها بعد الميعاد. يكتفي بربط الضريبة قبلهم على النموذج رقم "19". حق مصلحة الضرائب في فحص حسابات ومستندات وإقرارات الممول. ولو كان تقدير أرباحه بطريق التقدير. التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام.
مؤدى نصوص المواد 45 و47 و47 مكرراً و48 و49 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمادة 24 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور معدلة بالقرار الوزاري رقم 31 لسنة 1951 مجتمعة، أن الشارع فرق بين إجراءات ربط الضريبة التي تتبع بالنسبة للممولين الذين يتقدمون بإقراراتهم في الميعاد، وبين تلك التي يجب مراعاتها في خصوص الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم أو الذين قدموها بعد الميعاد. فأوجب بالنسبة للطائفة الأولى أن يخطروا بعناصر تقدير الضريبة على النموذج رقم "18" ثم تربط الضريبة على النموذج رقم "19"، أما بالنسبة للطائفة الثانية فاكتفى بربط الضريبة عليهم على النموذج رقم "19" وإخطارهم به، وأنه لذلك لا يسوغ إتباع الإجراءات المخصصة للطائفة الأولى على الطائفة الثانية، ذلك أن التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام، فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها، وهي إجراءات ومواعيد حتمية ألزم المشرع مصلحة الضرائب بالتزامها وقدر وجهاً من المصلحة في إتباعها، ورتب البطلان على مخالفتها، ولا يغير من ذلك أن مصلحة الضرائب فحصت إقرار المطعون عليه (الممول) لأن من حقها - في حالة تقدير أرباح الممول بطريق التقدير - أن تفحص حساباته ومستنداته وإقراراته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نجيب أمين يونان قدم إلى مأمورية ضرائب بني سويف في 10/ 4/ 1948 إقراراً عن نشاطه في تجارة الأقطان في الفترة من أول أغسطس سنة 1946 إلى آخر يوليه سنة 1947 مبيناً به أن خسارته بلغت 3855 ج و311 م، وبعد أن فحصت المأمورية دفاتره أهدرتها وعدلت مدة النزاع فجعلتها 13 شهراً تبدأ من أول أغسطس سنة 1946 وتنتهي في آخر أغسطس سنة 1947 وقدرت أرباحه عنها بطريق التقدير الجزافي بمبلغ 14300 ج كما قدرت رأس المال الحقيقي المستثمر في أول الموسم بمبلغ 5625 ج وأخطرته بالنموذج رقم "19" في 10/ 7/ 1952 بربط الضريبة. وإذ لم يوافق أحيل الخلاف على لجنة الطعن ودفع ببطلان إجراءات الربط وبسقوط حق المصلحة في اقتضاء الضريبة بالتقادم. وبتاريخ 25/ 5/ 1952 أصدرت اللجنة قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفض الدفع بالتقادم (ثانياً) بتعديل السنة المالية للممول وجعلها تبدأ من أول أغسطس سنة 1946 وتنتهي في 31 يوليه سنة 1947 (ثالثاً) تقدير صافي أرباحه في سنة 1946/ 1947 بمبلغ 10650 ج فقد أقام الدعوى رقم 80 سنة 1953 بني سويف الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه والحكم (أصلياً) بسقوط حق المصلحة في اقتضاء الضريبة بالتقادم (واحتياطياً) اعتماد الخسارة وتقدير رأس المال الحقيقي المستثمر طبقاً لإقراره. كما أقامت المصلحة الدعوى رقم 82 سنة 1953 بني سويف الابتدائية ضد الممول بالطعن في القرار المذكور طالبة تعديله واعتبار أرباحه ورأس المال الحقيقي المستثمر طبقاً لتقديرات مأمورية الضرائب. وقررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد. وبتاريخ 20/ 2/ 1954 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع ببطلان قرار لجنة الطعن وألزمت مصلحة الضرائب بمصاريف الطعنين ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بصحة قرار لجنة الطعن وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. وقيد هذا الاستئناف برقم 444 سنة 71 قضائية. وبتاريخ 22/ 5/ 1966 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المصلحة بالمصروفات وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة وحيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان قرار لجنة الطعن مستنداً في ذلك إلى أنه كان من المحتم على مصلحة الضرائب بعد أن فحصت إقرار الممول أن تخطره أولاً بالنموذج رقم "18" قبل ربط الضريبة وإخطاره بها على النموذج رقم "19" حتى ولو كان إقراره قد قدم بعد الميعاد المحدد له، وأن المادة 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قد أوجبت إيداع المستندات مع الإقرار في حالة الربح فقط دون الخسارة، وهو خطأ ومخالفة للقانون وفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الحكم سوى بين الإقرار الذي يقدم في الميعاد وبين ذلك الذي يقدم بعد الميعاد في حين أن المواد 47 و47 مكرراً و48 و49 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمادتين 24 و25 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور تفصح عن أن الشارع فرق بين طائفة الممولين الذين قدموا إقراراتهم في الميعاد وأولئك الذين لم يقدموا إقراراتهم إطلاقاً أو قدموها بعد الميعاد، فأوجب بالنسبة للطائفة الأولى إخطارهم بعناصر تقدير الضريبة على النموذج رقم "18" ثم بربط الضريبة على النموذج رقم "19" أما بالنسبة للطائفة الثانية فقد اكتفى بربط الضريبة عليهم على النموذج رقم "19" وإخطارهم به، ولا يغير من ذلك أن مصلحة الضرائب قد فحصت إقرار الممول لأن للمصلحة دائماً - في حالة تقدير أرباح المطعون عليه تقديراً جزافياً - أن تفحص حساباته ومستنداته وإقراراته (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن المادة 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قد أوجبت إيداع المستندات مع الإقرار في حالة الربح فقط دون الخسارة في حين أن نص المادة 18 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور يقضي بضرورة إرفاق المستندات مع الإقرار في حالتي الربح والخسارة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 45 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - معدلة بالمرسوم بقانون رقم 97 لسنة 1952 - على أن "تربط الضريبة على الأرباح الحقيقية والثابتة من الإقرار المقدم من الشركة إذا قبلته مصلحة الضرائب، وللمصلحة تصحيح الإقرار أو تعديله ويتعين عليها عندئذ أن تخطر الشركة بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول بعناصر ربط الضريبة وأن تدعوها إلى موافاتها كتابة بملاحظاتها على التصحيح أو التعديل وذلك خلال شهر من تسلم الإخطار فإذا وافقت الشركة على التصحيح أو التعديل ربطت الضريبة على مقتضاه، ويكون الربط غير قابل للطعن فيه وتكون الضريبة واجبة الأداء فوراً وإذا لم توافق الشركة على التصحيح أو التعديل أو لم تقتنع مصلحة الضرائب بما أرسلته الشركة من ملاحظات في الميعاد ربطت المصلحة الضريبة وفقاً لما استقر عليه رأيها وأخطرت الشركة بهذا الربط بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول وحددت لها شهراً لقبوله أو الطعن فيه وفقاً للمادة 52، فإذا ما انقضى هذا الميعاد دون طعن من الشركة أصبح الربط نهائياً والضريبة واجبة الأداء فوراً أما إذا طعنت الشركة في الميعاد فلا يكون الربط واجب الأداء إلا بمقدار ما قبلته الشركة من ملاحظات المصلحة مع عدم الإخلال بحكم المادتين 44 و48، وإذا امتنعت الشركة عن تقديم الإقرار أو المستندات أو البيانات المنصوص عليها في المادتين 43 و44 وكذلك إذا لم ترد الشركة على ما طلبته المصلحة من ملاحظات على التعديل أو التصحيح قدرت المصلحة الأرباح وربطت الضريبة وفقاً لهذا التقدير وتكون الضريبة واجبة الأداء فوراً، وإنما يكون للشركة أن تطعن في التقدير وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 52" والنص في المادة 47 - معدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 - على أن "فيما يتعلق بالربط والتقدير يسري على سائر الممولين ما يسري على الشركات المساهمة من الأحكام المبينة في المادة 45 من هذا القانون" والنص في المادة 47 مكرراً - المضافة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 - على أن يعتبر التنبيه على الممول بالدفع نهائياً وقطعياً.... والنص في المادة 48 - معدلة بالقانون رقم 253 لسنة 1953 - على أن "على الممول أن يقدم إلى مصلحة الضرائب قبل أول إبريل من كل سنة أو في بحر ثلاثة شهور من تاريخ انتهاء سنته المالية إقراراً مبيناً فيه مقدار أرباحه مع جميع الوثائق والمستندات المؤيدة له..." والنص في المادة 49 على أن "يظل الممول ملزماً بتقديم الإقرار المشار إليه ولو كان تحديد الأرباح حاصلاً بطريق التقدير..." والنص في المادة 24 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه - معدلة بالقرار الوزاري رقم 31 لسنة 1951 - على أن "يكون إخطار الممول بعناصر ربط الضريبة وطلب ملاحظاته على التصحيحات التي أجرتها المصلحة في إقراره المنصوص عليه في المادة 45 من القانون المشار إليه على النموذج رقم 18 ضرائب المرافق ويكون إخطار الممول بربط الضريبة عليه بطريق التقدير على النموذج رقم 19 ضرائب المرافق" - ومؤدى هذه النصوص مجتمعة أن الشارع فرق بين إجراءات ربط الضريبة التي تتبع بالنسبة للممولين الذين يتقدمون بإقراراتهم في الميعاد وبين تلك التي يجب مراعاتها في خصوص الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم أو الذين قدموها بعد الميعاد، فأوجب بالنسبة للطائفة الأولى أن يخطروا بعناصر تقدير الضريبة على النموذج رقم "18" ثم بربط الضريبة على النموذج رقم 19" أما بالنسبة للطائفة الثانية فاكتفى بربط الضريبة عليهم على النموذج رقم "19" وإخطارهم به، وأنه لذلك لا يسوغ اتباع الإجراءات المخصصة للطائفة الأولى على أرباب الطائفة الثانية، ذلك أن التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام، فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها، وهي إجراءات ومواعيد حتمية ألزم المشرع مصلحة الضرائب بالتزامها وقدر وجهاً من المصلحة في اتباعها ورتب البطلان على مخالفتها، ولا يغير من ذلك أن مصلحة الضرائب فحصت إقرار المطعون عليه لأن من حقها - في حالة تقدير أرباح الممول بطريق التقدير - أن تفحص حساباته ومستنداته وإقراراته، ذلك أن النص في المادة 48 من القانون المشار إليه وفي المادة 18 من اللائحة التنفيذية للقانون، يوجب إرفاق جميع الوثائق والمستندات مع الإقرار سواء أكانت لدى الممول حسابات منتظمة أم لم تكن، وسواء أكانت نتيجة أعماله ربحاً أم خسارة، وحتى لو كان صافي أرباحه لا يتجاوز حدود الإعفاء المقررة في المادة 41 من القانون رقم 14 لسنة 1939. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن "لما كان الإقرار قد قدم إلى مصلحة الضرائب وكان موجوداً لديها وقت قيامها بفحص عناصر الضريبة فقد تحتم عليها النظر فيه وإجراء حكم الفقرات الأربع الأولى من المادة 45 وإخطار الممول بعناصر ربط الضريبة وطلب ملاحظاته على التصحيحات التي أجرتها في إقراره وذلك على النموذج رقم 18 ضرائب سواء أكان الإقرار قد قدم في الميعاد المحدد قانوناً أو بعده، ولا يجوز لمصلحة الضرائب أن تتجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة ربط الضريبة وفق تقديرها المباشر وإخطار الممول بربط الضريبة عليه بطريق التقدير على النموذج رقم 19" وأن "الإقرار يقدم من الممول مصحوباً بالوثائق والمستندات المؤيدة له إذا أسفر نشاطه التجاري عن ربح، أما إذا تمخض عن خسارة فإنه لا يلزم في هذه الحالة ابتداء إرفاق المستندات والوثائق التي تؤيد ما انتهى إليه من إقراره" فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.