أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 21 - صـ 18

جلسة 7 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد طوسون.

(4)
الطعن رقم 520 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى. "الدفع بعدم القبول". استئناف. "نطاق الاستئناف".
الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة المدعي. دفع موضوعي. قضاء المحكمة بقبول الدفع تستنفذ به ولايتها في موضوع الدعوى. لا يجوز لمحكمة الاستئناف عند إلغاء حكم محكمة أول درجة وقبول الدعوى، أن تعيدها إليها لنظر موضوعها.
(ب) عمل. "انتهاء عقد العمل". حراسة إدارية.
يجوز لصاحب العمل فصل العامل دون إنذار أو تعويض بسبب فرض الحراسة على أمواله بمقتضى الأمر العسكري رقم 138 لسنة 1961 والأمر رقم 4 لسنة 1956. تعاقد صاحب العمل معه بعد فرض الحراسة يعد تنازلاً عن استعمال هذه الرخصة فلا يحوز أن يتخذ منها مبرراً الفصل.
1 - الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة المدعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى برمتها ويترتب على قبوله أن يخسر المدعي دعواه بحيث لا يستطيع العودة إليها وتستفد محكمة الدرجة الأولى بالقضاء به ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى ويطرح الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الاستئناف فلا يجوز لها في حالة إلغاء الحكم وقبول الدعوى أن تعيدها إلى محكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها.
2 - مؤدى نص المادة الثانية من الأمر رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص، ونص المادة 19 من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956 الخاص بوضع نظام لإدارة أموال المعتقلين والمراقبين وغيرهم من الأشخاص والهيئات، أن الشارع خول صاحب العمل فصل العامل دون إنذار سابق أو تعويض بسبب فرض الحراسة على أمواله، فإذا تعاقد صاحب العمل معه بعد فرض الحراسة فإنه يكون قد تنازل عن استعمال الرخصة المخولة له وأسقط حقه فيها، فلا يجوز له بعد ذلك أن يتخذ منها مبرراً للفصل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن أحمد عبد الواحد الوكيل قدم شكوى لمكتب العمل بالإسكندرية ضد شركة التأمين الأهلية لفصله من العمل، ولم يتمكن المكتب من إنهاء النزاع ودياً فأحاله إلى محكمة شئون العمال الجزئية بالإسكندرية للنظر في طلب وقف قرار الفصل، فحكمت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي أهلية استناداً إلى أن المدعي كان من الموضوعين تحت الحراسة واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - فقضت بإلغاء الحكم المستأنف وإحالة الدعوى إلى المحكمة الجزئية للفصل في موضوعها، وأمامها طلب المدعي الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تدفع له مبلغ 10560 ج والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بالعمل لدى الشركة في 26/ 3/ 1958 وظل يتدرج في عمله إلى أن عين مستشاراً للعلاقات العامة بها وبلغ مرتبه الإجمالي 160 ج شهرياً ثم فوجئ في 31/ 7/ 1962 بفصله، وإذ كان هذا الفصل تعسفياً وبلا مبرر ويستحق مبلغ 10560 ج منه 400 ج مكافأة نهاية الخدمة و160 بدل إنذار، 10000 ج تعويضاً عن الفصل فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبتاريخ 17/ 8/ 1962 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية فقيدت بجدولها برقم 1536 سنة 1963 عمال. ودفعت الشركة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي أهلية وبعدم قبولها بالنسبة للمكافأة لرفعها على غير ذي صفة، واختصم المدعي مؤسسة التأمينات الاجتماعية ثم تنازل عن مخاصمتها. وبتاريخ 25/ 12/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بإثبات تنازل المدعي عن مخاصمة مؤسسة التأمينات الاجتماعية (ثانياً) بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلبي التعويض ومقابل الإنذار لرفعها من غير ذي أهلية (ثالثاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب مكافأة نهاية الخدمة لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها (رابعاً) بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مبلغ 348 ج قيمة مكافأة نهاية الخدمة والمصروفات المناسبة لهذا المبلغ و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بالنفاذ المعجل بغير كفالة وأعفت المدعي من باقي المصروفات على أن تخصم المبالغ التي يكون المدعي قد استولى عليها تنفيذاً للحكم الصادر في الاستئناف رقم 1128 سنة 1962 إسكندرية من المبلغ المحكوم به لصالحه بموجب هذا الحكم. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته، وقيد هذا الاستئناف برقم 2 سنة 20 ق، كما استأنفته الشركة فرعياً طالبة إلغاءه فيما قضى به من مكافأة نهاية الخدمة وبتاريخ 11/ 6/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي شكلاً (ثانياً) وفي موضوع الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب التعويض عن الفصل التعسفي ومقابل الإنذار وبقبول الدعوى وبرفض طلب المستأنف إعادتها لمحكمة أول درجة للفصل في هذين الطلبين وفي موضوعها برفضها وأعفت المستأنف من المصروفات عن الدرجتين (ثالثاً) وفي موضوع الاستئناف الفرعي برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الشركة بمكافأة نهاية الخدمة مع إلزامها بالمصروفات الاستئنافية ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وقدمت المطعون عليها مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن وطلبت رفضه موضوعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الدفع وقبول الطعن بالنسبة للشق الأول من الوجه الأخير من السبب الأول.
وحيث إن المطعون عليها دفعت بعدم قبول الطعن مستندة في ذلك إلى أن الطاعن لم يطعن على قضاء الحكم المطعون فيه بالتصدي لنظر موضوع الدعوى بالنسبة لبدل الإنذار والتعويض لأنه كان يتعين على الحكم وقد رأى أنه أهل للتقاضي أن يحيل الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في هذين الطلبين إذ أن الدفع بعدم القبول في هذا الخصوص ليس من الدفوع التي تستنفد المحكمة ولايتها بالفصل فيه، كما أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ لقبوله الدعوى لأنه إذا كانت أهلية الطاعن قد ردت إليه فإنما كان ذلك في تاريخ لاحق لرفع الدعوى، فصار لا سبيل لتصحيح هذا القضاء المخالف للقانون، والمطعون عليها لم تطعن فيه بالنقض - بناء على هذه المخالفة - لأنه صدر لصالحها فأصبحت مصلحتها في الطعن نظرية بحتة.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة المدعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى برمتها ويترتب على قبوله أن يخسر المدعي دعواه بحيث لا يستطيع العودة إليها وتستنفذ محكمة الدرجة الأولى بالقضاء به ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى ويطرح الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الاستئناف فلا يجوز لها في حالة إلغاء الحكم وقبول الدعوى أن تعيدها إلى محكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها ومن ثم يكون الدفع على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى في شقها المتعلق بالتعويض وبدل الإنذار مستنداً في ذلك إلى أن التدابير التي قررها الأمر رقم 4 لسنة 1956 بشأن المعتقلين والمراقبين - ومنها ما نصت عليه المادة 19 من هذا الأمر، التي تجيز لأصحاب العمل فصل هؤلاء المراقبين والمعتقلين من عملهم، تنسحب على الأشخاص الذين فرضت عليهم حراسة الأمن طبقاً للأمر رقم 138 سنة 1961، وأنه اعتبر أن الرخصة في فصل العامل بمقتضى المادة 19 المشار إليها، هي حق مطلق يستعمله رب العمل في أي وقت يشاء، ولا يعطلها إلا إذا سبق استعماله لها، وهو مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، لأن القانون لا يعرف الحقوق المطلقة بل يقيدها بعدم الإساءة في استعمالها، هذا الاستعمال خاضع لرقابة القضاء، ولو أمعن الحكم النظر في الأمر لتبين أن فصل العامل من المعتقلين والمراقبين بمقتضى المادة المذكورة رخصة وليست حقاً، والصورة التي كانت واضحة أمام محكمة الاستئناف تدل على تنازل الشركة المطعون عليها عن استعمال هذه الرخصة تنازلاً سبقه استئذان الشركة للسلطات القائمة على الحراسة في إبرام عقد جديد مع الطاعن.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الثانية من الأمر رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص، على أن "تسري في شأن الأشخاص الخاضعين لهذا الأمر التدابير المنصوص عنها في الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956" وفي المادة 19 من الأمر الأخير الخاص بوضع نظام لإدارة أموال المعتقلين والمراقبين وغيرهم من الأشخاص والهيئات، على أن "يكون لأصحاب الأعمال حق فصل الأشخاص المشار إليهم في المادة الأولى بدون إعلان سابق وبغير تعويض عن الفصل حتى في حالة وجود عقد لمدة معينة" يدل على أن الشارع خول صاحب العمل فصل العامل دون إنذار سابق أو تعويض بسبب فرض الحراسة على أمواله، فإذا تعاقد صاحب العمل معه بعد فرض الحراسة فإنه يكون قد تنازل عن استعمال الرخصة المخولة له وأسقط حقه فيها، فلا يجوز له بعد ذلك أن يتخذ منها مبرراً للفصل، وإذ كان الثابت في الدعوى أنه بتاريخ 18/ 10/ 1961 فرضت الحراسة على أموال الطاعن وفقاً للأمر رقم 138 سنة 1961 وفي 4/ 3/ 1962 أبرمت المطعون عليها معه عقد عمل جديد بعد استئذانها الحارس العام لإبرام هذا العقد، فإن الشركة تكون قد تنازلت عن استعمال الرخصة المخولة لها بمقتضى المادة 19 من الأمر رقم 4 سنة 1956 المشار إليها وأسقطت حقها فيها، فلا يسوغ لها من بعد أن تتخذ منها مبرراً لفصل الطاعن في 31/ 7/ 1962، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن "المشرع لم يضع لأرباب الأعمال قيداً زمنياً يستعملون فيه الرخصة المخولة لهم بمقتضى المادة 19، ولما كانت الرخصة بطبيعتها أمراً لا يسقط بالزمن بل إن من حق صاحبها أن يستعملها طالما هي ممنوحة له ولم تسحب منه" وأن "لرب العمل أن يستعمل هذه الرخصة في أي وقت" وأنه "لا يمكن أن يعطلها إلا أن تقوم بفصله فعلاً" ورتب على ذلك "أنه لا بد وأن تنفصم علاقة العمل القائمة بين الطرفين إعمالاً لنص المادة 19 المشار إليها" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.