أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 499

جلسة 2 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

(80)
الطعن رقم 358 لسنة 29 القضائية

( أ ) فوائد. "الفوائد المركبة". بنوك. "الحساب الجاري".
تحريم الفوائد المركبة. خروج ما تقضي به القواعد والعادات التجارية عن دائرة التحريم. تجميد الفوائد في الحساب الجاري. المادتان 232 و233 مدني.
(ب) بنوك. "الحساب الجاري". "إقفاله". فوائد. "فوائد الحساب الجاري".
إقفال الحساب الجاري، أثره، زوال صفة الحساب الجاري، صيرورة الرصيد ديناً عادياً. عدم جواز تقاضي فوائد مركبة عنه ما لم توجد عادة تجارية تقضي بذلك.
(ج) فوائد. "العادات التجارية". محكمة الموضوع. عادات تجارية.
العادات التجارية من مسائل الواقع. ترك أمر التثبت من قيامها وتفسيرها لقاضي الموضوع.
1 - مفاد المادتين 232 و233 من القانون المدني أن المشرع قد حرم الفوائد المركبة واستثنى من ذلك ما تقضي به القواعد والعادات التجارية، كما أقر ما جرى عليه العرف بتجميد الفوائد في الحساب الجاري [(1)].
2 - صفة الحساب الجاري تزول عنه بإقفاله ويصبح الرصيد ديناً عادياً مما لا يجوز معه طبقاً للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عنه إلا إذا ثبت وجود عادة تجارية تقضي بذلك.
3 - العادات التجارية تعتبر من مسائل الواقع التي يترك أمر التثبت من قيامها وتفسيرها لقاضي الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1344 سنة 1957 كلي القاهرة ضد مورث المطعون ضدهم طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 5242 ج و50 م والفوائد بواقع 7% تضاف إلى الأصل شهرياً من يوم 17/ 4/ 1957 حتى السداد، وقال الطاعن في بيان دعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 24 إبريل سنة 1953 فتح لمورث المطعون ضدهم اعتماداً بحساب جار لغاية مبلغ 5000 ج لمدة تنتهي في 17/ 4/ 1954 بفوائد قدرها 6% تضاف إلى الأصل شهرياً، وفي حالة التأخير عن السداد تحسب الفوائد بواقع 7% تضاف إلى الأصل شهرياً وقد جدد هذا العقد لمدة أخرى تنتهي في 17/ 4/ 1955 بنفس الشروط مع زيادة الاعتماد إلى 10000 ج ثم جدد لمدة ثالثة تنتهي في 17/ 4/ 1956 بنفس الشروط أيضاً مع تخفيض الاعتماد إلى مبلغ 8000 ج وقد بلغ رصيد مورث المطعون ضدهم المدين حتى يوم 17/ 4/ 1957 مبلغ 5242 ج و50 م بخلاف الفوائد، ومن ثم فقد طلب الطاعن أن يقضى له بالطلبات سالفة الذكر. وبتاريخ 30/ 10/ 1957 قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام مورث المطعون ضدهم بأن يدفع للطاعن مبلغ 5191 ج و169 م والفوائد 7% سنوياً عن مبلغ 4648 ج و238 م من يوم 16/ 4/ 1957 حتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 184 سنة 75 ق القاهرة متمسكاً بطلباته التي أبداها أمام محكمة الدرجة الأولى. وبتاريخ 16/ 4/ 1959 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وفي 14 مايو سنة 1959 قرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 12/ 1962 وفيها صممت النيابة على مذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية، وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة لهذا القرار حدد لنظر الطعن جلسة 5 مارس سنة 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد هو مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن العرف التجاري قد استقر على تجميد الفوائد مدة قيام الحساب الجاري، أما بعد قفل الحساب يصبح الرصيد ديناً عادياً يخضع للقواعد العامة، في حين أن هذه التفرقة لا يمكن استنتاجها من المادتين 232، 233 من القانون المدني لأن المشرع ترك أمر الفوائد خاضعاً لما يقضي به العرف التجاري. وقد تمسك الطاعن في دفاعه بأن العرف في التعامل قد جرى على تجميد الفوائد في الحساب الجاري دون تمييز بين المدة السابقة على قفل الحساب والمدة التالية له، ولكن الحكم لم يأخذ بهذا النظر واكتفى بالقول بأن العرف لا يجيز حساب الفوائد المركبة بعد إقفال الحساب الجاري دون إقامة الدليل على ذلك، وكان يتعين على المحكمة إن كانت لم تقتنع بقيام العرف على النحو المتقدم أن تكلف الطاعن بإثباته، ويضيف الطاعن بأن الحكم قد خالف القاعدة المقررة في المادة 147/ 1 من القانون المدني التي تقضى بأن العقد شريعة المتعاقدين، فقد نص في العقد المبرم بين الطرفين على احتساب الفوائد على كل مبلغ يقيد على الحساب بواقع 6% وفي حالة التأخير بواقع 7% وفي الحالين يقضي العقد بضم الفوائد إلى الأصل شهرياً، وإذ قرر الحكم بأنه بقفل الحساب يتحول الرصيد إلى دين عادي تسري عليه القواعد العامة فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 232 من القانون المدني تنص على أنه لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد.. وذلك دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية وتنص المادة 233 منه على أن الفوائد التجارية التي تسري على الحساب الجاري يختلف سعرها القانوني باختلاف الجهات، ويتبع في طريقة حساب الفوائد المركبة في الحساب الجاري ما يقضي به العرف التجاري ومفاد هذين النصين أن المشرع قد حرم الفوائد المركبة واستثنى من ذلك ما تقضى به القواعد والعادات التجارية، كما أقر ما جرى عليه العرف بتجميد الفوائد في الحساب الجاري، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن العرف التجاري قد جرى بتجميد الفوائد أثناء قيام الحساب الجاري لأن مبدأ عدم قابلية الحساب الجاري للتجزئة يقضي بسريان نظام واحد على كل عنصر من عناصر الرصيد المرحل شهراً بشهر ولأن الفوائد تفقد ذاتيتها لاندماجها في رصيد الحساب الجاري، أما بعد إقفاله يصبح الرصيد ديناً عادياً يخضع للقواعد العامة ولا يسري عليه هذا العرف ولا يجوز الاتفاق على تقاضي فوائد مركبة عن هذا الدين لأن تحديد الحد الأقصى للفوائد من النظام العام فلا يصح الاتفاق على مخالفته، وكان هذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن صفة الحساب الجاري تزول عنه بإقفاله ويصبح الرصيد ديناً عادياً مما لا يجوز طبقاً للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عنه إلا إذا ثبت وجود عادة تجارية تقضى بذلك، لما كان ذلك، وكان مفاد ما قرره الحكم هو أنه لم يثبت لدى محكمة الموضوع قيام هذه العادة، وكانت العادات التجارية تعتبر من مسائل الواقع التي يترك أمر التثبت من قيامها وتفسيرها لقاضي الموضوع فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.


[(1)] راجع نقض 27/ 6/ 1963 الطعنين 115 س 28 ق، 255 س 27 ق السنة 14 ص 936 و946.