أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 516

جلسة 9 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

(83)
الطعن رقم 161 لسنة 29 القضائية

( أ) استئناف. "الخصوم في الاستئناف". "أحوال عدم التجزئة". تجزئة.
إفادة المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الاستئناف أو قبل الحكم من الاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد زملائه المحكوم عليهم معه. شرطه، صدور الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. المادة 384 مرافعات. طلب المدعي الحكم بالتضامن، عدم إجابته إلى طلبه وصدور الحكم بغير تضامن بين المحكوم عليهم. لا محل لإعمال حكم تلك المادة.
(ب) نقض. "الحكم في الطعن". "نقض الحكم".
نقض الحكم فيما قضى به قبول الاستئناف شكلاً يستتبع نقض الحكم المؤسس عليه والصادر في الموضوع. المادة 26 من القانون 57 لسنة 1959.
(ج) نقض. "الحكم في الطعن". "نقض الحكم". حيازة. "الحائز سيء النية". "رد الثمار". شفعة.
نقض الحكم القاضي بالشفعة. أثره، اعتباره كأن لم يكن وإعادة القضية والخصوم إلى ما كانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض. سقوط جميع الآثار التي ترتبت عليه. بطلان ما اتخذ من أعمال وإجراءات تنفيذاً له. رد ما قبض أو حصل تسلمه من مال أو عقار نتيجة له. ليس يجب رد الأصل فحسب بل يجب أيضاً رد فوائد النقود وثمار العقار. وجوب هذه الثمار من يوم إعلان تقرير الطعن بالنقض إلى حائز العقار.
(د) شفعة. "الحكم بالشفعة". "آثاره". ريع. ملكية.
عدم صيرورة العين المشفوعة إلى ملك الشفيع في غير حالة التراضي إلا بالحكم النهائي القاضي له بها. عدم أحقية الشفيع لريع هذه العين ابتدءاً من تاريخ هذا الحكم.
1 - تشترط المادة 384 من قانون المرافعات لإفادة المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الاستئناف أو قبل الحكم، من الاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد زملائه المحكوم عليهم معه، أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين - والحكمة التي هدف إليها المشرع من تقرير هذا الحكم هي تفادي تناقض الأحكام في الدعاوى التي يتعدد أطرافها ويؤدى هذا التناقض إلى نتائج غير مقبولة. وهذه الحكمة لا تتحقق في حالة التضامن إلا إذا صدر الحكم الابتدائي قاضياً فعلاً بتضامن المحكوم عليهم في الالتزام المقضى به. أما إذا كان المدعي قد طلب التضامن ولم تجبه إليه المحكمة وصدر حكمها بالإلزام بغير تضامن بين المحكوم عليهم فإن الخشية من وقوع تضارب من النوع الذي قصد الشارع إلى تفاديه بين هذا الحكم والحكم الذي قد يصدر على خلافه في الاستئناف المرفوع من بعض المحكوم عليهم دون البعض الآخر، هذه الخشية لا تقوم في هذه الحالة ومن ثم فلا يفيد المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الاستئناف من الاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد المحكوم عليهم معه [(1)].
2 - نقض الحكم في خصوص ما قضى به من قبول الاستئناف شكلاً يستتبع نقض الحكم المؤسس عليه والصادر في موضوع الاستئناف عملاً بالمادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض [(2)].
3 - نقض الحكم القاضي بالشفعة يترتب عليه اعتباره كأن لم يكن وإعادة القضية والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض ويقتضي ذلك سقوط جميع الآثار التي ترتبت عليه وبطلان كل ما اتخذ من أعمال وإجراءات تنفيذاً له وبالتالي يتعين رد ما قبض أو حصل تسلمه من مال أو عقار نتيجة له، وليس يجب رد الأصل فحسب بل يجب أيضاً رد فوائد النقود وثمار العقار، وتجب هذه الثمار من يوم إعلان تقرير الطعن بالنقض إلى حائز العقار، لأن هذا الإعلان لتضمنه معنى التكليف بالحضور لسماع الحكم بنقض الحكم المطعون فيه - سند حيازة الحائز - ولاحتوائه على بيان عيوب هذا السند، يكون لهذا الإعلان مثل ما رتبه القانون في المادة 966/ 2 من القانون المدني على إعلان صحيفة الدعوى من أثر في زوال حسن نية الحائز.
4 - العين المشفوعة لا تصير إلى ملك الشفيع في غير حالة التراضي إلا بالحكم النهائي القاضي له بالشفعة مما يستتبع ألا يكون للشفيع حق في ريع هذه العين إلا ابتداء من تاريخ هذا الحكم [(3)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1950 صدر حكم من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 418 سنة 66 ق بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 116 سنة 1944 كلي القاهرة والقاضي بأحقية ورثة المرحوم محمد كامل (المطعون ضدهم) في أخذ 3 ف 13 ط 5 س بالشفعة مقابل ثمن قدره 693 ج و255 م وإلزام الطاعنين (المشترين) بتسليم هذا القدر للمطعون ضدهم بعد اقتضائهم الثمن المذكور. ونفذ هذا الحكم بتاريخ 25 من فبراير سنة 1951 بتسليم العقار المشفوع فيه إلى المطعون ضدهم كما قبض هؤلاء من الطاعنين مبلغ 42 جنيهاً قيمة ريع هذا العقار عن المدة من تاريخ صدور الحكم الاستئنافي القاضي لهم بالشفعة حتى تاريخ تسلمهم العقار واستمروا واضعي اليد عليه حتى 17 من يوليه سنة 1954 حيث أعيدت الأطيان إلى الطاعنين على أثر صدور حكم من محكمة النقض في 18 من فبراير سنة 1954 بنقض الحكم الاستئنافي سالف الذكر وبإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد وبتاريخ 26 من إبريل سنة 1955 أقام الطاعنون الدعوى رقم 2058 سنة 1955 كلي القاهرة ضد المطعون ضدهم بطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم (للطاعنين) مبلغ 295 ج و750 م مؤسسين دعواهم هذه على أنه وقد قضى بنقض الحكم القاضي للمطعون ضدهم بالشفعة فإنه يحق لهم استرداد مبلغ الـ 42 جنيهاً الذي كان قد قبضه المطعون ضدهم وكذلك اقتضاء ريع الأطيان عن المدة من تاريخ تسليمها لهؤلاء المطعون ضدهم بتاريخ 20 فبراير سنة 1951 (صحته 25 فبراير) حتى تاريخ إعادتها إلى الطاعنين في 17 من يوليه سنة 1954 وقدر الطاعنون هذا الريع بمبلغ 253 ج 750 م بواقع 31 ج و500 م للفدان وهو ما يمثل القيمة الإيجارية على أساس سبعة أمثال الضريبة - وبتاريخ 19 من فبراير سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام المطعون ضده الأول بصفته الشخصية (علي كامل وإلى الذي توفى بعد رفع الطعن وخلفه ابنه عثمان) والمطعون ضدهما الثانية والثالثة بصفتهما ورثة المرحومة فاطمة والى بأن يدفعوا للطاعنين مبلغ 295 ج و750 م والمصاريف، ومائتي قرش أتعاباً للمحاماة ورفضت المحكمة ما عدا ذلك من الطلبات ومن بينها طلب التضامن فاستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بعريضة أودعوها قلم كتاب المحكمة المذكورة في 8 من ديسمبر سنة 1957 وطلبوا فيها إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين وقيد هذا الاستئناف برقم 1215 سنة 74 ق ودفع المستأنف عليهم (الطاعنون) بعدم قبول هذا الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانوني تأسيساً على أن الحكم المستأنف أعلن للمستأنف الأول (علي كامل والى المطعون ضده الأول) في 28 من أكتوبر سنة 1957 وللمستأنفة الثالثة (منيرة والى المطعون ضدها الثانية) في 13 من يونيه سنة 1957 والمستأنفة الثالثة (نعيمة الزهيرى المطعون ضدها الثالثة) في 24 من يونيه سنة 1957 وأن المستأنفين لم يرفعوا استئنافهم إلا في 8 من ديسمبر سنة 1957 بعد انقضاء أكثر من أربعين يوماً على تاريخ إعلان الحكم إلى كل منهم - ورد المستأنفان الأول والثالثة على هذا الدفع بأن إعلانهما بالحكم المستأنف وقع باطلاً ولذلك فلا ينفتح به ميعاد الاستئناف بالنسبة إليهما وردت المستأنفة الثانية (المطعون ضدها الثانية) بأنه وإن كان استئنافها حصل بعد الميعاد القانون إلا أنها تستفيد طبقاً للمادة 384 مرافعات من الاستئناف المرفوع في الميعاد من زميليها المستأنفين الآخرين لأن الدعوى أقيمت أصلاً بطلب إلزامهم جميعاً متضامنين بالمبلغ المرفوعة به الدعوى - وبتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1958 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبقبوله وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم حكمت بتاريخ 29 من يناير سنة 1959 في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف ضدهم (الطاعنين) فطعن هؤلاء بتاريخ 21 مارس سنة 1959 في هذين الحكمين بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكمين المطعون فيهما. وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنون في الوجه الأول من السبب الأول على الحكم الأول القاضي بقبول الاستئناف شكلاً خطأه في القانون ذلك أنه اعتبر أن إعلان المطعون ضده الأول بالحكم المستأنف قد وقع باطلاً وعلى هذا الأساس قبل الاستئناف المرفوع منه في حين أن هذا الإعلان قد تم صحيحاً وفي محل إقامة المطعون ضده المذكور الثابت بدفتر دليل تليفونات القاهرة.
وحيث إن هذا النعي لا يقوم على أساس من الواقع ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يدل برأي في شأن صحة أو بطلان إعلان المطعون ضده الأول بالحكم المستأنف ولم يقبل الاستئناف المرفوع من هذا المطعون ضد على أساس بطلان هذا الإعلان وإنما قبله على أساس ما قاله من أن للمطعون عليه المذكور أن يفيد من الاستئناف المرفوع من المطعون عليها الثالثة في الميعاد عملاً بنص المادة 384 مرافعات لأن الدعوى قد رفعت بطلب إلزامهما على وجه التضامن بالمبلغ المحكوم به. ومن ثم فإن النعي بهذا السبب لا يصادف محلاً.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من السبب الأول النعي على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 20 من نوفمبر سنة 1958 بقبول الاستئناف شكلاً بأنه خالف القانون وأخطأ في الإسناد ذلك أنه قضى بقبول الاستئناف المرفوع من اثنين من المطعون ضدهم بعد الميعاد القانوني استناداً إلى ما قاله من أنهما يستفيدان من الاستئناف المرفوع من ثالثهم في الميعاد لقيام حالة تضامن بينهم في المبلغ المحكوم به عليهم هذا في حين أن هذا التضامن لا وجود له في النزاع الذي صدر فيه الحكم المستأنف إذ أنه وإن كان الطاعنون قد طلبوا في دعواهم الحكم على المطعون ضدهم الثلاثة بالتضامن إلا أن المحكمة الابتدائية رفضت طلب التضامن وقضت على المطعون ضدهم بالمبلغ المحكوم به بغير تضامن بينهم ولم يستأنف الطاعنون قضاءها برفض طلب التضامن.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن محكمة الاستئناف قضت في حكمها الصادر في 20 من نوفمبر سنة 1958 بقبول الاستئناف المرفوع من المطعون ضدهما الأول والثانية بعد الميعاد القانوني تأسيساً على ما انتهت إليه من اعتبار الاستئناف المرفوع من المطعون ضدها الثالثة مقدماً في الميعاد "وأن الدعوى وقد رفعت أصلاً من المستأنف ضدهم (الطاعنين) طالبين إلزام المستأنفين (المطعون ضدهم بالمبلغ المحكوم به على وجه التضامن فإن باقي المستأنفين يستفيدون من استئناف المستأنفة الثالثة (المطعون ضدها الثالثة) المرفوع في الميعاد عملاً بنص المادة 384 من قانون المرافعات" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه بقبول الاستئناف المرفوع من المطعون ضدهما الأولين غير صحيح في القانون ذلك أن الثابت من الأوراق - على ما سلف بيانه - أن الطاعنين وإن كانوا قد طلبوا في دعواهم إلزام المطعون عليهم الثلاثة متضامنين بالمبلغ المرفوعة به الدعوى إلا أن المحكمة الابتدائية رفضت في حكمها إجابة الطاعنين إلى طلب التضامن تأسيساً على ما صرحت به في هذا الحكم من "أن هذا الطلب لا محل له قانوناً لأن التضامن لا يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون (مادة 279 مدني) وهو ما لم يتوافر في حالة هذه الدعوى فضلاً عن أن الدين المطالب به مما يقبل الانقسام". ولما كانت المادة 384 من قانون المرافعات تشترط لإفادة المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الاستئناف أو قبل الحكم من الاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد زملائه المحكوم عليهم معه - أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. وكانت المحكمة التي هدف إليها المشرع من تقرير هذا الحكم الذي يعتبر استثناء من قاعدة نسبية الأثر المترتب على إجراءات المرافعات التي قررها المشرع صراحة في الفقرة الأولى من تلك المادة - هذه الحكمة هي تفادي تناقض الأحكام في الدعاوى التي يتعدد أطرافها ويؤدى فيها هذا التناقض إلى نتائج غير مقبولة وكانت هذه الحكمة لا تتحقق إلا إذا صدر الحكم الابتدائي قاضياًً فعلاً بتضامن المحكوم عليهم في الالتزام المقضى به أما إذا كان المدعي قد طلب التضامن ولم تجبه إليه المحكمة وصدر حكمها بالإلزام بغير تضامن بين المحكوم عليهم فإن الخشية من وقوع تضارب من النوع الذي قصد المشرع تفاديه - بين هذا الحكم والحكم الذي قد يصدر على خلافه في الاستئناف المرفوع من بعض المحكوم عليهم دون البعض الآخر. هذه الخشية لا تقوم في هذه الحالة - لما كان ذلك، فإن محكمة الاستئناف إذ بنت قضاءها بقبول الاستئناف المرفوع بعد الميعاد من المطعون عليهما الأول والثانية على أن من حقهما الإفادة من الاستئناف المرفوع من المطعون عليها الثالثة في الميعاد عملاً بالمادة 384 مرافعات لقيام حالة التضامن بينهم تكون قد خالفت القانون بما يستوجب نقض حكمها الصادر في 20 من نوفمبر سنة 1958 وذلك في خصوص ما قضى به من قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليهما الأولين ويستتبع نقض هذا الحكم نقض الحكم المؤسس عليه والصادر في موضع الاستئناف بتاريخ 29 من يناير سنة 1959 وذلك بالنسبة للمطعون عليهما المذكورين عملاً بالمادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم الصادر في موضوع الاستئناف بتاريخ 29 يناير سنة 1959 قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه استند في رفض دعوى الطاعنين إلى ما قاله من أن من حق المطعون ضدهم طبقاً للمادة 978 من القانون المدني كسب ما قبضوه من ثمار في المدة السابقة على حكم النقض الصادر في 18 من فبراير سنة 1954 لأنهم كانوا حسنى النية - هذا في حين أنه - كما قالت المحكمة الابتدائية بحق - لا يستحق الشفيع ريع العين المشفوع فيها إلا من تاريخ الحكم النهائي القاضي له بالشفعة. والحيازة التي تكون لغير مالك للعين ولا مستحق لريعها أن يكون الحائز فيها حسن النية وأنه إذ كان المطعون ضدهم عندما تسلموا العقار تنفيذاً للحكم الاستئنافي الذي قضى لهم بالشفعة على علم بأن هذا الحكم محل طعن أمام محكمة النقض - ويعتبر علمهم بذلك متحققاً من إعلانهم بتقرير الطعن - فإن وضع يدهم على العقار في الفترة ما بين استلامهم له وصدور حكم النقض لا يمكن أن يكون بحسن نية بل إنهم يعتبرون سيء النية من الوقت الذي علموا فيه بالعيب اللاحق بسند حيازتهم وهو الحكم الاستئنافي سالف الذكر وإذ قضت محكمة النقض بنقض هذا الحكم فإنه يترتب على نقضه إلغاؤه وزوال كل ما ترتب عليه من آثار ومن ثم فإن محكمة الاستئناف إذ استندت إلى هذا الحكم بعد القضاء بنقضه واعتبرته سنداً لحيازة المطعون ضدهم تكون قد استندت إلى معدوم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين على قوله "وحيث إن المادة 978 من القانون المدني صريحة في أن الحائز للعقار حسن النية بكسب ما يقبضه من ثماره ما دام حسن النية ولا يكون مسئولاً عنها لمالك العقار إلا من وقت أن يصبح سيء النية طبقاً للمادة 979 من القانون المذكور. وحيث إن المستأنفين (يعني المطعون ضده الأول ومورثة المطعون ضدهما الأخيرين المرحومة فاطمة والي) وضعا يدهما على الأطيان بسند قانوني هو الحكم الصادر لهما بأحقيتهما لأخذ هذه الأطيان بالشفعة أي بحسن نية ولم يستمرا في وضع يدهما عليه بسوء نية بل أعاداها للمستأنف ضدهم (الطاعنين) منذ أن قضى بنقض حكم الشفعة كما أنهما قبضا إيجار هذه الأطيان عن الفترة من الحكم لهما بالأحقية في الشفعة حتى استلامهما هذه الأطيان وكانت حيازتهما الحكمية في هذه الفترة بحسن نية أيضاً ومن ثم يكتسبان ما قبضاه من هذه الثمار سواء كانت طبيعة أم مدينة ولا يكونان مسئولين عنها أمام المستأنف ضدهم" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون، ذلك أنه وقد قضت محكمة النقض في 18 من فبراير سنة 1954 بنقض الحكم الاستئنافي القاضي للمطعون ضدهم بالشفعة فإنه يترتب على نقضه اعتباره كأن لم يكن وإعادة القضية والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض ويقتضي ذلك سقوط جميع الآثار التي ترتبت عليه وبطلان كل ما اتخذ من أعمال وإجراءات تنفيذاً له وبالتالي يتعين رد ما قبض أو حصل تسلمه من مال أو عقار نتيجة له وليس يجب رد الأصل فحسب بل يجب أيضاً رد فوائد النقود وثمار العقار وتجب هذه الثمار من يوم إعلان تقرير الطعن بالنقض إلى حائز العقار لأن هذا الإعلان لتضمنه معنى التكليف بالحضور لسماع الحكم بنقض الحكم المطعون فيه - سند حيازة الحائز - لاحتواء التقرير على بيان عيوب هذا السند يكون لهذا الإعلان مثل ما رتبه القانون في المادة 966/ 2 من القانون المدني على إعلان صحيفة الدعوى من أثر في زوال حسن نية الحائز - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه الصادر في موضوع الاستئناف إذ خالف هذا النظر واعتبر حيازة المطعون ضدهم بحسن نية في الفترة ما بين إعلانهم بتقرير الطعن في 28 فبراير سنة 1951 وإعادتهم الأطيان للطاعنين في 17 من يوليه سنة 1954 يكون قد أخطأ في القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص بالنسبة للمطعون عليها الثالثة أيضاً، ولا يغير من الأمر ما يقوله المطعون ضدهم في مذكرتهم المقدمة إلى هذه المحكمة وقدموا الدليل عليه من أن محكمة الاستئناف حكمت في دعوى الشفعة بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1958 بعد إحالتها إليها من محكمة النقض بمثل ما كانت قد حكمت به في حكمها المنقوض أي بتأييد الحكم الابتدائي القاضي لهم بالشفعة وأن الطاعنين طعنوا بطريق النقض في الحكم الاستئنافي الثاني وقضت محكمة النقض في 28 يناير سنة 1962 برفض الطعن - ذلك لا يغير من الأمر شيئاً لأن الحكم الاستئنافي الجديد لا يؤثر على حق الطاعنين في ثمار العقار في الفترة السالفة الذكر وذلك لما هو مقرر من أن العين المشفوعة لا تصير إلى ملك الشفيع في غير حالة التراضي إلا بالحكم النهائي القاضي له بالشفعة مما يستتبع ألا يكون للشفيع حق في ريع هذا العين إلا ابتداء من تاريخ هذا الحكم ومن ثم فإن الطاعنين لا يستحقون الريع إلا من تاريخ الحكم الاستئنافي الجديد الصادر في 10 نوفمبر سنة 1958 لأن هذا الحكم هو وحده الذي يعتبر الحكم النهائي الصادر في دعوى الشفعة أما الحكم الاستئنافي الأول فإنه بعد نقضه أصبح كأن لم يكن وزال كل أثر ولا يعيده إلى الوجود صدور حكم من محكمة الاستئناف بعد الإحالة يقضي بمثل ما كان يقضي به هو.


[(1)] راجع نقض 4/ 3/ 1963 الطعنين 32 و33 س 28 ق السنة 14 ص 490.
[(2)] راجع نقض 20/ 2/ 1964 الطعن 280 س 29 ق السنة 15 ص 251، 24/ 1/ 1963 الطعن 336 س 27 ق السنة 14 ص 176.
[(3)] راجع نقض 2/ 4/ 1959 الطعن 348 س 24 ق السنة العاشرة ص 290.