أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 626

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، صبري فرحات.

(98)
الطعن رقم 449 لسنة 29 القضائية

مرض الموت. "تحديده". بيع. حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
حالة مرض الموت مشروطة شرعاً بأن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك. اكتفاء الحكم في اعتبار المورث مريضاً مرض موت وقت صدور التصرف المطعون فيه بقعوده عن مزاولة أعماله خارج المنزل في الشهور الستة السابقة لوفاته بسبب سقوطه من فوق ظهر دابة دون بيان لنوع المرض الذي انتابه وتحقيق غلبة الموت فيه وقت صدور التصرف. قصور.
حالة مرض الموت مشروطة شرعاً بأن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في اعتبار أن المورث كان مريضاً مرض الموت وقت صدور التصرف المطعون فيه بأنه قعد عن مزاولة أعمالة خارج المنزل في الشهور الستة السابقة لوفاته بسبب سقوطه من فوق ظهر دابته دون بيان لنوع المرض الذي انتاب المورث وتحقيق غلبة الموت فيه وقت صدور التصرف المطعون فيه، فإن ذلك الحكم يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تكييفه للمرض بأنه مرض موت [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المرحوم محمد إبراهيم عبد العال مورث المطعون عليهم الأربعة الأول أقام الدعوى رقم 2443 سنة 1941 شربين ضد الطاعن الأول ومورثي باقي الطاعنين وقال في بيان دعواه إن مورثه ومورث المدعى عليهم المرحوم محمد إبراهيم عبد العال قد توفى في 28 يناير سنة 1918 وترك ما يورث عنه شرعاً 22 ف و16 ط و5 س أطياناً زراعية بزمام بلدة كفر الغاب مركز شربين ويقدر ما يستحقه فيها بالميراث بـ 2 ف و21 و16 س على أن المدعى عليهم نازعوه في ملكية هذا النصيب وطلب من أجل ذلك الحكم بتثبيت ملكيته إليه شيوعاً في أطيان التركة. وكان مما دفع به المدعى عليهم الدعوى أن المورث المرحوم محمد إبراهيم عبد العال باع حال حياته جميع أطيانه إلى أولاده الهنداوي وعبد العزيز وبركات وهم مورثوهم وذلك بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 5 يناير سنة 1918 وثابت التاريخ بوفاة البائع. فطعن المدعي على ذلك العقد بأنه صدر من البائع وهو في مرض الموت فيكون حكمه حكم الوصية وهي لا تجوز لوارث بغير إجازة سائر الورثة، قضت محكمة شربين بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الإثبات أن عقد البيع صدر من المورث وهو في حالة مرض الموت ولينفي المدعى عليهم ذلك وبعد سماع الشهود قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة المنصورة الابتدائية لاختصاصها بها تبعاً لقيمتها وقيدت لدى هذه المحكمة برقم 298 لسنة 1951، كذلك أقام المرحوم عبد المجيد محمد إبراهيم مورث المطعون عليها الخامسة الدعوى رقم 1653 لسنة 1949 كلي المنصورة ضد المدعى عليهم في الدعوى المستأنفة وآخرين وقال بها إنه يستحق في الأطيان التي خلفها مورثه المرحوم محمد إبراهيم عبد العال 4 ف 1 ط 4 س وهو مقدار ما آل إليه بالميراث عن مورثه المذكور بالإضافة إلى ما ورثه عن والدته ومن توفى من إخوته الأشقاء فيما آل إليهم بالميراث عن المورث الأصلي المشار إليه، وأن المدعى عليهم ينازعونه ملكية نصيبه الذي حدده وطلب لذلك الحكم بتثبيت ملكيته إليه شيوعاً في أطيان التركة، وتمسك كل من الطرفين في هذه الدعوى بمثل الدفاع الذي أبداه الطرفان في الدعوى السابقة وقررت المحكمة ضم الدعويين معاً ثم أصدرت فيهما حكمها بجلسة 14 ديسمبر سنة 1953 بإجابة كل من المدعيين إلى طلباته واستندت في قضاءها بذلك إلى أن عقد البيع المؤرخ 5 يناير سنة 1918 يعتبر باطلاً لصدوره من المورث الأصلي إلى بعض ورثته وهو في حالة مرض الموت، استأنف الطاعنون هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 73 سنة 4 ق وبجلسة 8 يونيو سنة 1959 قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وأخذت بأسبابه وأضافت إليها أسباباً أخرى، قرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ولدى نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون تمسكت النيابة بالرأي الذي ضمنته مذكرتها بطلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من وجهين أولهما أن الحكم أقام قضاءه ببطلان عقد البيع المؤرخ 5 يناير سنة 1918 الصادر من المورث الأصلي المرحوم محمد إبراهيم عبد العال إلى أولاده مورثي الطاعنين على أن البائع كان مريضاً مرض الموت وقت صدور عقد البيع وقد اكتفى الحكم في التدليل على قيام حالة مرض الموت بقوله أن البائع أصيب بمرض منعه عن الخروج من منزله مدة ستة أشهر بسبب سقوطه من فوق ظهر دابته وانتهى المرض بوفاته وأنه عندما أحس بدنو أجله تصرف في جميع أطيانه إلى بعض ورثته. وإذ لم يفصح الحكم عن نوع المرض الذي ألم بالبائع ولم يبين أن الهلاك كان غالباً فيه وقت صدور التصرف فإنه يكون مشوباً بالقصور، والوجه الثاني أن الطاعنين تمسكوا لدى محكمة الموضوع بأنه وإن فرض أن عقد البيع قد صدر من المورث البائع إلى أولاده مورثي الطاعنين وهو في حالة مرض الموت فإن العقد يأخذ حكم الوصية، وتعتبر هذه الوصية صحيحة ونافذة في حق إبراهيم وعبد المجيد محمد إبراهيم عبد العال مورثي المطعون عليهم الخمسة الأول لإجازتها منهما إجازة ضمنية بسكوتهما عن الطعن في العقد أمداً طويلاً وذلك بالإضافة إلى إجازتها من ثانيهما إجازة صريحة وذلك بإقراره مع بعض الورثة الآخرين بصحة عقد البيع في الاتفاق المؤرخ 7 ديسمبر سنة 1918 المعقود بينهم وبين المرحوم عبد العزيز محمد عبد العال أحد مورثي الطاعنين ولم تلتفت المحكمة إلى هذا الدفاع أو تتناوله بالبحث مما يعيب حكمها بالقصور في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إن هذا النعي صحيح في وجهيه ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اقتصر في بيان المرض الذي اعتبره مرض موت على القول "وحيث إنه يبين من مجموع أقوال شهود الإثبات أن المورث كان مريضاً لمدة ستة أشهر مرضاً أقعده عن مزاولة عمله خارج المنزل وذلك بسبب سقوطه من على دابة كان يركبها وأن هذا المرض قد انتهى بوفاته... وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من العقد أنه حرر بتاريخ 5 يناير سنة 1918 على حين أن الوفاة قد حصلت في 28 يناير سنة 1918 مما يؤكد أن المورث حينما شعر بقرب أجله بسبب مرضه تصرف إلى بعض ورثته في كل ما يملك" ولم يضف الحكم المطعون فيه جديداً في هذا الخصوص غير قوله "إن المورث وقع أرضاً من فوق دابته وأصيب بسبب ذلك في ظهره إصابة أقعدته عن الحركة وأفقدته النطق في بعض الأحايين وأنه لازم الفراش منذ سقوطه حتى وفاته طيلة ستة أشهر". ولما كانت حالة مرض الموت مشروطة شرعاً بأن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في اعتبار أن المورث كان مريضاً مرض الموت وقت صدور التصرف المطعون فيه بأنه قعد عن مزاولة أعماله خارج المنزل في الشهور الستة السابقة لوفاته بسبب سقوطه من فوق ظهر دابته ودون بيان لنوع المرض الذي انتاب المورث وتحقيق غلبة الموت فيه وقت صدور التصرف المطعون فيه فإن ذلك الحكم يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تكييفه للمرض بأنه مرض موت. كذلك فإنه يبين من الصورة الرسمية لصحيفة الاستئناف المرفوع من الطاعنين أنهم تمسكوا في دفاعهم بأن عقد البيع وإن ثبت صدوره من المورث وهو مرض الموت فإنه يأخذ حكم الوصية وينفذ بإجازة الورثة وقد أجاز مورثا المطعون عليهم الخمسة الأول ذلك العقد إجازة ضمنية بسكوتهما عن الطعن فيه سنين طويلة إذ لم يرفع مورث المطعون عليهم الأربعة الأولين دعواه بطلب حصته الميراثية إلا بعد أربع وعشرين سنة من تاريخ وفاة المورث ولم يرفع مورث المطعون عليها الخامسة دعواه المماثلة إلا بعد ثلاث وثلاثين سنة كما أن هذا الأخير قد أجاز العقد المطعون فيه مع فريق آخر من الورثة إجازة صريحة بالاعتراف بصحته بموجب عقد مؤرخ 7 ديسمبر سنة 1918. ويبين من الاطلاع على هذا العقد المقدم ضمن حافظة مستندات الطاعنين والذي كان معروضاً على محكمة الموضوع بدرجتيها أنه انعقد بين عبد العزيز محمد إبراهيم عبد العال أحد مورثي الطاعنين وبين فريق من إخوته لوالده منهم عبد المجيد محمد إبراهيم عبد العال مورث المطعون عليها الخامسة ويتضمن إقرار هذا الفريق بأنهم لا يستحقون شيئاً في الأطيان المبيعة من مورث الطرفين محمد إبراهيم عبد العال إلى عبد العزيز وأخويه الشقيقين الهنداوي وبركات مورثي الطاعنين وإذ أغفلت محكمة الموضوع هذا الدفاع ولم تتناوله بأي بحث مع أنه دفاع جوهري يتغير به لو صح وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون لذلك معيباً بالقصور في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] راجع نقض 12/ 1/ 1950 الطعن 65 س 18 ق، 7/ 6/ 1951 الطعن 319 س 18 ق مجموعة 25 سنة جزء 2 ص 957، 958.