أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 21 - صـ 139

جلسة 20 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

(24)
الطعن رقم 445 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى. "صحيفة الدعوى". سقوط الخصومة. تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم".
اعتبار الدعوى قاطعة للتقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين. قاصر على صحيفة افتتاح الدعوى أو الطعن. إعلان الورثة بعد انقطاع سير الخصومة بالتعجيل. وجوب إتمامه خلال الميعاد. تقديم طلب التعجيل إلى قلم المحضرين لا يقطع التقادم أو السقوط.
(ب) دعوى. "سقوط الخصومة".
انقطاع سير الخصومة. وجوب موالاة المدعي السير في إجراءات الخصومة في مواجهة ورثة خصمه قبل انقضاء سنة. جهل المدعي بهؤلاء الورثة أو موطنهم لا يعتبر عذراً مانعاً من السقوط.
(ج) دعوى. "سقوط الخصومة". تجزئة. "أحوال التجزئة".
الخصومة فيما يتعلق بسقوطها، تعتبر وحدة لا تتجزأ ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته. تمسك أحد الخصوم بالسقوط. أثره. سقوطها بالنسبة للآخرين ولو تم إعلانهم في الميعاد.
1 - مفاد نص المادة 75/ 3 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، إن مدة التقادم أو السقوط تنقطع بتقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم المقرر كاملاً، إلا أنه وقد جاء هذا النص استثناء من حكم المادة السادسة من قانون المرافعات السابق، التي لم يتناولها القانون رقم 100 لسنة 1962 بالإلغاء والتي تقضي بأنه إذا نص القانون على ميعاد حتمي لرفع دعوى أو طعن أو أي إجراء آخر يحصل بالإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله، فإن مؤدى ذلك أن يعد ما استحدثه القانون رقم 100 لسنة 1962 في المادة 75/ 3، قاصر على صحيفة افتتاح الدعوى أو الطعن فلا يتعداه إلى غيرها، ويظل أثر نص المادة السادسة الآنف ذكرها باقياً بالنسبة لاستئناف الدعوى سيرها بعد انقطاع سير الخصومة، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم الإعلان خلاله، وإذ كان نص المادة 298 من قانون المرافعات السابق والذي يقضي بأن استئناف سير الخصومة بعد انقطاعها يكون بتكليف بالحضور يعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى، قد بقى على حاله ولم يتناوله المشرع بالتعديل بالقانون رقم 100 لسنة 1962, فإنه يتعين أن يتم إعلان ورثة الخصم المتوفى بالتعجيل خلال الميعاد المقرر وعدم الاكتفاء في هذا الخصوص بتقديم طلب التعجيل إلى قلم المحضرين في غضون هذا الميعاد.
2 - مؤدى نص المادة 301 من قانون المرافعات السابق أنه متى كان انقطاع الخصومة راجعاً لوفاة المدعى عليه أو من في حكمه كالمستأنف عليه، تعين على المدعي أو المستأنف في هذه الحالة أن يعلن ورثة خصمه المتوفى بقيام الخصومة بينه وبين مورثهم، ويكون عليه موالاة السير في إجراءاتها في مواجهتهم قبل انقضاء سنة. ولا يعتبر جهل المدعي أو المستأنف بورثة خصمه وموطنهم عذراً مانعاً بل عليه هو البحث والتحري عنهم محافظة على مصلحته وعدم تعريض دعواه للسقوط بفعله أو امتناعه.
3 - مفاد نص المادة 303/ 3 من قانون المرافعات السابق مرتبطة بالنصوص السابقة عليها واللاحقة لها والواردة في ذات القانون والمتعلقة بسقوط الخصومة، أنه يتعين قبول طلب الحكم بسقوط الخصومة الذي يقدم ضد المدعيين أو المستأنفين جميعهم ممن لم يعلن بالتعجيل في الميعاد من المدعى عليهم أو المستأنف عليهم ولو كان الآخرون من هؤلاء قد أعلنوا في الميعاد لأنه لا يصح أن يضار خصم من إجراء لم يتخذ في مواجهته وإنما اتخذ في مواجهة أحد زملائه، ولأنه يشترط في الإجراء الذي ينم عن المضي في الخصومة فيقطع أجل سقوطها، ويحول دون الحكم بالسقوط، أن يكون قد اتخذ عنه تعدد المدعى عليهم أو المستأنف عليهم في مواجهة هؤلاء جميعهم في الميعاد, كما أفادت هذه النصوص بأن سقوط الخصومة يجب أن يكون شاملاً للعلاقة بين جميع الخصوم مدعيين أو مدعى عليهم بحيث لا يتجزأ، وإلا فاتت حكمته تأسيساً على أن الخصومة فيما يتعلق بسقوطها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في ظل قانون المرافعات السابق قبل إلغائه بقانون المرافعات الحالي، تعتبر وحدة لا تتجزأ ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته، مما ينبني عليه أنه إذا تمسك أحد المدعى عليهم أو المستأنف عليهم بسقوط الخصومة، سقطت بالنسبة لباقي المدعى عليهم أو المستأنف عليهم [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة وعلى المرحومة تفيدة جورج بوهان زوجة المرحوم عزيز يغمور - مورثة الطاعنة والفريق الثاني المطعون ضدهم - الدعوى رقم 1342 سنة 1960 مدني كلي القاهرة طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد التنازل والحلول العرفي الصادر له بتاريخ 15 إبريل سنة 1959 من السيدة المذكورة عن نفسها وبصفتها وكيلة عن ابنتها أوديت عزيز يغمور الطاعنة مع حلوله محل هاتين الدائنتين. وقال بياناً لدعواه إن السيدة تفيدة جورج بوهان تسلمت منه مبلغ 500 ج حصة ابنتها الطاعنة في الدين الذي كان مطلوباً أصلاً لهذه الأخيرة من يوسف الصحابي، والبالغ مقداره ألفان من الجنيهات، والثابت بمقتضى عقد الرهن الرسمي المحرر أمام موثق العقود بمحكمة القاهرة المختلطة في 15 إبريل سنة 1942 والمحول صورياً في 24 سبتمبر سنة 1953 من السيدة تفيدة جورج بوهان إلى بناتها السيدات ماري ولندا وإيفلين وأوديت عزيز يغمور - الطاعنة - بحق الربع لكل منها، وإذ تسلمت السيدة تفيدة المبلغ المشار إليه ومقداره 500 ج ومبلغ 17 ج و500 م قيمة الفوائد المستحقة عليه، وذلك بموجب توكيل صادر إليها من الطاعنة فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. أدخل المطعون ضده الأول في الدعوى المطعون ضدهم من الثالث إلى السادس باعتبار أن الثالث هو المدين الراهن وأن الرابع والخامس قد آلت إليهما ملكية العقار المرهون وأن السادس قد انتقلت إليه أخيراً ملكية هذا العقار. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت في أول يناير سنة 1962 بصحة ونفاذ عقد الحوالة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم الاستئناف رقم 772 سنة 79 ق في القاهرة وبتاريخ 26 يناير سنة 1964 حكمت محكمة الاستئناف بانقطاع سير الخصومة في الاستئناف بوفاة المستأنف عليها الثانية تفيدة جورج يوهان، وعجلت أوديت عزيز يغمور - الطاعنة - هذا الاستئناف، ولدى نظره دفعت باقي الوارثات بسقوط الخصومة لتعجيل الاستئناف بعد انقضاء أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي، وانضم إليهن في هذا الدفع المطعون ضده الأول ومحكمة الاستئناف حكمت في 29 مايو سنة 1965 بسقوط الخصومة في الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن بالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بسقوط الخصومة تأسيساً على أن المطعون ضده الأول وبعض ورثة المرحومة تفيدة جورج برهان التي توفيت أثناء نظر الاستئناف لم يعلنوا إلا بعد سنة من تاريخ الحكم الصادر في 26/ 1/ 1965، والذي قضى بانقطاع سير الخصومة بوفاتها، في حين أن مقتضى المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 أن تعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملاً، مما مؤداه أن يترتب على تقديم صحيفة تعجيل الاستئناف إلى قلم المحضرين في 11/ 1/ 1965 قطع مدة السقوط المنصوص عليها في المادتين 301، 302 من قانون المرافعات السابق. هذا إلى أن الثابت أن إحدى الوارثات وهي السيدة ماري عزيز يغمور قد أعلنت في 12/ 1/ 1965 قبل انقضاء مدة السقوط مما ينبني عليه انقطاع هذه المدة بالنسبة لها، وعدم قبول الدفع بسقوط الخصومة المقدم منها، وبالتالي حماية الخصومة كلها من السقوط بالتمسك ببقائها قبل باقي الخصوم وذلك على أساس أن تعجيل الدعوى في الميعاد ضد أحد الورثة من شأنه أن تبقي الخصومة قائمة بالنسبة للجميع. وتضيف الطاعنة أن إعلان بعض الورثة بعد الميعاد لم يكن نتيجة إهمال منها، وإنما كان بسبب جهلها محل إقامتهم مما يمتنع معه مجازاتها بالسقوط. وإذ قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بسقوط الخصومة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، الذي عمل به من 14 يوليه سنة 1962 قد نصت في فقرتها الثالثة على أن "تعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين، بعد أداء الرسم كاملاً، أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فلا تسري إلا من وقت إعلان المدعى عليه بصحيفتها" ولئن كان مفاد هذا النص أن مدة التقادم أو السقوط تنقطع بتقديم الصحيفة إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم المقرر كاملاً، إلا أنه وقد جاء هذا النص استثناء من حكم المادة السادسة من قانون المرافعات السابق التي لم يتناولها القانون رقم 100 لسنة 1962 بالإلغاء بل أبقى عليها، وكانت المادة السادسة المشار إليها تقضي بأنه إذا نص القانون على ميعاد حتمي لرفع دعوى أو طعن أو أي إجراء آخر يحصل بالإعلان، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله، فإن مؤدى ذلك أن يعد ما استحدثه القانون رقم 100 لسنة 1962 في المادة 75/ 3 سالفة الذكر من اعتبار الدعوى قاطعة للتقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد دفع الرسم كاملاً، قاصراً على صحيفة افتتاح الدعوى أو الطعن فلا يتعداه إلى غيرها ويظل أثر نص المادة السادسة الآنف ذكرها باقياً بالنسبة لاستئناف الدعوى سيرها بعد انقطاع سير الخصومة، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم الإعلان خلاله. لما كان ذلك وكان نص المادة 298 من قانون المرافعات السابق والذي يقضي بأن استئناف سير الخصومة بعد انقطاعها يكون بتكليف بالحضور يعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى قد بقى على حاله ولم يتناوله المشرع بالتعديل بالقانون رقم 100 لسنة 1962، فإنه يتعين أن يتم إعلان المستأنف عليهم بتعجيل الاستئناف خلال الميعاد المقرر وعدم الاكتفاء في هذا الخصوص بتقديم طلب التعجيل إلى قلم المحضرين في غضون هذا الميعاد. ولما كانت المادة 301 من قانون المرافعات السابق تنص على أن لكل ذي مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي، فإن مؤدى ذلك أنه متى كان انقطاع الخصومة راجعاً لوفاة المدعى عليه أو من في حكمه كالمستأنف عليه - كما في صورة الدعوى - تعين على المدعي أو المستأنف في هذه الحالة أن يعلن ورثة خصمه المتوفى - مدعى عليهم كانوا أو مستأنفاً عليهم - بقيام الخصومة بينه وبين مورثهم. ويكون عليه موالاة السير في إجراءاتها في مواجهتهم قبل انقضاء سنة ولا يعتبر جهل المدعي أو المستأنف بورثة خصمه وموطنهم عذراً مانعاً بل عليه هو البحث والتحري عنهم محافظة على مصلحته، وعدم تعريض دعواه للسقوط بفعله أو امتناعه وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بسقوط الخصومة في الاستئناف على ما قرره من أنه قضى في 26/ 1/ 1964 بانقطاع سير الخصومة بوفاة السيدة تفيدة جورج يوهان وهي من بين المستأنف عليهم وأن اثنين من ورثتها وهما جوزيفين وايفلين عزيز يغمور قد أعلنتا بالتعجيل بعد أن اكتملت مدة السنة المقررة لسقوط الخصومة، وأنهما قد تمسكتا بالدفع بالسقوط، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يجدي الطاعنة ما أثارته من أنها أعلنت إحدى الوارثات "ماري عزيز يغمور" بالتعجيل قبل انقضاء المدة ذلك أن المادة 303/ 3 من قانون المرافعات السابق، والتي تنطبق على واقعة الدعوى.. إذ نصت على أن طلب سقوط الخصومة يجب تقديمه ضد جميع المدعين أو المستأنفين وإلا كان غير مقبول، وإذا قدمه أحد الخصوم استفاد منه الباقون قد أفادت - مرتبطة بالنصوص السابقة عليها واللاحقة لها والواردة في ذات القانون والمتعلقة بسقوط الخصومة - بأنه يتعين قبول طلب الحكم بسقوط الخصومة الذي يقدم ضد المدعين أو المستأنفين جميعهم ممن لم يعلن بالتعجيل في الميعاد من المدعى عليهم أو المستأنف عليهم ولو كان الآخرون من هؤلاء قد أعلنوا في الميعاد، لأنه لا يصح أن يضار خصم من إجراء لم يتخذ في مواجهته، وإنما اتخذ في مواجهة أحد زملائه، ولأنه يشترط في الإجراء الذي ينم عن المضي في الخصومة فيقطع أجل سقوطها، ويحول دون الحكم بالسقوط أن يكون قد اتخذ عنه تعدد المدعى عليهم أو المستأنف عليهم في مواجهة هؤلاء جميعهم في الميعاد، كما أفادت هذه النصوص بأن سقوط الخصومة يجب أن يكون شاملاً للعلاقة بين جميع الخصوم مدعين أو مدعى عليهم بحيث لا يتجزأ وإلا فاتت حكمته تأسيساً على أن الخصومة فيما يتعلق بسقوطها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في ظل قانون المرافعات السابق قبل إلغائه بقانون المرافعات الحالي برقم 13 لسنة 1968 - تعتبر وحدة لا تتجزأ، ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته، مما ينبني عليه أنه إذا تمسك أحد المدعى عليهم أو المستأنف عليهم بسقوط الخصومة سقطت بالنسبة لباقي المدعى عليهم أو المستأنف عليهم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 11 مارس سنة 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 400.
نقض 26 أكتوبر 1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 902.