أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 890

جلسة 25 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.

(138)
الطعن رقم 500 لسنة 29 القضائية

ملكية. "أسباب كسب الملكية". "التقادم المكسب". حيازة. "ضم مدة وضع يد السلف إلى مدة وضع يد الخلف". وضع يد. خلف. بيع.
التملك بوضع اليد. كفايته بذاته سبباً للتملك. للمشتري الاستدلال بعقد شرائه غير المسجل على انتقال الحيازة إليه. اعتبار حيازته امتداداً لحيازة سلفه البائع له.
التملك بوضع اليد واقعة متى توافرت شرائطها القانونية فإنها تكفي بذاتها سبباً لكسب الملكية، وليس ما يمنع مدعي التملك بهذا السبب من أن يستدل بعقد شرائه غير المسجل على انتقال حيازة العين إليه وتكون حيازته في هذه الحالة امتداداً لحيازة سلفه البائع له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليه الأول محمود إبراهيم سليم أقام ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم الدعوى رقم 698 سنة 1954 مدني كلي المنصورة وقال بياناً لها إن الطاعن باشر إجراءات نزع الملكية لدين له في ذمة المرحوم محمد محمد مغيره - مورث المطعون عليها الثانية - وحكم له بتاريخ 10 من يونيه سنة 1953 في الدعوى رقم 11 سنة 1951 بيوع كلي المنصورة برسو مزاد 9 ف و13 ط و8 س على أنها بعض تركة هذا المدين وأنه - المطعون عليه الأول - يملك أطياناً قدرها 4 أفدنة و12 قيراطاً و13 سهماً شائعة في الأطيان التي رسا مزادها على الطاعن كان قد اشتراها في سنة 1945 وتملكها بوضع يده عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية هو وسلفه البائع له - مصلحة الأملاك الأميرية - وطلب الحكم له بأحقيته للقدر المملوك له شائعاً في 9 أفدنة و13 قيراطاً و8 أسهم موضحة بصحيفة افتتاح الدعوى وبطلان إجراءات نزع الملكية وحكم مرسى المزاد السالف الذكر ومحو كافة التسجيلات المتوقعة على القدر المذكور بناء على طلب الطاعن وذلك في مواجهة المطعون عليهم من الثالث للأخير، ودفع الطاعن الدعوى بأن أرض النزاع مملوكة لمدينه المرحوم محمد محمد مغيره الذي اشتراها من مصلحة الأملاك الأميرية ووضع يده عليها، وبجلسة 16 من إبريل سنة 1957 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي - المطعون عليه الأول - إنه وضع يده على الأطيان المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى والحكومة من قبله المدة الطويلة المكسبة للملكية ولينفي الطاعن ذلك وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة في 25/ 3/ 1958 للمدعى - المطعون عليه الأول بطلباته - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 71 سنة 10 ق المنصورة وفي 8/ 1/ 1958 قضت المحكمة بتأييده. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأبدت النيابة الرأي بطلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 23/ 4/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في الوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت في الأوراق - ويقول بياناً لذلك إن الحكم بني قضاءه باستحقاق المطعون عليه الأول للقدر المتنازع عليه وببطلان إجراءات التنفيذ على أنه تملك هذا القدر بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية هو وسلفه - مصلحة الأملاك الأميرية - التي باعت له هذا القدر في 21/ 12/ 1947 مع إنه يجب لكي يعد المشتري خلفاً للبائع - يضم مدة وضع يد سلفه إلى مدة وضع يده - أن يثبت على وجه القطع أن عقداً بالبيع قد عقد وأن يصدر هذا البيع ممن لا يملكه ولا يكفي مجرد إقرار البائع بالبيع، والثابت في الدعوى أن الحكومة تضاربت في أقوالها بشأن حصول البيع للمطعون عليه الأول في سنة 1947 إذ انضمت إليه تارة وتخلت عن مساندته تارة أخرى ومرد هذا التناقض منها إنها في واقع الأمر لم تبع القدر المتنازع عليه للمطعون الأول بعقد مسجل في 28/ 11/ 1955 أما الإقرار الذي تضمنته شهادة تفتيش السرو بحصول البيع في سنة 1947 فهو صادر من غير ذي صفة لعدم تصديق وزير المالية على حصول البيع إذ أن التصديق على البيع لم يتم إلا بالنسبة للعقد الذي سجل فيما بعد أي في سنة 1955 ويقول الطاعن بياناً للوجه الثاني إن الثابت من حكم مرسى المزاد أن مصلحة الأملاك كانت ممثلة في جميع إجراءات نزع الملكية ولم تبد أي اعتراض حتى حكم له بمرسى المزاد وأصبح هذا الحكم نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه وبه خرجت ملكية أرض النزاع عنها إلى الراسي عليه المزاد فإذا ما اشترى المطعون عليه الأول أطيان النزاع بعد ذلك من مصلحة الأملاك في تاريخ لاحق وذلك بالعقد المسجل في 28/ 11/ 1955 فإنه يكون قد اشتراها ممن لا يملكها ولا اعتداد بعقده وإذ اعتبر الحكم أن المطعون عليه الأول قد اشترى أرض النزاع من مالك بوضع اليد يضم إلى مدة وضع يده مدة وضع يد سلفه فإنه يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه تأسيساً لقضائه باستحقاق المطعون عليه الأول لأرض النزاع ما يلي "وحيث إنه بالنسبة لهذا السبب فقد تناولته محكمة أول درجة في أسبابها وقالت بالنسبة لما أثاره المدعى عليه الأول - الطاعن - في مذكرته الختامية من أنه ينازع في أن المدعي - المطعون عليه الأول - خلف خاص لمصلحة الأملاك يضم إليها مدة وضع يده لأنه لم يشتر القدر المتنازع عليه إلا بعقد مسجل في 28/ 11/ 1955 وأنه قبل هذا التاريخ لم يكن مشترياً فإن هذا القول منه مردود بما جاء بمذكرة الحكومة من أنها باعت إلى المدعي القدر المتنازع عليه في 21/ 12/ 1947 وقام المدعي بدفع مبلغ 75 ج معجل الثمن كما قام بدفع رسوم التسجيل واعتمد هذا البيع في 29/ 3/ 1948 وأن مورث المدعى عليها الثانية - المدين - لم يشتر هذا القدر وأن ما اشتراه بالمزاد العلني في 25/ 5/ 1949 هو باقي مساحة الجزء رقم 16 بحوض العفريت الأمر الذي يقطع بأن مدين المدعى عليه - مدين الطاعن - لم يكن مالكاً في يوم من الأيام للقدر موضوع النزاع وأن المدعي هو المالك الحقيقي وواضع اليد الفعلي لهذا القدر ومن ثم يعتبر خلفاً خاصاً لمصلحة الأملاك يضم إليها مدة وضع يده...، وحيث إن المستأنف - الطاعن - لم يأت بجديد في استئنافه لم تتناوله محكمة أول درجة في أسبابها التي تأخذ بها هذه المحكمة وتجعلها أسباباً لحكمها". ويبين من ذلك أن المحكمة قد حصلت في نطاق سلطتها الموضوعية أن المطعون عليه الأول اشترى في سنة 1947 من مصلحة الأملاك القدر الذي يطالب باستحقاقه واستدلت على ذلك بأدلة مستمدة من أوراق الدعوى وبما قررته مصلحة الأملاك في مذكرتها من أنها باعت إلى المطعون عليه الأول في التاريخ المذكور أطيان النزاع وأن هذا الخير قام بدفع معجل الثمن واعتمد هذا البيع في 29/ 3/ 1948 وهو تحصيل سائغ ومن شأنه أن يؤدى إلى نتيجة التي انتهت إليها فلا معقب عليه. كما يبين من الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أنه قد أشار إلى الإقرار الصادر من تفتيش السرو والمقدم من المطعون عليه الأول في مقام سرد دفاع هذا الأخير وهو لا يعدو أن يكون إخباراً بحصول عقد البيع الذي عقد مع المطعون عليه الأول في سنة 1947 واعتمدته المصلحة في سنة 1948 وقد رتبت المحكمة على انعقاد هذا البيع اعتبار هذا الأخير خلفاً خاصاً يحق له أن يضم مدة وضع يد سلفه إلى مدة وضع يده وأنه بذلك يكون قد كسب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة، ولما كان القانون لا يمنع المشتري من أن يستدل بعقد شرائه غير المسجل على انتقال الحيازة إليه وأن تكون حيازته امتداداً لحيازة سلفه البائع له وكان التملك بوضع اليد واقعة متى توافرت شرائطها القانونية فإنها تكفي بذاتها سبباً للتملك، ولما كان ذلك، فإن النعي بأن المطعون عليه الأول لا يعتبر خلفاً خاصاً لمصلحة الأملاك لأن شراءه بالعقد المسجل في سنة 1955 كان لاحقاً لتاريخ الحكم الصادر بمرسى المزاد عليه وتسجيله وانتقال ملكية أطيان النزاع إليه - فلم يصاف عقده محلاً - هذا النعي لا يكون له أساس طالما أن المطعون عليه الأول قد كسب الملكية بسبب آخر مستقل عن العقد المسجل وهو حيازته منذ شرائه الحاصل في سنة 1947 مما يجعله خلفاً لبائعه من ذلك التاريخ ويستفيد من حيازة هذا البائع بضم مدة وضع يد هذا الأخير إلى مدة وضع يده هو بغير أن يحاج بإجراءات البيع التي انتهت برسو المزاد على الطاعن والتي لم يكن المطعون عليه الأول طرفاً فيها ذلك أن البائع - مصلحة الأملاك - لا يمثل المطعون عليه الأول فيها إذا كان كسب هذا الأخير ملكية أطيان النزاع يستند إلى الحيازة وهي سبب مستقل عن العقد المسجل وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فلا يعيبه قصور في التسبيب أو خطأ في القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.