أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 1161

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وعباس حلمي عبد الجواد.

(169)
الطعن رقم 493 لسنة 29 القضائية

( أ ) نقض. "حالات الطعن". "مخالفة حكم سابق". خلف "خلف عام". وقف. "الاستحقاق فيه".
قضاء الحكم المطعون فيه باستحقاق المطعون عليهم في نصيب أحد المستحقين في الوقف ما كان يستحقه والدهم لو كان حياً. مناقضته حكم المحكمة العليا الشرعية الصادر بين الخصوم أنفسهم في نزاع قام بينهم بشأن استحقاق هذا النصيب بالذات والحائز لقوة الشيء المقضي. جواز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لمجيئه على خلاف ذلك الحكم. لا ينال من ذلك عدم اختصاص بعض المطعون ضدهم بأنفسهم في الدعوى الأولى وإنما اختصم فيها والدهم، ذلك أن المورث توفى بعد انتهاء الوقف الأهلي وصيرورته ملكاً للمستحقين فتلقى ورثته الحق عنه ميراثاً ولم ينتقل إليهم عن طريق الوقف. الحكم الصادر عليه حجة عليهم باعتبارهم خلفاً عاماً له.
(ب) وقف. "النظر عليه". "وكالة ناظر الوقف عن المستحقين". وكالة. إثبات. "حجية الأمر المقضي".
وكالة ناظر الوقف عن المستحقين. عدم امتدادهم إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق. الحكم الصادر ضد ناظر الوقف. مساسه باستحقاق مستحقين لهم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة. لا حجية للحكم عليهم.
(جـ) نقض "حالات الطعن". "مخالفة حكم سابق". وقف. "قسمة الوقف". "قرار هيئة التصرفات".
صدور قرار القسمة من هيئة التصرفات في حدود سلطتها الولائية. عدم فصلها في أية خصومة بين الطرفين. عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه القاضي بالاستحقاق بدعوى صدوره على خلاف حكم سابق حائز قوة الأمر المقضي.
(د) وقف. "تفسير شرط الواقف". حكم. "حجية الحكم". إثبات. "حجية الأمر المقضي".
ما كانت تصدره المحاكم الشرعية من تفسير شروط الواقفين. اعتباره أحكاماً لها حجية على من كان ممثلاً فيها.
(هـ) حكم. "حجية الحكم". إثبات. "قوة الأمر المقضي".
الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية في حدود ولايتها تحوز قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية. مثال.
(و) إثبات. "حجية الأمر المقضي". محكمة النقض. "سلطة محكمة النقض". دعوى. "سبب الدعوى".
لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها للتحقق من كون سبب الدعوى سبباً حقيقياً تتحقق به المغايرة في سبب الدعوى أم أنه مجرد سبب ظاهري أريد به الحيلولة دون الدفع بحجية الأمر المقضي.
(ز) وقف. "إنهاء الوقف على غير الخيرات". "الوقف مرتب الطبقات".
أيلولة الملكية في الوقف مرتب الطبقات إلى المستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقة المستحقين الحاليين بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق. المادة 3 من القانون 180 لسنة 1952. انطباقه على الوقف المرتب الطبقات ترتيباً جملياً دون الوقف المرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً.
(ح) وقف. "الوقف مرتب الطبقات".
الأصل في الوقف مرتب الطبقات على الذرية أنه يعتبر مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً. لا يكون الوقف مرتب الطبقات ترتيباً جملياً إلا بنص صريح قاطع من الواقف.
(ط) نقض. "إعلان الطعن". "الصفة في الطعن". إعلان. بطلان.
وصف المطعون عليه في تقرير الطعن بأنه قاصر وتوجيه الطعن إليه في شخص الوصي عليه بعد زوال صفته في تمثيله لبلوغه سن الرشد قبل صدور الحكم المطعون فيه. تمام إعلان المطعون عليه بعد ذلك في شخصه بوصفه بالغاً. لا بطلان. لا ينال من صحة الإعلان حصوله بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 11 من القانون 75 لسنة 1959 صيرورة هذا الميعاد بعد صدور القانون 106 لسنة 1962 مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه بطلان.
(ي) نقض. "حالات الطعن". "مخالفة قواعد الاختصاص".
الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص. قصره على مخالفة قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم دون تلك المتعلقة بالاختصاص النوعي.
1 - متى كان الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من أن المطعون عليهم يستحقون في نصيب أحد المستحقين في الوقف ما كان يستحقه والدهم لو كان حياً قد ناقض ما سبق أن قضي به الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية بين الخصوم أنفسهم في نزاع قام بينهم بشأن استحقاق هذا النصيب بالذات وكان هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة لجميع المطعون عليهم لأنهم كانوا طرفاً فيه، فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لمجيئه على خلاف ذلك الحكم يكون جائزاً عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959. ولا يصح الاعتراض بأن بعض المطعون ضدهم لم يكونوا مختصمين بأنفسهم في الدعوى الأولى التي صدر فيها الحكم من المحكمة العليا الشرعية وأن اختصام والدهم في تلك الدعوى لا يجعل الحكم الصادر فيها بتحديد الاستحقاق في الوقف حجة عليهم لما هو مقرر من أن المستحق في الوقف لا يتلقى حقه من مورثه وإنما من الواقف مباشرة - ذلك أن المورث المذكور قد توفى بعد انتهاء الوقف الأهلي وصيرورته ملكاً للمستحقين فتلقى ورثته الحق عنه ميراثاً ولم ينتقل إليهم عن طريق الوقف ولذلك يكون الحكم الصادر عليه حجة عليهم باعتبارهم خلفاً عاماً لمورثهم الذي كان طرفاً فيه.
2 - وكالة ناظر الوقف عن المستحقين لا تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق مما ينبني عليه أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف ومنفذاً لكتابه ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم [(1)].
3 - متى كان قرار القسمة قد صدر من هيئة التصرفات في حدود سلطتها الولائية دون أن تعرض للفصل في أية خصومة بين الطرفين فإن هذا القرار لا يعتبر حكماً حائزاً لقوة الأمر المقضي وبالتالي فلا يجوز الطعن بالنقض للتناقض فيما يصدر بعده من أحكام بالاستحقاق على خلاف ما قضى به عند تحديد الأنصبة في القسمة.
4 - ما كانت تصدره المحاكم القضائية الشرعية من تفسير لشروط الواقفين في الدعاوى التي ترفع إليها بطلب هذا التفسير يعتبر أحكاماً لها حجية على من كان ممثلاً فيها.
5 - الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية في حدود ولايتها تحوز قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية. وإذ كانت المحاكم الشرعية مختصة بالفصل في دعاوي الاستحقاق في الوقف طبقاً للمادة الثامنة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فإن قضاءها النهائي في هذه الدعاوى تكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية.
6 - لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها للتحقق مما إذا كان سبب الدعوى هو سبب حقيقي تتحقق به المغايرة في سبب الدعوى أو أنه مجرد سبب ظاهري أريد به الحيلولة دون الدفع بحجية الأمر المقضي فلا تقوم به هذه المغايرة.
7 - نصت المادة الثالثة من قانون إنهاء الوقف الأهلي رقم 180 لسنة 1952 على أنه "إن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقة المستحقين الحاليين كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق" وقد صرحت المذكرة الإيضاحية في تعليقها على هذه المادة "بأنه رؤى في الوقف المرتب الطبقات أن تؤول الملكية إلى المستحقين الحاليين فيه وإلى ذرية من مات من ذوي الاستحقاق لأن هذه الذرية كانت محجوبة على سبيل التوقيت ومن العدل ألا يترتب على هذا الحجب أثره بالنسبية لتملك الوقف" ومفاد ذلك أن هذا النص لا ينطبق إلا على الوقف المرتب الطبقات ترتيباً جملياً لأن هذا الوقف هو الذي تحجب فيه ذرية من مات من أهل الطبقة المستحقة إلى أن تنقرض طبقة أصلهم وهذه الذرية هي التي عنتها المذكرة الإيضاحية بقولها إنها كانت محجوبة على سبيل التوقيت ورأى المشرع من العدل ألا يمنعها هذا الحجب المؤقت من أخذ حصة أصلها في الاستحقاق بعد إنهاء الوقف لأن هذه الحصة كانت ستؤول إليها بعد انقراض طبقة أصلها لو ظل الوقف قائماً ولم يصدر قانون بإنهائه وبصيرورة ما ينتهي فيه ملكاً للمستحقين الحاليين. أما في الوقف المرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً فلا تحجب فيه ذرية من مات من أهل الطبقة المستحقة بل يؤول نصيب كل من مات من هذه الطبقة إلى ذريته وبذلك فلن تضار هذه الذرية بصدور ذلك القانون.
8 - لا يكون الوقف مرتب الطبقات ترتيباً جملياً إلا بنص صريح قاطع من الواقف على ذلك. إذ نص المشرع في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 على أن جميع الأوقاف المرتبة الطبقات يعتبر ترتيباً إفرادياً بمعنى أنه لا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه وما كان سيستحقه إلى فرعه ولو لم ينص الواقف في كتاب وقفه على هذا. كما نصت المادة 58 من قانون الوقف المذكور على أنه لا يعمل بأحكام بعض مواده ومنها المادة 32 سالفة الذكر إذ كان في كتاب الوقف نص يخالفها. ومؤدى هذين النصين أن كل وقف مرتب الطبقات على الذرية يعتبر مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً إلا إذا نص الواقف صراحة على أنه جعل الوقف مرتباً ترتيباً جملياً.
9 - إذا كان الواقع هو أن الطاعنة وإن وصفت المطعون عليه في تقرير الطعن بأنه قاصر ووجهت إليه الطعن في شخص والدته بوصفها وصياً عليه وذلك بعد زوال صفتها في تمثيله لبلوغه سن الرشد ورفع الوصاية عنه قبل صدور الحكم المطعون فيه، إلا أنه قد تم إعلانه بالطعن بعد ذلك في شخصه بوصفه بالغاً وسلمت صورة إعلان التقرير إليه في موطنه، فإن في توجيه الإعلان إليه على هذا الوجه ما يكفي لتعريفه بالصفة الصحيحة التي اختصم بها في الطعن مما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب ذكر البيان المتعلق بصفته في تقرير الطعن. ولا يؤثر على صحة الإعلان حصوله بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أنه بعد صدور القانون رقم 106 لسنة 1962 المعدل له لم يعد هذا الميعاد ميعاداً حتمياً بل أضحى مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه بطلان [(2)].
10 - لا تجيز المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص إلا إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم، فإذا كان ما تعيبه الطاعنة على الحكم المطعون فيه هو مخالفته قواعد الاختصاص النوعي فإن طعنها بهذا السبب يكون غير جائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن السيدتين إسعاد أحمد العروسى وبنتها عائدة حسن العروسى رفعتا على المطعون عليهم وآخرين - دعوى أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية قيدت برقم 28 تصرفات. طلبتا فيها قسمة مرتب الرزنامة وبيان نصيب كل منهما فيه بنسبة استحقاقهما في الوقف طبقاً لإنشائه وشروطه - وقد تدخلت الطاعنة في تلك الدعوى طالبة فرز وتحديد نصيبها في المرتب المذكور بمبلغ 46 ج و421 م على أساس أنها تستحق في الوقف 6 و3/ 5 قراريط من 24 قيراطاً ينقسم إليها الوقف، وقالت بياناً لذلك إن من بين ما وقفه المرحوم السيد زين الدين مصطفى العروسى بكتاب وقفه الصادر في 11 من ذي القعدة سنة 1271 هـ - المبلغ الذي كان مرتباً له سنوياً من ديوان الرزنامة والبالغ قدره 168 ج و804 م وقد جعل هذا الوقف على نفسه حال حياته ثم من بعده على أولاده الثلاثة الموجودين وقت الوقف وهم أحمد وحفيظة وفاطمة ومن سيحدثه الله له من الأولاد بالفريضة الشرعية للذكر مثل حظ الأنثيين إلا ولد البنت فلا ينتقل إليه شيء من نصيب أمه بل ينتقل نصيبها من ذلك إلى من يوجد من أخوتها وأخواتها المشاركين لها في الدرجة والاستحقاق - ثم من بعد كل منهم فعلى أولاده كذلك من أولاد الظهور دون أولاد البطون وهكذا في جميع طبقات الذرية - وقد توفى الواقف عن أولاده الثلاثة المذكورين الذين لم يعقب غيرهم ثم توفوا بعده جميعاً على التعاقب وانحصر الوقف في أولاد أحمد ابن الواقف وهم محمد وأمين وزهرة وزينب وعيشة وسكينة فانتقل استحقاق هذا الوقف إليهم وقسم بينهم بالفريضة الشرعية للذكر منهم ستة قراريط وللأنثى ثلاثة قراريط - ثم توفى أمين بن أحمد ابن الواقف عن ولديه أحمد وزكية فانتقل نصيبه إليهما ثم توفيت كل من زهرة وزينب وعائشة المذكورات بنات أحمد ابن الواقف فانتقلت أنصباؤهن وقدرها 9 ط لأخويهن محمد وسكينة وقسم بينهما بالفريضة الشرعية لمحمد الثلثان 6 ط ولسكينة الثالث 3 ط - وبذلك صار نصيب محمد الأصلي والآيل إليه من أخواته الثلاث المذكورات 12 ط من 24 ط ينقسم إليها الوقف - ونصيب سكينة الأصلي والآيل عن أخواتها 6 ط ثم توفى محمد بن أحمد ابن الواقف عن أولاده الأربعة وهم حسن "والد وجد المطعون عليهم" وعائشة وزينب ونفيسة (الطاعنة) فانتقل إليهم نصيبه في الوقف الأصلي والآيل وقدره 12 ط للذكر مثل حظ الأنثيين وبقسمته عليهم بهذه النسبة يكون لحسن 4 و4/ 5 ط ولكل بنت من أخواته الثلاث المذكورات بما فيهن السيدة نفيسة (الطاعنة) 2 و2/ 5 ط، ثم توفى حسن المذكور ابن محمد ابن الواقف عن أولاده السبعة وهم مصطفى (مورث المطعون ضدهما الأولين) وعلي وأمين ومحمود وسميرة وبهيرة وعائدة (باقي المطعون ضدهم) فانتقل نصيبه إليهم ثم توفيت سكينة المذكورة بنت أحمد ابن الواقف وليس لها أخوة ولا أخوات فانتقل نصيبها وقدره 6 ط إلى الأقرب إليها من الموقوف عليهم وهن السيدات عائشة وزينب ونفيسة (الطاعنة) بنات أخيها محمد المذكور لأنهن أقرب إليها في الدرجة من باقي الموقوف عليهم وقسم نصيبها بينهن بالتساوي لكل منهما قيراطان عملاً بشرط الواقف سالف الذكر الذي جاء فيها "فإن لم يوجد من يشاركها في الدرجة والاستحقاق انتقل نصيبها من ذلك إلى الأقرب إليها في الدرجة فالأقرب من الموقف عليهم" - وبإضافة هذا النصيب إلى النصيب الأصلي للطاعنة وقدره 2 و2/ 5 ط يكون نصيبها 4 و2/ 5 ط وقد صدر بذلك حكم نهائي من المحكمة العليا الشرعية في 3 من شهر إبريل سنة 1945 في الاستئناف رقم 114 سنة 1943 - 1944 - بين هؤلاء الخصوم أنفسهم - ثم توفيت عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف فانتقل نصيبها الأصلي والآيل إلى أختيها السيدتين زينب ونفيسة (الطاعنة) مناصفة بينهما حسب شرط الواقف لكل منهما 2 و1/ 5 وبإضافة هذا القدر إلى نصيب الطاعنة السابق بيانه يصير استحقاقها في الوقف 6 و3/ 5 ط
من 24 ط ينقسم إليها الوقف جميعه - وقد صدر بذلك أيضاً حكم نهائي من المحكمة العليا الشرعية بتاريخ 13 من شهر إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 9 ملحق سنة 1946 - 1947 وأن المستحقين في الوقف ومن بينهم الطاعنة والمطعون عليهم قد ساروا على مقتضى ذينيك الحكمين وتمت قسمة الأعيان الموقوفة بينهم على هذا الأساس بموجب قرار نهائي صدر في 2 من يوليه سنة 1952 - في مادتي التصرفات رقمي 263 و607 سنة 1946/ 1947 القاهرة - ونفذ قرار القسمة المذكور بأن وضع كل مستحق يده على نصيبه بعد فرزه - وبتاريخ 9/ 12/ 1957 حكمت محكمة الأحوال الشخصية بعدم اختصاصها وبإحالة الدعوى إلى محكمة الدرب الأحمر الجزئية التي قضت في 8 من يونيه سنة 1958 بقسمة مرتب الرزنامة المذكور وتخصيص مبلغ 46 ج و421 م للمتدخلة (الطاعنة) على أساس أنها تستحق في الوقف 6 و3/ 5 ط من 24 ينقسم إليها الوقف. وقد استأنف المطعون عليهم هذا الحكم - أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالاستئناف رقم 1534 سنة 1958 طالبين تعديل الحكم المستأنف بقصر حصة الطاعنة في مرتب الرزنامة على مبلغ 32 ج و988 م - استناداً إلى أن قرار القسمة لا حجية له عليهم وأن الطاعنة وأختها زينب لا تستقلان وحدهما بنصيب عمتهما المرحومة سكينة ونصيب أختهما المرحومة عائشة بل إنهم يشاركونهما في كل من النصيبين بما كان يستحقه أبوهم لو كان حياً - وأنهم يستمدون هذا الحق من شرط الواقف ومن المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات - وفي الأول من نوفمبر سنة 1959 حكمت المحكمة الاستئنافية بقصر نصيب الطاعنة على مبلغ 32 ج و998 م - فطعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول السبب الأول وبنقض الحكم المطعون فيه في خصوص نصيب سكينه بنت أحمد ابن الواقف - ونقضه كذلك في خصوص نصيب عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف بالنسبة للمطعون عليهم الذين كانوا ممثلين في الدعوى الشرعية - وبعدم جواز الطعن بالنسبة لباقي الأسباب وفي 2/ 4/ 1963 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة الأحوال الشخصية التي أحالته إلى هذه الدائرة - وبعد أن قام قلم الكتاب بإعلان الطعن إلى المطعون عليهم - قدم المطعون عليهم الثانية والرابع والخامس مذكرتين بدفاعهم دفعوا فيهما بعدم جواز الطعن كما دفعوا بعدم قبوله شكلاً لبطلانه وطلبوا احتياطياً رفضه موضوعاً - وقدمت النيابة مذكرة تكميلية أبدت فيها رأيها في الدفعيين بعدم صحتهما وتمسكت بالنسبة لموضوع الطعن برأيها السابق - وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم الخصوم والنيابة على ما ورد في مذكراتهم.
وحيث إن مبنى السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف أحكاماً انتهائية سبق صدورها بين الخصوم أنفسهم وحازت قوة الشيء المحكوم فيه وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنه بتاريخ 3/ 4/ 1945 قضت المحكمة العليا الشرعية في الاستئناف رقم 114 لسنة 43/ 1944 باستحقاقها هي وأختيها زينب وعائشة لجميع نصيب عمتهن المرحومة سكينة بنت أحمد ابن الواقف وبعدم استحقاق المطعون عليهم شيئاً في هذا النصيب كما قضت المحكمة المذكورة بتاريخ 13/ 11/ 1948 في الاستئناف رقم 9 لسنة 1946/ 1947 باستحقاق الطاعنة وأختها زينب لجميع حصة أختهما المرحومة عائشة وبأن المطعون عليهم لا يستحقون أيضاً شيئاً في هذا النصيب - وعلى أساس تحديد الأنصبة الواردة بهذين الحكمين جرت قسمة أطيان الوقف بين جميع المستحقين ومن بينهم جميع خصوم الدعوى الراهنة قسمة إفراز وتجنيب وذلك بالحكم الصادر في 2 من يونيه سنة 1952 من محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية في مادتي التصرفات رقمي 263 و607 سنة 46/ 1947 واختصت الطاعنة في الوقف بحصة قدرها 6 و3/ 5 قراريط من 24 قيراطاً وهو ما يعادل 46 ج و421 م في مرتب الرزنامة محل النزاع في الدعوى الحالية، وأنه إذ كانت الأحكام الشرعية الثلاثة المتقدمة الذكر قد صدرت بين الخصوم في هذه الدعوى وحازت قوة الأمر المقضي وقد حددت حصص الطاعنة والمطعون عليهم في الوقف على وجه نهائي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتحديد نصيب الطاعنة في مرتب الرزنامة على خلاف ما سبق أن حددته الأحكام الشرعية الثلاثة واعتبر حصتها في الوقف 4 و1/ 2 قراريط فقط وعلى هذا الأساس اعتبر نصيبها في مرتب الرزنامة مبلغ 31 ج و650 م فإنه يكون قد خالف الأحكام الشرعية الآنفة الذكر والحائزة لقوة الأمر المقضي وبالتالي يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً لهذا السبب رغم صدوره من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية وذلك عملاً بالمادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إنه يبين من الأوراق المقدمة بملف الطعن والتي كانت معروضة على محكمة الموضوع أنه بتاريخ 3 من إبريل سنة 1945 - أصدرت المحكمة العليا الشرعية حكماً في الاستئناف رقم 114 سنة 943/ 1944 في نزاع قام بين الطاعنة وبين المطعون عليهم الثالث والرابع والخامس والسادسة والسابعة والمرحوم مصطفى العروسى "مورث باقي المطعون عليهم" حول تفسير شرط الواقف في خصوص أيلولة نصيب المرحومة سكينه بنت أحمد ابن الواقف - ويقضي هذا الحكم بتفهيم الخصوم بأن شرط الواقف يقضي بأن نصيب سكينه المذكورة يؤول إلى الطاعنة وأختيها زينب وعائشة لأنهن أقرب الطبقات إليها من أهل هذا الوقف الموجودات على قيد الحياة وقت وفاتها ولم يوجد لها أخوة ولا أخوات ولا ينتقل شيء من هذا النصيب إلى المطعون ضدهم وذلك عملاً بشرط الواقف - كما أنه بتاريخ 13/ 4/ 1948 - أصدرت المحكمة العليا الشرعية - حكماً في الاستئناف رقم 9 ملحق لسنة 1946/ 1947 - في نزاع قام بين علي حسن العروسى (المطعون عليه الرابع) وبين نظار وقف العروسى وهم الطاعنة وإسعاد العروسى والمرحوم مصطفى حسن العروسى (مورث المطعون عليهما الأولين) - حول تفسير شرط الواقف في خصوص أيلولة نصيب المرحومة عائشة بنت محمد ابن أحمد ابن الواقف وقد قضى ذلك الحكم باستحقاق الطاعنة وأختها زينب لنصيب أختهما المرحومة عائشة مناصفة بينهما لأنهما الموجودتان على قيد الحياة وقت وفاتها وذلك عملاً بشرط الواقف الذي يقضي بأن من تموت من البنات ينتقل نصيبها لمن يوجد وقت وفاتها من أخوتها وأخواتها المشاركين لها في الدرجة والاستحقاق - وبتاريخ 2 من يوليه سنة 1952 صدر قرار في المادتين 263 و607 لسنة 1946/ 1947 تصرفات بفرز نصيب كل من المستحقين في الوقف في الأطيان - على أساس أن نصيب الطاعنة 6 و3/ 5 قراريط من 24 قيراطاً ينقسم إليها الوقف ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر هذا النصيب 4.5 قراريط مؤسساً ذلك على قوله "وحيث إن الثابت من كتاب الوقف أن الواقف اشترط الآتي: على أن من مات من الموقوف عليهم قبل دخوله في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ابن أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ابنه وأن سفل من ذلك مقام والده في الاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه لو كان الأصل المتوفى حيا، فدل بذلك على أن وفاة والد المستأنفين (المطعون عليهم) الحاصلة في سنة 1934 والسابقة على وفاة سكينه بنت أحمد ابن الواقف لا تمنعهم من أخذ استحقاق والدهم فيها - هذا فضلاً عن أن المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بحل الوقف قد أوردت هذا الحكم في صراحة حيث نصت على أنه إذا كان الوقف مرتب الطبقات آلت ملكيته للمستحقين الحاليين ولذويه من مات منهم من ذوي الاستحقاق في طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق. وحيث إنه لا نزاع بين الخصوم على الأنصبة التي انتقل بها الوقف من مستحق إلى آخر اللهم إلا في خصوص ما تدعى به المستأنف عليها الثالثة (الطاعنة) من أن أولاد أخيها حسن المستأنفين (المطعون ضدهم) لا يستحقون شيئاً في المرحومة سكينه بنت أحمد ابن الواقف ولا في المرحومة عائشة بنت محمد ابن أحمد ابن الواقف وهذا غير صحيح لما سلف بيانه وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم يكون حق المستأنف عليها الثالثة (الطاعنة) قاصراً على 4.5 ط من 24 قيراطاً في المرتب المطلوب قسمته أي ما يعادل مبلغ 31 ج و650 م لكن المستأنفين طلبوا تعديل الحكم إلى مبلغ 32 ج و998 م ومن ثم يتعين تعديل الحكم المستأنف إليه من رفض دعواها فيما زاد على ذلك" ولما كان الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من أن المطعون عليهم يستحقون في نصيب سكينه بنت أحمد ابن الواقف ما كان يستحقه والدهم لو كان حياً قد ناقض ما سبق أن قضى به الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية في 3/ 4/ 1945 بين الخصوم أنفسهم في نزاع قام بينهم بشأن استحقاق هذا النصيب بالذات وكان هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة لجميع المطعون عليهم لأنهم كانوا طرفاً فيه فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لمجيئه على خلاف ذلك الحكم يكون جائزاً عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 ولا يصح الاعتراض بأن ورثة مصطفى حسن العروسى لم يكونوا مختصمين بأنفسهم في الدعوى الأولى التي صدر فيها الحكم من المحكمة العليا الشرعية وأن اختصام والدهم في تلك الدعوى لا يجعل الحكم الصادر فيها بتحديد الاستحقاق في الوقف حجة عليهم لما هو مقرر من أن المستحق في الوقف لا يتلقى حقه من مورثه وإنما من الواقف مباشرة - ذلك أن المورث المذكور قد توفى في سنة 1954 أي بعد انتهاء الوقف الأهلي وصيرورته ملكاً للمستحقين فتلقى ورثته الحق عنه ميراثاً - ولم ينتقل إليهم عن طريق الوقف وبذلك يكون الحكم الصادر عليه حجة عليهم باعتبارهم خلفاً عاماً لمورثهم الذي كان طرفاً فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ انتهى كذلك إلى أن المطعون عليهم يستحقون في نصيب عائشة بنت محمد ابن أحمد ابن الواقف ما كان يستحقه والدهم لو كان حياً قد خالف أيضاً ما سبق أن قضى به الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية في 13 من نوفمبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 9 ملحق سنة 1946/ 1947 من عدم استحقاق المطعون عليهم شيئاً في هذا النصيب وانحصاره في الطاعنة وأختها زينب - إلا أنه لما كان الحكم السابق لا تكون له الحجة إلا بالنسبة لمن كانوا خصوماً فيه - وكان الثابت على ما تقدم ذكره أن هذا الحكم قد صدر ضد المطعون عليهم الأولى والثانية والرابع - فإنه يعتبر حجة عليهم وحدهم دون باقي المطعون عليهم الذين لم يمثلوا فيه، ولا يغير من ذلك أن نظار الوقف كانوا مختصمين في تلك الدعوى لأن وكالة ناظر الوقف عن المستحقين لا تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق مما ينبني عليه أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف ومنفذاً لكتاب الواقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم - لما كان ذلك، فإنه في خصوص النزاع على نصيب المرحومة عائشة فإن الطعن بالنقض للتناقض لا يكون جائزاً إلا بالنسبة للمطعون عليهم - الأولى والثانية والرابع - الذين كانوا طرفاً في الحكم الشرعي آنف الذكر دون الباقين، ولما كان قرار القسمة لا حجية له أيضاً على هؤلاء الآخرين لصدوره من هيئة التصرفات في حدود سلطتها الولائية دون أن تعرض للفصل في أية خصومة بين الطرفين فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه للتناقض يكون غير جائز بالنسبة للمطعون عليهم الثالث والخامس والسادس والسابعة وذلك عما قضى به ذلك الحكم في خصوص أيلولة نصيب عائشة.
وحيث إنه لا وجه لما يثيره المطعون عليهم في مذكرتهم من أن الحكم الشرعي الصادر في 3 من إبريل سنة 1945 وقد اقتصر على تفسير شرط الواقف ولم يفصل في نزاع على الاستحقاق فإنه لا يعتبر حكماً قضائياً وإنما حكم بفتوى قضائية وبالتالي لا يحوز قوة الأمر المقض وأن الأحكام الشرعية الثلاثة المقول بمخالفة الحكم المطعون فيه لها قد صدرت من جهة قضائية غير الجهة التي صدر منها الحكم الأخير بما ينتفي معه تطبيق المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 لما يلزم لانطباقها من أن يكون الحكمان المدعي بقيام التناقض بينهما صادرين من جهة قضائية واحدة، لا وجه لهذا الدفاع بشقيه ذلك أن ما كانت تصدره المحاكم القضائية الشرعية من تفسير شروط الواقفين يعتبر أحكاماً لها حجية على من كان ممثلاً فيها - هذا إلى أن المطعون عليهم قد نازعوا الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المرفوع منهم في الاستحقاق في نصيب المرحومة سكينه وادعوا أنهم يستحقون فيه وصدر الحكم فاصلاً في هذه الخصومة - كما أن الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية في حدود ولايتها تحوز قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية - ولما كانت المحاكم الشرعية مختصة بالفصل في دعاوي الاستحقاق في الوقف طبقاً للمادة 8 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فإن قضاءها النهائي في هذه الدعاوى تكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية.
وحيث إنه لا وجه أيضاً لما يتحدى به المطعون ضدهم من اختلاف السبب في دعويي الاستحقاق الشرعيتين عنه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بمقولة أن الحق المدعى به في الدعويين الشرعيتين كان يستند إلى كتاب الوقف في حين أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باستحقاق المطعون عليهم في نصيب كل من سكينه وعائشة على سبب آخر للاستحقاق مستقل عن كتاب الوقف هو الحق الذي أنشأه لهم نص المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 والذي لم يسبق طرح نزاع بشأنه بين الخصوم وأنه متى كان الحكم المطعون فيه قائماً على هذا السبب الجديد وكان هذا السبب كافياً لحمل الحكم فإنه لا يجدي بعد ذلك تعييبه بأنه خالف في موضع آخر منه حكماً نهائياً سابقاً وما دام هذا التعييب غير منتج فإنه لا يكون من شأنه أن يفتح باب الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه حتى ولو كان قد أخطأ في تفسيره لنص المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 الذي اعتبره سبباً جديداً لاستحقاق المطعون عليهم ذلك أن الحكم صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية ولا يجوز الطعن فيه لمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله، لا وجه لهذا التحدي ذلك أن المستفاد من سياق عبارات الحكم أنه أقيم أساساً على تفسيره لكتاب الوقف تفسيراً مخالفاً لما سبق أن قضت به المحكمة الشرعية وأنه لم يتخذ من المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 الآنف ذكرها إلا مجرة حجة لتدعيم النظر الذي انتهى إليه - مما ينتفي معه القول باختلاف السبب - على أنه لو صح ما يقول به المطعون عليهم من أن الحكم قد قصد إلى أن يتخذ من المادة المذكورة سبباً جديداً مستقلاً عن كتاب الوقف فإن ذلك لا يحول دون إعمال محكمة النقض لرقابتها للتحقق مما إذا كان هذا السبب هو سبب حقيقي تتحقق به المغايرة في سبب الدعوى أو أنه مجرد سبب ظاهري أريد به الحيلولة دون الدفع بحجية الأمر المقضي فلا تقوم به هذه المغايرة - لما كان ذلك، وكانت المادة الثالثة من قانون إنهاء الوقف الأهلي رقم 180 لسنة 1952 إذ نصت على أنه "أن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقة المستحقين الحاليين كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق" وإذ صرحت المذكرة الإيضاحية في تعليقها على هذه المادة أنه رؤى في الوقف المرتب الطبقات أن تؤول الملكية إلى المستحقين الحاليين فيه وإلى ذرية من مات من ذوي الاستحقاق لأن هذه الذرية كانت محجوبة على سبيل التوقيت ومن العدل ألا يترتب على هذا الحجب أثره بالنسبة لتملك الوقف. فإن مفاد ذلك أن هذا النص لا ينطبق إلا على الوقف المرتب الطبقات ترتيباً جملياً لأن هذا الوقف هو الذي تحجب فيه ذرية من مات من أهل الطبقة المستحقة إلى أن تنقرض طبقة أصلهم وهذه الذرية هي التي عنتها المذكرة الإيضاحية بقولها إنها كانت محجوبة على سبيل التوقيت ورأى المشرع من العدل ألا يمنعها هذا الحجب المؤقت من أخذ حصة أصلها في الاستحقاق بعد إنهاء الوقف لأن هذه الحصة كانت ستؤول إليها بعد انقراض طبقة أصلها لو ظل الوقف قائماً ولم يصدر قانوناً بإنهائه وبصيرورة ما ينتهي منه ملكاً للمستحقين الحاليين، أما في الوقف المرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً فلا تحجب فيه ذرية من مات من أهل الطبقة المستحقة بل يؤول نصيب كل من مات من هذه الطبقة إلى ذريته وبذلك فلن تضار هذه الذرية بصدور ذلك القانون، ولما كان الوقف لا يكون مرتب الطبقات ترتيباً جملياً إلا بنص صريح قاطع من الواقف على ذلك إذ نص المشرع في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 على أن جميع الأوقاف المرتبة الطبقات يعتبر ترتيبها إفرادياً بمعنى أنه لا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه وما كان سيستحقه إلى فرعه ولو لم ينص الواقف في كتاب وقفه على هذا، كما نصت المادة 58 من قانون الوقف المذكور على أنه لا يعمل بأحكام بعض مواده ومنها المادة 32 سالفة الذكر إذا كان في كتاب الوقف نص يخالفها فإن مؤدى هذين النصين أن كل وقف مرتب الطبقات على الذرية يعتبر مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً إلا إذا نص الواقف صراحة على أنه جعل الواقف مرتباً ترتيباً جملياً - لما كان ذلك، وكان الواضح مما أثبته الحكم المطعون فيه في أسبابه أن الوقف مثار النزاع يعتبر مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً فإن حكم المادة الثالثة آنفة الذكر لا تنطبق في خصوصه ولا تعطي المطعون ضدهم حقاً جديداً في الاستحقاق ومن ثم يكون الاعتماد على هذا النص باعتباره سبباً جديد لاستحقاق هؤلاء المطعون ضدهم غير صحيح ومتى انتفى قيام هذا السبب انتفى بالتالي القول بحصول تغيير في سبب الدعوى يبرر مخالفة الحكم السابق.
وحيث إن المطعون عليهما الثانية والخامس دفعا بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلانه بمقولة إن المطعون عليهما حسن ومنى ولدي مصطفى حسن العروسى بلغا سن الرشد ورفعت عنهما الوصاية قبل التقرير بالطعن ومع ذلك فقد اختصمتهما في هذا التقرير في شخص والدتهما بصفتهما وصياً عليهما مع أن صفتهما في النيابة عنهما قد زالت ببلوغهما سن الرشد فإن الطعن يكون باطلاً بالنسبة إليهما - وأنه لما كان النزاع صدر فيه الحكم المطعون فيه غير قابل للتجزئة - فإنه يترتب على بطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهما المذكورين بطلانه بالنسبة للجميع.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه وإن كان صحيحاً أن الطاعنة قد وصفت المطعون عليه حسن مصطفى العروسى في تقرير الطعن بأنه قاصر ووجهت إليه الطعن في شخص والدته بوصفها وصيا عليه، وذلك بعد زوال صفتها في تمثيله لبلوغه سن الرشد ورفع الوصاية عنه قبل صدور الحكم المطعون فيه على ما تفيده المستندات المقدمة بملف الطعن من المطعون عليها الثانية إلا أنه قد تم إعلانه بالطعن - بعد ذلك - بناء على قرار من المحكمة - وقد أعلن في شخصه بوصفه بالغاً وسلمت صورة إعلان التقرير إليه في موطنه - ولما كان في توجيه الإعلان إليه على هذا الوجه ما يكفي لتعريفه بالصفة الصحيحة التي اختصم بها في الطعن مما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب ذكر البيان المتعلق بصفته في تقرير الطعن - وكان وصفه في التقرير بأنه قاصر ليس من شأنه أن يجهل بشخصيته بعد أن ذكر في التقرير أنه ابن المرحوم مصطفى حسن العروسى - ولا يؤثر على صحة الإعلان حصوله بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أنه بعد صدور القانون رقم 106 لسنة 1962 المعدل له - لم يعد هذا الميعاد ميعاداً حتمياً بل أضحى مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجازه بطلان - أما عن المطعون عليها منى فإنه ليس في أوراق الطعن ما يدل على أنها بلغت سن الرشد بعد صدور الحكم المطعون فيه - لما كان ذلك، فإن الدفع بعدم قبول الطعن لبطلانه بالنسبة لهذين المطعون عليهما يكون متعيناً رفضه.
وحيث إنه متى كان الطعن جائزاً - في الحدود المتقدمة - وقد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يتعين نقض الحكم في خصوص أيلولة نصيب المرحومة سكينه بنت أحمد ابن الواقف بالنسبة لجميع المطعون عليهم ونقضه في خصوص أيلولة نصيب المرحومة عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف بالنسبة للمطعون عليهم الأولى والثانية والرابع وحدهم دون الباقين - وذلك لمجيء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص مخالفاً لما قضت به أحكام سابقة حازت قوة الأمر المقضي.
وحيث إنه لما كان الطعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول غير جائز في خصوص نصيب المرحومة عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف بالنسبة للمطعون عليهم الثالث والخامس والسادسة والسابعة كما سبق القول - لأنهم لم يكونوا خصوماً في الحكم الشرعي الثاني المشار إليه - فإنه يتعين بحث ما إذا كان الطعن بباقي الأسباب جائزاً بالنسبة إليهم أم لا.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلانه لفصله ضمناً في مسألة تتعلق باستحقاق في وقف لا تختص بنظرها المحكمة الجزئية ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 462 لسنة 1955 تنص على أن دعوى الاستحقاق في الوقف هي من اختصاص المحكمة الابتدائية ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر المحكمة الجزئية مختصة بنظر النزاع على الاستحقاق فإنه يجوز الطعن فيه بالنقض طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص إلا إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم - وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم المطعون فيه هو مخالفته قواعد الاختصاص النوعي فإنها طعنها بهذا السبب يكون غير جائز.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ أخذ بشرط في كتاب الوقف لا علاقة له بالنزاع كما طبق نصاً قانونياً لا ينطبق على الوقف موضوع الدعوى - ويتحصل السبب الرابع في أن الحكم المطعون فيه جاء باطلاً لعدم تدخل النيابة في الدعوى إعمالاً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955.
وحيث إن هذين السببين - مما لا يجوز الطعن بهما أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية حتى ولو كان البطلان المدعى به مما يتصل بالنظام العام وذلك لخروجهما عن الأحوال المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 وما نصت عليه المادة الثالثة منه.
وحيث إنه لما تقدم - يكون الطعن - فيما قضى به الحكم المطعون فيه في خصوص أيلولة نصيب المرحومة عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف غير جائز بجميع أسبابه - بالنسبة للمطعون عليهم الثالث والخامس والسادسة والسابعة.


[(1)] راجع نقض 15/ 4/ 1964 طعن 18 س 31 ق أحوال شخصية السنة 15 ص 550.
[(2)] راجع نقض 5/ 3/ 1964 طعن 231 س 29 ق السنة 15 ص 303.