أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 1248

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ المستشار محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

(180)
الطعن رقم 5 لسنة 30 القضائية

( أ ) استئناف. "الاستئناف المقابل".
لا يجوز رفع استئناف مقابل عن حكم غير الحكم موضوع الاستئناف الأصلي.
(ب) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
إجراءات نزع الملكية في ظل قانون المرافعات المختلط. قطعها للتقادم بالنسبة إلى ديون كل الدائنين المقيدة حقوقهم ابتداء من الوقت الذي ينضمون فيه إلى تلك الإجراءات عن طريق إعلانهم بها. عدم امتداد الانقطاع إلا للوقت الذي تكون فيه إجراءات نزع الملكية قائمة.
(ج) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
لا يترتب على عدم حصول الخصم على حكم ببطلان المرافعة في ظل قانون المرافعات المختلط منع سريان مدة التقادم المسقط. سريان مدة التقادم المسقط من تاريخ الإجراء الذي انقطع به.
(د) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
التنبيه الذي يقطع التقادم، وجوب اشتماله على إعلان المدين بالسند التنفيذي مع تكليفه بوفاء الدين، إنذار المدين الدائن بوقوع المقاصة بين دينهما كل منهما قبل الآخر، عدم اعتباره تنبيهاً قاطعاً للتقادم، الإخطار بانقضاء الدين لا يحمل معنى التكليف بأدائه.
(هـ) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". حكم. "حجية الأحكام". إثبات. "قرائن قانونية". "حجية الأمر المقضي".
حجية الحكم بعدم تقادم الدين لعدم اكتمال المدة، اعتبار الدين قائماً ولم يسقط إلى وقت صدور هذا الحكم، عدم منعها من صدور حكم آخر بتقادم الدين متى اكتملت مدة التقادم بعد صدور الحكم السابق.
(و) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". خلف. "خلف خاص". دائن.
للدائن استعمال حق مدينه في التمسك بالتقادم عن طريق الدعوى غير المباشرة شرط ذلك أن يكون دينه في ذمة المدين محقق الوجود على الأقل.
1 - لا يجوز رفع استئناف مقابل عن حكم غير الحكم الذي يتناوله الاستئناف الأصلي.
2 - إنه وإن كان صحيحاً في ظل قانون المرافعات المختلط أن إجراءات نزع الملكية تقطع التقادم بالنسبة إلى ديون كل الدائنين المقيدة حقوقهم ابتداء من الوقت الذي ينضمون فيه إلى تلك الإجراءات عن طريق إعلانهم بها، إلا أن انقطاع التقادم بهذا السبب لا يمتد إلا للوقت الذي تكون فيه إجراءات نزع الملكية قائمة، وهي لا تكون كذلك إذا مضي بين أي إجراء منها الذي يليه أو مضي آخر منها مدة التقادم المسقط.
3 - لو صح الرأي القائل بأن دعوى بطلان المرافعة (المقابلة لدعوى سقوط الخصومة في القانون القائم) يمكن أن ترد على إجراءات التنفيذ العقاري في ظل قانون المرافعات المختلط فإنه من المقرر على أي حال أنه لا يترتب على عدم حصول الخصم على حكم ببطلان المرافعة منع سريان مدة التقادم المسقط بل يعتبر التقادم سارياً ابتداء من تاريخ الإجراء الذي انقطع به.
4 - المقصود بالتنبيه الذي يقطع التقادم هو التنبيه المنصوص عليه في قانون المرافعات الملغي بالمادتين 384 أهلي و437 مختلط وفي قانون المرافعات القائم بالمادة 460 والذي يوجب المشرع اشتماله على إعلان المدين بالسند التنفيذي مع تكليفه بوفاء الدين. وإذ كان الإنذار الذي وجهه الطاعنون إلى المطعون عليها قد تضمن إعلانها بصورة رسمية بسيطة من الحكم الصادر بإلزام مورثتها بالدين مع إخبار المطعون عليها بوقوع المقاصة القانونية بين هذا الدين الذي أحيل إلى الطاعنين وبين الدين المقضى ضدهم بأدائه إلى مورثة المطعون عليها، فإن ذلك الإنذار لا يعتبر تنبيهاً قاطعاً للتقادم لأنه علاوة على أنه لا يشتمل على إعلان الصورة التنفيذية للحكم الصادر بإلزام مورثة المطعون عليها بالدين فإنه لا يتضمن تكليف المطعون عليها بالوفاء بل أن كل ما ينطوي عليه هو مجرد إخطار المدينة بسبق انقضاء دينها الذي في ذمتهم وديونهم قبلها نتيجة لوقوع المقاصة بين الدينين ولا يحمل الإخطار بانقضاء الدين معنى التكليف بأدائه.
5 - الحجية التي تثبت للحكم بعدم تقادم الدين لعدم اكتمال المدة هي أن الدين يعتبر قائماً ولم يسقط إلى وقت صدور هذا الحكم، ومن ثم فإن هذه الحجية لا تكون مانعاً من صدور حكم آخر بتقادم الدين متى اكتملت مدة التقادم بعد صدور الحكم السابق.
6 - مفاد المادة 387 من القانون المدني أن للدائنين استعمال حق مدينهم في التمسك بالتقادم ليصلوا بذلك إلى إبعاد الدائن الذي تقادم حقه عن مشاركتهم في قسمة أموال المدين. ويشترط لاستعمال الدائن حقوق مدينه وفقاً للمادة 235 مدني أن يكون دينه في ذمة المدين محقق الوجود على الأقل، فإن كان ذلك الدين محل نزاع فإنه لا يعد محقق الوجود إلا إذا فصل القضاء بثبوته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن السيدة أيلين خريستو اليونانية الجنسية توفيت بتاريخ 28 يوليه سنة 1940 وانحصر ميراثها في بنتها أميلى خريستو (المطعون عليها) التي قبلت الإرث بشرط الجرد عملاً بأحكام القانون اليوناني ثم استصدرت في 13 مارس سنة 1948 قراراً من الجهة القنصلية المختصة ببيع ما خلفته المورثة وهو أطيان زراعية مقدارها 58 فداناً و20 قيراطاً وقد تم بيع هذه الأطيان في الدعوى رقم 151 سنة 1950 بيوع كلي المنصورة ورسا مزادها بملغ 11780 ج وبتاريخ 22 فبراير سنة 1956 صدر أمر قاضي التوزيع بفتح إجراءات التوزيع عن ذلك المبلغ وبعد أن تقدم دائنو التركة بطلباتهم فيه أصدر القاضي بتاريخ 11 يوليه سنة 1956 قائمة التوزيع المؤقتة متضمنة ترتيب درجات الدائنين المقيدة حقوقهم وبيان حقوق الدائنين العاديين - بخلاف ما لهؤلاء وأولئك من فوائد أو مصروفات لم يتم تقديرها - وذلك على الوجه التالي: أولاً - الدائنون المقيدة حقوقهم 1 - المطعون عليها بصفتها حالة محل الدائنة إيزابيل طميا بمبلغ 2004 ج و705 م، 2 - السيدة عزيزة شكري بمبلغ 569 ج و61 م، 3 - المطعون عليها بصفتها حالة محل بنك باركليز بمبلغ 845 ج و352 م، 4 - المطعون عليها بصفتها حالة محل ورثة صوفي قسيس بمبلغ 2000 ج، 5 - المطعون عليها بصفتها حالة محل فوتيييه هليبا بمبلغ 2528 ج، ثانياً - الدائنون العاديون 1 - السيد/ مناحم كوهين (الذي يمثله الطاعن الأول) أو ورثة فركوح المحال لهم الدين (الطاعنون من الثاني إلى التاسعة) بمبلغ 222 ج و990 م. 2 - المطعون عليها حالة محل محمد محمود القاضي بمبلغ 272 ج و380 م. 3 - المطعون عليها حالة محل ورثة صوفي قسيس بمبلغ 290 ج. 4 - المطعون عليها حالة محل مصلحة الأموال المقررة بمبلغ 49 ج و676 م، وبالجلسة المحددة لمناقشة القائمة ناقضت المطعون عليها في دين كل من عزيزة شكري ومناحم كوهين طالبة استبعاد الدينين لسقوطهما بالتقادم، كما ناقض مناحم كوهين وورثة فركوح الذي حال لهم دينه في كافة الديون التي أدرجت للمطعون عليها بقائمة التوزيع تأسيساً على سقوطها بالتقادم أيضاً، وأحيلت المناقضتان إلى محكمة المنصورة الابتدائية وقيدتا بجدولها برقم 621 سنة 1956 وأمام هذه المحكمة طلب ورثة حبيب فارس (الطاعنون من العاشر إلى الأخير) التدخل منضمين إلى مناحم كوهين وورثة فركوح (سائر الطاعنين) في مناقضتهم في ديون المطعون عليها تأسيساً على أن المدينة كانت قد باعت عن نفسها وبصفتها وصياً على أولادها (ومنهم المطعون عليها) إلى نجيب وشاكر وعبد المسيح فركوح (مورثي الطاعنين من الثاني إلى التاسع) 83 فداناً أطياناً زراعية وقد أخذ طالبوا التدخل جزء من الأطيان المبيعة بطريق الشفعة، ثم حكم للمطعون عليها ببطلان عقد البيع بالنسبة إلى حصتها وهي الربع في القدر المبيع وذلك لعدم حصول البائعة على إذن من الجهة القنصلية وقد نفذ هذا الحكم بتسليم المطعون عليها مقدار حصتها سواء فيما كان قد آل إلى طالبي التدخل بطريق الشفعة أو فيما كان باقياً للمشترين (ورثة فركوح) وذكر طالبو التدخل أنهم رفعوا الدعوى 856 سنة 1956 كلي المنصورة على المورثة بطلب رد ثمن ما استحق تحت أيديهم مع التعويض وما زالت دعواهم بذلك منظورة أمام القضاء كما ذكر ورثة فركوح أنهم كانوا قد باعوا باقي الأطيان إلى جورج أفيروف وآخرين وأن هؤلاء أقاموا عليهم الدعوى رقم 30 سنة 1949 كلي المنصورة برد الثمن والتعويض بالنسبة إلى حصة المطعون عليها التي استحقتها فيما بيع إليهم، فإذا ما قضى ضدهم (ضد ورثة فركوح) في هذه الدعوى حق لهم الرجوع بالضمان على تركة البائعة لهم، دفعت المطعون عليها بعدم قبول المناقضة المرفوعة ضدها شكلاً وطلبت إلزام المناقضين وطالبي التدخل بالفوائد القانونية عن ديونها لما ترتب على مناقضتهم من تأخير الصرف إليها مستندة في ذلك إلى المادة 782 من قانون المرافعات وفي 14 نوفمبر سنة 1956 قضت المحكمة بعدم قبول مناقضة كوهين وورثة فركوح وطالبي التدخل شكلاً وبرفض طلب المطعون عليها للفوائد وبقبول مناقضة المطعون عليها شكلاً ورفضها موضوعاً، استأنف الطاعنون هذا الحكم فيما قضى به ضدهم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 338 سنة 8 ق، كما استأنفته المطعون عليها فيما قضى به من رفض مناقضتها في ديني مناحم كوهين وعزيزة شكري بالاستئناف رقم 336 سنة 8 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بجلسة 8 إبريل سنة 1957 في استئناف الطاعنين بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول مناقضة كوهين وورثة فركوح شكلاً وقبول تدخل ورثة حبيب فارس خصوماً منضمين إلى المناقضين الأصليين وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لتقضي في موضوعها، وفي استئناف المطعون عليها بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به في مناقضتها في دين عزيزة شكري واستبعاد هذا الدين من القائمة لسقوطه بالتقادم وبوقف النظر في هذا الاستئناف بالنسبة لما قضى به الحكم المستأنف في مناقضة المستأنفة (المطعون عليها) في دين مناحم كوهين المحال لورثة فركوح حتى تفصل محكمة أول درجة في مناقضة هؤلاء فيما للمستأنفة من ديون. ولما عرضت مناقضة الطاعنين على محكمة أول درجة طلبت المطعون عليها (المناقض ضدها) الحكم برفضها كما عادت إلى طلب إلزام المناقضين بالفوائد وفي 25 ديسمبر سنة 1957 قضت هذه المحكمة برفض الدعوى وقالت في أسباب حكمها عن طلب الفوائد أنها استنفدت ولايتها بشأنه في حكمها السابق، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 سنة 10 ق وقررت محكمة الاستئناف ضمه إلى الاستئناف رقم 336 سنة 8 ق بعد أن عجلته رافعته (المطعون عليها) ثم قضت في 6 ديسمبر سنة 1959 في هذا الاستئناف الأخير بإلغاء الحكم المستأنف واستبعاد دين مناحم كوهين والمحال فيه إلى ورثة فركوح من قائمة التوزيع وفي استئناف الطاعنين رقم 8 سنة 10 ق بتأييد الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليها فوائد بواقع 4% عما يخصها في التوزيع النهائي وأقامت المحكمة قضاءها بذلك على الأسباب التي أوردتها كما أحالت إلى ما لا يتعارض مع أسبابها من أسباب الحكم الابتدائي - طعن الطاعنون في ذلك الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 23 يونيه سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة بالرأي الذي أبدته بمذكرتها بطلب نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الأسباب الثاني والثالث والخامس، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره أمامها جلسة 29 أكتوبر سنة 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ويقولون في بيان ذلك أنه ضمن قضاءه في الاستئنافين المنضمين رقم 336 سنة 8 ق، ورقم 8 سنة 10 ق إلغاء الحكم الابتدائي الصادر في 14 نوفمبر سنة 1956 فيما قضى به من رفض طلب المطعون عليها للفوائد عن ديونها وإلزام الطاعنين بها بواقع 4% سنوياً، وذلك على اعتبار أن المطعون عليها استأنفت ذلك الحكم في شأن الفوائد بالطلب الذي أبدته في مذكرتيها المقدمتين لجلستي 7 أكتوبر، 6 ديسمبر سنة 1959 هذا في حين أن المطعون عليها اقتصرت في استئنافها رقم 336 سنة 8 ق على الطعن في الحكم المشار إليه فيما قضى به من رفض مناقضتها ولم تضمن صحيفته استئنافاً عن قضائه برفض طلبها للفوائد - كما أنه لا يجوز لها أن تستأنف ذلك الحكم في خصوص الفوائد استئنافاً مقابلاً للاستئناف رقم 8 سنة 10 ق المرفوع من الطاعنين عن الحكم الآخر الصادر في 5 ديسمبر سنة 1957 برفض مناقضتهم في ديون الطاعنة لأن هذا الحكم لم يقض بشيء في خصوص تلك الفوائد كما لا يمكن اعتبار ما ورد في المذكرتين المشار إليهما بالحكم المطعون فيه استئنافاً مقابلاً لاستئناف الطاعنين رقم 338 سنة 8 ق لأن هذا الاستئناف كان قد انتهى أمره بالفصل فيه بتاريخ 8 إبريل سنة 1957 هذا علاوة على أن ما أوردته المطعون عليها بمذكرتيها اللتين أشار إليهما الحكم المطعون فيه لا يمكن اعتباره استئنافاً مقابلاً لأنها لم تصرح فيه باستئناف الحكم الصادر في شأن الفوائد وتطلب إلغاءه كما لم تبين تاريخه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن هناك استئنافاً صحيحاً مرفوعاً من المطعون عليها عن قضاء الحكم الابتدائي برفض طلب الفوائد وفصل في موضوعه فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الوقائع السالف بيانها أن الحكم الابتدائي الصادر في 14 نوفمبر سنة 1956 قضى بعدم قبول مناقضة الطاعنين شكلاً وبرفض طلب المطعون عليها للفوائد عن مدة التقاضي كما قضى برفض مناقضة المطعون عليها في دين مناحم كوهين (الطاعن الأول) وفي دين عزيزة شكري، وإن الطاعنين استأنفوا هذا الحكم فيما قضى به ضدهم باستئناف أصلي قيد برقم 338 سنة 8 ق كما استأنفته المطعون عليها باستئناف أصلي آخر قيد برقم 336 سنة 8 ق وقصرت استئنافها - كما يبين من الصورة الرسمية لصحيفته المقدمة من الطاعنين - على ما قضى به الحكم من رفض مناقضتها ولم تضمن هذه الصحيفة طعناً ما في قضاء الحكم برفض طلبها الفوائد كما لم تطلب من محكمة الاستئناف الحكم لها بهذا الطلب، وقد قررت المحكمة ضم الاستئنافين وقضت بحكمها الصادر في 8 إبريل سنة 1958: أولاً - في استئناف الطاعنين بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول مناقضة الطاعنين الأولين (مناحم كوهين وورثة فركوح) شكلاً وبقبول تدخل الطاعنين الآخرين (ورثة حبيب فارس) كمناقضين منضمين للطاعنين السابقين وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. ثانياً - في استئناف المطعون عليها في شقه الموجه إلى عزيزة شكري بإلغاء الحكم المستأنف وباستبعاد دين هذه الأخيرة من قائمة التوزيع لسقوطه بالتقادم وفي شقه الآخر - الذي حدده الحكم بأنه خاص بالمناقضة في دين مناحم كوهين - بوقف النظر فيه حتى تفصل محكمة أول درجة في موضوع مناقضة الطاعنين في ديون المطعون عليها التي أعيدت إلى تلك المحكمة، ولما كانت المطعون عليها لم تضمن استئنافها رقم 336 سنة 8 ق أي طعن فيما قضى به الحكم الابتدائي ضدها من رفض طلب الفوائد كما أنها لم ترفع عن هذا الشق من الحكم استئنافاً مقابلاً للاستئناف رقم 338 سنة 8 ق الذي أقامه الطاعنون عما قضى به ذلك الحكم ضدهم من عدم قبول مناقضتهم شكلاً وكان من المقرر أنه لا يجوز رفع استئناف مقابل عن حكم غير الحكم الذي يتناوله الاستئناف الأصلي. لما كان ذلك، وكان يبين أيضاً أن محكمة أول درجة قضت فيما بعد بجلسة 25 ديسمبر سنة 1957 في موضوع مناقضة الطاعنين برفضها فاستأنف الطاعنون قضاءها هذا بالاستئناف رقم 8 سنة 10 ق الذي ضمته المحكمة إلى استئناف المطعون عليها رقم 336 سنة 8 ق بعد تعجيله، فإن الحكم المطعون فيه إذ ضمن قضاءه في هذين الاستئنافين الحكم بإلغاء الحكم الابتدائي السابق صدوره في 14 نوفمبر سنة 1956 في شأن ما قضى به من رفض طلب المطعون عليها للفوائد وإلزام الطاعنين بها، فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون في ذلك الخصوص لتعرضه لشق من الحكم الابتدائي المشار إليه لم يكن مطروحاً على محكمة الاستئناف لا باستئناف أصلي ولا باستئناف مقابل صحيح وأصبح قضاء الحكم الابتدائي في شأنه حائزاً لقوة الشيء المقضي، أما ما جاء بالحكم المطعون فيه من أن المطعون عليها أثارت طلب الفوائد في مذكرتيها المقدمتين في الاستئنافين رقمي 336 سنة 8 ق، و8 سنة 10 ق لجلستي 6 أكتوبر، 9 ديسمبر سنة 1959 فإنه حتى ولو صح فرضاً أن المذكرتين تحتويان على البيانات التي تتطلبها المادة 413 مرافعات في الاستئناف المقابل الذي يرفع بمذكرة فإنه يكون استئنافاً غير مقبول لأنه ما كان يجوز للمطعون عليها أن ترفع استئنافاً عن الحكم الصادر في 14 نوفمبر سنة 1956 فيما قضى به من رفض طلب الفوائد مقابلاً للاستئناف الذي وقعه الطاعنون عن الحكم الآخر الصادر في 25 ديسمبر سنة 1957 برفض مناقضتهم موضوعاً كما لا يمكن اعتباره استئنافاً مقابلاً للاستئناف رقم 338 سنة 8 ق الذي كان قد رفعه الطاعنون عن حكم 14 نوفمبر سنة 1956 لأن هذا الاستئناف كان قد تم الفصل فيه بتاريخ 8 من إبريل سنة 1957 قبل تقديم المذكرتين آنفتى الذكر.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالأسباب الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب ويقولون في بيان ذلك إن المطعون عليها طلبت في مناقضتها في دين كوهين وورثة فركوح استبعاد هذا الدين لسقوطه بالتقادم فدفع الطاعنون لدى محكمة الموضوع بأن التقادم قد انقطع بعدة أسباب متتالية فلم تكتمل مدته إذ أنه بتاريخ 18 مايو سنة 1927 صدر الحكم بإلزام المدينة بأداء الدين إلى الدائن الأصلي كوهين، وفي 10 يونيه سنة 1927 نبه الدائن المحكوم له على المدينة تنبيهاً رسمياً بالوفاء، وفي 28 فبراير سنة 1935 أعلنت عزيزة شكري إلى الدائن المذكور إيداع قائمة شروط البيع في إجراءات نزع الملكية رقم 96 سنة 60 ق التي كانت تباشرها ضد المدينة وبذلك أصبح هذا الدائن طرفاً في تلك الإجراءات التي من شأنها قطع تقادم دينه وفي 25 من إبريل سنة 1946 أعلن ورثة فركوح إلى المطعون عليها صورة رسمية من الحكم الصادر بإلزام مورثتها بالدين مع صورة من عقد بحوالة حق الدائن إليهم وضمنوا الإعلان التنبيه على المطعون عليها بوقوع المقاصة القانونية بين الدين المحال لهم وبين الدين الذي عليهم للمدينة والمقضى به ضدهم في الاستئناف رقم 238 سنة 62 ق مختلط، وفي 4 يناير سنة 1949 قضت محكمة المنصورة المختلطة في الدعوى رقم 246 جدول عمومي 132 التي أقامها ورثة فركوح ضد المطعون عليها بطلب الحكم بإيقاع المقاصة بين الدينين برفض الدفع الذي أبدته المطعون عليها بتقادم دين ورثة فركوح المحال لهم من كوهين وأخيراً وبتاريخ 9 إبريل سنة 1956 قدم كوهين وورثة فركوح طلبهم في التوزيع الراهن، ويقول الطاعنون إنه على الرغم من تمسكهم بأسباب الانقطاع سالفة الذكر ومن أنه لم يمض بين كل سبب منها والسبب الذي يليه مدة خمس عشرة سنة فإن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط دينهم بالتقادم مخالفاً بذلك القانون، كما خالفه أيضاً فيما قرره من أن انقطاع التقادم الحاصل بإعلان كوهين بإجراءات نزع الملكية المتخذة من عزيزة شكري ضد مورثة المطعون عليها يترتب عليه سريان مدة التقادم الجديد ابتداء من تاريخ ذلك الإعلان الحاصل في 28 فبراير سنة 1935، وفيما قرره من أن قيام ورثة فركوح بإعلان المطعون عليها في 25 إبريل سنة 1946 بصورة رسمية من الحكم بالدين وحوالته مع التنبيه بوقوع المقاصة القانونية ليس من شأنه قطع التقادم خالف الحكم القانون في هذا وذاك إذ أن الدائنين المقيدة حقوقهم على العقار يصبحون طرفاً في إجراءات نزع الملكية من تاريخ إعلانهم بها ممن يباشرها فيكون من شأنها انقطاع التقادم الساري ضدهم واستمرار هذا الانقطاع إلى اليوم الذي تزول فيه تلك الإجراءات أو تعتبر أنها قد زالت، وفي ظل القانون المرافعات المختلط الذي يحكم واقعة الدعوى لم تكن الإجراءات تسقط إلا بمضي ثلاث سنوات وبشرط الحكم للخصم ببطلان المرافعة وإذ كانت المطعون عليها لم تحصل على حكم ببطلان المرافعة في الإجراءات التي صار كوهين طرفاً فيها فإن هذه الإجراءات تكون قد ظلت قائمة إلى وقت العمل بقانون المرافعات الجديد في 15 أكتوبر سنة 1949 ولم تمض من هذا التاريخ إلى وقت دخول كوهين وفركوح في التوزيع الحالي المدة اللازمة للتقادم المسقط، كذلك فإن إعلانه ورثة فركوح إلى المطعون عليها في 25 إبريل سنة 1946 بصورة من الحكم بالدين وبوقوع المقاصة القانونية يعتبر بمثابة تنبيه قاطع للتقادم لما ينطوي عليه هذا الإعلان من طلب استيفاء دين موجهي الإعلان من الدين الذي بذمتهم لمورثة المطعون عليها كما أنه من المقرر أن إعلان السند التنفيذي للمدين إعلاناً يفصح عن عزم الدائن على إجراء التنفيذ من شأنه أن يقطع التقادم، ويضيف الطاعنون إلى ذلك أنهم تمسكوا لدى محكمة الموضوع بأنهم وقد قضى في الدعوى رقم 246/ 132 سنة 72 ق المنصورة المختلطة، التي أقامها ورثة فركوح بطلب إيقاع المقاصة، برفض الدفع الذي أبدته المطعون عليها بتقادم دين طالبي المقاصة فإن الحكم برفض ذلك الدفع الذي تأيد في الاستئناف رقم 530 سنة 5 ق يكون حائزاً لقوة الشيء المقضي وحجة على أن الدين المذكور يعتبر قائماً إلى وقت صدور ذلك الحكم وإذا أغفل الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين في هذا الخصوص ولم يتناوله بأي رد فإنه يكون مشوباً بالقصور أيضاً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه وإن كان صحيحاً في ظل قانون المرافعات المختلط أن إجراءات نزع الملكية تقطع التقادم بالنسبة إلى ديون كل الدائنين المقيدة حقوقهم ابتداء من الوقت الذي ينضمون فيه إلى تلك الإجراءات عن طريق إعلانهم بها إلا أن انقطاع التقادم بهذا السبب لا يمتد إلا للوقت الذي تكون فيه إجراءات نزع الملكية قائمة، وهي لا تكون كذلك إذا مضى بين إي إجراء منها والذي يليه أو مضي على آخر إجراء فيها مدة التقادم المقسط، لما كان ذلك، وكان الطاعنون لم يقدموا إلى هذه المحكمة ما يثبت أنهم قدموا لمحكمة الموضوع ما يدل على اتخاذ إجراءات أخرى من إجراءات نزع الملكية بعد إعلانهم في 28 فبراير سنة 1935 من مطالبة نزع الملكية بإيداع قائمة شروط البيع فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون إذ اعتبر تاريخ هذا الإعلان مبدأ لمدة التقادم الجديد، ولا عبرة بما يقوله الطاعنون من أن إجراءات نزع الملكية قد ظلت باقية ما دام لم يقض ببطلان المرافعة فيها إبان سريان قانون المرافعات المختلط ذلك أنه حتى لو صح الرأي القائل بأن دعوى بطلان المرافعة (المقابلة لدعوى سقوط الخصومة في القانون القائم) يمكن أن ترد على إجراءات التنفيذ العقاري في ظل قانون المرافعات المختلط فإنه من المقرر على أي حال أنه لا يترتب على عدم حصول الخصم على حكم ببطلان المرافعة منع سريان مدة التقادم المسقط بل يعتبر التقادم سارياً ابتداء من تاريخ الإجراء الذي انقطع به كذلك فإنه لما كان المقصود بالتنبيه الذي يقطع التقادم هو التنبيه المنصوص عليه في قانون المرافعات الملغى بالمادتين 384 أهلي، 437 مختلط وفي قانون المرافعات القائم بالمادة 460 والذي يوجب المشرع اشتماله على إعلان المدين بالسند التنفيذي مع تكليفه بوفاء الدين وكان يبين من الإنذار الذي وجهه ورثة فركوح إلى المطعون عليها بتاريخ 25 إبريل سنة 1946 - والمقدم من الطاعنين بملف الطعن - أنه تضمن إعلانها بصورة رسمية بسيطة من الحكم الصادر بإلزام المورثة بالدين مع إخبار المطعون عليها بوقوع المقاصة القانونية بين هذا الدين الذي أحيل إلى ورثة فركوح وبين الدين المقضى ضد هؤلاء الورثة بأدائه إلى مورثة المطعون عليها فإن ذلك الإنذار لا يعتبر تنبيهاً قاطعاً لأنه علاوة على أنه لا يشتمل على إعلان الصورة التنفيذية للحكم الصادر بإلزام مورثة المطعون عليها بالدين فإنه لا يتضمن تكليف المطعون عليها بالوفاء بل إن كل ما ينطوي عليه هو مجرد إخطار المدينة بسبق انقضاء دينها الذي في ذمتهم وديونهم قبلها نتيجة لوقوع المقاصة بين الدينين، ولا يحمل الإخطار بانقضاء الدين معنى التكليف بأدائه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه من أن الإعلان المشار إليه لا يقطع التقادم كذلك فإنه لما كان يبين من الصورة الرسمية للحكم الصادر من محكمة المنصورة المختلطة بتاريخ 4/ 1/ 1949 في دعوى المقاصة التي أقامها ورثة فركوح أن المطعون عليها دفعت بتقادم دين هؤلاء المدعين كما تمسكت بعدم توافر شروط المقاصة وقضى الحكم برفض الدفع وبرفض الدعوى وأقام قضاءه في الدفع على مدة التقادم التي بدأت في سنة 1927 بصدور الحكم بإلزام مورثة المطعون عليها بالدين قد انقطعت في 28/ 2/ 1935 بإعلان الدائن الأصلي كوهين من قبل عزيزة شكري بإيداع قائمة شروط البيع في إجراءات التنفيذ ضد المدينة ولم يمض من ذلك التاريخ إلى وقت الحكم في دعوى المقاصة المدة اللازمة للتقادم المسقط، لما كان ذلك، وكانت الحجية التي تثبت للحكم بعدم تقادم الدين لعدم اكتمال المدة هي أن الدين يعتبر قائماً ولم يسقط إلى وقت صدور هذا الحكم ومن ثم فإن هذه الحجية لا تكون مانعاً من صدور حكم آخر بتقادم الدين متى اكتملت مدة التقادم بعد صدور الحكم السابق، لما كان ما تقدم، فإن الحكم الصادر في دعوى المقاصة برفض الدفع بتقادم دين ورثة فركوح لعدم اكتمال المدة لا يحول دون قضاء الحكم المطعون فيه بتقادم ذلك الدين بعد أن اكتملت المدة وبالتالي يكون غير منتج ما ينعاه الطاعنون على ذلك الحكم من قصوره عن الرد على دفاعهم في ذلك الخصوص. ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالأسباب الثلاثة المتقدمة بمخالفة القانون والقصور في التسبيب على غير أساس.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ويقولون بياناً لذلك إن حبيب فارس (مورث الطاعنين من العاشر إلى الأخير)، تمسك أمام محكمة أول درجة بطلب استبعاد دين المطعون عليها المحال لها من إيزابيل طمبا من قائمة التوزيع لعدم تقديم مستندة ورفض الحكم الابتدائي بحث هذا الدفاع تأسيساً على ما قاله من أن المناقض الأصلي (كوهين وفركوح) لم يبده فلا يجوز لحبيب فارس وهو الخصم المتدخل تدخلاً انضمامياً أن يتمسك به، وقد نعى الطاعنون في استئنافهم على الحكم الابتدائي خطأه في هذا الخصوص وأوضحوا لمحكمة الاستئناف أن ما أبداه الخصم المتدخل حبيب فارس من ذلك لا يعتبر طلباً جديداً بل هو وسيلة دفاع جديدة لتأييد طلب المناقض الأصلي باستبعاد ذلك الدين ولكن الحكم المطعون فيه لم يتناول دفاع الطاعنين في هذا الخصوص بأي رد فيكون لذلك معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم الابتدائي وإن جاء به أنه ليس للخصم المتدخل منضماً أن يطلب استبعاد الدين المشار إليه لعدم إيداع المستندات المؤيدة له ما دام أن المناقض الأصلي لم يبد ذلك في دفاعه إلا أنه قد ورد بتقريرات ذلك الحكم في خصوص الدين المذكور ما يلي "وبما أن الثابت من الاطلاع على القائمة المؤقتة المناقض فيها أنها خصت المناقض ضدها (المطعون عليها) بدرجة الرهن بصفتها حالة محل إيزابيل طمبا بموجب عقد قرض مصحوب برهن رسمي محرر بقلم رهون محكمة مصر المختلطة في 7/ 12/ 1925 وبموجب عقد حلول صادر من الدائن الأصلي بول كوماريانوس لصالح السيدة إيزابيل طمبا بتاريخ 13/ 1/ 1926 وحكم آخر صادر بتاريخ 28/ 1/ 1931 حلت بمقتضاه المناقض ضدها محل السيدة إيزابيل طمبا من المدعين في القضية رقم 1331 سنة 55 ق" وهذا الذي أورده الحكم عن ذلك الدين مطابق لما جاء عنه بقائمة التوزيع المؤقتة المقدمة صورتها الرسمية من الطاعنين بملف الطعن، ومؤدى ذلك حتماً أن قاضي التوزيع الذي أصدر القائمة قد نقل البيانات المتعلقة بالدين المذكور من مستندات قدمتها إليه المطعون عليها لتأييد طلبها إدراج ذلك الدين بالقائمة، وهي بعد مستندات كافية لهذا التأييد، لما كان ذلك، فإنه يكون غير منتج ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من قصوره عن البحث فيما أخذوه على الحكم الابتدائي من خطأ في رده على دفاعهم في ذلك الخصوص.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ويقولون في بيان ذلك إنهم تمسكوا لدى محكمة الموضوع بأن المطعون عليها وقد قبلت الإرث بشرط الجرد طبقاً لأحكام القانون اليوناني الواجب التطبيق فإنها تكون ملزمة إعمالاً للقواعد المقررة بذلك القانون بتصفية التركة وسداد ما عليها من الديون من ريع أعيانها ولا يكون لها أن تحصل لنفسها على شيء من الريع قبل ذلك لكن المطعون عليها - وخلافاً لتلك الأحكام - وضعت يدها على أطيان مورثتها من وقت وفاتها سنة 1940 إلى تاريخ بيع الأطيان بالمزاد في سنة 1950 فتعتبر بذلك أنها قد دفعت ما دفعته لدائني المورثة الذين أحالوا ديونهم إليها من ريع أعيان التركة ومن ثم لا يحق لها الرجوع بهذه الديون على التركة بالدخول بها في التوزيع في ثمن بيع أعيانها وإذ لم يتناول الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بالرد فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض مناقضة الطاعنين في الديون المحالة للمطعون عليها على الأسباب التي أوردوها وعلى الأسباب التي جاءت بالحكم الابتدائي غير متعارضة مع أسبابه، ولما كان يبين من الحكم الابتدائي أن مورث الطاعنين الثلاثة الأخيرين قد تمسك مع سائر الطاعنين بطلب استبعاد الديون المحالة للمطعون عليها تأسيساً على أنها أوفت تلك الديون من ريع أعيان تركة المدينة. وقد رفض الحكم هذا الدفاع من مورث الطاعنين المشار إليهم مستنداً في ذلك إلى أنه لم يقدم أي دليل عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتناول ذلك الدفاع في أسبابه يكون قد اتخذ من أسباب الحكم الابتدائي برفض الدفاع المذكور بالنسبة إلى مورث الطاعنين الثلاثة الأخيرين أسباباً له لعدم تعارضها مع ما أورده بأسبابه، لما كان ذلك، وكان سائر الطاعنين لم يقدموا إلى محكمة النقض ما يدل على أنهم قدموا إلى محكمة الموضوع أي دليل يثبت دفاعهم وهو ذات الدفاع الذي نفي الحكم تقديم الدليل عليه من جانب الفريق السابق من الطاعنين فإن ذلك الحكم إذ أقر الحكم الابتدائي على رفضه للدفاع المشار إليه بالنسبة إلى مورث الطاعنين الثلاثة الأخيرين لتجرده عن الدليل يكون قد أقيم على أسباب كافية لحمله ومبرءاً من القصور ولا يعيبه أنه لم يفرد أسباباً خاصة للرد على تمسك سائر الطاعنين بالدفاع ذاته ما دام لم يثبتوا أنهم تقدموا إلى محكمة الموضوع بالدليل على صحته.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالأسباب السابع والثامن والتاسع الخطأ في القانون ويقولون في بيان ذلك إن الحكم رفض دفاعهم بتقادم ديون المطعون عليها تأسيساً على أن الديون وإن أحيلت إليها بعد اكتمال مدة التقادم إلا أن قبولها للحوالة يعتبر إقراراً منها - وهي الوارثة الوحيدة للتركة - بالتنازل عن التمسك بالتقادم بعد ثبوت الحق فيه وأنه ليس لكوهين وورثة فركوح (الطاعنين من الأول إلى التاسعة) صفة في المناقضة في ديون المطعون عليها بعد أن صح لدى الحكم أن دينهم هم قد سقط بالتقادم، وأنه ليس لورثة حبيب فارس (الطاعنين من العاشر إلى الأخير) أن يطعنوا بأن تنازل المطعون عليها عن التمسك بالتقادم لا ينفذ في حقهم لأن دينهم عن التركة ما زال متنازعاً فيه ولم يصدر به حكم من القضاء ولأنهم من جهة أخرى لم يقيموا الدليل على أن ذلك التنازل كان نتيجة غش من المطعون عليها وممن أحالوا الديون لها ما دامت الحوالة بعوض، ويقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في كل هذا الذي قرره وبنى عليه قضاءه ذلك أن حوالة الديون وقد صدرت للمطعون عليها بصفتها الشخصية فإنه لا يجوز أن يؤخذ منها أن المطعون عليها قد نزلت عن التمسك بتقادم تلك الديون بصفتها وارثاً، وأنه لو جاز اعتبار الحوالة على تلك الصورة نزولاً من الوارث عن التقادم فإن هذا النزول لا ينفذ في حق الطاعنين طبقاً للمادة 388 من القانون المدني التي لا تشترط لعدم نفاذ نزول مدين عن التقادم في حق الدائنين إلا أن يكون النزول قد صدر إضراراً بهم وأنه لو صح أنه يشترط لتطبيق المادة 388 ما يشترط في دعوى عدم نفاذ التصرفات المنصوص عليها في المادة 238 من القانون المدني فإن حق ورثة حبيب فارس في ذمة مورثة المطعون يعتبر مستحق الأداء ولا ينفى عنه هذا الوصف عدم صدور حكم به من القضاء لأن الأحكام مقررة للحقوق لا منشئة لها فبصدور الحكم يعتبر الحق ثابتاً ومستحقاً من يوم نشوئه وترتبه في الذمة وليس من تاريخ القضاء به كما أنه لم يكن على ورثة حبيب فارس إثبات غش المطعون عليها والدائنين الذين أحالوا ديونهم لها لأن نزول المدين عن التمسك بتقادم الدين يعتبر - خلافاً لما ذهب إليه الحكم - تبرعاً فلا ينفذ في حق الدائنين ولو كان المدين لم يرتكب غشاً وكان من صدر النزول لصالحه حسن النية. ويرتب الطاعنون على ما تقدم جميعه أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ القانون فيما استند إليه من أسباب لرفض دفاعهم بتقادم الديون المحالة للمطعون عليها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى صحيحاً - على ما سلف بيانه في الرد على الأسباب الثاني والثالث والرابع - إلى استبعاد دين الطاعن الأول (كوهين) المحال للطاعنين من الثاني إلى التاسع (ورثة فركوح) بسقوط ذلك الدين بالتقادم، قال الحكم بعد ذلك "وبما أنه وقد انتهت المحكمة إلى القضاء في الاستئناف رقم 336 سنة 8 ق باستبعاد دين مناحم كوهين المحال إلى آل فركوح فقد انتفت صفة مناحم كوهين في المناقضة بيد أنه يبقى لآل فركوح وورثة حبيب فارس شأن في المناقضة فيما خلا الدين الآنف... وحيث إن هؤلاء يبنون استئنافهم على تقادم الديون المحالة إلى خصيمتهم (المطعون عليها) ولما أن نزولها عن التقادم لا ينفذ في حقهم لصدوره إضراراً بهم" ثم أردف الحكم ذلك ببيان ما لورثة فركوح وحبيب فارس من شأن في المناقضة بقوله "وبما أن الحال في الخصومة الماثلة أن ورثة حبيب فارس يذهبون في زعمهم بأن حقهم مستحق الأداء إلى أنه وقد قضى لخصيمتهم (المطعون عليها) بالملكية في 5 يونيه سنة 1945 فقد صار لهم منذ ذلك التاريخ حق مستحق الأداء في استرداد ما سبق أن أدوا من ثمن وفي التعويض من البائعة (مورثة المطعون عليها) وقد أقاموا فعلاً دعوى بذلك فلا يسوغ أن يضاروا بتأخير الفصل فيها كما يذهب ورثة فركوح إلى أنهم كانوا قد باعوا إلى جورج أفيرون وآخرين الأطيان التي سبق أن اشتروها من أم المستأنف ضدها (مورثة المطعون عليها) وقد قام المشترون منهم بتسليمها إياها نفاذاً للحكم ذاته ولأحكام أخرى ورفعوا عليهم الدعوى رقم 30 سنة 1949 كلي المنصورة لإلزامهم برد ثمن الأطيان والتعويض فإذا ما قضى ضدهم حق لهم الرجوع على خصيمتهم بصفتها وارثة للبائعة" ثم خلص الحكم من ذلك إلى أن الديون التي يدعيها ورثة فركوح وورثة حبيب فارس لأنفسهم على تركة المدينة بسبب استحقاق بعض الأطيان المبيعة من المدينة المذكورة تعتبر ديوناً متنازعاً فيها. ولما كانت المادة 387/ 1 من القانون المدني تنص على أنه "لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين" ومفاد ذلك أن للدائنين استعمال حق مدينهم في التمسك بالتقادم ليصلوا بذلك إلى إبعاد الدائن الذي تقادم حقه عن مشاركتهم في قسمة أموال المدين وكان يشترط لاستعمال الدائن حقوق مدينه وفقاً للمادة 235 مدني أن يكون دينه في ذمة المدين محقق الوجود على الأقل فإن كان ذلك الدين محل نزاع فإنه لا يعد محقق الوجود إلا إذا فصل القضاء بثبوته، لما كان ذلك، وكان استخلاص الحكم المطعون فيه أن الديون التي يدعيها الطاعنون من الثاني إلى الأخير لأنفسهم على تركة المدينة تعتبر ديوناً متنازعاً فيها ليس محلاً لنعي من الطاعنين المذكورين فإنه لا يكون لهم استعمال حق مدينتهم في التمسك بتقادم ديون دائنيها الآخرين، ولما كان هؤلاء الطاعنون يستهدفون من دفاعهم بأن حوالة الديون التي أحيلت للمطعون عليها بصفتها الشخصية لا تعتبر نزولاً منها بصفتها وارثاً عن التمسك بتقادم تلك الديون وأنها لو اعتبرت كذلك فإن هذا النزول ينفذ في حقهم يستهدفون من ذلك الوصول إلى التمسك بتقادم الديون المحالة للمطعون عليها وإذ كانت هذه الغاية يستحيل عليهم بلوغها لأن التمسك بتقادم تلك الديون لا يكون إلا باستعمالهم لحق مدينتهم في ذلك وهو ممتنع عليهم لأنهم أصحاب ديون متنازع فيها فإنه لذلك يكون غير منتج ما ينعاه الطاعنون على الحكم من أنه قد أخطأ فيما قرره من أن المطعون عليها بصفتها وارثاً تعتبر نازلة عن تقادم الديون المحالة لها وأن هذا النزول ينفذ في حق الطاعنين هذا بفرض أن الحكم قد أخطأ في شيء من تقريراته هذه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالأسباب العاشر والحادي عشر والثاني عشر على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ويقولون بياناً لذلك إن الطاعنين من الثاني إلى الأخير (ورثة فركوح وحبيب فارس) قد تمسكوا لدى محكمة الاستئناف بأن مجموع الديون المحالة للمطعون عليها تستوعب كامل أموال المدينة التي يجرى توزيعها وأن لهم على الأقل مصلحة احتمالية في التمسك بتقادم ديون المطعون عليها المذكورة لاستبعادها من قائمة التوزيع حتى إذا ما حكم لهم بعد ذلك بديونهم أمكنهم استيفاءها مما يبقى من أموال المدينة في ذلك التوزيع كما تمسكوا لدى تلك المحكمة أيضاً بخطأ الحكم الابتدائي فيما اعتبره أسباباً قاطعة للتقادم بالنسبة لدين المطعون عليها المحال لها من بنك باركليز وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على ذلك الدفاع كله فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وقد تقدم في الرد على الأسباب الثلاثة السابقة أن الدائن إنما يتمسك بتقادم ديون غيره من دائني مدينه بطريق الدعوى غير المباشرة وأنه ليس للطاعنين استعمال حق مدينتهم في التمسك بتقادم ما عليها من ديون للمطعون عليها فإنه يكون غير منتج ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور لعدم رده على دفاعهم بوجود مصلحة احتمالية لهم في تقادم ديون المطعون عليها أو بأن مدة التقادم لم تنقطع بالنسبة إلى هذه الديون أو بعضها.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه في خصوص ما ورد في السبب الأول ولما سلف بيانه.