أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 16 - صـ 23

جلسة 4 من مارس سنة 1965

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

(4)
الطلبان رقما 50 لسنة 28 ق و11 لسنة 29 ق "رجال القضاء"

( أ ) أهلية. تفتيش. ترقية.
عدم وجوب التفتيش على أعمال القضاة كل سنة. كفاية ما في ملفهم من تقارير وبيانات لتقدير درجة أهليتهم.
(ب) أهلية. ترقية.
تقدير درجة الأهلية. عدم اقتصاره على عنصر الكفاية الفنية وحده. شموله جميع العناصر الأخرى الواجب توافرها حتى تتحقق الأهلية ودرجاتها. تقدير التخطي
في الترقية ومداه منوط بالجهة الإدارية وبما يراه مجلس القضاء الأعلى. رأى المجلس ترقية الطالب في حركة تالية لا يدل على صلاحيته للترقية قبلها.
(ج) ترقية.
اعتبار الطلب الثاني المتعلق بحركة فبراير سنة 1959 مكملاً للطلبات السابقة عليه. مناطه الحالات التي تكون فيها الطلبات السابقة مقبولة وأن تخطي القاضي فيها كان بغير حق. كون الطلب الأصلي مرفوضاً وتعلق الطلب الثاني بتخطي زملاء آخرين للطالب يختلفون عن زملائه الذين تخطوه في الطلب الأول. خضوع الطلب الثاني لقانون السلطة القضائية.
(د) ترقية. اختصاص. مجلس القضاء الأعلى.
أناط القانون 56 لسنة 1959 الاختصاص بنظر التظلم من التخطي في الترقية في مشروع الحركة القضائية لمجلس القضاء الأعلى. امتناع الطعن في قرارات هذا المجلس.
1 - ليس في القانون ما يوجب التفتيش على أعمال القضاة قبل إعداد الحركة القضائية في كل سنة ومن ثم فإن إغفال التفتيش على عمل القاضي خلال سنة من السنين لا يمنع من أن يكون ما في ملفه من تقارير وبيانات كافياً لتقدير درجة أهليته تقديراً يطمئن إليه ويمكن معه مقارنة أهليته بأهلية زملائه مقارنة تقوم على أساس سليم.
2 - لا تقدر درجة الأهلية بعنصر الكفاية الفنية وحده بل بجميع العناصر الأخرى الواجب توافرها حتى تتحقق الأهلية ودرجاتها. وإذ كان يبين من ملف الطالب أن وزير العدل قد وجه إليه تنبيهاً لبعض تصرفات وقعت منه مخالفة لواجبات ومقتضيات وظيفته كقاضي ولم يتظلم من هذا التنبيه وما حواه الملف من بيانات وأوراق، أن تخطية الطالب في الترقية بالقرار المطعون فيه له ما يبرره فإن هذا القرار لا يكون مخالفاً للقانون ولا مشوباً بسوء استعمال السلطة ولا يغير من ذلك ترقية الطالب في حركة تالية لأن تقدير التخطي ومداه منوط بالجهة الإدارية وبما يراه مجلس القضاء الأعلى متى كان لهذا التخطي في حركة أو أكثر ما يبرره فإذا رأى مجلس القضاء الأعلى ترقيته بعد ذلك فإن هذا القرار إن دل على صلاحية الطالب للترقية في تلك الحركة فإنه لا يدل على صلاحيته للترقية قبل ذلك.
3 - لئن جرى قضاء محكمة النقض على اعتبار الطلب الثاني المتعلق بالحركة القضائية الصادرة في فبراير سنة 1959 مكملاً للطلبات السابقة عليه إلا أن ذلك لا يكون إلا في الحالات التي رأت فيها هذه المحكمة أن الطلبات السابقة مقبولة وأن تخطي القاضي فيها كان بغير حق، أما حيث يكون الطلب الأول مرفوضاً ويكون الطلب الثاني متعلقاً بتخطي زملاء آخرين للطالب يختلفون عن زملائه الذين تخطوه في الطلب الأول فإن الطلب الثاني يكون منبت الصلة بطلبه الأول ويخضع الطلب الثاني - على استقلال - لحكم القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية.
4 - عقد القانون رقم 56 لسنة 1959 الصادر في شأن السلطة القضائية الاختصاص بنظر التظلم من التخطي في الترقية في مشروع الحركة القضائية لمجلس القضاء الأعلى، ويكون قراره فيه نهائياً غير قابل لأي طريق من طرق الطعن أو أمام أية جهة قضائية. وإذا كان القرار الجمهوري الصادر في 23 فبراير سنة 1955 قد صدر في الحدود المبينة بالمادة 23 من مواد إصدار قانون السلطة القضائية فلا يجوز الطعن فيما تضمنه في شأن الترقية لأنه يعتبر بمثابة ما يصدر في ذلك الشأن من قرارات يختص بها مجلس القضاء الأعلى ولا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن أو أمام أية جهة قضائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطالب قدم طلباً بتاريخ 14 أكتوبر سنة 1958 طلب فيه إلغاء القرار الجمهوري الصادر بتاريخ 15 سبتمبر سنة 1958 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها وأحقيته في الترقية إلى تلك الدرجة اعتباراً من تاريخ القرار المطعون فيه على أن تكون أقدميته سابقة على الأستاذ... وكيل المحكمة الذي رقي في ذلك القرار، وقيد طلبه هذا بجدول المحكمة برقم 50 سنة 28 ق طلبات رجال القضاء - وأثناء نظر هذا الطلب صدر قرار جمهوري آخر في 23 فبراير سنة 1959 بترقية عدد آخر من زملائه إلى درجة رؤساء محاكم فطلب إلغاءه أيضاً فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها وأحقيته لهذه الدرجة اعتباراً من تاريخ القرار المطعون فيه على أن تكون أقدميته قبل السيد رئيس المحكمة... وقيد هذا الطلب بجدول المحكمة برقم 11 سنة 29 ق طلبات رجال القضاء وقررت المحكمة ضم الطلبين لبعضها.
عن الطلب الأول رقم 50 سنة 28 ق:
وحيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطالب بنى طلبه هذا على الخطأ في القانون وسوء استعمال السلطة، ويقول في بيان ذلك إن القانون أوجب التفتيش على أعمال القاضي مرة على الأقل سنوياً ولكن وزارة العدل لم تجر التفتيش على أعماله خلال سنة 1958 رغم أنه طلب ذلك ورغم خلو ملفه مما يدل على تقدير أهليته وأن امتناع الوزارة عن إجراء التفتيش يعتبر مخالفاً للقانون مما يعيب القرار المطعون فيه. كما أن من رقي من زملائه وتخطوه بذلك في الترقية لا يمتازون عنه في درجة الأهلية إذ أن بعضهم لم يحصل إلا على تقرير واحد بدرجة فوق المتوسط وقد حصل هو على تقرير مماثل بعد صدور الحركة القضائية وعن مدة سابقة على إجرائها مما يتساوى به مركزه مع هؤلاء الزملاء، وفي ذلك إساءة لاستعمال السلطة، واستدل الطالب على ذلك بأن الوزارة كانت قد رأت تخطيه في مشروع الحركة القضائية التي أعدتها في يوليه سنة 1959 فتظلم إلى مجلس القضاء الأعلى الذي قبل تظلمه وأقر ترقيته إلى درجة رئيس محكمة مما يرى معه أن المجلس أطرح الأسباب التي نسبتها إليه الوزارة وتخطته من أجلها في القرار المطعون فيه.
وحيث إن وزارة العدل دفعت هذا الطلب بأن الطالب لم يبلغ درجة الأهلية التي بلغها زملاؤه الذين تخطوه في القرار المطعون فيه وأن تخطيه يرجع إلى اعتبارات ثابتة بالملف السري وأنه لذلك لا يشوب القرار المطعون فيه خطأ في القانون ولا إساءة في استعمال السلطة.
وحيث إن النيابة العامة أبدت رأيها بأن بعض من رقوا في القرار الجمهوري السالف بيانه قد حصلوا على تقرير واحد بدرجة فوق المتوسط وأن الطالب قد حصل على تقرير واحد بذات الدرجة بعد صدور ذلك القرار وعن مدة سابقة عليه وفوضت الرأي للمحكمة.
وحيث إنه ليس في القانون ما يوجب التفتيش على أعمال القضاة قبل إعداد الحركة القضائية في كل سنة وأن إغفال التفتيش على عمل القاضي خلال سنة من السنين لا يمنع من أن يكون ما في ملفه من تقارير وبيانات كافياً لتقدير درجة أهليته تقديراً يطمئن إليه ويمكن معه مقارنة أهليته بأهلية زملائه مقارنة تقوم على أساس سليم. ولما كانت درجة الأهلية لا تقدر بعنصر الكفاية الفنية وحده بل بجميع العناصر الأخرى الواجب توافرها حتى تتحقق الأهلية ودرجاتها وكان الثابت بالملف السري للطالب أن السيد وزير العدل قد وجه إليه تنبيها في 22/ 8/ 1956 لبعض تصرفات وقعت منه مخالفة لواجباته ومقتضيات وظيفته كقاض، ولم يتظلم من هذا التنبيه وإذ يبين لهذه المحكمة مما حواه ملف الطاعن من بيانات وأوراق بما فيها التنبيه المتقدم أن تخطيه في الترقية بالقرار المطعون فيه له ما يبرره، فإن ذلك القرار لا يكون مخالفاً للقانون ولا مشوباً بسوء استعمال السلطة ولا يغير من ذلك أن مجلس القضاء الأعلى قد قبل تظلمه وأقر ترقيته في الحركة التي أعدت في يوليه سنة 1959، ذلك أن تقدير التخطي ومداه منوط بالجهة الإدارية وبما يراه مجلس القضاء الأعلى متى كان لهذا التخطي في حركة أو أكثر ما يبرره، فإذا رأى مجلس القضاء ترقيته بعد ذلك إلى درجة رئيس محكمة في الحركة التي أعدت في يوليه سنة 1959 فإن هذا القرار إن دل على صلاحية الطالب للترقية في تلك الحركة فإنه لا يدل على صلاحيته للترقية قبل ذلك. ومن ثم يتعين رفض الطلب الأول.
عن الطلب الثاني رقم 11 سنة 29 ق:
وحيث إن وزارة العدل دفعت هذا الطلب بعدم جوازه أو بعدم اختصاص المحكمة بنظره وطلبت احتياطياً رفضه لذات الأسباب التي استندت إليها في الطلب الأول وقد أبدت النيابة رأيها برفض هذين الدفعين لأن هذا الطلب الثاني مترتب على الطلب الأول وفوضت الرأي للمحكمة بالنسبة للموضوع.
وحيث إنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن يعتبر الطلب الثاني المتعلق بحركة فبراير سنة 1959 مكملاً للطلبات السابقة عليه إلا أن ذلك لا يكون إلا في الحالات التي رأت فيها هذه المحكمة أن الطلبات السابقة مقبولة وأن تخطي القاضي فيها كان بغير حق. أما حيث يكون الطلب الأول مرفوضاً ويكون الطلب الثاني متعلقاً بتخطي زملاء آخرين للطالب يختلفون عن زملائه الذين تخطوه في الطلب الأول كما هو واقع الحال في شأن الطالب فإن هذا الطلب الثاني على ما جرى به قضاء هذه المحكمة يكون منبت الصلة بطلبه الأول ويخضع الطلب الثاني على استقلال لحكم القانون رقم 56 لسنة 1959 الصادر في شأن السلطة القضائية. وقد نظم هذا القانون من المواد من 87 إلى 89 طريقة تظلم رجال القضاء الذين حل دورهم في الترقية ولم يشملهم مشروع الحركة القضائية وعقد الاختصاص بنظر هذه التظلمات لمجلس القضاء الأعلى وعلى أن يكون قراره فيها نهائياً، غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن أو أمام أية جهة قضائية كما نصت المادة 23 من مواد الإصدار على أنه "استثناء من الأحكام الواردة في هذا القانون وخلال ثلاثة أيام من تاريخ العمل به يكون التعيين في وظائف القضاء والنيابة والترقية والنقل والندب - مما هو من اختصاص مجلس القضاء الأعلى بقرار من رئيس الجمهورية بناء على "عرض وزير العدل". ولما كان القرار الجمهوري الصادر في 23 فبراير سنة 1959 قد صدر في الحدود المبينة بهذا النص فإنه لا سبيل للطعن فيما تضمنه في شأن الترقية لأنه يعتبر بمثابة ما يصدر في ذلك الشأن من قرارات يختص بها مجلس القضاء الأعلى ولا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن أو أمام أي جهة قضائية - لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه غير مكمل للقرار السابق صدوره في 15 سبتمبر سنة 1958 موضوع الطلب الأول على ما سبق بيانه فإنه لا يجوز الطعن بإلغائه فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية ويتعين لذلك قبول الدفع المبدى من وزارة العدل والحكم في الطلب رقم 11 سنة 29 ق بعدم جواز الطعن.