أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 21 - صـ 484

جلسة 19 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(78)
الطعن رقم 17 لسنة 36 القضائية

( أ ) نقض. "إجراءات الطعن". "التوكيل في الطعن". وكالة. محاماة.
صحة التوكيل الصادر للمحامي من وكيل الطاعن المصرح له بتوكيل محامين للطعن بالنقض نيابة عن موكله.
(ب) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". دفوع.
الحكم برفض الدفع ببطلان صحيفة تعديل الطلبات. لا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها. عدم جواز الطعن فيه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع. م 378 مرافعات.
(ج) نقض. "الأحكام غير الجائز الطعن فيها".
عدم جواز الطعن بطريق النقض في الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى. الطعن يكون في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف بتأييد الأحكام الابتدائية أو بإلغائها أو بتعديلها.
(د) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها". إيجار.
القضاء بأن الأرض موضوع النزاع أرض فضاء لا تخضع لأحكام القانون رقم 121 سنة 1947 هو قضاء قطعي ينهي الخصومة بشأنها. وجوب الطعن فيه على استقلال في الميعاد.
(هـ) دعوى. "الطلب العارض". "سبب الدعوى".
دعوى تعويض عن غصب أرض. تعديل الطلبات بإضافة طلب الطرد والإزالة. جواز إبداؤها بطلب عارض يثبت بمحضر الجلسة أو في مذكرة لقيامها جميعاً على سبب واحد هو غصب الأرض موضوع النزاع.
(و) دعوى. "تكييف الدعوى". "دعوى الحيازة والدعوى الموضوعية". ملكية. حيازة.
دعوى الطرد من الأرض مع الإزالة والتسليم استناداً إلى ملكية الأرض بعقد بيع مسجل. ليست من دعاوى الحيازة وإنما هي دعوى بطلبات موضوعية تستند إلى أصل الحق. الفصل في النزاع على الملكية يعتبر مطروحاً على المحكمة باعتباره مسألة أولية.
(ى) ملكية. "الالتصاق بالعقار".
مناط تطبيق المادة 928 مدني أن يكون مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جار بحسن نية على جزء من الأرض الملاصقة فشغله بالبناء.
1 - كل ما تشترطه المادة 7 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أن يوقع على تقرير الطعن بالنقض محام مقبول أمام محكمة النقض وموكل عن الطاعن، ولم يشترط أن يصدر التوكيل إلى هذا المحامي من الطاعن مباشرة أو من محام آخر مقبول أمام محكمة النقض، وعلى ذلك فإنه يكفي أن يصدر التوكيل للمحامي من وكيل الطاعن المصرح له بتوكيل محامين للطعن بالنقض نيابة عن موكله.
2 - رفض الدفع ببطلان صحيفة تعديل الطلبات، يعتبر من الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها، والتي لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات.
3 - مؤدى المواد 1 و2 و3 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، والأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في حالات وردت على سبيل الحصر، وفي الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فإنه لا يجوز الطعن فيها بطريق النقض، وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها.
4 - إذا كان الحكم قد عرض للنزاع بين الطرفين حول اختصاص دائرة الإيجارات بنظر دعوى الطرد، وانتهى إلى أن أرض النزاع أرض فضاء ولا تخضع للقانون رقم 121 لسنة 1947، فإنه يكون قد قطع في هذه المنازعة وأنهى الخصومة بشأنها، وكان على الطاعنة أن تطعن فيه على استقلال في الميعاد، وإذ طعنت فيه مع الحكم الأخير - بعد الميعاد - فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول وكذلك السبب المتعلق به.
5 - أجازت المادة 151/ 1 و2 من قانون المرافعات للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى، أو ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتباً عليه أو متصلاً به بصلة لا تقبل التجزئة. وإذ كان المطعون عليه قد عدل طلباته إلى طلب الحكم بصفة عادية بطرد الطاعنة من العين التي اغتصبتها منه وإزالة السور الذي أقامته فيها بالإضافة إلى طلب التعويض وكان طلب الطرد والإزالة متصلين بطلب التعويض لأنها جميعاً تقوم على سبب واحد هو غصب الطاعنة للأرض موضوع النزاع، فإنه يجوز للمطعون عليه إبداؤها بطلب عارض ويجوز له طبقاً للمادة 150 من قانون المرافعات إبداؤها شفاهة في الجلسة وإثباتها في محضرها ويجوز من باب أولى إبداؤها بمذكرة يطلع عليها الخصم ويعلم بها.
6 - إذا طلب المدعي في الدعوى الطرد والإزالة والتسليم على أساس أنه يملك الأرض محل النزاع بمقتضى عقد بيع مسجل، ونازع المدعى عليه في الملكية، فإن الظاهر من ذلك أن الدعوى ليست من دعاوى الحيازة وإنما هي دعوى بطلبات موضوعية تستند إلى أصل الحق، وهو ما يجعل أمر الفصل في النزاع على ملكية الأرض المطلوب طرد الطاعنة منها مطروحاً على المحكمة باعتباره مسألة أولية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لملكية هذه الأرض وانتهى إلى أنها مملوكة للمطعون عليه وقضي له نتيجة لذلك بالطرد والإزالة والتعويض، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
7 - يشترط لتطبيق المادة 928 من القانون المدني أن يكون مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جار بحسن نية على جزء من الأرض الملاصقة فشغله بالبناء، وإذ كان الثابت من تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه أن قطعة الأرض موضوع النزاع عبارة عن أرض فضاء ليس عليها أي بناء للطاعنة، فإنه لا يكون محل لتطبيق حكم المادة المذكورة ولا على محكمة الموضوع إن هي التفتت عن هذا الطلب بعد أن سجلت في حكمها أن الأرض فضاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأحكام المطعون فيها وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد/ محمد خير بحصلي (المطعون عليه الأول) أقام الدعوى رقم 2979 سنة 1956 مدني كلي القاهرة ضد السيد/ جوزفين الشهيرة بليندا جورج وكيل (الطاعنة) وشركة الأعمال والمباحث الإفريقية (المطعون عليها الثانية) طالباً الحكم (أولاً) وبصفة مستعجلة بطرد المدعى عليها الأولى من قطعة الأرض البالغ مساحتها 129.63 متراً مربعاً الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليمها إليه تسليماً فعلياً وإزالة السور الذي أقامته بين هذه القطعة وباقي ملكه (ثانياً) وبصفة عادية بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض عما لحقه من أضرار بسبب اغتصاب هذه القطعة وغرامة يومية قدرها 10 جنيه من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام التسليم. وقال شرحاً للدعوى إنه اشترى من المدعى عليها الثانية قطعة أرض فضاء مساحتها 874.6 متراً مربعاً بمقتضى عقدي بيع ابتدائيين مؤرخين 24/ 11/ 1944، 27/ 4/ 1945 ومشهرين بتاريخ 11/ 4/ 1951 برقم 3538 توثيق القاهرة، وأن المدعى عليها الأولى كانت تستأجر من المدعى عليها الثانية 129.63 متراً مربعاً من ذلك القدر بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 4/ 2/ 1941 وتعهدت بتسليمها له عند انتهاء هذا العقد في 30/ 4/ 1946 ولكنها لم توف بهذا الالتزام رغم إنذاره لها واغتصبت هذا القدر وضمته إلى أرضها المجاورة والتي تشغلها بمنشآت "سينما بالاس" وذلك بأن أقامت سوراً فصل هذه المساحة موضوع النزاع عن باقي الأرض المملوكة له بمقتضى عقد البيع المشهر والمشار إليه فيما سبق، وفي 26/ 12/ 1956 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطلب المستعجل فعدل المدعي طلباته بإضافة طلب الحكم بصفة عادية بذات طلباته موضوع الطلب المستعجل، ودفعت المدعى عليها الأولى ببطلان إعلان صحيفة تعديل الطلبات تأسيساً على أنها تضمنت طلبات جديدة وأنها أعلنت إليها في مكتب محاميها وكان الواجب إعلانها بها في موطنها. كما طلبت رفض الدعوى استناداً إلى أن الأرض موضوع النزاع تمثل جزءاً من قطعة أرض فضاء مساحتها 4200 متراً مربعاً كانت تستأجرها من الشركة المدعى عليها الثانية بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 4/ 2/ 1941 وأقامت عليها "سينما بالاس" وقد انتهت مدة هذا العقد في 20/ 4/ 1946 ثم جدد لمدة عشر سنوات وقبل انتهاء مدة التجديد اشترت هذا الأرض من المدعى عليها الثانية بعقد بيع ابتدائي مؤرخ 13/ 2/ 1948، كما تمسكت من باب الاحتياط، وعلى فرض أن أرض النزاع مملوكة للمدعي وأنها جارت عليها بحسن نية - بطلب إلزام المدعي بالنزول لها عنها مقابل تعويض عادل وذلك عملاً بالمادة 928 من القانون المدني، وفي 19/ 6/ 1957 حكمت المحكمة برفض الدفع ببطلان صحيفة تعديل الطلبات، ثم قضت في 3/ 7/ 1957 بندب مكتب الخبراء، للانتقال إلى العين موضوع النزاع ومعاينتها وبيان حدودها ومعالمها ومساحتها وواضع اليد عليها وتاريخ وضع يده وسببه وتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 27/ 4/ 1962 فحكمت بطرد المدعى عليها الأولى من الأرض موضوع النزاع وبإلزامها بتسليمها تسليماً فعلياً إلى المدعي (المطعون عليه الأول) وبإزالة السور الفاصل بينها وبين باقي ملكه الذي اشتراه من المدعى عليها الثانية بالعقد المسجل في 11/ 4/ 1951 وبإلزام المدعى عليها الأولى بأن تدفع للمدعي تعويضاً قدره 500 جنيه، واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 1294 سنة 77 ق. كما استأنفته المدعى عليها الأولى (الطاعنة) هو والحكم الصادر في 19/ 6/ 1957 طالبة إلغاءهما والقضاء بقبول الدفع وببطلان صحيفة الدعوى، وفي الموضوع برفضها، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، حكمت في 2/ 4/ 1962 بقبولهما شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير آخر للانتقال إلى قطعة الأرض موضوع النزاع ومعاينتها والاطلاع على مستندات الطرفين وتطبيقها على الطبيعة، وذلك لبيان حدود تلك الأرض ومعالمها ومساحتها ومن الواضع اليد عليها وتاريخ وضع يده وسببه وهل تدخل ضمن عقد البيع المبرم بين الطاعنة والمطعون عليها الثانية أو ضمن عقدي الإيجار المؤرخين 4/ 2/ 1941، 1/ 5/ 1956 وكذلك بيان حالة تلك الأرض وما عليها من مبان وخلافه وقضت في أسباب هذا الحكم بتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض الدفع ببطلان صحيفة تعديل الطلبات، كما قطعت بأن العين المتنازع عليها أرض فضاء لا تخضع لأحكام القانون رقم 121 سنة 1947، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 8/ 11/ 1965 فحكمت بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة لمقدار التعويض برفعه إلى 700 جنيه وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في الحكمين الصادرين من محكمة القاهرة الابتدائية في 19/ 6/ 1957، 27/ 4/ 1960 والحكمين الصادرين من محكمة استئناف القاهرة في 2/ 4/ 1962، 8/ 11/ 1965 بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الأحكام الأربعة المطعون فيها، ودفع المطعون عليه الأول بعدم قبول الطعن وطلب في الموضوع رفضه، ولم تحضر المطعون عليها الثانية ولم تبد دفاعاً، وصممت النيابة العامة على مذكرتها، ودفعت بعدم جواز الطعن في الحكمين الابتدائيين كما دفعت بعدم قبول الطعن في الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 28/ 4/ 1962 في خصوص قضائه بعدم انطباق القانون رقم 121 سنة 1947 على أرض النزاع لرفعه بعد الميعاد، وطلبت رفض الطعن في الحكمين الاستئنافيين موضوعاً.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليه الأول بعدم قبول الطعن أن التوكيل المقدم من محامي الطاعنة الذي قرر بالطعن لم يصدر إليه منها مباشرة وإنما صدر من وكيلها السيد ميشيل ريمون وكيل وهو ليس محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، وبالتالي، فلا يملك توكيل محام للطعن بالنقض بالنيابة عن موكلته لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن كل ما تشترطه المادة 7 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أن يوقع على تقرير الطعن بالنقض محام مقبول أمام محكمة النقض وموكل عن الطاعن ولم يشترط أن يصدر التوكيل إلى هذا المحامي من الطاعن مباشرة أو من محام آخر مقبول أمام محكمة النقض، وعلى ذلك فإنه يكفي أن يصدر التوكيل للمحامي من وكيل الطاعن المصرح له بتوكيل محامين للطعن بالنقض نيابة عن موكله. ولما كان الثابت من الصورة الرسمية للتوكيل الصادر بتاريخ 5/ 7/ 1964 من الطاعنة إلى وكيلها السيد/ ميشيل ريمون وكيل - المقدمة من الطاعنة - أنها صرحت فيه للوكيل بتوكيل محامين للطعن بالنقض نيابة عنها، فإن الطعن يكون مقرراً به من ذي صفة ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن مبنى الدفع الثاني المبدى من المطعون عليه الأول بعدم قبول الطعن على الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 28/ 4/ 1962، هو أن هذا الحكم قطعي وأنهى الخصومة في خصوص الدفع ببطلان صحيفة تعديل الطلبات، وكان يتعين على الطاعنة الطعن فيه على استقلال في الميعاد، وإذ طعنت عليه مع الحكم الأخير فإن الطعن يكون مرفوعاً بعد الميعاد.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن الحكم الصادر بتاريخ 28/ 4/ 1962 وإن قضى في أسبابه بتأييد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدفع ببطلان صحيفة تعديل الطلبات، إلا أنه يعتبر في هذا الخصوص من الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها، والتي لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات، وإذ كان الطعن في الحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 4/ 11/ 1965 قد رفع في الميعاد فإن الطعن في الحكم الأول - في خصوص قضائه برفض ذلك الدفع - يكون مرفوعاً في الميعاد ويتعين لذلك رفض هذا الدفع.
وحيث إن الدفع الأول المبدى من النيابة العامة بعدم جواز الطعن في الحكمين الابتدائيين في محله، ذلك أن مقتضى المواد 1، 2، 3 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض رقم 57 سنة 1959 أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف والأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في حالات وردت على سبيل الحصر، وفي الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى، فإنها لا يجوز الطعن فيها بطريق النقض وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها، لما كان ذلك فإن الطعن في الحكمين الصادرين من محكمة أول درجة بتاريخ 19/ 6/ 1957 و27/ 4/ 1960 يكون غير جائر، ويتعين لذلك الحكم بعدم جواز الطعن فيهما.
وحيث إن مبنى الدفع الثاني المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 28/ 4/ 1962 في خصوص ما قضى به من عدم انطباق القانون رقم 121 سنة 1947 على أرض النزاع، أنه أنهى الخصومة في جزء منها وكان يتعين الطعن فيه على استقلال في الميعاد.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى هذا الحكم يبين أنه عرض للنزاع القائم بين الطرفين حول اختصاص دائرة الإيجارات بنظر دعوى الطرد وانتهى إلى أن الأرض موضوع النزاع أرض فضاء ولا تخضع لأحكام القانون رقم 121 سنة 1947 وهو بذلك يكون قد قطع في هذه المنازعة وأنهى الخصومة بشأنها، وكان على الطاعنة أن تطعن فيه على استقلال في الميعاد، وإذ كانت قد طعنت فيه مع الحكم الأخير الصادر في 8/ 11/ 1965 فإن الطعن في الحكم المذكور بالنسبة لما قضى به من عدم انطباق القانون رقم 121 سنة 1947 على أرض النزاع لأنها أرض فضاء يكون قد رفع بعد الميعاد، ويتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً، وإذ كان مبنى الوجه السادس من السبب الأول يدور حول خطأ الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن أرض النزاع أرض فضاء لا تخضع لأحكام القانون رقم 121 سنة 1947 فإن هذا الوجه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من سبعة أوجه، وفي بيان الوجه الأول تقول إنه بعد أن قضت محكمة أول درجة بتاريخ 18/ 12/ 1956 بعدم اختصاصها بنظر طلبي الطرد والإزالة المستعجلين وحددت جلسة لنظر طلب التعويض، وجه المطعون عليه الأول إلى الطاعنة إعلاناً على مكتب محاميها تضمن تعديل طلباته إلى طلب الحكم بصفة عادية بالطرد والإزالة، وقدم هذا الإعلان للمحكمة بالجلسة، فتمسك محامي الطاعنة بصفته الشخصية ببطلان هذا الإعلان لأنه يتضمن دعوى جديدة كان يتعين إعلانها إلى الطاعنة في موطنها، وأنه إنما يحضر عن الطاعنة في طلب التعويض فقط، وقد قضت المحكمة في 19/ 6/ 1957 برفض هذا الدفع استناداً إلى أن حضور الطاعنة في الجلسات التالية للإعلان المذكور قد صحح البطلان الذي شابه، وهذا من الحكم خطأ لأن الثابت من محاضر الجلسات أنها لم تحضر أمام محكمة أول درجة في طلب الطرد والإزالة وإنما حضر محاميها عنها في طلب التعويض ودفع بصفته الشخصية إخلاء لمسئوليته ببطلان إعلان تعديل الطلبات، وأنها إنما تمسكت بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف فقط وأن حضورها أمام المحكمة المذكورة لا يزيل البطلان الذي شاب إعلانها بتعديل الطلبات أمام محكمة أول درجة، ويكون الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا الوجه مردود، ذلك أن المادة 151/ 1، 2 من قانون المرافعات قد أجازت للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى، أو ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتباً عليه أو متصلاً به بصلة لا تقبل التجزئة، وإذ كان المطعون عليه قد عدل طلباته إلى طلب الحكم بصفة عادية بطرد الطاعنة من العين التي اغتصبتها منه وإزالة السور الذي أقامته فيها بالإضافة إلى طلب التعويض، وكان طلب الطرد والإزالة متصلين بطلب التعويض والغرامة إلا أنها جميعاً تقوم على سبب واحد هو غصب الطاعنة للأرض موضوع النزاع، فإنه يجوز للمطعون عليه الأول إبداؤهما بطلب عارض ويجوز له طبقاً للمادة 150 من قانون المرافعات إبداؤها شفاهة في الجلسة وإثباتها في محضرها ويجوز من باب أولى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إبداؤها بمذكرة يطلع عليها الخصم ويعلم بها، وإذ كان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه أن محامي المطعون عليه الأول قدم صحيفة تعديل الطلبات بالجلسة وفي حضور محامي الطاعنة فإن إبداء الطلبات على هذه الصورة يكون صحيحاً دون حاجة لإعلانها للطاعنة في موطنها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة، فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة قالت في بيان الوجه الثاني أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنه على فرض صحة إعلان صحيفة تعديل الطلبات، فإن التكييف الصحيح لها هو أنها دعوى طرد وهي من دعاوى الحيازة التي تختص بها المحكمة الجزئية طبقاً للمادة 47 من قانون المرافعات وليست دعوى ملكية، كما تمسكت بأن طلب الطرد هو من الطلبات التابعة لدعوى الملكية والمترتبة عليها مما لا يجوز الفصل فيه قبل الفصل في الملكية، وإذ كان طلب الملكية غير معروض على المحكمة الابتدائية فإن الفصل في طلب الطرد يكون غير مقبول، وإذ التفتت محكمة الموضوع عن هذا الدفاع وفصلت في الملكية التي لم تكن معروضة عليها، فإنها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الرجوع إلى الأحكام الصادرة في الدعوى أن المطعون عليه الأول طلب الحكم بالطرد والإزالة والتسليم مع إلزام الطاعنة بالتعويض، استناداً إلى أنه يملك الأرض موضوع النزاع بمقتضى عقد البيع المسجل بتاريخ 11/ 4/ 1951 الصادر إليه من الشركة المطعون عليها الثانية، وقد نازعت الطاعنة المطعون عليه الأول في الملكية مدعية أن الأرض المذكورة مملوكة لها، فقضت محكمة أول درجة بندب خبير ضمنت مأموريته تحقيق هذه الملكية بتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة، وقد استمر هذا النزاع في الملك أمام محكمة الاستئناف فقضت بندب خبير آخر لتحقيق الملكية، وظاهر من ذلك أن الدعوى ليست من دعاوى الحيازة وإنما هي دعوى بطلبات موضوعية تستند إلى الحق، وهو ما يجعل أمر الفصل في النزاع على ملكية الأرض المطلوب طرد الطاعنة منها مطروحاً على المحكمة باعتباره مسألة أولية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لملكية هذه الأرض وانتهى إلى أنها مملوكة للمطعون عليه وقضي له نتيجة لذلك بالطرد والإزالة والتعويض، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الطاعنة اغتصبت الأرض موضوع النزاع استناداً إلى أنها تدخل في عقد البيع الصادر للمطعون عليه الأول وإلى تقريري الخبيرين المقدمين في الدعوى واللذين انتهيا إلى أن الأرض المذكورة تدخل في ملك المطعون عليه الأول وأغفل الفصل في مقطع النزاع الذي تمسكت به وهو تحقيق ما إذا كانت تضع يدها على مساحة تزيد عما اشترته من المطعون عليها الثانية، هذا إلى أن المطعون عليه الأول قد أقر في عقد البيع الصادر إليه من المطعون عليها الثانية بأنه استلم الأرض المبيعة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن العبرة في النزاع المطروح ليست بالمساحة التي يضع المدعى عليه يده عليها وأنها تعادل المساحة التي اشتراها من البائع له، وإنما العبرة في ذلك بما يسفر عنه تطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة فإن تبين أن الأرض المتنازع عليها تدخل ضمن المبيع للمدعي بمقتضي العقد الذي يستند إليه ولا تدخل ضمن المبيع للمدعى عليه بمقتضي عقده فإنها تكون مما يدخل في ملكية المدعي حتى ولو كان المدعى عليه يضع يده على مساحة تقل عما هو وارد بسند ملكيته، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن حاصل الوجه الرابع أن الطاعنة تمسكت بأنها ليست المالكة الوحيدة للأرض التي تدخل فيها القطعة موضوع النزاع وإنما تملك الثمن فيها والباقي مملوك لباقي ورثة جورج وكيل وأنه يجب توجيه دعوى رد الحيازة ضد باقي الملاك المشار إليهم، وإذ قضي الحكم المطعون فيه في الدعوى رغم عدم اختصامهم، فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول إذ لا صفة للطاعنة في التحدي بعدم اختصام باقي الشركاء.
وحيث إن حاصل الوجه الخامس أن الطاعنة طلبت احتياطياً، وفي حالة ثبوت ملكية أرض النزاع المطعون عليه الأول تطبيق المادة 928 من القانون المدني وإلزام المطعون عليه الأول بالنزول لها عنها مقابل تعويض عادل، وقد تجاهل الحكم المطعون فيه هذا الطلب ولم يناقشه، وهو منه خطأ يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه يشترط لتطبيق المادة 928 من القانون المدني أن يكون مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جار بحسن نية على جزء من الأرض الملاصقة فشغله بالبناء، وإذ كان الثابت من تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه أن قطعة الأرض موضوع النزاع عبارة عن أرض فضاء ليس عليها أي بناء للطاعنة، فإنه لا يكون ثمة محل لتطبيق حكم المادة المذكورة ولا على محكمة الموضوع إن هي التفتت عن هذا الطلب بعد أن سجلت في حكمها أن الأرض فضاء.
وحيث إن حاصل الوجه السابع أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين ألزمها بالتعويض على الرغم من ثبوت حسن نيتها وانتفاء الضرر إذ كانت تضع يدها على الأرض بصفتها مستأجرة أولاً ثم بصفتها مشترية فيما بعد، كما أن المطعون عليه الأول لم يصبه أي ضرر، لأنه أقام مباني على باقي أرضه التي اشتراها تغل ريعاً مجزياً.
وحيث إن هذا النعي مردود بما قرره الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه من أن" المدعى عليها الأولى بقيت في المساحة موضوع النزاع رغم انتهاء مدة عقد الإيجار المؤرخ 4/ 2/ 1941 ورغم أن هذه المساحة لم تدخل ضمن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1946 أو عقد البيع المؤرخ 13/ 2/ 1948... وبما أن بقاء المدعى عليها الأولى في العين موضوع النزاع بعد أن اشتراها المدعي يعد غصباً وبلا سند، خاصة وأن المدعي قد أنذرها بتسليم تلك العين ولكنها لم تمتثل بل تمادت في عنادها ورفعت ضد المدعي دعوى شفعة زعمت فيها أن من حقها أخذ العقار المبيع للمدعي بالشفعة، وأنها تملك جزءاً من هذا العقار، وقد حكمت
المحكمة برفض تلك الدعوى، وتأيد الحكم استئنافياً، وبما أنه ما من شك في أن بقاء المدعى عليها في العين قد ألحق ضرراً بالمدعي يتمثل في حرمانه من الانتفاع بها وبباقي المساحة التي اشتراها وذلك من أول مايو سنة 1946 حتى الآن" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يفيد أن محكمة الموضوع رأت للأسباب السائغة التي أوردتها أن الطاعنة كانت سيئة النية وهي تضع يدها على أرض النزاع وأن ضرراً أصاب المطعون عليه الأول يتمثل في حرمانه من الانتفاع بملكه خلال تلك المدة، وبذلك تكون عناصر التعويض متكاملة، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب بجميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه أخذ بتقريري الخبيرين المنتدبين ولم يرد على اعتراضاتها - المؤيدة بتقرير استشاري قدمته - والتي تتضمن أن الخبيرين لم يتحققا مما إذا كانت تضع يدها على مساحة تزيد على ما اشترته من المطعون عليها الثانية، كما أن محكمة أول درجة ألزمتها بتعويض قدره 500 جنيه على الرغم من ثبوت حسن نيتها وانتفاء ركن الضرر، وقد رفعت محكمة الاستئناف هذا التعويض إلى 700 جنيه دون أن توضح في حكمها أساس هذا التقدير الذي يعادل ضعفي ثمن الأرض.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على الوجهين الثالث والسابع من السبب الأول.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد ويتعين رفضه.