أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 16 - صـ 149

جلسة 28 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

(23)
الطعن رقم 267 لسنة 30 القضائية

( أ ) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". صرف مياه المحال الصناعية في المجاري العمومية. "المجرى العمومي". رسوم.
جعل الحكم مناط اعتبار المصرف مجرى عمومياً هو ثبوت صرف المياه في مواسير المجاري العمومية. استخلاصه دليل ذلك مما جاء بتقرير الخبير من تلاقي المصرف في أكثر من موضع مع المجاري العمومية وأن المياه التي يصرفها تصب في النهاية في مواسير المجاري العمومية. كفاية ذلك لحمل قضائه بأحقية البلدية في تحصيل رسوم مقابل صرف مياه المصنع في المجاري العمومية. لا قصور.
(ب) صرف مياه المحال الصناعية في المجاري العمومية. "قرار وزير الداخلية الرقيم 26/ 9/ 1946". "طبيعته". رسوم.
قرار وزير الداخلية الرقيم 26/ 9/ 1946 لا يتضمن فرضاً لضريبة وإنما بين القواعد الواجب اتباعها في تقدير كميات المياه المنصرفة.
(ج) صرف مياه المحال الصناعية في المجاري العمومية. "قرار وزير الداخلية الرقيم 26/ 9/ 1946". "نهائية التقدير".
نهائية التقدير الواردة في المادة الثانية من قرار وزير الداخلية الرقيم 26/ 9/ 1946. أثرها, إلزامها جهة الإدارة بصفة نهائية. لا يعني ذلك عدم جواز الطعن فيه وحجب ولاية القضاء عن مناقشته.
1 - متى كان الحكم لم يقم قضاءه على أساس أن تغطية المصرف في جميع أجزائه أو أغلبها هي الشرط اللازم لاعتبار المصرف مجرى عمومياً وفقاً لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1946 - بشأن صرف مياه المحال الصناعية في المجاري العمومية، بل جعل مناط ذلك ثبوت صرف مياه المصنع في مواسير المجاري العمومية مستخلصاًًً الدليل على ذلك من تقرير الخبير الذي أثبت تلاقي هذا المصرف في أكثر من موضع مع المجاري العمومية، وأن المياه التي يصرفها تصب في النهاية في مواسير المجاري العمومية، فإن هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه بأحقية البلدية في تحصيل رسوم مقابل صرف مياه المصنع في المجاري العمومية بالتطبيق للقانون رقم 35 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 47 لسنة 1948 يكفي بذاته لحمل هذا القضاء.
2 - القرار الصادر من وزير الداخلية في 26/ 9/ 1946 قد صدر بالاستناد إلى المادة الخامسة من القانون رقم 35 لسنة 1946 - بشأن صرف مياه المحال الصناعية في المجاري العمومية. ولم يتضمن فرضاً لضريبة وإنما بين القواعد الواجب اتباعها في تقدير كميات المياه المنصرفة في حالة عدم وجود عداد وهو ما خوله له القانون آنف الذكر.
3 - نهائية التقدير المنصوص عليها في المادة الثانية من قرار وزير الداخلية الصادر في 26/ 9/ 1946 قد بينت حدودها عبارة المادة ذاتها إذ قالت "إن هذا التقدير يكون نهائياً من جانب قسم هندسة بلدية الإسكندرية" بمعنى أنه يكون ملزماً لجهة الإدارة بصفة نهائية، ولا يعني ذلك عدم جواز الطعن فيه وحجب ولاية القضاء عن مناقشته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 257 لسنة 1956 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون ضده بصفته طالباً براءة ذمة الشركة التي يمثلها من مبلغ 2585 ج و406 م - وقال الطاعن في بيان دعواه إن بلدية الإسكندرية قد طالبته بصفته بهذا المبلغ تأسيساً على أنه مقابل صرف المياه المتخلفة عن مصنع الشركة في المجاري العمومية في المدة من سنة 1949 حتى سنة 1953 وذلك طبقاً للقانون رقم 35 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 47 لسنة 1948 حالة أن مياه المصنع تصب في مجرى زراعي مكشوف على ما يبين من تقرير الخبير الذي ندب في دعوى إثبات الحالة رقم 3367 لسنة 1952 مدني مستعجل الإسكندرية ومن ثم لا يعتبر هذا المجرى عمومياً وبالتالي تكون مطالبة المطعون ضده بالمبلغ المرفوعة به الدعوى على غير أساس من القانون. تمسك المطعون ضده بأن مياه المصنع تصب في المجاري العمومية مستنداً إلى ذات التقرير المقدم في دعوى إثبات الحالة السالف الإشارة إليها قائلاً إن مجاري المصنع المملوك للشركة الطاعنة تصب في بكابورتات مملوكة للبلدية وأن هذه البكابورتات تصب في مجرى مغطى طوله 35 متراً يصب في بحيرة مريوط ومن ثم يكون من حقه اقتضاء رسوم صرف مياه مصنع الشركة الطاعنة في المجاري العمومية طبقاً للقانون رقم 35 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 47 لسنة 1948 والقرار الوزاري الصادر في 26/ 9/ 1949 - وبتاريخ 27 من يناير سنة 1957 قضت المحكمة برفض الدعوى واستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 188 سنة 13 ق الإسكندرية وفي 16 من إبريل سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 15/ 12/ 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن على هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين حاصل أولهما بطلان الحكم المطعون فيه لقصور أسبابه وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الاستئناف بجلسة 15/ 2/ 1959 ناقشت الحاضر عن المطعون ضده لمعرفة تاريخ تغطية الأجزاء المغطاة من المصرف لتقول كلمتها في واقعة تحول المصرف إلى مجاري عمومية ورأت المحكمة لإمكان الفصل في الدعوى تكليف البلدية بتقديم بيانات عن تاريخ تغطية الأجزاء المغطاة من المصرف حيث يبدأ من هذا التاريخ اعتبار المصرف عمومياً وبالتالي استحقاق الرسوم المطلوبة وقال بأن تغطية بعض أجزاء المصرف قد حدثت بعد مايو سنة 1953 أي بعد العمل بالقانون رقم 196 لسنة 1953 ولما لم يقدم المطعون ضده هذه البيانات تمسك الطاعن بتقديمها أو بندب خبير لتحقيق ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه لم يجبه إلى هذا الطلب مغفلاً الرد عليه وقضي في الدعوى على أساس حصول التغطية من سنة 1945 رغم خلو الدعوى من الدليل على ذلك مما يجعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أورد في تدويناته ما يأتي "ومن حيث إنه يبين من مطالعة صورة تقرير الخبير المؤرخ 4/ 4/ 1953 في الدعوى رقم 3367 سنة 1952 محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة أن مجاري المصنع محل هذه الدعوى التي يصرف فيها مياهه إنما تصب في مصرف بعضه مكشوف وبعضه مغطى يتلاقى في أكثر من موضع مع المجاري العمومية وتمر مياهه في حجرات تفتيش وبكابورتات مملوكة لبلدية الإسكندرية وينتهي بمجرى من المواسير للبلدية طوله نحو 35 متراً تحت أرض شارع مريوط وتصب أخيراً في بحيرة مريوط مما يؤخذ منه بوضوح أن مياه هذا المصنع إنما يجري صرفها في مواسير المجاري العمومية المملوكة للبلدية ولا يمنع من هذا الاعتبار كون المجرى مكشوفاً في بعض أجزائه أو بعد المسافة بين المصنع وبين نقطة التقاء ذلك المجرى بمواسير المجاري العامة طالما أن المياه التي يصرفها تصب في النهاية في مواسير تلك المجاري المملوكة للبلدية" ويبين من ذلك أن الحكم لم يقم قضاءه على أساس أن تغطية المصرف في جميع أجزائه أو أغلبها هي الشرط اللازم لاعتبار المصرف مجرى عمومياً وفقاً لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1946 بل جعل مناط ذلك ثبوت صرف مياه المصنع في مواسير المجاري العمومية مستخلصاً الدليل على ذلك من تقرير الخبير الذي أثبت تلاقي هذا المصرف في أكثر من موضع مع المجاري العمومية، وأن المياه التي يصرفها تصب في النهاية في مواسير المجاري العمومية - ولما كان هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه ليس محل نعي وهو يكفي بذاته لحمل هذا القضاء وفيه الرد الضمني على طلب تحقيق واقعة تغطية المصرف وتاريخ حصولها بأنه غير منتج - فإن النعي على الحكم بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثاني هو خطأ الحكم المطعون فيه في القانون إذ استند في التزام الطاعن بالرسوم المطالب بها إلى قرار وزير الأشغال الصادر في 10/ 9/ 1946 تنفيذاً لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1946 واعتبر التقدير محل النزاع نهائياً، مع أن هذا القرار فيما فرضه من ضريبة وما نص عليه من اعتبار التقدير الصادر من البلدية نهائياً وغير قابل لأي طعن قد جاوز حدود الإنابة التشريعية المخولة له بالقانون وخرج عن ولاية القرارات التنفيذية.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القرار الصادر من وزير الأشغال في 10/ 9/ 1946 الذي أشار إليه الطاعن لا ينطبق على واقعة الدعوى ولم يطبقه الحكم المطعون فيه بل طبق القرار الصادر من وزير الداخلية في 26/ 9/ 1946 تنفيذاً للقانون رقم 35 سنة 1946 بشأن صرف مياه المحال الصناعية في المجاري العمومية وتنص المادة الأولى من هذا القانون على أنه لا يجوز صرف مياه المحال العمومية والصناعية في المجاري العمومية إلا بترخيص من مصلحة المجاري - وتؤدي المحال التي يرخص بها على هذا الوجه رسماً قدره مليمان عن كل متر مكعب من المياه المنصرفة إلى المجاري العمومية - ويصدر قرار وزاري ببيان المحال التي يسري عليها هذا القانون والقواعد التي تتبع في تقدير الكميات المنصرفة إذا كانت المحال تحصل على المياه بطريقة لا يمكن حصرها بعداد. وناطت المادة الخامسة من هذا القانون بكل من وزراء الأشغال والداخلية والعدل والصحة تنفيذ أحكامه كل فيما يخصه - واستناداً إلى هذا القانون صدر قرار وزير الداخلية في 26/ 9/ 1946 بتطبيق هذا القانون على مدينة الإسكندرية وجاء في مادته الأولى بيان بالمحال التي يسري عليها القانون رقم 35 سنة 1946 ومن بينها الشركة الطاعنة ونصت المادة الثانية على إلزام أصحاب المحال المذكورة في المادة السابقة بتركيب عدادات للمياه لضبط كمية المياه المنصرفة في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وتقدير كميات المياه المنصرفة في الفترة الواقعة بين تاريخ العمل بهذا القرار وتاريخ تركيب العداد على أساس تصرف الطلمبة المغذية وساعات التشغيل ويكون هذا التقدير نهائياً من جانب قسم هندسة بلدية الإسكندرية ويبين من ذلك أن القرار الصادر من وزير الداخلية في 26/ 9/ 1946 قد صدر بالاستناد إلى المادة الخامسة من القانون رقم 35 لسنة 1946 - ولم يتضمن فرضاً لضريبة وإنما بين القواعد الواجب اتباعها في تقدير كميات المياه المنصرفة في حالة عدم وجود عداد وهو ما خوله القانون آنف الذكر كما أن نهائية التقدير المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القرار قد بينت حدودها عبارة المادة ذاتها إذ قالت "إن هذا التقدير يكون نهائياً من جانب قسم هندسة بلدية الإسكندرية" بمعنى أنه يكون ملزماً لجهة الإدارة بصفة نهائية ولا يعني ذلك عدم جواز الطعن فيه وحجب ولاية القضاء عن مناقشته، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعتبر التقدير محل النزاع بمنجاة عن الطعن بل أنه ناقش أسس هذا التقدير بقوله "إن مكتب صرف مياه المحال العامة بالأقسام الهندسية لبلدية الإسكندرية قد حدد الرسوم المستحقة سنوياً عن المدة المطالب برسومها من 26/ 9/ 1949 حتى 31/ 12/ 1953 على أساس كمية المياه المستهلكة بالمتر المكعب من شركة مياه الإسكندرية ومن الطلمبات التجارية الموجودة في المصنع وأنه جرى في تحديد المياه الأولى من واقع الاستهلاك الفعلي وفق عداد شركة المياه وفي تقدير كميات المياه الثانية من حساب التجارب العملية على أساس تصرف تلك الطلمبات وساعات ومدة تشغيلها في العام وأنه احتسب الرسوم المستحقة بواقع مليمين عن كل متر مكعب من تصرف هذه المياه. "وانتهى الحكم إلى أن هذه التقديرات باعتمادها على تلك الأسس تكون مطابقة للقواعد التي رسمها القرار الوزاري الصادر في 26/ 9/ 1946 وإذ أعملت المحكمة رقابتها على هذا التقدير فإن ما ورد في حكمها بعد ذلك من وصف هذا التقدير بأنه نهائي يكون نافلة. لا أثر له في قضاء الحكم ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص غير منتج.