أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 559

جلسة 2 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(90)
الطعن رقم 5 لسنة 36 القضائية

(أ، ب، ج) خبرة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير عمل الخبير". تزوير.
جواز ندب رئيس مكتب أبحاث التزييف التزوير الذي سبق أن اعتمد تقرير الخبير المنتدب في الدعوى ليعيد النظر في التقرير على ضوء تقرير الخبير الاستشاري. عدم تقيد المحكمة برأي خبير معين. عدم إلزام المحكمة بالرد على طلب ندب خبير جديد. مناط ذلك. إعادة المأمورية إلى الخبير. سلطة المحكمة التقديرية في ذلك.
(د) إثبات. "ضم الأوراق". محكمة الموضوع.
عدم إلزام المحكمة بضم أوراق للدعوى متى كانت الأوراق المقدمة فيها كافية لتكوين عقيدتها.
(هـ) إثبات. "إجراءات الإثبات". "الإحالة إلى التحقيق". حكم. "تسبيب الحكم". تزوير.
القضاء بصحة الأوراق المطعون فيها بالتزوير. رفض ضمني لطلب الإحالة إلى التحقيق في هذا الخصوص.
1 - إذ أجازت المادة 244 من قانون المرافعات السابق - والمقابلة للمادة 154 من القانون الحالي - للمحكمة أن تعيد المأمورية للخبير ليتدارك ما تبينه له من وجوه الخطأ أو النقص في عمله أو بحثه، فإنه يجوز لها من باب أولى أن تندب رئيس المكتب الذي سبق أن اعتمد تقرير الخبير المنتدب والذي يعمل في هذا المكتب تحت إشرافه ليعيد النظر في التقرير على ضوء إطلاعه على تقرير الخبير الاستشاري وما حواه من أسباب، والموازنة بين التقريرين لترجيح أحدهما، والمحكمة في كل ذلك غير مقيدة برأي خبير معين، إذ المرجع في تكوين عقيدتها هو بما تطمئن إليه دون معقب.
2 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على طلب ندب خبراء جدد لإجراء المضاهاة، متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
3 - إعادة المأمورية إلى الخبير مما يخضع لسلطة المحكمة التقديرية، فلها أن ترفض طلب الإعادة إذا رأت في أوراق الدعوى ما يغني عنها.
4 - متى كانت الأوراق المقدمة في الدعوى كافية لتكوين عقيدة المحكمة، فلا عليها إن هي لم تأمر بضم أوراق أخرى استجابة لطلب الخصوم.
5 - متى كان أمر إحالة الدعوى إلى التحقيق جوازياً للمحكمة فإنها إذ قضت بصحة الأوراق المطعون فيها بالتزوير مقيمة قضاءها على ما يكفي لحمله، فإنها تكون بذلك قد رفضت ضمناً طلب الإحالة إلى التحقيق، اكتفاء بما هو بين يديها من عناصر الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن هانم عبد الواحد عبد الرحمن أقامت الدعوى رقم 3565 سنة 1960 مدني كلي القاهرة ضد عبد السميع التومي وزوجته سعاد حسن البدري طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 8/ 5/ 1960 والمتضمن بيع المدعى عليه الأول لها نصف المنزل المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره سبعة آلاف جنيه مع إلزامه بالتسليم وذلك في مواجهة المدعى عليها الثانية. وقالت بياناً للدعوى إنه نص في عقد البيع على أنها دفعت من الثمن خمسة آلاف جنيه منها 4000 جنيه نقداً والألف الأخرى بمقتضى شيك وتعهدت بسداد باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي، ولما كان البائع قد ماطلها في التوقيع على العقد النهائي ووجه إنذاراً إلى الشهر العقاري لإيقاف السير في إجراءات الطلب المقدم منها وباع تلك الحصة إلى زوجته المدعى عليها الثانية بيعاً صورياً، فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها سالفة الذكر. ولدى نظر الدعوى عرضت المدعية باقي الثمن ولما رفض البائع تسلمه أودعته خزينة المحكمة بتاريخ 18/ 10/ 1960، وطعن البائع بالتزوير في عقد البيع وفي الطلبات الأربعة الموجهة إلى الشهر العقاري والمذيلة بإمضاءات منسوبة إليه مقرراً أن هذه الإمضاءات الخمسة ليست له، وسلك في ذلك سبيل الادعاء بالتزوير فقرر به في قلم الكتاب وأعلن صحيفة شواهده، وبتاريخ 14/ 5/ 1961 حكمت المحكمة بقبول مذكرة شواهد التزوير شكلاً وبقبول الشاهد الأول وتحقيقه بندب مكتب أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة الإمضاءات المنسوبة للبائع على إمضاءاته الثابتة بأوراق المضاهاة. وباشر خبير ذلك القسم المأمورية، وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن توقيعات البائع على عقد البيع وعلى الطلبات الأربعة صحيحة. وقدم البائع تقريراً استشارياً من خبير الجدول يوسف المرزوقي يقرر فيه أن تلك التوقيعات مزورة. وبتاريخ 2/ 6/ 1963 ندبت المحكمة رئيس مكتب أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة وإبداء الرأي في صحة توقيعات البائع أو تزويرها وذلك بعد الاطلاع على تقرير الخبير الاستشاري والاعتراضات التي أبداها كل من الطرفين على التقرير الذي يعارضه. وقدم رئيس المكتب تقريراً انتهى فيه إلى صحة الإمضاءات، وقدم البائع بدوره مذكرة من خبيره الاستشاري بملاحظاته على تقرير رئيس المكتب. وبتاريخ 20/ 12/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض الادعاء بالتزوير وبصحة عقد البيع الابتدائي وطلبات الشهر العقاري المطعون فيها بالتزوير (ثانياً) بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 8/ 5/ 1960 الصادر من المدعى عليه الأول للمدعية وذلك في مواجهة المدعى عليها الثانية مع تغريم المدعى عليه الأول مبلغ 25 جنيه. استأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بتزوير العقد والطلبات الأربعة وبرفض الدعوى، وقيد استئنافهما برقم 71 سنة 82 قضائية، وبتاريخ 23/ 11/ 1965 قضت المحكمة (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً (ثانياً) برفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على ستة أسباب، ينعى الطاعنان في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان لخطئه في الإسناد وتناقضه وقصور أسبابه، وفي بيان ذلك يقولان إن ذلك الحكم ذكر في أسبابه أن الحكم الابتدائي رد على أسباب الاستئناف رداً سائغاً تقره المحكمة، وهو قول يدل على أن محكمة الاستئناف توهمت أن الحكم الابتدائي رد على جميع أسباب الاستئناف، وحين تبينت بعد أن ذكرت هذه العبارة السالفة أن الحكم الابتدائي لم يتضمن إلا الرد على السبب الأول، عادت فأوردت في الحكم المطعون فيه ردها على أسباب الاستئناف استقلالاً، وأدنى ما يوصف به هذا المسلك هو الاضطراب والتناقض الموجبين لبطلان الحكم المطعون فيه، ويقول الطاعنان إنه لا محل للقول بأن ما أورده الحكم المطعون فيه كاف لحمله إذ الظاهر من أسبابه أن المحكمة كانت قد كونت عقيدتها لصحة الحكم الابتدائي بناء على هذا التوهم قبل أن تذكر هي ردها على أسباب الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه عرض لأسباب الاستئناف ورد عليها رداً سائغاً، فإن النعي عليه فيما قرره من أن الحكم الابتدائي قد رد على تلك الأسباب أيضاً يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن محكمة أول درجة ندبت مكتب أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة فقام السيد/ سعد منتصر وهو من خبراء ذلك المكتب بمباشرة المأمورية ووضع تقريره بصحة الإمضاءات وقدم الطاعن الأول تقريراً استشارياً من أحد خبراء الجدول بأنها مزورة فرأت المحكمة ندب خبير مرجح واختارت رئيس مكتب أبحاث التزوير بمصلحة الطب الشرعي، ويقول الطاعنان إنهما نبها محكمة الاستئناف إلى بطلان هذا الاختيار لأن مكتب أبحاث التزوير يعتبر وحدة قانونية واحدة ورئيس المكتب هو الذي يراجع تقارير خبرائه، فإن كان ثمة خطأ فيها فهو مسئول عنها، ولما كان الخبير المرجح هو الذي راجع تقرير خبير المكتب وأقره، فإنه ما كان يصح تعيينه خبيراً مرجحاً، ولكن محكمة الاستئناف لم ترد على هذا الدفاع، كما لم تلتفت إلى ما طلباه من وجوب تعيين خبير أو ثلاثة من خبراء الجدول. ويضيف الطاعنان أن المحكمة ذكرت في أسباب حكمها أن التمسك بما جاء في التقرير الاستشاري من وجوب فحص الإمضاءات بالأشعة غير مجد لأن هذا الفحص لو كان ضرورياً لأجراه رئيس المكتب، ولأن الخبير الاستشاري طلب إجراءه لمجرد التحقق مما إذا كانت ثمة كتابة مكان التوقيعات ثم محيت من عدمه، مع أن أحداً من الخصوم لم يقل بذلك، مع أن هدف الخبير من هذا الإجراء هو بيان عيوب التوقيع، وكانت محكمة أول درجة قد قررت مناقشة رئيس المكتب والخبير الاستشاري ولكنها لوفاة هذا الأخير لم تناقش رئيس المكتب، وبذلك لا تكون المحكمة قد تبينت ما إذا كان الفحص بالأشعة منتجاً أو غير منتج، ويصبح من فساد الاستدلال قول الحكم تبريراً لعدم إجراء الفحص أنه لو كان ضرورياً لأجراه رئيس المكتب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 244 من قانون المرافعات السابق - والمقابلة للمادة 154 من القانون الحالي - وقد أجازت للمحكمة أن تعيد المأمورية للخبير ليتدارك ما تبينه له من وجود الخطأ أو النقص في عمله أو بحثه، فإنه يجوز لها من باب أولى أن تندب رئيس المكتب الذي سبق أن اعتمد تقرير الخبير المنتدب والذي يعمل في هذا المكتب تحت إشرافه، ليعيد النظر في التقرير على ضوء اطلاعه على تقرير الخبير الاستشاري وما حواه من أسباب والموازنة بين التقريرين لترجيح أحدهما، والمحكمة في كل ذلك غير مقيدة برأي خبير معين إذ المرجع في تكوين عقيدتها هو بما تطمئن إليه دون معقب، وإذ كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على طلب ندب خبراء جدد لإجراء المضاهاة متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها. وكان النعي بفساد الاستدلال مردوداً بأن الثابت من الأوراق أن الخبير الاستشاري طلب فحص الإمضاءات بالأشعة لتكشف عن عيوبها ولتبين ما إذا كانت الإمضاءات قد حررت بمكان كتابة محيت من عدمه، ورد الحكم المطعون فيه على هذا الطلب بقوله "إن هذا الطلب غير مجد إذ لم يقل أحد في الدعوى أن كتابة محيت وأن توقيعات كتبت مكانها، وأنه لو كان هذا الإجراء ضرورياً لما تردد رئيس المكتب في إجرائه بل جزم من الأبحاث الفنية أن توقيعات الطاعن صحيحة لا غبار عليها"، ولما كان ما قرره الحكم من أن أحداً من الخصوم لم يدع أن ثمة كتابة محيت في مكان الإمضاءات يتفق مع الواقع في الدعوى، وكانت إعادة المأمورية إلى الخبير مما يخضع لسلطة المحكمة التقديرية فلها أن ترفض طلب الإعادة إذا رأت أن في أوراق الدعوى ما يغني عنها. إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن حاصل السبب الثالث هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وشابه القصور والتناقض في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه قرر أنه لا يرى في ملاحظات الخبير الاستشاري ما يعتبر رداً جدياً على النتيجة التي انتهى إليها رئيس مكتب الخبراء، وخاصة وأن الملاحظة الأولى لم تنف ما قال به ذلك التقرير من أن التوقيع تحرر على جسم صلب خشن كالخشب أما باقي الملاحظات فإنها لم تنف ما جاء بالنتيجة التي انتهى إليها تقريرا الطب الشرعي، وهذا الذي أورده الحكم مناقض لما جاء في ملاحظات الخبير الاستشاري، لأنها صريحة في أن التعليل الذي ذكره رئيس المكتب لوجود الشوائب في التوقيع تعليل غير سائغ، كما أنها صريحة في أن التوقيعات مزورة بطريق التقليد، وقد ذكر الحكم عند سرده للوقائع أن أهم ملاحظات الخبير هي استبعاد ما قال به تقرير رئيس المكتب عن الفواصل ومن ثم يكون الحكم قد تناقض، فهو تارة يقول إن الخبير الاستشاري يستبعد ما قال به رئيس المكتب وتارة أخرى يقول إنه لم ينفه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه ذكر لدى تلخيصه للوقائع، أن الخبير الاستشاري ناقش تقرير رئيس مكتب الخبراء وأن أهم ملاحظاته هي استبعاد ما قال به رئيس المكتب من أن الفواصل التي ظهرت في صورة التوقيع المكبرة ترجع إلى أن الكاتب كان يكتب على جسم خشن كالخشب، ثم رد الحكم على تلك الملاحظات بأن المحكمة لا ترى فيها ما يعتبر رداً جدياً على النتيجة التي انتهى إليها تقرير رئيس مكتب الخبراء، خاصة وأن الملاحظة الأولى لم تنف ما ثبت بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير رئيس المكتب من صحة التوقيع. وظاهر من هذا الذي ذكره الحكم أنه لم يقصد بعبارة "لم تنف" أن ملاحظات الخبير الاستشاري وتقرير رئيس المكتب قد اتفقا في الرأي، وإنما قصد إلى أن تلك الملاحظات لا تنال من النتيجة التي وصل إليها رئيس المكتب وهي صحة التوقيع، إذ كان ذلك فإنه لا يكون ثمة تناقض أو خطأ في الإسناد أو قصور يعيب الحكم.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن من الشواهد التي استدل بها الطاعن الأول على التزوير، أن العرف لم يجر بأن يدفع المشتري وقت تحرير العقد الابتدائي أغلب الثمن وبصفة عربون، وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الشاهد بأن دفع معظم الثمن مسألة واقعية العبرة فيها للظروف التي كانت سائدة وقت التعاقد وحاجة كل منهما، وهذا الذي أورده الحكم لا يصلح رداً، كما أن الطاعن الأول تمسك بأن المطعون عليها لا تملك مبلغ الخمسة آلاف جنيه التي زعمت أنها دفعتها وأن حسابها في البنك كان لا يعدو الألفين من الجنيهات، ورد الحكم المطعون فيه على ذلك بأن القول بأن المطعون عليها قروية فقيرة يخالف ما اعترف به الطاعن من أنها اشترت معه ومع آخرين قطعة أرض، ويقول الطاعنان إن في هذا الرد مسخاً لما جاء في شواهد التزوير، يضيفان إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه أخذ بدفع المطعون عليها فيما يتعلق بباقي شواهد التزوير قضية مسلمة، وأنه في خصوص الشاهد المتعلق بالشيك فقد قرر الحكم أن الطاعن الأول تسلم قيمته في وقت معاصر لتحرير العقد، مع أنه لم يعترف بذلك ولم يكن في حاجة إلى أن يأخذ إيصالاً على زوج ابنة المطعون عليها برده الباقي بعد دفع رسوم تسجيل أرض الوايلية التي اشتراها مع المطعون عليها ومع آخرين، كما قال الحكم إن الورقتين اللتين عليهما أرقام بخط الطاعن كاعترافه تدلان على أنه استخرج من العقود قيمة نصيبه في المنزل وهذا القول فيه مسخ لما قال به الطاعن، فهو لم يعترف بأن ما ورد في الورقتين كان متعلقاً بالمبيع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد رد على شواهد التزوير عدا الشاهد الأول الذي قبلته محكمة أول درجة وندبت لتحقيقه مكتب الخبراء، بقوله "وأما دفع أغلب الثمن عند العقد الابتدائي فهي مسألة واقعية العبرة فيها للظروف التي كانت سائدة بين الطرفين عند التعاقد وحاجة كل منهما، ثم إنه لا على المستأنف عليها أن تدفع الثمن بالطريقة التي دفعت بها، وقد قررت أنها اتفقت بادئ الأمر مع المستأنف الأول على أن تعجل له أربعة آلاف من الجنيهات وفي أثناء العقد الابتدائي أبدى احتياجه إلى ألف أخرى فحررت له الشيك، وليس على مثل هذا المسلك من غبار، ولا هو بعيد عن المألوف بين الناس قبل أن يدب بينهم الخلاف، وأما أن المستأنف عليها قروية فقيرة فإن هذا يخالف ما اعترف به المستأنف الأول نفسه وقام الدليل عليه من أنها اشترت معه ومع آخرين قطعة أرض أخرى بالوايلية الصغرى، وأما عن عدم ورود ذكر لطلب مستندات تمليكه في ميعاد معين بالعقد الابتدائي، فمرده أنه أملى أثناء العقد بيانات دقيقة عن هذه المستندات ثم استحضرها للمستأنف عليها وسلمها إياها، وأما أن العقار ثمنه أكثر مما بيع به فإن هذا قول لا جدوى منه ما دامت إرادته كانت سليمة وقت التعاقد، ثم إنه باعه في عقد زوجته بعشرة آلاف جنيه والفرق بين التقديرين ليس كبيراً بالدرجة التي يذهب إليها المستأنف الأول وذلك على ما ذكرته المستأنف عليها في دفاعها ولم يدحضه المستأنف الأول، وأما عن موضوع الشيك فهو دليل قاطع على صحة عقد المستأنف عليها فهو قد اعترف بتسليمه شيكاً من حسابها بمبلغ ألف جنيه في وقت معاصر لتحرير العقد وقبض ذلك المبلغ من البنك فعلاً، ولكنه ادعى أن ذلك لدفع رسوم تسجيل قطعة أرض الوايلية الصغرى وأعاد الباقي إلى زوج ابنة المستأنف عليها، وهذا كله، لا يستسيغه العقل إذ أن الرسوم جميعها هي مبلغ 500 ج تلتزم المستأنف عليها بنصيب فيها قدر حصتها، فكيف يتسلم شيكاً بألف جنيه لهذا الغرض وكيف يرد الباقي إلى زوج ابنتها كما يدعي في نفس يوم 10/ 5/ 1960 دون أن يأخذ عليه دليلاً على ذلك وهو الذي وقع في البنك باستلام المبلغ من حساب المستأنف عليها، ثم ألم يكن يستطيع زوج ابنة المستأنف عليها أن يقوم بصرف هذا الشيك وتسديد ما عليها من رسوم التسجيل وأما الورقتان اللتان عليهما أرقام بخطه كاعترافه فهي تدل على أنه استخرج من العقود قيمة نصيبه في المنزل من كل منهما حتى تطمئن المستأنف عليها إلى أنه يملك في المنزل 7 ط و12 س، وأما أن مستندات تمليكه قد استخرجت في يوم 25/ 5/ 1960 أي بعد العقد الابتدائي، فقد سبق القول بأنه أملى في العقد بياناتها ثم استحضرها للمستأنف عليها، وليس في ذلك ما يدل على أن العقد لم يحرر إلا بعد 25/ 5/ 1960 طبقاً لما يذهب إليه"، ومن ذلك يبين أن الحكم قد عرض للقرائن التي ساقها الطاعنان لإثبات التزوير ورد عليها في حدود سلطته الموضوعية بالأسباب السائغة التي أوردها، وما يتمسك به الطاعنان في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ولا وجه لما يثيره الطاعنان من أن الحكم نسب إلى الطاعن اعترافاً يتعلق بمضمون الورقتين المحررتين بخطه، ذلك أن الواضح فيما أورده الحكم أنه اقتصر على القول بأن هاتين الورقتين محررتان بخطه وهو ما يتفق مع ما جاء بمحضر جلسة 16/ 10/ 1960، ولما كان هذا فإن النعي في جميع ما تضمنه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وذلك من خمسة وجوه، أولها أنه بعد وفاة الخبير الاستشاري عدلت المحكمة الابتدائية عن مناقشة رئيس مكتب الخبراء، فطلب الطاعن الأول ندب ثلاثة خبراء من الجدول لإجراء المضاهاة وفحص الإمضاءات بالأشعة، ولكن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب، كما تمسك الطاعنان بعدم جواز الاستناد إلى تقرير رئيس مكتب أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لبطلانه وطلب تعيين خبراء من الجدول، ولكن المحكمة لم تشر إلى الدفع بالبطلان ولا إلى هذا الطلب، وبذلك تكون قد أخلت بحق الدفاع. وثانيها أن الطاعن الأول قدم صورة من الحكم الصادر في الجنحة رقم 6943 سنة 1961 قصر النيل والثابت منه أن محكمة الجنح أهدرت تقريرين لخبير المكتب ورئيس مكتب الخبراء، واستدل من ذلك على عدم صحة تقريرهما في الدعوى الحالية ولكن محكمة الاستئناف لم تشر إلى هذا الدفاع فشاب حكمها القصور. (وثالثها) طلب الطاعنان ضم الشكوى رقم 4709 سنة 1960 روض الفرج المقدمة من الطاعن الأول ضد المطعون عليها بخصوص التزوير ولكن المحكمة التفتت عن هذا الطلب (ورابعها) أن الطاعنين طلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع شهود بخصوص واقعة تحرير الشيك وقبض قيمته ومناسبة ذلك، ولكن المحكمة التفتت عن هذا الطلب (وخامسها) أن الطاعنين تمسكا في أسباب الاستئناف بأن المطعون عليها لم تبرر بقاء طلبات الشهر العقاري تحت يدها ولم تلتفت المحكمة إلى هذا السبب.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بما سبق الرد به على السبب الثاني من أسباب الطعن. ومردود في وجهه الثاني بأن محكمة الموضوع إذ اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى تقريري الطب الشرعي فقد أطرحت ما استدل به الطاعنان من حكم محكمة الجنح. ومردود في وجهه الثالث بأنه من المقرر أنه متى كانت الأوراق المقدمة في الدعوى كافية لتكوين عقيدة المحكمة فلا عليها إن هي لم تأمر بضم أوراق أخرى استجابة لطلب الخصوم. والنعي مردود في شقه الرابع بأنه إذ كان أمر إحالة الدعوى إلى التحقيق جوازياً للمحكمة فإن المحكمة إذ قضت بصحة الأوراق المطعون فيها بالتزوير مقيمة قضاءها على ما يكفي لحمله، فإنها تكون بذلك قد رفضت ضمناً طلب الإحالة إلى التحقيق اكتفاء بما هو بين يديها من عناصر الدعوى، والنعي في وجهه الأخير مردود بأنه متى كان الحكم قد أقيم على ما يكفي لحمله فإن عدم رده على هذه القرينة يفيد أنه لم ير فيها ما يؤثر في صحة قضائه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إن الطاعنة الثانية تمسكت بملكيتها لنصف المنزل بناء على العقد المسجل الصادر لها، ورد الحكم على ذلك بأن المطعون عليها سجلت صحيفة دعواها قبلها على ما ورد بصحيفتها وأن الطاعنين لم يذكرا تاريخ تسجيل عقد الطاعنة الثانية ومن هذا يبين أن المحكمة عولت في ثبوت أسبقية تسجيل صحيفة الدعوى على مجرد قول المطعون عليها دون أن تقدم هذه الأخيرة صورة من الصحيفة المسجلة وكان على محكمة الاستئناف أن تعيد الدعوى إلى المرافعة لتستوثق من تاريخ تسجيل الصحيفة وتاريخ تسجيل العقد.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المطعون عليها قدمت إلى محكمة أول درجة الصحيفة المسجلة للدعوى وثابت بها أنها مسجلة بتاريخ 20/ 9/ 1960 برقم 7086 القاهرة ومؤشر عليها بما يفيد نظرها، ولم يقدم الطاعنان ما يدل على تسجيل عقد الطاعنة الثانية قبل هذا التاريخ، ولما كان ذلك وكانت المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصوم بتقديم ما يؤيد دفاعهم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.