أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 16 - صـ 244

جلسة 3 من مارس سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم محمد عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، وأحمد حسن هيكل، والدكتور محمد حافظ هريدي.

(38)
الطعن رقم 10 لسنة 30 ق "أحوال شخصية"

( أ ) استئناف. "نظر الاستئناف". "إعادة إعلان المستأنف عليهم".
قبول الاستئناف شكلاً قبل إعادة إعلان أحد المستأنف عليهم أو صدور حكم في الموضوع. لا بطلان.
(ب) حكم. "إصدار الحكم". "مد أجل النطق بالحكم".
القرار الصادر بمد أجل النطق بالحكم في الدعوى. لا يتعين إعلان طرفي الخصومة به.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم". "تسبيب كاف".
استناد المحكمة إلى ما قضى به في دعوى أخرى لم يكن المحكوم ضده خصماً فيها. لا مانع متى كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي بني عليها الحكم.
(د) استئناف. "قبول الاستئناف شكلاً". حكم. "حجية الحكم".
الحكم بقبول الاستئناف شكلاً. استنفاد المحكمة ولايتها على شكل الاستئناف. عدم جواز العودة إلى بحث ذلك.
(هـ) استئناف. "الأثر الناقل للاستئناف".
نظر الاستئناف على أساس ما يقدم من أدلة ودفوع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى. مناطه. وجوب التمسك بها.
(و) قرارات. "القرارات الولائية والغير ولائية". حكم.
تمييز القرارات الولائية أو غير الولائية من الأحكام. مرجعه. حكم القانون لا إقرارات الخصوم أو اتفاقهم.
(ز) وقف. "الأوقاف الخيرية". "إدارتها". اختصاص. "اختصاص ولائي". "اختصاص المجالس الملية".
مجالس ملية. اختصاصها. النظر في جميع ما يتعلق بالأوقاف الخيرية التابعة للأقباط الأرثوذكس عموماً وعلى الأخص ما يتعلق بإدارتها. مثال.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن عدم إعادة إعلان أحد المستأنف عليهم، لا يترتب عليه بطلان الحكم الصادر بقبول الاستئناف شكلاً قبل إعادة إعلانه أو الحكم الصادر في الموضوع.
2 - القرار الصادر بمد أجل النطق بالحكم في القضية وعلى ما يبين من المادة 344 مرافعات لا يتعين إعلان طرفي الخصومة به.
3 - ليس ثمة في القانون ما يمنع المحكمة من أن تستند في حكمها إلى ما قضى به في قضية أخرى لم يكن المحكوم ضده خصماً فيها متى كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي أوردتها وعولت عليها في قضائها.
4 - بالحكم بقبول الاستئناف شكلاً تكون المحكمة قد استنفدت ولايتها على شكل الاستئناف بحيث لا تملك العودة إليه والحكم بعدم قبوله.
5 - وإن كان يجب على المحكمة الاستئنافية أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع جديدة وما كان قد قدم منها إلى محكمة الدرجة الأولى، إلا أن ذلك منوط بوجوب التمسك بها في غير الاستئناف.
6 - تمييز القرارات الولائية أو غير الولائية من الأحكام إنما يرجع فيه إلى حكم القانون لا إلى إقرارات الخصوم أو اتفاقهم.
7 - بالرجوع إلى الأمر العالي المؤرخ 14 مايو سنة 1883 بالتصديق على لائحة ترتيب مجالس طائفة الأقباط الأرثوذكس واختصاصها بعد تعديله بالقانون رقم 19 لسنة 1927 والقانون رقم 107 لسنة 1948 والقرار المؤرخ 16 نوفمبر سنة 1920 بالتصديق على اللائحة الداخلية لهذه المجالس، يبين أن من بين اختصاصات المجلس الملي العام والمجالس الملية الفرعية النظر في جميع ما يتعلق بالأوقاف الخيرية التابعة للأقباط عموماً "وعلى الأخص" ما يتعلق بإدارتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن الأعيان التي صدر بشأنها قرار المجلس الملي لا يمكن إسباغ صفة الوقف عليها ويختص المجلس الملي بتعيين مديرين لها فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عريان يوسف أيوب أقام الدعوى رقم 147 لسنة 1950 مدني كلي الزقازيق ضد كل من مطران الشرقية بصفته رئيس المجلس الملي الفرعي للأقباط الأرثوذكس بالزقازيق وحنا نصر الله ووزارة الداخلية ممثلة في شخص مدير الشرقية، بطلب بطلان الحكم الصادر من مجلس ملي الزقازيق بتاريخ 6/ 7/ 1935 في القضية رقم 57 لسنة 1935 بتعيين حنا نصر الله ناظراً على وقف الشهيد مارجرجس بناحية كفر يوسف سلامة لعدم ولاية المجلس بإصداره وعدم تتويجه باسم ولي الأمر الذي كانت تصدر الأحكام باسمه وخلوه من بعض البيانات الجوهرية، وأثناء نظرها طلب أيوب يوسف أيوب قبول تدخله خصماً فيها منضماً للمدعي في طلباته. وبتاريخ 1/ 12/ 1956 حكمت المحكمة حضورياً: أولاً - بقبول تدخل الأستاذ أيوب يوسف أيوب خصماً منضماً للمدعي في طلباته. ثانياً - ببطلان الحكم الصادر من مجلس ملي فرعي الزقازيق بتاريخ 6 يوليه سنة 1935 في القضية رقم 57 لسنة 1935. ثالثاً - بإلزام المدعى عليهما الأولين المصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعى عليهما الأول والثاني هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 42 لسنة 9 ق، وأثناء نظره دفع أيوب يوسف أيوب المستأنف عليه الثاني بسقوط الخصومة في الاستئناف طبقاً للمادتين 301 و407 من قانون المرافعات. وبتاريخ 8/ 3/ 1959 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وحددت جلسة 6/ 5/ 1959 لنظر الموضوع وفيها دفع المستأنف عليهما بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد ولرفعه من المستأنف الثاني حنا نصر الله بصفته ناظراً على الوقف بينما اختصم أمام محكمة أول درجة وصدر الحكم ضده بصفته الشخصية. وبتاريخ 8/ 12/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدفعين بعدم قبول الاستئناف وفي موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليهما الأولين مع إلزامهما المصروفات عن الدرجتين ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما - وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة، حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الثاني رفض الطعن، ولم يحضر المطعون عليهما الأول والثالث ولم يبديا دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أنه (1) بجلسة 8/ 3/ 1958 حكمت المحكمة برفض الدفع بسقوط الخصومة الذي تمسك به الطاعن الثاني وبقبول الاستئناف شكلاً في حين أن الطاعن الأول لم يقدم مذكرة بدفاعه ولم يعذر طبقاً للمادة 407 مكرراً من قانون المرافعات ومن ثم فإن هذا الحكم يكون قد صدر باطلاً بما ينبني عليه بطلان الحكم الصادر في الموضوع (2) وبجلسة 3/ 10/ 1959 قررت المحكمة حجز القضية للحكم لجلسة 7/ 11/ 1959 مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات إلى ما قبل الجلسة بأسبوع وقدم المستأنفان مستنداتهما خلال هذه الفترة ولكن بعد الميعاد ودون علم المستأنف عليهما وفي هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة 8/ 11/ 1959 وفيها قررت مد أجل الحكم لجلسة 8/ 12/ 1959 وصرحت بالاطلاع على المستندات المقدمة من المستأنفين والرد عليها في مدى أسبوعين ولم تقرر إعلان المستأنف عليهما بهذا القرار وفي ذلك ما يبطله لإخلاله بحقهما في الدفاع إذ كان يتعين استبعاد هذه المستندات أو فتح باب المرافعة (3) وأن المحكمة عولت في قضائها على الحكم الصادر في القضية رقم 1 لسنة 1956 أحوال شخصية الزقازيق مع أنه حكم وقتي صدر في إشكال مرفوع من المطعون عليه الثاني ضد الطاعن الثاني ولم يكن الطاعن الأول طرفاً فيه.
وحيث إن هذا النعي مرود في الوجه الأول منه بأن عدم إعادة إعلان أحد المستأنف عليهم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه بطلان الحكم الصادر بقبول الاستئناف شكلاً قبل إعادة إعلانه أو الحكم الصادر في الموضوع، ومردود في الوجه الثاني بأن القرار الصادر بمد أجل النطق بالحكم في القضية وعلى ما يبين من المادة 344 مرافعات لا يتعين إعلان طرفي الخصومة به، ومردود في الوجه الثالث بأن الحكم المطعون فيه إنما عرض للحكم الصادر في الإشكال رقم 1 لسنة 1956 أحوال شخصية الزقازيق كقرينة مؤيدة لوجهة النظر التي انتهى إليها وليس ثمة في القانون ما يمنع المحكمة من أن تستند في حكمها إلى ما قضى به في قضية أخرى لم يكن المحكوم ضده خصماً فيها متى كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي أوردتها وعولت عليها في قضائها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعنين دفعا بعدم قبول الاستئناف لرفعه من المطعون عليه الأول بعد الميعاد ومن المطعون عليه الثاني بصفته ناظراً على الوقف لا بصفته الشخصية وهي الصفة التي سبق اختصامه بها، وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع استناداً إلى أن المحكمة سبق أن حكمت بقبول الاستئناف شكلاً وإلى أن الحكم المستأنف صدر في موضوع غير قابل للتجزئة وقد انضم المطعون عليه الثاني بصفته الشخصية في مذكرته المقدمة لجلسة 7/ 11/ 1959 إلى المطعون عليه الأول في استئنافه طبقاً للمادة 384 من قانون المرافعات وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أي حالة تكون عليها طبقاً للمادة 142 من قانون المرافعات، ولأن المطعون عليه الثاني لم يطلب انضمامه للمطعون عليه الأول في استئنافه لا في مرافعته الشفوية ولا في المذكرة، وانضمام المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليه الأول في استئنافه غير مقبول لأن الاستئناف من هذا الأخير لم يرفع في الميعاد.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بعد أن قضت المحكمة بتاريخ 8/ 3/ 1958 بقبول الاستئناف شكلاً من المطعون عليه الثاني بصفته ناظراً على الوقف، فإنها تكون قد استنفدت ولايتها على شكل الاستئناف بحيث لا تملك العودة إليه، والحكم بعدم قبوله، ولا وجه للتحدي بأن الاستئناف من المطعون عليه الأول رفع بعد الميعاد لأنه أعلن بالحكم الابتدائي في 27/ 12/ 1956 واستأنفه في 6/ 2/ 1957 لأن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية وفقاً للمادة 402 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 102 لسنة 1962 هو أربعون يوماً من تاريخ إعلان الحكم ما لم ينص القانون على غير ذلك، ودفاع الطاعنين في هذا الخصوص يخالطه واقع لم يبين الوجه فيه ولم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، ولم يقدم الطاعنان ما ينفي ما أثبته الحكم المطعون فيه من أن المطعون عليه الثاني انضم بصفته الشخصية وفي مذكرته المقدمة لجلسة 7 نوفمبر سنة 1959 إلى المطعون عليه الأول في استئنافه ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الطاعن الأول أسس دعواه بطلب بطلان الحكم الصادر في القضية رقم 57 لسنة 1935 مجلس ملي الزقازيق على عدة أسباب منها عدم تتويجه باسم ولي الأمر الذي كانت تصدر باسمه الأحكام، وعدم التصديق عليه من وزارة الداخلية وخلوه من أسماء الخصوم وبيان الأعيان الموقوفة وسقوطه بمضي المدة على فرض قيامه وصحته، وقضت محكمة أول درجة ببطلان الحكم للسبب الأول وحده، وكان يتعين على محكمة الاستئناف وقد رأت عدم صحة هذا السبب أن تعرض لأوجه البطلان الأخرى عملاً بالمادة 410 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وإن كان يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم منها إلى محكمة الدرجة الأولى، إلا أن ذلك منوط بوجوب التمسك بها في الاستئناف، ولم يقدم الطاعنان ما يدل على أنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأسباب البطلان التي كانا قد تمسكا بها أمام محكمة أول درجة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن الحكم المطلوب إبطاله لا يخرج عن نطاق القرارات الولائية التي تصدر من المحاكم الشرعية أو المجالس الملية ولا يرقى إلى مرتبة الأحكام في حين أن المطعون عليهما أقرا بأنه حكم وليس بقرار وهذا الإقرار ملزم لهما وكان يتعين على المحكمة إعماله وإذ هي أهدرته تكون قد خالفت الثابت في الأوراق وأخطأت في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن تمييز القرارات الولائية أو غير الولائية من الأحكام إنما يرجع فيه إلى حكم القانون لا إلى إقرارات الخصوم أو اتفاقهم.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه فصل في النزاع على خلاف حكم آخر صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به، هو الحكم الصادر في الاستئناف رقم 105 سنة 3 ق المنصورة، وما قضى به الحكم من اختصاص المجلس الملي بإصدار القرار المطلوب إبطاله لعدم صدور إشهاد بالوقف وعدم قيده بدفاتر المحكمة الشرعية مخالفة لما استقر عليه الفقه والقضاء من التضييق في معنى الإنكار الذي نصت عليه المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ومنعت من سماع دعوى الوقف عند تحققه، لأن المنع من السماع استثناء وارد على خلاف الأصل.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 105 سنة 3 ق المنصورة إنما قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة الطاعن الأول وعدم وجود مصلحة له في رفعها وبإعادة القضية إلى محكمة الزقازيق الابتدائية للفصل في موضوعها ويبين من أسبابه أنه لم يعرض في قضائه لاختصاص المجلس الملي بإصدار القرار المطلوب الحكم بإبطاله، ومردود في الوجه الثاني بأنه بالرجوع إلى الأمر العالي المؤرخ 14/ 5/ 1883 بالتصديق على لائحة ترتيب مجالس طائفة الأقباط الأرثوذكس واختصاصها بعد تعديله بالقانون رقم 19 لسنة 1927 والقانون رقم 107 لسنة 1948 والقرار المؤرخ 16/ 11/ 1920 بالتصديق على اللائحة الداخلية لهذه المجالس، يبين أنه من بين اختصاصات المجلس الملي العام والمجالس الملية الفرعية "النظر في جميع ما يتعلق بالأوقاف الخيرية التابعة للأقباط عموماً "وعلى الأخص ما يتعلق بإدارتها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن الأعيان التي صدر بشأنها قرار المجلس الملي لا يمكن إسباغ صفة الوقف عليها ويختص المجلس الملي بتعيين مديرين لها فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.