أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 16 - صـ 252

جلسة 3 من مارس سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، والدكتور محمد حافظ هريدي، ومحمود عباس العمراوي، وأمين أحمد فتح الله.

(39)
الطعن رقم 13 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"

( أ ) حكم. "تصحيح الحكم".
تصحيح الأحكام. الأخطاء المادية البحتة التي تقع في منطوق الحكم كتابية أو حسابية. تجاوز هذا النطاق. الطعن في قرار التصحيح بالطرق المقررة للطعن في الحكم موضوع التصحيح.
(ب) وقف. "التصرف في شئون الوقف".
قرار المحكمة في تصرفات الأوقاف. مناطها. عدم تجاوز قيمة العين الواقع عليها التصرف مبلغ 200 جنيه.
(ج) وقف. "التصرف في شئون الوقف". "ناظر الوقف".
القاضي الشرعي هو صاحب الولاية العامة في التصرف على شئون الأوقاف. إقرار ناظر الوقف بما لا يملك إنشاءه غير ملزم. عدم اعتراض وزارة الأوقاف على طلب التصحيح لا يرتب أثراً ما لم يقترن بإقرار القاضي. تصحيح القرار الصادر بالاستبدال مما يدخل في ولاية القاضي الشرعي.
(د) حكم. "تصحيح الحكم". "الطعن في الحكم".
الأصل في تصحيح الأحكام أن يكون بالطرق المقررة في القانون لا بدعوى مبتدأة. استثناء أجاز المشرع للمحكمة تصحيح ما يقع من أخطاء مادية بحتة في المنطوق بطلب من أحد الخصوم أو من تلقاء نفسها. تجاوز المحكمة ذلك. أثره. جواز الطعن في قرار التصحيح بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح.
1 - تصحيح الأحكام على الوجه المقرر في المادة 364 من قانون المرافعات - مناطه ألا تتجاوز به المحكمة الأخطاء المادية البحتة التي تقع في منطوق الحكم كتابية كانت هذه الأخطاء أو حسابية، فإذا هي تجاوزت هذا النطاق وامتد ما أجرته من تصحيح إلى تعديل حكمها السابق والتغيير فيه بعد أن كانت قد استنفدت ولايتها على النزاع، فإنه يجوز الطعن في القرار الصادر منها بالتصحيح بذات الطرق المقررة للطعن في الحكم موضوع التصحيح.
2 - قرار المحكمة في تصرفات الأوقاف لا يكون نهائياً - وفقاً لنص المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بشأن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المتعلقة به - إلا إذا كانت قيمة العين الواقع عليها التصرف لا تزيد على مائتي جنيه.
3 - القاضي الشرعي هو صاحب الولاية العامة في التصرف على شئون الأوقاف وينبني على ذلك أنه متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن عدم اعتراض ناظر الوقف على طلب التصحيح لم يقترن بإقرار القاضي، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
4 - الأصل في تصحيح الأحكام أن يكون بطرق الطعن المقررة في القانون لا بدعوى مبتدأة وإلا انهارت قواعد الشيء المحكوم فيه واتخذ التصحيح تكأة للمساس بحجيتها، واستثناء من هذا الأصل - وللتيسير - أجازت المادة 364 من قانون المرافعات تصحيح ما عساه يقع في منطوق الحكم من أخطاء مادية بحتة كتابية كانت أو حسابية بطلب من أحد الخصوم أو من تلقاء نفس المحكمة، كما أجازت المادة 365 الطعن في القرار الصادر بالتصحيح بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد محمد عبد الوهاب رضوان أقام الدعوى رقم 282 سنة 1959 الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية ضد وزارة الأوقاف بطلب تصحيح قرار الاستبدال الصادر بتاريخ 26/ 1/ 1959 في المادة رقم 106 لسنة 1958 تصرفات الإسكندرية وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب هذا القرار رسا عليه مزاد استبدال حصة الخيرات المشروطة في وقف المرحوم رضوان جورجي عبد الله ومقدارها 18 قيراطاً أطياناً زراعية كائنة بناحية شط محب والسيالة مركز فارسكور بحوض ابن الأخرس 170 قسم أول قطعة رقم 4 والموضحة الحدود والأطوال بمشروع الشهر العقاري رقم 324/ 958 دمياط والمؤرخ 17/ 6/ 1958 بثمن قدره 250 ج، وإذ كان هذا القرار قد أخطأ في بيان رقم القطعة وحدودها ورفضت مصلحة الشهر العقاري تسجيله لوقوع حصة الخيرات السابق فرزها في المادة 176 لسنة 1956 تصرفات الإسكندرية في القطعتين رقمي 1 و2 لا في القطعة رقم 4 وبالحدود الواردة في ملحق تقرير الخبير المؤرخ 14/ 3/ 1958 - والطلب رقم 547 لسنة 1959 ومشروع الشهر العقاري رقم 369 سنة 1959 دمياط، فقد انتهى إلى طلب تصحيح قرار الاستبدال وفقاً لملحق تقرير الخبير والبيانات المساحية الصحيحة الواردة بإشهار حكم فرز حصة الخيرات ولم تعارض الوزارة في طلب التصحيح - وبتاريخ 27/ 6/ 1960 قررت المحكمة ندب الخبير السابق ندبه لفرز حصة الخيرات لتطبيق مشروع الشهر العقاري رقم 324 لسنة 1958 ومشروع الطلب رقم 547 لسنة 1959 على ما جاء بملحق تقريره المؤرخ 14/ 2/ 1958 وبيان أي المشروعين ينطبق عليه وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن مشروع الشهر رقم 369 لسنة 1959 المقيد طلباً برقم 547 لسنة 1959 هو وحده المنطبق على حصة الخيرات المبينة بملحق تقريره المؤرخ 14/ 3/ 1958 دون مشروع الشهر العقاري 324 لسنة 1958، وإزاء ذلك وبجلسة 28/ 1/ 1960 قرر المدعي أنه يتنازل عن قرار الاستبدال المطلوب تصحيحه وطلب اعتبار المادة مادة تصرفات جديدة موضوعها استبدال حصة الخيرات المفرزة في المادة 176 لسنة 1956 تصرفات الإسكندرية والمبينة الحدود والمعالم بتقرير الخبير المؤرخ 2/ 10/ 1960 ومشروع الشهر رقم 369 لسنة 1959 دمياط، ولم تمانع وزارة الأوقاف في شيء من ذلك. وبتاريخ 28/ 11/ 1960 قررت المحكمة حضورياً وبصفتها نائبة عن جهة الوقف الموافقة على استبدال حصة الخيرات في وقف المرحوم رضوان جورجي ومساحتها 18 ط بحوض الأخرس 170 ضمن القطعتين 1 و2 بشط محب والسيالة بندر مديرية دمياط بالثمن الأساسي البالغ قدره 250 ج لمن يرسو عليه المزاد وكلفت المدعي بالنشر لجلسة 2/ 1/ 1961 وفيها عدل المدعي عن طلب الاستبدال الجديد وصمم على طلبه الأصلي - تصحيح القرار الصادر في مادة الاستبدال رقم 106 لسنة 1959 الإسكندرية. وبتاريخ 27 مارس سنة 1961 قررت المحكمة حضورياً تصحيح قرار الاستبدال الصادر بتاريخ 21/ 1/ 1959 في المادة 106 لسنة 1958 تصرفات الإسكندرية بجعل القطعة المستبدلة وقدرها 18 ط وفقاً لملحق تقرير الخبير المؤرخ 14/ 3/ 1958 والمبينة بتقريره المؤرخ 2/ 10/ 1960 وفقاً للبيانات المساحية الواردة بإشهار حكم فرز حصة الخيرات المذكورة وهو طلب رقم 547 المؤرخ 4/ 6/ 1959 مشروع رقم 369/ 59 دمياط المشهر برقم 663 في 13/ 8/ 1959 وألزمت الطالب بالمصاريف. واستأنفت وزارة الأوقاف هذا القرار لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بإحالة المادة إلى لجنة شئون الأوقاف ومن باب الاحتياط عرض حصة الخيرات الحقيقية المفروزة في المادة 176 لسنة 1956 تصرفات الإسكندرية للبيع بالمزاد العلني والنشر عن بيعها بالطرق المشروعة حتى تصل إلى ثمن المثل أو إعادتها إلى محكمة أول درجة لاتخاذ إجراءات الاستبدال بما يحقق مصلحة الوقف، وقيد هذا الاستئناف برقم 5 لسنة 61 تصرفات. وأثناء نظره دفع المستأنف عليه بعدم جواز الاستئناف لأن قرار التصحيح لا يجوز الطعن فيه ما لم تتجاوز المحكمة سلطتها المنصوص عليها في المادة 364 من قانون المرافعات ولعدم وجود مصلحة للوزارة في استئنافه، لأن قرار فرز حصة الخيرات والقرار الصادر باستبدالها وجميع الإجراءات السابقة على قرار التصحيح أصبحت نهائية وحجة بما فيها ولا سبيل لإعادة طرحها أمام القضاء، ولأن الوزارة قررت أكثر من مرة أن ما وقع في قرار الاستبدال ما هو إلا خطأ مادي لا مانع من تصحيحه، وظاهر أنه لا يجوز استئناف الأحكام التي تصدر باتفاق الخصوم - وبتاريخ 21/ 2/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً: أولاً - برفض الدفوع المقدمة من المستأنف عليه وبقبول الاستئناف شكلاً. ثانياً - ببطلان الحكم المستأنف. ثالثاً - بعدم قبول دعوى المستأنف عليه مع إلزامه المصاريف عن درجتي التقاضي وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن الخطأ الذي يرد عليه التصحيح ولا يجوز استئناف القرار الصادر به، هو الخطأ المادي البحت الذي يقع في منطوق الحكم وظاهر من دعوى الطاعن أنه يطلب تصحيح خطأ وقع في رقم العين المستبدلة وحدودها استدعى تعيين خبير لتحقيقه وأجابته المحكمة إلى هذا الطلب. وبذلك تكون قد تجاوزت حقها المنصوص عليه في المادة 364 من قانون المرافعات ويكون حكمها قابلاً للطعن - وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون إذ أنه إلى جانب الأخطاء المادية التي تتولى المحكمة تصحيحها طبقاً للمادة 364 مرافعات، توجد أخطاء أخرى لا يستطيع القاضي أن يجريها بنفسه ويرى الاستعانة فيها بخبير والحكم بتصحيح مثل هذه الأخطاء لا يتضمن تغييراً في منطوق الحكم يفقده كيانه وجوهره ولا يعتبر فصلاً في نزاع جديد تتجاوز به المحكمة سلطتها، ومن جهة أخرى فإن قرار توقيع الصيغة قرار تعاقدي وتوثيق أو بيع من القاضي لحصة الخيرات وهو بهذه المثابة غير قابل للطعن وكذلك الحكم الصادر بتصحيحه يعتبر هو الآخر عقداً يمتنع استئنافه.
وحيث إن هذا السبب مردود في الشق الأول منه بأن الأصل في التصحيح ألا تتجاوز به المحكمة نطاق الأخطاء المادية البحتة التي تقع في منطوق الحكم كتابية كانت هذه الأخطاء أو حاسبية، فإن هي تجاوزت هذا النطاق وامتد ما أجرته من تصحيح إلى تعديل حكمها السابق والتغيير فيه بعد أن كانت قد استنفدت ولايتها على النزاع فإنه يجوز الطعن في القرار الصادر منها بالتصحيح بذات الطرق المقررة للطعن في الحكم موضوع التصحيح، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن الطاعن "يدعي بطلب التصحيح خطأ في رقم العين المستبدلة وحدودها، خطأ يباعد بينها وبين نصيب الخيرات". وأنه في سبيل تصحيح هذا الخطأ المدعى استعان الحكم المستأنف بخبير لإثبات الخطأ ومداه وأثره ثم تناولت المحكمة بالتصحيح في هدي ما بان لها من الدفاع ومن الأدلة الجديدة كلاً من أسباب الحكم المطلوب تصحيحه ومنطوقه وانتهى إلى أنه بذلك تكون المحكمة قد تجاوزت حقها المنصوص عليه في المادة 364 من قانون المرافعات وبالتالي يكون حكمها قابلاً للطعن بذات الطرق الجائزة في الحكم موضوع التصحيح، إذ كان ذلك، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ومردود في الشق الثاني بأن قرار المحكمة في تصرفات الأوقاف لا يكون نهائياً وفقاً لنص المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بشأن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المتعلقة بها، إلا إذا كانت قيمة العين الواقع عليها التصرف لا تزيد على مائتي جنيه والثابت في الدعوى أن قيمة العين المستبدلة تزيد على هذا النصاب.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعن دفع بعدم جواز استئناف قرار التصحيح لانعدام المصلحة، طالما أن جميع الإجراءات السابقة ومنها القرار الصادر بفرز حصة الخيرات والقرار الصادر باستبدالها أصبحت نهائية، وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع استناداً إلى أن الطاعن هو الذي عبث بحجية هذه القرارات وأنشأ للوزارة بذلك مصلحة في درء هذا العبث، وهذا الذي قرره الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن رفع دعوى التصحيح لا يعتبر عبثاً بحجية حكم الاستبدال ومن حق الطاعن عن تصحيح الخطأ المادي في الحكم بطريق الدعوى في غير الأحوال الواردة في المادة 364 مرافعات، والتصحيح المطلوب يتناول حكم الاستبدال وقد ارتضاه أطراف النزاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه متى كان الخطأ المطلوب تصحيحه في رقم العين المستبدلة وحدودها الواردة في قرار الاستبدال وهو الخطأ الذي قضت محكمة أول درجة بتصحيحه من شأنه - وعلى ما سبق بيانه - أن يباعد بينها وبين حصة الخيرات السابق فرزها فإنه بذلك يكون لوزارة الأوقاف مصلحة في استئناف قرار التصحيح.
وحيث إن حاصل السبب الثالث، أن الطاعن دفع بعدم جواز الاستئناف لأن قرار التصحيح صدر باتفاق طرفي النزاع أمام محكمة أول درجة، وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع، استناداً على أن التصالح والإقرار في شئون الوقف لا ينتج أثره إلا إذا أقره القاضي صاحب الولاية وهو لم يقره، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد، حيث اعتبر حصة الخيرات لا زالت وقفاً رغم صدور قرار نهائي باستبدالها وصيرورتها ملكاً للمستبدل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن القاضي الشرعي هو صاحب الولاية العامة في التصرف على شئون الأوقاف، وإقرار ناظر الوقف بما لا يملك إنشاءه غير ملزم، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن عدم اعتراض وزارة الأوقاف على طلب التصحيح أمام محكمة أول درجة لم يقترن بإقرار القاضي، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، والاعتراض بأن الحكم المطعون فيه اعتبر حصة الخيرات لا زالت وقفاً رغم صدور قرار نهائي باستبدالها مردود بأن تصحيح القرار الصادر بالاستبدال مما يدخل في ولاية القاضي الشرعي.
وحيث إن حاصل السبب الرابع، أن الحكم المطعون فيه، قضى بعدم قبول الدعوى، استناداً إلى أن الطاعن لم يسلك الطريق المرسوم بالمادة 364 مرافعات للتصحيح، وهو خطأ لأن دعوى التصحيح جائزة ومقبولة جرياً على الأصل العام في التقاضي ولعدم وجود نص في القانون ببطلانها، أما التصحيح بطريق الطلب المنصوص عليه في المادة 364 مرافعات فلا يكون إلا في حالات استثنائية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الأصل في تصحيح الأحكام أن يكون بطرق الطعن المقررة في القانون لا بدعوى مبتدأة وإلا انهارت قواعد الشيء المحكوم فيه واتخذ التصحيح تكأة للمساس بحجيتها، واستثناء من هذا الأصل - وللتيسير - أجاز الشارع تصحيح ما عساه يقع في منطوقها من أخطاء مادية بحتة كتابية كانت أو حسابية بطلب من أحد الخصوم أو من تلقاء نفس المحكمة وهو ما نصت عليه المادة 364 من قانون المرافعات بقولها "تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في منطوق حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة". كما أجاز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا ما تجاوزت به المحكمة هذا النطاق وهو ما نصت عليه المادة 365 من قانون المرافعات بقولها "يجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليه في المادة السابقة وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح" يؤيد هذا النظر ما أفصحت عنه المذكرة التفسيرية لمشروع قانون المرافعات بقولها "عني المشروع ببيان سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في منطوق الحكم من الأخطاء المادية البحتة كتابية أو حسابية فنص على أن هذا التصحيح يكون بقرار تصدره المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة" وقولها "واحتياطياً من أن تتجاوز المحكمة سلطتها فتعدل حكمها وتغير فيه بهذه الطريقة نص المشروع على أنه يجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت فيه المحكمة سلطتها وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح" وقولها "وما عدا الأخطاء المذكورة التي تكون قد أثرت في الحكم فسبيل إصلاحها هو طرق الطعن في الأحكام" وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى عدم قبول دعوى التصحيح فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن دعوى التصحيح أصبحت لا محل لها، بتنازل الطاعن عن قرار الاستبدال وهو خطأ ومخالفة للقانون، لأن الطاعن بعد أن عدل طلباته إلى طلب اعتبار المادة مادة استبدال جديدة، عاد فطلب تصحيح قرار الاستبدال، والأمر في ذلك لا يعدو أن يكون مجرد تعديل في الطلبات.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ولا جدوى فيه. ذلك أن قضاء الحكم في هذا الخصوص إنما كان في صدد الرد على ما أثارته النيابة العامة في مذكرتها من أن دعوى الطاعن هي دعوى تفسير لا دعوى تصحيح - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.