أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 611

جلسة 14 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

(98)
الطعن رقم 58 لسنة 36 القضائية

( أ ) تنفيذ. "الخطأ في التنفيذ". مسئولية. "مسئولية تقصيرية". حق.
الخطأ العمد أو الجسيم عند اتخاذ الدائن إجراءات التنفيذ على أموال مدينه. موجب لمسئوليته عما يلحق الغير من ضرر.
(ب) تنفيذ. "علاقة المحضر بطالب التنفيذ". وكالة. "وكالة المحضر في التنفيذ". مسئولية.
المحضر أو غيره ممن يباشر إجراءات التنفيذ الجبري. وكلاء عن طالب التنفيذ في توجيه الإجراءات. م 7 من قانون المرافعات السابق. مساءلة طالب التنفيذ مسئولية مباشرة عما يصيب الغير من ضرر.
1 - ولئن كان اتخاذ الدائن إجراءات التنفيذ القهري على أموال مدينه هو حق مقرر له لا يستوجب مسئوليته، إلا أن عليه أن يراعي الإجراءات التي فرضها القانون في التنفيذ على أموال المدين ذاتها بحيث لا يسند إليه الخطأ العمد أو الجسيم، فإن هو قارف ذلك ثبت في حقه ركن الخطأ الموجب للمسئولية عن هذه الإجراءات فيما لو ترتب عليها إلحاق الضرر بالغير.
2 - مفاد نص المادة السابعة من قانون المرافعات السابق والمادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، مرتبطين أن المحضر الذي يباشر التنفيذ أو غيره ممن أجاز القانون أن يجرى التنفيذ الجبري بواسطتهم، إنما يقومون بذلك التنفيذ بناء على توجيه من الخصوم لهذه الإجراءات، فإذا ما عين الخصوم إجراءات التنفيذ التي يطلبون اتخاذها، اعتبر المحضر أو من يباشر إجراء التنفيذ الجبري ممن أجاز لهم القانون ذلك، وكلاء عن طالب التنفيذ الذي يسأل مسئولية مباشرة عن توجيه هذه الإجراءات فيما لو ترتب على ذلك الإضرار بالغير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم 5504 سنة 1962 مدني كلي القاهرة وطلب الحكم بإلزامه بصفته مصفياً للبنك التجاري المصري بأن يؤدي له مبلغ 15000 جنيهاً على سبيل التعويض. وقال بياناً لدعواه إنه كان قد استأجر بتاريخ 29 يناير سنة 1935 من شركة الادخار والتأمين الشقة رقم 14 بالعمارة رقم 42 بشارع طلعت حرب (سليمان باشا سابقاً) وخصص العين المؤجرة مكتباً لمباشرة مهنة المحاماة وكان يخاطب في هذا المكتب من الهيئات المختلفة ومنها نقابة المحامين وبعض البنوك، وإذ كان شريكاً موصياً في شركة ف. م دوس للنقل بالسيارات التي أنشئت في أول يوليو سنة 1958 ووكيلاً عن الشركة فلم ير ما يمنعه من تأجير الردهة الخارجية للشقة لهذه الشركة لتتخذ منها مكتباً لحساباتها، وقد قامت الشركة برهن أموالها ومقوماتها للطاعن بموجب عقد رهن مؤرخ 12/ 10/ 1959 وأرفقت به الكشوف المبينة لها، ولتأخر الشركة الراهنة في سداد دين البنك المرتهن فقد استصدر هذا الأخير بتاريخ 8/ 6/ 1961 أمراً من قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة القاهرة الابتدائية ببيع مقومات وأموال الشركة المبينة بعقد الرهن والكشوف الملحقة به وبندب أحد الخبراء لإجراء البيع، غير أن الخبير اتخذ إجراءات تعسفية ضده عند تنفيذ هذا الأمر بأن عرض للبيع الشقة التي يشغلها ويتخذ منها مقراً لعمله كمحام، وكذلك التليفون المقيد باسمه والمنقولات الخاصة به والموجودة بالشقة، وإذ اعترض على ذلك ولم يقبل الخبير اعتراضه وقام بالبيع فاستشكل في التنفيذ وقضي لصالحه في الاستئناف رقم 455 سنة 1962 مستأنف مستعجل القاهرة بوقف تنفيذ أمر البيع بالنسبة لحق إيجار الشقة والتليفون وبعدم الاعتداد ببيع المنقولات، وكان قد حرم نتيجة للإجراءات التي اتخذها ضده الطاعن بصفته من الانتفاع بالعين التي يستأجرها ويستعملها مكتباً للمحاماة ببيعها للغير، وأصيب من جراء ذلك أيضاً بأضرار أدبية في سمعته كمحام، فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 16 يناير سنة 1965 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 276 سنة 82 ق. وبتاريخ 2 ديسمبر سنة 1965 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ ألف جنيه. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بمسئولية الطاعن استناداً إلى أنه أخطأ في إجراءات تنفيذ أمر قاضي الأمور المستعجلة الصادر بتاريخ 8/ 6/ 1961 ببيع مقومات وأموال الشركة الراهنة ف. م. دوس، واستند الحكم إلى أن المطعون عليه اعترض على التنفيذ ببيع حق إيجار الشقة وحق استعمال التليفون والمنقولات الموجودة فيها باعتبار أنه يتخذ منها مكتباً لممارسة مهنة المحاماة، كما استند الحكم إلى أن الطاعن تعمد الخطأ في حق المطعون عليه حين أصر محامي الطاعن الذي كان حاضراً وقت التنفيذ على إجرائه رغم اعتراض المطعون عليه وتقديمه المستندات الدالة على صحة اعتراضه وعرضها عليه، واستند الحكم أيضاً إلى أن الخبير الذي باشر إجراءات التنفيذ يعتبر وكيلاً عن الطاعن وتقوم المسئولية بذلك مباشرة في حق الطاعن قبل المطعون عليه، هذا في حين أن الطاعن قد تمسك بأنه لم يرتكب أي خطأ، فقد استصدر أمراً من قاضي الأمور المستعجلة المختص بذلك ببيع مقومات وأموال الشركة الراهنة، وقام بإعلان هذا الأمر، فانتهى بذلك دوره وبدأ دور الخبير المنتدب للتنفيذ على مقومات الشركة الراهنة وأموالها ومها الشقة التي يقول المطعون عليه أنه يتخذ منها مكتباً لممارسة مهنة المحاماة والمنقولات الموجودة فيها، كما تمسك بأن ما قرره محامي الطاعن وقت التنفيذ وعند اعتراض المطعون عليه على إجرائه هو مجرد الإشارة إلى سابقة رفع إشكال في التنفيذ قضي برفضه وبأنه قد أكد أن الشقة المتخذة إجراءات التنفيذ ببيع حق إيجارها تدخل ضمن مقومات عقد الرهن، وتمسك أيضاً بأنه إذا كان الخبير قد رأى في اعتراض المطعون عليه أية جدية فقد كان عليه أن يرجع إلى القاضي الذي أصدر الأمر بالبيع غير أن الخبير استمر في إجراءات التنفيذ وهو ما لا يسأل عنه الطاعن إذ لا يعتبر الخبير وكيلاً عنه في التنفيذ. هذا إلى أن ما قام به الخبير من إجراء التنفيذ ببيع حق إيجار الشقة والمنقولات الموجودة فيها وحق استعمال التليفون، لم يرتكب فيه أي خطأ، إذ التزم ما ورد بالأمر الصادر ببيع مقومات وأموال الشركة الراهنة باعتبار أن مقرها مكتب المطعون عليه وهو ما لا تقوم معه ضرورة لبيان موجودات الشقة والمنقولات التي فيها بعقد الرهن أو الكشف الملحق به، كذلك فقد تمسك بأن المطعون عليه أخطأ حين اتخذ من مكتبه مقراً للشركة الراهنة وخاطب الطاعن باعتباره الممثل القانوني للشركة الأمر الذي يبرر للطاعن التنفيذ على الحق في إيجار الشقة والمنقولات الموجودة فيها ويرفع عنه المسئولية، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن الطاعن قد أخطأ في التنفيذ ولم يعرض لدفاعه مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم أقام قضاءه في إثبات الخطأ لمسئولية الطاعن عن إجراءات التنفيذ على ما استظهره من عقد الرهن سند التنفيذ ومن أوراق التنفيذ الأخرى ومن المستندات المقدمة في الدعوى، وخلص الحكم من ذلك إلى أن التنفيذ قد شابه الخطأ وتناول أموالاً غير مملوكة للمدين الراهن ولم ترد بعقد الرهن والكشوف الملحقة به، وإلى أن الطاعن اشترك اشتراكاً إيجابياً في هذا الخطأ طبقاً للثابت من أوراق التنفيذ إذ أصر محامي الطاعن على إجرائه، رغم اعتراض المطعون عليه بأن عقد الرهن لا يشمل منقولات مكتبه وحق الإيجار واشتراك التليفون، ورغم تقديمه للتدليل على صحة اعتراضه المستندات المؤيدة له والتي أوضحها الحكم، ووجود ملفات القضايا بالمكتب واعتراض مندوب الشركة المؤجرة للمطعون عليه على التنفيذ ببيع حق الإيجار في الشقة، كما استند الحكم في بيان مسئولية الطاعن إلى أن الخبير المكلف بالتنفيذ يعتبر وكيلاً عنه أسوة في ذلك بالمحضر، فيسأل طالب التنفيذ مباشرة عن الخطأ في إجرائه بسبب انعدام حقه فيه. ولئن كان اتخاذ الدائن إجراءات التنفيذ القهري على أموال مدينه هو حق مقرر له لا يستوجب مسئوليته، إلا أن عليه أن يراعي الإجراءات التي فرضها القانون في التنفيذ على أموال المدين ذاتها بحيث لا يسند إليه الخطأ العمد أو الجسيم فإن هو قارف ذلك، ثبت في حقه ركن الخطأ الموجب للمسئولية عن هذه الإجراءات فيما لو ترتب عليها إلحاق الضرر بالغير. وإذ تقضي المادة السابعة من قانون المرافعات السابق المنطبقة على واقعة الدعوى بأن كل إعلان أو تنبيه أو إخبار أو تبليغ أو تنفيذ يكون بواسطة المحضرين بناء على طلب الخصم أو قلم الكتاب أو أمر المحكمة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ويقوم الخصوم أو وكلاؤهم بتوجيه الإجراءات وتقديم أوراقها للمحضرين لإعلانها أو تنفيذها، وتقضي المادة 14 من القانون رقم 11 سنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، بأنه عند عدم الوفاء بباقي الثمن أو الدين في تاريخ استحقاقه يجوز للبائع أو الدائن المرتهن بعد ثمانية أيام من تاريخ التنبيه على مدينه والحائز للمحل التجاري بالوفاء تنبيهاً رسمياً، أن يقدم عريضة لقاضي الأمور المستعجلة في المحكمة التي يوجد بدائرتها المحل بطلب الإذن بأن يباع بالمزاد العلني مقومات المحل التجاري كلها أو بعضها التي يتناولها امتياز البائع أو المرتهن، ويكون البيع في المكان واليوم والساعة وبالطريقة التي يعينها القاضي، فقد أفاد هذان النصان مرتبطين أن المحضر الذي يباشر التنفيذ أو غيره ممن أجاز القانون أن يجرى التنفيذ الجبري بواسطتهم، إنما يقومون بذلك التنفيذ بناء على توجيه من الخصوم لهذه الإجراءات فإذا ما عين الخصوم إجراءات التنفيذ التي يطلبون اتخاذها اعتبر المحضر أو من يباشر إجراء التنفيذ الجبري - ممن أجاز لهم القانون ذلك - اعتبروا وكلاء عن طالب التنفيذ الذي يسأل مسئولية مباشرة عن توجيه هذه الإجراءات فيما لو ترتب على ذلك الإضرار بالغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف البيان - قد استخلص من عقد الرهن وأوراق التنفيذ والمستندات المقدمة في الدعوى خطأ الطاعن في التنفيذ حين اتخذه على أموال غير واردة في عقد الرهن والكشوف الملحقة به وتعمده إجراء هذا التنفيذ الخاطئ وإصراره عليه، رغم اعتراض المطعون عليه وتقديمه الأدلة على صحة اعتراضه، ورتب الحكم على ذلك مسئولية الطاعن عن التنفيذ الخاطئ على أموال لا يصح له التنفيذ عليها، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم هو مما يتوافر به ركن الخطأ الموجب للمسئولية عن تعويض الضرر، ويتضمن الرد على ادعاء الطاعن بخطأ المطعون عليه أو خطأ الخبير المنتدب للتنفيذ، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون أو القصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثاني القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه اتخذ من الحكم الصادر في الدعوى المستعجلة رقم 455 سنة 1961 مستأنف مستعجل القاهرة دليلاً على حصول الخطأ في التنفيذ على أموال المطعون عليه وحقه في إيجار الشقة، هذا في حين أن الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة باعتبار أنها أحكام وقتية لا تفصل في موضوع الحق ولا تحوز قوة الأمر المقضي أمام محكمة الموضوع. هذا إلى أنه اعتمد على مستندات قال إنها صادرة من هيئات رسمية لا يتطرق إليها الشك تؤدي إلى حق المطعون عليه في منقولات الشقة وحق إيجارها دون أن يورد الحكم مضمون هذه المستندات ومؤدى كل منها، مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه بين المستندات المقدمة في الدعوى وأوضح مضمونها وهي دفتر التليفون الوارد به اسم المطعون عليه وعنوانه بمكتبه والخطابات الموجهة إليه من نقابة المحامين وعقد إيجار الشقة والخطابات الموجهة إليه من الحراسة على أموال الإيطاليين في سنة 1946 التي كانت تدير العمارة وقتذاك، وخطابات بنك مصر المرسلة للمطعون عليه بهذا العنوان من سنة 1947 إلى سنة 1952، وقال الحكم عن هذه المستندات إنها تفيد أن المطعون عليه كان يشغل الشقة ويباشر فيها مهنة المحاماة، وذلك قبل إنشاء الشركة الراهنة ولم يتوقف المطعون عليه بعد إنشائها عن ممارسة أعمال مهنته في الشقة، وأشار الحكم إلى أن هذه المستندات سبق تقديمها في الدعوى المستعجلة رقم 455 سنة 1961 مستأنف مستعجل، وأورد ذكرها الحكم الصادر فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من المستندات المقدمة في الدعوى ومن عقد الرهن ومن أوراق التنفيذ - على ما سلف البيان في الرد على السببين الأول والثالث - ما انتهى إليه من إثبات خطأ الطاعن في إجراءات التنفيذ على منقولات المطعون عليه، وحق إيجار الشقة التي يمارس فيها مهنة المحاماة، فلا على الحكم إن هو اتخذ أيضاً من الحكم المستعجل قرينة على إسناد الخطأ إلى الطاعن في التنفيذ، ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بهذا السبب على غير أساس.